الحمد لله رب السموات والأرض ، وأشهد أن لا الله الا الله وحده لا شريك له ، وأشهد ان سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، نجوم الهدى ، وشموس العلم والعرفان .
اما بعد :
فنبدأ هذه المقالة بقول الشاعر :-
تعصى الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمرى فى المقال بديع
لو كان حبك صادقا لاطعته ان المحب لمن يحب مطيع
فعلا : فان المحب يعمل وينفذ ما يطلبه منه حبيبه ، بل هو مشتاق إلى أن يأمره بأمر فينفذه فورا بحب ورغبة وشوق لو نظرت أيها الشاب وأيتها الشابة لوجدت إن الله أهل لكل حب – وانه أولى بتعلق قلبك من الحب لوالدك أو لولدك وحتى لنفسك التى بين جنبيك لماذا ؟
لأن الله هو ولى النعم التى تمر فيها طولا وعرضا مصداقا لقوله تعالى فى سور النحل (53)
{ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }
الله سبحانه وتعالى أعطانا من النعم الكثير ، التى لا تقدر ولا تحصى ، وأولها ما أعطاه الله لك أيها الشاب فى جسدك ( البصر – السمع – الشم – الكلام – الحركة – هضم كل أنواع الطعام الجامد والسائل – العقل – المشى – الجلوس … الخ )
أعطاك الشباب – العمل – الزواج – الأولاد – الصحة – الأب – الأم – الأقارب – الأصدقاء – ولكن الانسان كثيرا ما يستقبل النعم العظيمة بإحساس يبدأ براقا ، ثم سرعان ما يخفت ويتلاشى وينسى
ومن نعمة أيضا :
رفع الكرب عنا وإزالة اى تجربة مؤلمة – فاذا وقع فى مشكلة دعى الله عز وجل ليلا ونهارا وتاب الى الحق بسرعة ، وينادى ربه بصوت عالى ثم يتلاشى ثم انقلب يعصى مرة أخرى .
وأنا أقول لك : أيها الشاب هل أخذت ضمانا بانتهاء المتاعب إلى الأبد ؟
هل اطمأننت الى انك لن تقع فى مشكلة مرة أخرى ؟
مصدقا لقوله تعالى فى سورة الأنعام (63) ، (64)
{ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ }
والواقع أن الناس أمام هذه الأفضال المتكررة من الله عز وجل صنفان :
الصنف الاول :
صنف غافل القلب – تمر به الأفراح والأحزان دون وعى وكأنه لم يدعه الله إلى ضر مسه ، وزيادة عن هذا يظن ان ما يمر به من بؤس ونعم طبيعى الحياة .
بمعنى :
ان هذه هى عادة الدنيا ، وحال الزمان
الصنف الثانى :-
يتأمل فى كثرة النعم التى تهبط عليه من الوهاب ويعرف حق صاحبها فى ان تحفظ وترعى – ويبقى هذا الشعور يشرح صدره كلما جآءه منه وفضل من الله ، ومنن الله تتجدد , خزائنه لا تنفذ مصداقا لقوله تعالى ( ما عند الله باق )
( وتمر بالبشر مأزق شتى ، إذا استحكمت عليهم حلقاتها ناشدوا الله العفو والرحمة ، وإذا احتوتهم سعة الحرية نسوا وجحدوا )
… يجب عليكم أيها الشباب عدم نسيان الله أبدا حتى لا تقعوا تحت طائلة هذه الآية .
فى سورة الحشر الآية (19)
{نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}