بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد ،،،،،
ثالثاً: تصدي الصديق لقتال أهل الردة ومانعي الزكاة
لما توفى النبى – صلى الله عليه وسلم – أرتدت أحياء كثيرة من الأعراب:
(1) أرتدت أسد وعطفانُ وطيئ عليهم (طُليحة الأسدى).
(2) ارتدت كندة ومن يليها وعليهم (الأشعث بن قيس الكندي).
(3) ارتدت مذحجُ ومن يليها وعليهم (الأسودُ بنُ كعب العنسى).
(4) أرتدت ربيعة مع (المعرور بن النعمان بن المنذر).
(5) وكانت بنو حنيفة مقيمة على أمرها مع (مُسليمة الكذاب).
(6) وارتدت بنو سُليم مع الفُجاءة (أنسُ بنُ عبد باليل).
(7) وارتدت بنو تميم مع (سجاح الكاهنة).
ولما كانت الردة ، قام أبوبكر في الناس:
(نحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: الحمدلله الذى هدى فكفى ، وأعطى فأغنى – فجمعهم الله بمحمد – صلى الله عليه وسلم – وجعلهم الأمة الوسطى – حتى قبض الله نبيه – صلى الله عليه وسلم – فركب الشيطان منهم مركبه الذى أنزله الله عنه إن من حولكم من العرب منعوا شاتهم وبعيرهم – والله لا أدع أقاتل على أمر الله حتى ينجز الله وعده ، ويُوفى لنا عهده ، ويُقتل من قُتل منا شهيداً من أهل الجنة ، ويبقى من بقى منا خليفته وورثته في أرضه).
صدقة: مالا يتقرب به إلى الله تعالى.
تطهرهم وتزكيهم: تطهرهم من ذنوبهم ، وتزكيهم أنت أيها الرسول بدعائك لهم والثناء عليهم
وصل عليهم: أدع لهم بالخير.
إن صلاتك سكنُ لهم: أى دعاءك رحمة.
مطالب بعض المرتدين (أسد وعطفان وطيئ):
(1)يقيموا الصلاة ، ولا يؤتوا الزكاة (احتجوا بقوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ، إن صلاتك سكن لهم). التوبة الآية (103).
قالوا: فكنا ندفع زكاتنا إلى من صلاتُه سكن لنا.
رد أبوبكر: لو منعوني عقالاً لجاهدتهم.
وفي صحيح البخاري الصحيح الذى رواه أبوهريرة – رضي الله عنه – قال: (أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر: علام تقاتل الناس وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها).
فقال أبوبكر:
(والله لو منعوني عقالاً – كانوا يؤدونه إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأُقاتلهم على منعها ، إن الزكاة حق المال ، والله لأُقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة).
قال عمر:
(فما هو إلا أن رأيتُ الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق).
صحيح البخاري صـ 1400 ، ومسلم 20 والترمذى 2607.
أفعال المرتدين:
طمعوا في المدينة بعد خروج جيش أُسامة. فقاموا بغارة عليها (على المدينة) وأرسل الحرسُ إلى أبي بكر يخبرونه بالغارة ، فبعث إليهم أن ألزموا مكانكم ، وخرج أبوبكر في أهل المسجد ، فأنقشع العدو ، وأتبعهم المسلمون على إبلهم ، حتى بلغوا ذا حُسن ، فخرج عليهم أهل الردة ، فألتقوا مع الجميع فكان الفتح.
لقد ظن القوم بالمسلمين الوهن ، فاجتمعوا ، وبات أبوبكر – رضي الله عنه – قائماً ليله يتهيأ يعبئ الناس – ثم خرج على تعبئة من آخر الليل – فما طلع الفجرُ إلا وهم والعدُو في صعيد واحد ، فما سمعوا للمسلمين حساً ولا همساً حتى وضعوا فيهم السيوف ، فما طلعت الشمس حتى ولوهم الأدبار.
وكان أول الفتح ، وذل بها المشركون ، وعز بها المسلمون.
ثانياً: قبيلة عبس وذبيان قتلت من فيهم من المسلمين ، وفعل من وراءهم كفعلهم – وكان رد أبوبكر: فحلف ليقتُلن في كل قبيلة بمن قتلوا من المسلمين وزيادة.
فكان ذلك من أكبر العون على نصر الإسلام وأهله ، وذلك أنه عز المسلمون في كل قبيلة ، وذل الكفار في كل قبيلة.
ورجع أبوبكر إلى المدينة مؤيداً منصوراً ، سالماً غانماً.
وكان من نتيجة جرأة أبوبكر وشجاعته:
جآءت بالليل صدقات (زكاة) عدى بن حاتم ، وصفوان ، والزبرقان. (صفوان بن سعُد بن أبي وقاص – وقال أبوقتادة الأنصاري – رضي الله عنهم – وذلك على رأس 60 ستين ليلة من مُتوفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم.
ثم قدم اسامة بن زيد من البلقان (بعد أن أدب القبائل العربية الملتصقة بالروم وتدين بالدين المسيحي وأستعرض قوة المسلمين مع الروم).
فأستخلفه أبوبكر على المدينة ، وأمرهم أن يريُحوا ظهورهم ، ثم ركب أبوبكر في الذين كانوا معه في الوقعة المتقدمة إلى ذى القصة.
وعن عائشة – رضى الله عنها – قالت: (خرج أبي شاهراً سيفه راكباً على راحلته إلى ذى القصة ، فجآء عليُ بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته فقال:
(إلى أين يا خليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم؟ أقولُ لك ما قال لك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوم أُحد: (شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك). فوالله لئن أُصبنا بك لا يكون للإسلام بعدك نظام أبداً. فرجع وأمضى الجيش.
رجع أبوبكر ولكنه لم يسترح بل عقد أحد عشر لواء:
(1) خالد بن الوليد وأمره بُطليحة بن خويلد ، فإذا فرغ سار إلى مالك بن نويرة بالبُطاح.
(2) لواء عكرة بن أبي جهل وأمره بمُسيلمة.
(3) لواء شرحبيل بن حسنة في أثره إلى مسيلمة الكذاب.
(4) لواء العلاء بن الحضرمي وأمره بالبحرين.
وقد كتب معهم الصديقُ كتاباً إلى المرتدة:
(وإني بعثت إليكم فلاناً في جيش من المهاجرين والأنصار والتابعين وأمرته أن لا يقبل من أحد إلا الإيمان بالله ، ولا يقاتله حتى يدعوه إلى الله عز وجل ، ولا يقبل من أحد غير الإسلام).
(والحمد لله رب العالمين)