كيف دخلت الأصنام الكعبة

بسم الله الرحمن الرحيم

     بسم الله مقلب القلوب ، وغفار الذنوب ، وستار العيوب ، ومفرج الكروب  ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وجامع شمل الدين وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وسلم كثيراً.

أما بعــد:

فسئُل ابن عباس ، إذا كان هذا شأن الكعبة وأنها أُسست من أول يوم على التوحيد والإيمان.  وأن الله عز وجل أمر إبراهيم أن يطهر بيته للطائفين والعاكفين والركع السجود ، وإن إبراهيم نفسه قال:

رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ”.(35) ابراهيم

1.  ما الذى أدخل الأصنام الكعبة حتى بُعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم؟ وقام بتدميرها وتكسيرها وقت فتح مكة بعد الهجرة إلى المدينة بـ 8 سنوات.  يمسك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – العصا الخاصة به ويكسر فيها وهو يقول:  “ظهر الحق وزهق الباطل إن الباطلُ كان زهوقاً”.

2.  وأمر سيدنا علىَ بن أبى طالب أن يصعد فوق الكعبة وينزل الأصنام ولا يترك فوق ظهرها ولا  بداخلها أى صنم.

كان عدد أصنام الكعبة بعد فتح مكة 360 صنم ، لكل قبيلة إله اللات والعزى ومناة ورئيسهم كان هُبل ، وكان تحت رجليه بئرواسع تلقى الهدايا فيه.  

كما فى سورة النجم الآية (19)،(20):

أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى”.

سألوا ابن عباس:

من الذى أحضر هذه الأصنام لقريش ؟

قال ابن عباس: أول من جلب هذه المصيبة مُصيبة الوثنية والشرك رجل من قبيلة خزاع اسمه “عمرو بن لُحى الخزاعى”  وقد راءه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فى المعراج.

      “رجل يجرُ قُصُبهُ فى النار حتى يوم القيامة”.

بمعـنى: مصرانه طالع من كرشه ويجرجر فيها بالعذاب والنتن إلى يوم القيامة.  وهذا هو أول من جلب الأصنام للكعبة وقلده فى ذلك قبائل العرب.

من أين أتى بها ؟

الشام كانت معقل الوثنية من قبل سيدنا نوح.  كان الناسُ على دين التوحيد بعد سيدنا آدم مصداقاً لقوله تعالى:

“وما كان الناسُ إلا أمة واحدىً فاختلفوا”

قال ابن عباس فى رواية البخارى:

كان هناك ناس صالحين ، كانوا يصومون النهار ويتهجدون بالليل ، وكانوا خمسة “ودا ، سواع ، يغوث ، يعوق ، نسراً” المذكورين فى سورة نوح الآية(23):

وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا”.

… هى أسماء  ناس طيبين عبدوا الله بالصيام والقيام حتى كانوا محل إعجاب من كل الأقوام ، فلما ماتوا وكان موتهم عجيباً وغريباً – ماتوا الخمسة فى شهر واحد.

وعمٌ الحزن العالم كله وتعطلت التجارة والزراعة ، ثم جآء واحد أرسله الشيطان وقال لهم:  أنا لا أستطيع أن أخلق الروح إلتى تجعل هؤلاء الناس يتكلموا ويمشوا ، ولكن علىٌ أن أُجسمها لكم.

وكان فنان خطيراً ، وصنع خمس تماثيل على صور شكل هؤلاء الناس على نظام التماثيل التى نراها فى الميادين مثل تمثال لاظوغلى وسعد زغلول.

وكشف الستار ونظروا إلى التماثيل فوجدوا إن لا ينقصهم إلا الكلام والتحرك فحصل لهم سرور عظيم لا يعلمه إلا الله وقالوا:  “هذه ذكرى تشجعنا على الطاعة كل ما نراهم”.

وكان أبنآءهم وأبنآء عمومتهم وأبنآء أخوالهم ثم أنقرض هذا الجيل الذى كان ينظر إلى هذه التماثيل وينشطوا بالعبادة.

ثم جاء الجيل الثانى: لم ينظر وينشط فى العبادة فقط ولكن أخذ يتمسح عليهم ، ويقولوا:  يا ناس يا طيبين اعملوا لنا كل طيب.

