بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد،،،،
(1)من هو سُليمان: ولد سنة ستين هـ – وتولى الخلافة سنة 96 هـ ، قال ابن سيرين: يرحم الله سُليما إفتتح خلافته بإحيائه الصلاة لمواقيتها (وكان بنو أمية أماتوها بالتأخير) وأختتمها بإستخلافه عمر بن عبدالعزيز.
قال يحيى الغساني: ذات يوم نظر سُليمان في المرآة فأعجبه شبابه وجماله ، فقال كان محمد – صلى الله عليه وسلم – نبياً ، وكان أبوبكر صديقاً ، وكان عمر فاروقاً ، وكان عثمان حيياً ، وكان معاوية حكيماً ، وكان يزيد صبوراً ، وكان الوليد جباراً ، وأنا الملك الشاب ، فما دار عليه الشهر حتى مات (وظل في الحكم ثلاث سنوات 96 : 99هـ).
(2)دخل سُليمان بن عبدالملك الحرم ، ومعه الوزراء والحاشية ، وقادة الجيش ، وكان حاسر الرأس ، حافي القدمين ليس عليه إلا إزاره ورداؤه ، شأنه كشأن أي حاج محرم من المسلمين ، ومن خلفه ولداه ، وهما غلامان كطلعة البدر بهاء وما إن إنتهى خليفة المسلمين وأعظم ملوك الأرض من الطواف حول البيت العتيق.
(3)بعد أن طاف بالبيت مال على رجل من خاصته ، وقال: من عالم مكة؟ فقال: عطاء بن أبي رباح ، قال: أروني عطاء هذا؟ فألتقى به فوجده (1) شيخاً حبشياً أسود البشرة ، (2) مفلفل الشعر ، (3) أفطس الأنف ، (4) إذا جلس بدا كالغراب الأسود ، (5) مشلولا نصفه ، (6) لايملك من الدنيا درهماً ولا ديناراً.
فقال سُليمان: أأنت عطاء بن رباح الذى طوق ذكرك الدنيا؟ قال: هكذا يقولون. قال: فبم حصلت هذا العلم وهذا الشرف؟ قال: بإستغنائي عن دنيا الناس ، وحاجتهم إلى علمي الذى
الذى أنقطعت له ثلاثين عاماً ، قال سُليمان: لا يُفتى في المناسك إلا عطاء.
وهو الخليفة فقال عطاء: (يا أمير المؤمنين خذ مكانك) أي أبق مكانك ، ولا تتقدم الناس فإن الناس سبقوك إلى هذا المكان.
فلما أتى دوره سأله المسألة فأجابه ، فقال سُليمان لأبنائه: (يا أبنائي ، عليكم (1)بتقوى الله ، (2)والتفقه في الدين ، العالم شيخ ولو كان حدثاً ، والجاهل حدث ولو كان شيخاً ، فوالله ما ذللت في حياتي إلا لهذا العبد).
لأن الله يرفع من يشآء بطاعته ، وإن كان عبداً حبشياً لا مال ولا نسب ويذل من يشآء بمعصيته ، وإن كان ذا نسب وشرف. (دلهم على الفرق بين الطاعة والمعصية)
ثم قال سُليمان لأحد ولديه: يابني هذا الذى رأيته ورأيت ذلنا بين يديه هو وارث عبدالله بن عباس الصحابي الجليل الذى أوتى فهماً في القرآن الكريم ، وكان موسوعة في كل العلوم ، ثم أردف يقول:
يا بني تعلم العلم ، فبالعلم يشرف الوضيع ، ويعلو الأرقاء إلى مراتب الملوك ، لأن رتبة العلم أعلى الرتب.
((والحمدلله رب العالمين))