بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد،،
فأقدس علاقة في الحياة علاقة الأخوة في الله الحديث الذى رواه سلمان الفارسي وأخرجه أبوداود في سنده:
“مثل المؤمنين إذا إلتقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى”
الحقيقة (1) أن أرقى علاقة في الدنيا الأخوة في الله ، (2) وأمتن علاقة في الدنيا علاقة الأخوة بالله ، و (3) وأسعد علاقة في الدنيا علاقة الأخوة في الله ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحجرات الآية (10):
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)
ليس المؤمنون إلا إخوة ، جمعتهم رابطة الإيمان ، فلا ينبغي أن تكون بينهم عداوة لا شحناء ، ولا تباغض ولا تقاتل.
إنما هنا للحصر بمعنى: لا أخوة إلا بين المؤمنين ، ولا أخوة بين مؤمن وكافر ، وفى هذه الآية إشارة إلى أن أخوة الإسلام أقوى من أخوة النسب.
هذه الآية أصل في هذا الموضوع.
مثال: حينما ينُعم الله على أخيك بخير من خير الدنيا أو الآخرة (1) وتتألم ، وتتمنى أن هذا الخير (2) لم يصل إليه ، (3) بل تتمنى أن يزول عنه ، (4) بل تسعى إلى أن يزول عنه ، أعلم علم اليقين أنك في خندق المنافقين وأكبر دليل على ذلك قوله تعالى في سورة التوبة الآية (50): (إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ)
س1: ما هو المؤمن؟ الذى يفرح لخير أصاب أخيه المسلم.
مثال 2: إذا كان لك أخ بسنك (1) أكرمه الله بزوجة صالحة ، (2) أكرمه الله اشترى بيتاً، (3) أكرمه الله بوظيفة ، وفرحت له من أعماقك أعطيك شهادة من الله عز وجل أنك مؤمن ورب الكعبة. المؤمن يفرح لخير أصاب المؤمنين.
يتفرع عن هذا أنت لا يوجد عندك مشكلة تقريباً ، (1) صحتك طيبة ، (2) عندك زوجة وأولاد ، (3) لك دخل يُغطي نفقاتك ، (4) بيتك ملكك ، عندما تسمع بما يصيب المسلمين في أفغانستان مثلاً ، في العراق ، في فلسطين ، في بورما وتتألم وقد تبكي أحياناً أعلم علم اليقين أنك مؤمن ورب الكعبة.
لقد رأيت شريط فيه طفل يٌعذب لقد تقطع قلبي في بورما
أما إذا كنت لا تبالي بما يحدث للمسلمين لأنه لا يوجد عندك مشكلة ، إن لم تبال بما يحدث فأنت في أكبر مشكلة – يمكن أن تلبس جلابية وثوباً أبيض يوم الجمعة من مستوى عال جداً ، ومعطر بمسك ، ومسبحة تركواز ، بأعلى درجة من الثياب الإسلامية ، وحينما تتألم لخير أصاب المؤمن أنت في خندق المنافقين.
مصداقاً للحديث الشريف:
“إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ، ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم” متفق عليه عن أبي هريرة – رضي الله عنه.
وضع مصحف بالسيارة ، آية الكرسي في البيت جيد ، لكن ان تكتفي بهذه المظاهر (1) وفي القلب أحقاد وحسد وغيرة ، (2) وسلوك لا يرضي الله عز وجل ، بطولتك أن تُحسن تقييم نفسك ، بطولتك ألا تحابي نفسك ، لا تتملق نفسك واجه الحقيقة المرة – (1)لأن القلب ينبض الآن ، (2) والتوبة بابها مفتوح ، (3) الآن الإصلاح ممكن ، (4)العفو ممكن ، (5) المغفرة ممكن ، أما حينما يأتي ملك الموت وأنت على هذه الحال فهناك مشكلة كبيرة جداً.
مصائب الدنيا تنتهي عند الموت.
والأمراض النفسية يبدأ مفعولها بعد الموت.
اعتقدوا يقيناً أن كل مصائب الدنيا تنتهي عند الموت.
مثال1: إنسان معه ورم خبيث لا سمح الله ، يموت ، إنتهى المرض – (2) فقير يموت ينتهى الفقر – فأمراض الجسد ومصائب الدنيا تنتهي عند الموت ، لكن أمراض النفس متى يبدأ مفعولها؟
بعد الموت ، أيهما أخطر؟ لاسمح الله ولا قدر مرض عُضال ينتهي بالموت وأنت من أهل الجنة ، أما حياة رغدة ناعمة ، والدخل كبير والأحقاد تفتك بالقلب والحسد والرياء والكذب ، والنفاق ، فإذا جاء الأجل هذه الأمراض النفسية بدأ مفعولها الخطير بعد الموت.
لذلك أتمنى عليكم إذا قرأت القرآن الكريم ووصلت إلى صفات المؤمن أن تقف عند هذه الآيات ملياً ، أن تقف وأن تعرض نفسك عليها ، أين أنت منها؟
هل إذا ألتقيت مع أخ مؤمن ، وقد أكرمه الله بشئ هل تفرح له؟
والله الذى لا إله إلا هو حينما تفرح له من أعماقك وكأن الشئ لك فأنت مؤمن ورب الكعبة ، لذلك يقول النبى – صلى الله عليه وسلم:
“مثلُ المؤمنين إذا إلتقيا مثل اليدين تغسل إحدهما الأخرى”
بمعنى: المؤمن مرآة المؤمن.
قد يرى أخوك المؤمن خطأ في سلوكك ، (2) خطأ في تفكيرك ، (3) خطأ في موقفك ، (4) خطأ في تصرفك ، هذا الخطأ بأدب جم بينك وبينه من دون تشهير ، من دون فضيحة نصحك به ، إما إذا قبلت النصيحة فلك أجر كبير ، لذلك سيدنا عمر عملاق الإسلام
يقول: “أحبُ ما أُهدى إلى إنسان قدم لي عيوبي”.
أنا أطمع أن المؤمنين إذا ألتقو في الأسبوع مرة ، أخوة كرام بحسب السكن ، أو بحسب العمل ، إما أنهم زملاء في وظيفة أو أنهم جيران في مسكن ، أو أصدقاء ، هؤلاء إذا إلتقوا ينبغي أن يتناصحوا – دعكم من المديح لأنه لا يقدم ولا يؤخر – المدح لا يرقى بك ، ولكن الذى يرقى بك أن تسعى إلى أخطاء وقعت منك وأنت لا تدري.
والمؤمن الصادق (1) نصوح لا يكذب ، (2) لا يخون هذه الأمانة ، (3) لا يفعل شيئاً لا يرضى الله عز وجل.
الحياة مع المؤمنين مسعدة:
أنا الذى أتمناه على كل مجتمع إيماني أن كل أخ كريم يختار, واحد أو اثنين أو ثلاثةأخوة في الله يتصافحا ، يتعاهدا على التناصح.
أنت ليس عندك إمكان أن تتفقدي كل من يحضر هذا الدرس ، لكن أنت أخترت منهم بعض الأخوات ، بحسب مكان الإقامة ، أعقدي معهم عهداً أن تتناصح وأن تتفقد الواحدة منا الآخرين – جئت إلى درس الأربعاء لم تجديها ، معنى ذلك أنها مريضة ، أو عندها مشكلة ، فأنت يمكن أن تبدأ بإتصال هاتفي ، (2) وتقولي لها افتقدناك اليوم خير إن شاء الله ، وهذا دليل محبة ، دليل إهتمام. “يد الله مع الجماعة”
والحديث الذى رواه ابن عباس وأخرجه الترمذي
“ومن شذ شذ إلى النار”
النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “تأخيا اثنين اثنين”
وأتمنى عليكم أن كل واحدة تبحث بدرس الجمعة ، وبدرس الأربعاء أخوات كثيرات اتخذها أختاً بالله ، تناصحاً ، الحياة مع المؤمنين مسعدة.
ما هو الشئ الذى نفتقده اليوم ؟
أن هناك حباً عميقاً بين الصحابة ، كان الصحابيان يفترقان بعد صلاة العشاء ثم يلتقيان في صلاة الفجر يقول أحدهما للآخر:
(واشوقاه يا أخي) غابوا عن بعض أربع ساعات فقط.
حتى ورد أن الصحابيان إذا إفترقا من أجل شجرة ، بعد أن يلتقيا يسلم كل منهما على الآخر. (الحياة مع الحب جنة)
الحياة تصبح جنة ، إذا كان هناك حب – الحياة مع الأخوة المؤمنين مسعد ، (1)تحس بالحب ، (2) تحس بالقرب ، (3) تحس بالمودة ، (4) تحس بالرحمة ، هذه الأخت (1) تسلم عليك وتسلمي عليها ، (2) تنصحك وتنصحيها ، (3) تلفت نظرك وتلفتي نظرها ، (4) تزورك وتزوريها ، (5) تدافع عنك وتدافعي عنها.
مثال1: النبي عليه الصلاة والسلام تفقد بعض الصحابة بغزوة تبوك يبدو أن واحداً ليس كما ينبغي قال: يارسول الله شغله بستانه عن أن يجاهد معك ، فقام صحابي جليل قال: لا والله يارسول الله (1) إنا تركنا أخوة لنا في المدينة ما نحن بأشد حباً لك منهم ، ولو علموا أنك تلقى عدواً ما تخلفوا عنك ، فأبتسم النبي – صلى الله عليه وسلم – وفرح كثيراً.
دافع عن أخيك ، أخوك غائب إتهم بتهمة ، أخوك دافع عنه أخوك مسلم ، أخوك مؤمن ، أخوك ورع ، أخوك مستقيم ، لما تسكت إذا إتهم بتهمة من إنسان منافق مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحج الآية (38): (نَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)
الختام: فيا أيتها الأخوات الكريمات ، هذا الحديث (مثلُ المؤمنين إذا التقايإ مثل اليدين تغسل أحدهما الأخرى) أتمنى من الله عز وجل أن يكون واقعاً تعيشونه ، منذ اليوم أخترى عدة أخوات بحسب العمل ، بحسب الدراسة ، اتفق معهم على أن (1) تعاهدوا على التناصح ، (2) تعاهدوا على التعاون ، (3) تعاهدوا على أن يتفقد كل واحد منكم الآخر ، هذه الحياة مع التعاون والله عز وجل قال في سورة المائدة الآية (2):
(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)
(والحمدلله رب العالمين)