وجاء الجيل الثالث: بعد 300 سنة تقريباً لم يتمسح ولكن قالوا:  “لماذا ءابآءنا وأجدادنا أتوا بهذه التماثيل.   …  لأن فيهم سر ، وهو أ، الإله قد تجلى بنفسه فى هذه التماثيل.  …  عبدوها مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الشعراء الآية(74):

قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ”.

“قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ”(53) الأنبياء.

إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ”(23) الزخرف.

فلما عبدوهم من دون الله ، استمروا فى العبادة ، فأرسل الله سبحانه وتعالى سيدنا نوح عليه السلام.

ولما جآء سيدنا نوح عليه السلام اهتم جداً بالتوحيد ، وكان من ضمن رسالته إبطال عبدة هذه الأصنام ، ولكن سيدنا نوح كان حظهُ بسيط 950 سنة وعظ وإرشاد

بعد سيدنا نوح 200 – 300 سنة والناس كثرت بدأ التوحيد يتخلخل والشرك يدخل إلى القلوب.

قالوا:  نعمل تماثيل لناس العزيزين علينا.

فلما تغلب (عمرو بن لُحى الخزاعى) بمساعدة عائلة بنى بكر ، وأخذوا مُلُك مكة كله وأخذوا السقاية والرفادة والرياسة والألوية.

عمرو بن لُحى الخزاعى رئيسهم ذهب إلى الشام ووجد هناك الأصنام قال لأهل الشام:  إن مكة لا يوجد فيها نقطة مآء ولا حبة قمح.

قالوا لهانظر إلى هذا الخير الذى نحن فيه (سوريا – لبنان – فلسطين – الأردن) كل هذا الخير أتى من هذه الأصنام.

قال:  نريد فى مكة مثل هذا.  قالوا: نبيع لك.

قال:  ثمن التجارة كلها يأخذ به أصنام.

سـؤال:  ما الفرق بين الأصنام والأوثان ؟

الأصنام:ما كانت من خشب أو ذهب أو فضة وعلى صورة إنسان.

الوثن:  يكون من الأحجار.

سـؤال:  ما الفرق بين عبادة الأصنام وعبادة الأوثان ؟

­      لا يوجد فرق كلها واحدة ن كلها شرك.

وبذلك أحضر عمر بن لُحى عينات من الأوثان والأصنام إلى مكة فقال أهل مكة:  كيف تأتى بهذه الأصنام.  نحن جدنا إبراهيم وجدنا إسماعيل ونحن على التوحيد.

قال عمرو ومن معه:  نحن لا نترك ربنا ولكن الله غضبان منا لأننا نزنى ونشرب الخمر ، هؤلاء وسائط طيبة بيننا وبين الله ، وكان فى مكة ناس من سلالة إبراهيم حافظوا على العهد القديم يسموا (الحنفاء).

وهذا هو السبب الذى جعل (قُصى) وهو أحد أجداد النبى – صلى الله عليه وسلم –محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصى ، وهو جد النبى الرابع.

وقف قُصى أما عمرو بن لُحى حتى أخرجه من مكة وكان بينهم قتال مرير واستعان قُصى برجال من قريش وبنى كنانة حتى كسروا أصنامهم وطردوهم من مكة.  وأصبح المُلك إلى قُصى وذريته من بعده.

الحجـاز:كلها جآءت فيها جميع الملل والشرك والوثنية والأصنام عبادة الكواكب وعبادة النجوم وعبادة الشيطان.  لكى تعرف أن مهمة الرسول – صلى الله عليه وسلم – كانت صعبة جداً.

 

 

كيف أخرج هذه الأمة ؟

التى تعددت أديانها ومللها إلى دين التوحيد حتى أصبحت أرض الحجاز ليس فيها إلا دين واحد (الإسلام) وليس الحجاز فقط ؟؟

الله سبحانه وتعالى يقول فى سورة يونس الآية (18):

وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ”.

بمعــنى: قال ابن عباس:

كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام ، ثم وقع الإختلاف بين الناس وعبدت الأصنام والأنداد والأوثان ، فبعث الله الرسل بآياته وبيناته وحججه البالغة وبراهينه الدامغة.

والله سبحانه وتعالى أجل الخلق إلى أجل معدود ، لقضى بينهم فيما اختلفوا فيه ، فأسعد المؤمنين وأشقى الكافرين.

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً