حديث أُم زرع

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فعن عائشة – رضى الله عنها أنها قالت:  جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً.

قالت الأولى:  زوجى لحم جمل غث.  على رأس جبل وعر.  لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل.

قالت الثانية:  زوجى لا أُبث خبره.  إنى خاف أن لا اذرهُ إن أذكرهُ أذكر عُجرهُ وبجرهُ.

قالت الثالثة:  زوجى العشنق.  إن انطق أُطلق.  وإن أسكت أُعلق.

قالت الرابعة:  زوجى كليل تهامة.  لا حر ولا قُر.  ولا مخافة ولا سآمة.

قالت الخامسة:  زوجى إن دخل فهد.  وإن خرج أسد.  ولا يسألُ عما عهد.

قالت السادسة:  زوجى إن أكل لف.  وإن شرب اشتف.  وإن اضطجع التف.  ولا يولج الكف ليعلم البث.

قالت السابعة: زوجى غياباءُ أو عياياءُ طباقاءُ.  كُلُ داء له داءً شجك أو فلك.  أو جمع كلاً لك.

قالت الثامنة:  زوجى الريح ريح زرنب ، والمسى مس أرنب.

قالت التاسعة: زوجى رفيع العماد.  طويل النجاد.  عظيم الرماد.  قريب البيت من النادى.

قالت العاشرة:  زوجى مالك.  وما مالك؟  مالك خير من ذلك.  له إبل كثيرات المبارك.  قليلات المسارح.  إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك.

قالت الحادية عشرة:  زوجى أبو زرع فما أبو زرع؟  أناس من حلى أُذُُنى. وملأ من شحم عضدى.  وبجحنى فبجحت إلى نفسى.  وجدنى فى أهل غُنيمة بشق.  فجعلنى من أهل صهيل وأطيط ودائس ومُنق.  فعندهُ أقُول ولا أُقبح.  وأرقُدُ فأتصبح.  وأشرب فأتقنح.  أُمُ أبى زرع.  فما أم أبى زرع؟  عُكومُها رداح.  وبيتها فساح.  ابن أبى زرع.  فما ابن أبى زرع؟  مضجعُهُ كمسل شطبة.  ويشبعه ذراعُ الجفرة.  بنت أبى زرع.  فما بنت أبى زرع؟ طوعُ أبيها وطوع أُمها.  وملءُ كسائها وغيظ جارتها.  جارية أبى زرع.  فما جارية أبى زرع؟  لا تبُثُ حديثنا تبثيثا.  ولا تُنقث ميرتنا تنقيثا.  ولا تملأ بيتنا تعشيشاً.  قالت:  خرج أبو زرع فلقى امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين.  فطلقنى ونكحها.  فنكحتُ بعده رجلاً سرياً.  ركب شرياً.  وأخذ خطياً.  وأراح على نعماً ثريا.  وأعطانى من كل رائحة زوجاً.  قال:  كُلى أم زرع وميرى أهلك.  فلما جمعتُ كل شئ أعطانى ما بلغ أصغر آنية أبى زرع.  قالت عائشة:  قال لى رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (كنت لك كأبى زرع لأم زرع غير أنى لا أُطلقك).  (رواه البخارى ومسلم).

بمعـــنى:  قالوا:  إن أصحاب هذا الحديث عبارة عن 11 امرأة وأنهم كانوا فى اليمن.

          الحديث لغة عربية صميمة وكما قال بعض العلماء:

          (لو أن هؤلاء النسوة موجودين الآن كان اقتراح تعينهم فى مجمع اللغة العربية).

          هذا كلام نسوة ولكن الله سبحانه وتعالى أعطاهم الفصاحة واللغة العربية الفصحى على أعلى مستوى.

          نجد أن منهم ستة مدح وخمسة ذم.

          المفروض على المرأة أن لا تقول عيب زوجها ولا تمدحه.  لماذا؟  لأنها إذا ذمت لعنها الله.  وإذا مدحته ربما يكون المرأة التى تسمع حديثها تتعلق بزوجها وتحبه وهى لا تعلم وتلف وتخرب عليها وعندى أمثلة كثيرة على هذا.

          فهذه أسرار بيوت لا تخرج خارج باب المنزل.  زوجك عطوف خاليها فى سرك ، زوجك غبى وسئ الخُلُق:  اصبرى على قضاء الله.

نشرح ماذا قالت الأولى: 

زوجى لحم جمل غث.  على رأس جبل وعر.  لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل.

          فهى تشبه زوجها بنوع اللحم الجملى ، بالنسبة لأنواع اللحوم كلها والمعروف أن اللحم الجملى أرخص أنواع اللحم ، ومع كونه لحم جملى رخيص فهو مكتبر ومترفع (ليس متواضع) لحمه ردئ مهزول منتنة وليس منتنة وقريبة لا.  هى أيضاً على رأس جبل (انظر دقة المرأة فى التعبير) والجبل ليس سهل للصعود عليه ولا اللحمة سمينة حتى نتعب ونصعد الجبل وننقلها إلى بيوتنا لنأكلها.  هذا ذم قطيع.

ماذا قالت الثانية: 

ده مفقوعة جداً من زوجهالولا اليمين.  لو تكلمت انفتح لا أنتهى ولا أجعل فرصة لواحدة أن تتكلم – فإن كان ولابد أن أقول – فأنا سوف أقول كلمة واحدة.  (زوجى لا أبُثُ خبرهُ ، إنى أخافُ ألا أذره ، إن أذكرهُ أذكر عُجره وبُجره).

          لا أبُثُ خبره:  البث هو النشر (ينشر الخبر).

          إنى أخاف ألا أذره:  أنا أخاف أن لا أترك أحد يتكلم غيرى.

بمعـنى:  سوف أخذ الوقت كله فى وصف عيوب هذا الزوج. (عيوبه لا حصر لها).

          إن أذكره:  إن كان ولابد ونحن حالفين أذكر عُجرهُ وبجرهُ.

          العُجر:  سوء الخِلقة  –  البُجر:  سُوء الخُلُق.

          تريد أن تقول:  لا خِلقة حلوة تفتح النفس ولا أخلاق حميدة.

          العُجر:  لما يغضب عروق رقبته تنتفخ من شدة غضبه (بل من الجسد كله).

          تريد أن تقول:  دمامة فى الخِلقة وشذود فى الخُلُق.

قالت الثالثة

(زوجى العشنق ، إن أنطق أُطلق ، وإن أسكت أُعلق).

          العشنق:  طويل غير عادى ولا فائدة فيه.  مع طوله هذا على فظاظة وسوء خلق وإندفاع وحمق.  ثلاث كلمات (هذا قاموس).

          إن اتكلمت كلمة اريح بها قلبى يُطلقنى – روحى على بيت أبوك.

بمعــنىليس معطيها فرصة تنفث عن نفسها بكلمة لا فى أكل ولا فى شرب ولا مع العيال، عبارة دكتاتور نمرة واحد فى البيت.

          وإن اسكت من غير ما أتكلم أصبح مثل الفولة التى على النار لا بتحرق ولا بتتهنى لا أنا متزوجة زواج هنى ، ولا أنا مطلقة علشان ربنا يرزقنى بغيره.

          وهذا يعتبر سوء العشرة والقرآن يأمر الرجال (وعاشروهن بالمعروف) فليس من المعروف أن يجعل الرجل المرأة فى البيت كالحيوان.  ولكن التعليق  على (إن أنطق أُطلق وإن أسكت أُعلق).

          أيها الرجل أعطيها حرية الكلام والتعبير والتفكير – قد يكون فى رأيها الخير – فهى زوجة من حقها أن تتكلم فى الزواج وهى أم فمن حقها أن تتكلم فى الأمومة ، وهى ربة بيت فمن حقها أن تتكلم على بيتها (لها ثلاث صفات زوجة أم ربة بيت) ، والرجل فى الخارج وزير خارجية – كون أن الرجل يكتم نفسها هذا ظلم والله يقول:  الحديث القدسى (اشتد غضبى على من ظلم من لم يجد نصيراً غيرى).

أن المرأة عقلها وراء لسانها – والرجل لسانه وراء عقله.

بمعـــنى:  الرجل قبل أن يتكلم يفكر هذه الكلمة تضر أو تنفع إذا كان الكلام ينفع يقوله – وإن كان يضر يكتمه – المرأة من شدة إنفعالها والعاطفة تضرب القنبلة ، ثم بعد ذلك تفكر إزاى قالت هذه الكلمة.

وقالت الرابعة: 

فهى تمدح:  (زوجى كيل تهامة لا حرُ ولا قُر ولا مخافُةُ ولا سآمة) تهامة أحد بلاد الجزيرة العربية مشهورة أن نهارها حار جداً الحر قاتل – ولكن عند المسآء ربنا بيعوضهم – هواء منعش طيب فى الليل فهذه الزوجة تمدح زوجها بأنه مثل ليل تهامة معتدل فى هوائه تشبه زوجها بالنسيم العليل – ثم فسرتها قالت: لاحرُ لا قُر لا حرارة شديدة ولا برد – بمعـنى:  حر سُخُن – قط – غليظ – عنده سوء الحلق – شديد – قاس – وهو ليس قُر:  بارد – ميت – فى حالة الدنيا تنهد بجانبه ليس عنده إحساس – متبلد الطبع.

          (ولا مخافة ولا سآمة) أجلس بجواره ولا أخاف منه لكرم أخلاقه ، ولا سآمه: لو جلست معه سبع ساعات لا أمل لأن حديثه حلو ، والخوف والسآمة حاجتين تضر الحياة الزوجية.

          الزوجة التى تخاف من زوجها – وتمل منه وتقول:  لو يخرج شوية – قاعد فى البيت على طول.

قالت الخامسة:  

مدح (زوجى إن دخل فهد ، وإن خرج أسد ، ولا يُسألُ عما عهد) سبحان الله – ثلاث كلمات – الكلمة ثلاث حروف فهد تدل على الفصاحة العليا – وحضور البديهة وعلى الذاكرة القوية المجمعة للمعانى.

المعــــنى:  إن دخل البيت يكون فهد – الفهدُ: عبارة عن حيوان أكبر من الفأر وأصغر من القطة شوية برى – من ضمن صفاته:  مادام فى جحره لا يصبر على أُنثاه لحظة واحدة – طول ما يكون مع بعض يلعب معها بإستمرار فهى تصف زوجها بهذا الوصف. 

بمعنى: يحبها جداً طول ما هو قاعد معها مزاح ولعب.

          وإذا خرج أسد:  انقلب الفهد إلى أسد لماذا؟  لا يطمع فى واحدة فى الخارج – ماشى فى الخارج أسد محتفظ بكرامته ومحتفظ بعرضه ومحتفظ بالإمانة التى بينه وبين زوجته لايخونها (ولا يسألُ عما عهد).

          يعهد إليها بمال:  يقول عندك فى الدولاب 100 جنية ثم بعد يوم أو يومين يبحث فى الدولاب وجد الـ 100 جنية صارت 50 جنية لا يسألها عن هذا لأنه عارف أنها لا تأتى إلا بالأشياء الضرورية والذى يلزم البيت فهى أمينة على نفسها وأمينة على أولادها – وهذه ثلاث صفات تدخل الواحد الجنة.

          (إن دخل فهد ، وإن خرج أسد ، ولا يُسألُ عما عهد).   عنده مُروة وكرم.

قالت السادسة: 

تذم (زوجى إن أكل لف ، وإن شرب اشتف ، وإن اضطجع إلتف ، ولا يُولج الكف ليعلم البث).

بمعـــنى:  خمس كلمات كلهم ذم – وهى تصف زوجها أنه ندل ، الندالة تأتى من أين؟  (1)إن أكل لا يأكل بقناعة وزهد – يده تلف فى الطبق لايترك لأحد أى شئ – الآدب فى الشرع:  تأكل مما يليك – الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى عمر بن أبى سلمة ابن زوجته وهو يأكل معه – وجد النبى – صلى الله عليه وسلم – يده تطيش فى الطبق فقال له:  (1) ياغلام سم الله ، (2) كُل بيمينك ، (3) كُل مما يليك.

          اللف فى الطعام:  (الإكثار منه ، مع التخليط من صنوفه).

          ولما يشرب:  صفارة خطر – لا يشرب بهدوء – ويشرب كل ما فى الإناء – وبعد ما يأكل ويشرب ينام ويلف نفسه باللحاف لوحده وليس له دعوى بإمرأته..  (ولا يُولج الكف ليعلم البث) وبالمعنى الأول: ، والمعنى الثانى: البث:  الشكوى إلى الله – (إنها متألمة)  آه يادماغى – قالت:  حتى لو قلت أنا بموت يقول الحنوتى موجود..

          لا يولج الكف:  لا يدخل يده تحت الغطاء ليعلم مما تتوجع.

العلماء قالوا: 

الذى يُسر المرأة ثلاث أشياء:  (1) نظرة حنان ، (2) ومس رحمة ، (3)وكلمة  طيبة.

          والرسول قد أباح لك أيها الزوج أن تقول ولو بالغت فهذا ليس كذباً وقد استثناه الله من الكذب.

قالت السابعة: 

(ذم):  (زوجى عياباء أو غياياء – زوجى طباقاء – كل داء له داء شجك أو قلك أو جمع كُلاً لك).

          عياباء:  من العيا – فلان عيان

          غياياء:  من الغى – تريد ان تقول:  جسمه عيان وعقله فيه غى – بمعنى مريض بجسمه وبعقله.

          طباقاء:  هذه الكلمة عالية فى المعنى جداً ودقيقة وحساسة.

          لا عقل ولا جسم (زوجى طباقاء) لما ينام يقع عليها كالحائط عندما يتنهد – أو لما يتصل بها تريد أن تقول الكلمة فى أدب رفيع – ينطبق علىٌ كما ينطبق الحائط فيكتم نفسى.

          (داء له داء) كل مُصيبة فى الدنيا موجودة فيه.  وهى بتختصر لأن وقتها محدود والكل يريد أن يحكى عن أزواجهن

شجك:  يفتح دماغك ،          قلك: يطردك على بيت أبيك.

بمعــــنى:  يشق رأسك.  ساعة ما يضرب لا يضرب ضرب هايف – لازم يعمل جراحة ، أو يطردك على بيت أبوك أو مع وجود الجراحة الطرد على بيت الأب …  المفروض أن لا تقول غياباء أو عياياء (لأن هذا من الله)  الطرد وحش وتأخذ على ذلك ولأن البعيد عن العين بعيد عن القلب.

قالت الثامنة

(زوجى الريح ريح زرنب ، والمس مس أرنب).

          هذه الزوجة تمدح زوجها وتصفه بصفتين – قالت: يكفينى أن زوجى معتنى بنفسه فى النظافة بالغسل – لدرجة أن جلده (البشرة) فى النعومة مثل جلد الأرنب – (المس مس أرنب) – لما يأتى بجانبى جسمه ليس مقشف – الجلد ناعم والرائحة مسك ورد.   تصف زوجها بأن رائحته حلوة أوى وجسمه ناعم أوى.

وقال ابن عباس:  (إنى أحبُ أن أتزين لمرأتى كما أحبُ ان تتزين لى).

وقالت التاسعة:  

(زوجى رفيع العماد – طويل النجاد ، عظيم الرماد ، قريب البيت من النادى).

          (رفيع العماد) بيته مرتفع – وله عواميد البيت عالية ، وهذا كناية على أنه من الوجهاء وليس ساكن فى عشة أو حى الترجمان.

          أو رفيع العماد:  عائلته عالية وليس منحط.

          (طويل النجاد):  حمالة سيفه معناه السيف طويل – وعلامة على طول هذا الرجل – وتريد أن تمدح زوجها بأنه طويل وحمالة سيفه طويلة وهى بذلك تجمع بين الشجاعة والقوة والعملاق.  بأن زوجها عملاق وبجانب ذلك محارب وشجاع..

          (عظيم الرماد) تصفه زوجته بالكرم بأنه كريم لكثرة رماد ناره التى يطبخ بها للضيوف.

          (قريب البيت من الناد) هو رجل رئيس وليس تابع – فهو متبوع بيته قريب من النادى الذى يفصل بين الناس – ويطلع من بيته على النادى ويجلس مع الناس ويقضى بينهم بالحق – فهى تريد أن تعطيه الزعامة فى البيت وخارج البيت.

          هو قوى فى جسمه وعملاق – وتمدح عائلته ويندر أن امرأة تمدح عائلة زوجها.  غالباً المرأة لا تمدح .

وقالت العاشرة

(زوجى مالك وما مالك؟  مالك خير من ذلك ، له إبل كثيرات المبارك ، قليلات المسارح ، إذا سمعت صوت المزهر أيقن أنهن هوالك).

          هذه أول واحدة تذكر اسم زوجها مالك – (مالك خير من ذلك) كل الذى مدح منكم لا يأتى فى مسمار حذاء زوجها.

          ذلك:  اسم الإشارة عائد على الذين سبقوها – زوجى اسمه مالك أحسن منهم كلهم لماذا؟  قالت:  عنده إبل كثيرة باركة بفنائه لإكرام الضيف بنحرها ولبنها.

          فهى تصف زوجها بالكرم وحسن الخلق (عنده إبل يبقى غنى) من أجل الضيوف (إذا سمعت صوت المزهر) المزهر:  آلة الطرب كان من عادة مالك لما يأتى ضيف يضرب على العود أو البيانو لكى يؤنسه بالموسيقى الهادئة حتى ينضج الطعام.

          وساعة ما يسمع الجمال صوت هذه الآلة الموسيقية يقولوا:  استعدوا واحد منا سوف يذبح.

          فإذا سمعت الإبل صوت المزاهر أيقن أنهن سيذبحن للضيفان.

وقالت الحادية عشرة: 

(زوجى أبو زرع فما أبو زرع؟  أناس من حلى أُذنى ، أناس: حركة ملأ أُذنى بالحلى – حلق كبير وليس حمصة وهى تصفه بالكرم وأنه يحبها – (وملأ من شحم عضدى) كناية عن السمنة من طيب الأكل ومع السمنة الصحة (فبجحنى فبجحت إلى نفسى) دللنى – دلعنى – عظمنى – فرحنى – ومن شدة تدليعه لى أصبحت فعلاً مدلعة – وزوجى أخلاقه حلوة فسقت فيها.

          طبعاً الحريم العشرة جالسين قالوا:  عمل فيك إيه؟؟

          (وجدنى فى أهل غُنيمة بشق ، فجعلنى فى أهل صهيل وأطيط ودائس ومُنق).

          كنت عند أهلى فى الفقر – وكان أبويا عنده شوية ماعز – بشق النفس شظف العيش (كانت فى عيشة يعلم بها ربنا) فنقلنى إلى صهيل الفرسان وأطيط الإبل.

ودائس: من دوس الزرع   مُنق:  الطيور كلها والرحاية التى تنقى الحب وتطحنه.

          تريد أن تقول:  إنها كانت فى وسط قوم فقراء فجعلها بين قوم أغنياء لهم خيول وإبل ومزارع – قالت النسوة:  ماذا أيضاً؟؟  قالت:  (فعنده أقول فلا أُقبح ، وأرقد فاتصبح، وأشرب فاتقنح).

          (فعنده أقول ولا أُقبح).

          من ساعة ما تزوجته عمرى ما أقول حاجة – وعمره ما يقول على قبيحة ولا يغلطنى – مهما قلت حاجة وحشة (حبيبك يبلعلك الزلط) أى أنه يصبر على هفواتها فلا يصفها بالقبح أمام الناس ويؤذيها.

          وهناك أزواج أمام الناس وأمام أخواتها يقول لها:  أنت ليس عندك عقل ، أنت مجنونة.  ويكسفها وهى قاعدة.

          (وأشرب فاتقمح) =  أرفع رقبتى وأنا أشرب

          وأشرب وأُقرقر المآء فى زورى فلا يقول لى شئ – لأنها مدللة تصف زوجها بالأخلاق الطيبة وحبها وتقديرها.

          (وارقد فاتصبح) أنام

          لغاية الساعة العاشرة أو الحادية عشرة

وصف عائلة أبو زرع:

          أُم أبى زرع فما أم أبى زرع؟  عكومُها رداح – وبيتها فساح.

عُكومُها:  أوعية الطعام الأمتعة الخاصة بها بمعنى أن خيراتها ومتاعها من مصاغ وملابس – وممكن العكوم:  بتاعة بطنها عندما تجلس تجدى بطنها طيات – سمينة من كثر الأكل وهى تصفها بالكرم.

          ابن أبى زرع فما ابن أبى زرع؟  (مضجعُةُ كمسل شطبة ، ويشبعه ذراع الجفرة).

          لا ندرى أهو أبنها من أبو زرع أم هو أبن أبى زرع من زوجة أُخرى – الحديث يحتمل ولم يقل لنا – هى تقول على أبن أبى زرع مضجعُةُ كمسل شطبة:  صحته ضعيفة ومساحة النوم وهو السعفة من جريد النخل – ويشبعه ورك الأرنب – والمراد أنه مهفهف خفيف اللحم وهو مدح.

          (بنت أبى زرع فما بنت أبى زرع؟  طوع أبيها وطوع أمها ، وملء كسائها ، وغيظ جارتها).

          بتطاوع أبوها ، وبتطاوع أُمها وبنت سمينة ملء هدومها وكل جيرانها بيغيروا منها لأنها عندها صحة وعقل وعلم.

          وهذه شهادة من أم زرع لأهل زوجها – مدحت زوجها ومدحت أم زوجها ومدحت ابن زوجها ثم مدحت بنت زوجها.

          (وجارية أبى زرع فما جارية أبى زرع؟  لا تبث حديثنا تبثيثاً ولا تنقث ميرتنا تنقيثاً ولا تملأ بيتنا تعشيشاً).

          تصف الخادمة بثلاث مدائح طيبة:  (1) لا تنشر أخبارنا خارج البيت ، (2) الميرة أكل البيت لا تخون ولا تسرق.  هى هى لا تغش ولا تزود فى الأسعار.  (3) القش: الوساخة هى نظيفة فلا تقبل أن يكون فى البيت قشاية واحدة فهى تكنس بإستمرار.

          قالت أم زرع:  (خرج أبو زرع والأوطاب تُمخض – فلقى امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين ، فطلقنى ونكحها).

          الأوطاب تُمخض:  القرب التى يخضوا فيها اللبن.

          فوجد أبو زرع امرأة ولها ولدين يلعبان بثديها أو بيرضعوا وكان زمان الرجل يحب المرأة التى تنجب – فأعجبهُ جمالها فطلقنى ونكحها – قلت أمرى إلى الله..

          (فنكحت بعده رجلاً سرياً – الزوج الثانى كان غنى جداً).

          ركب سريا:  (راكب فرس فائق السرعة) ، (وأخذ رمحاً خطياً) غنى وشجاع – (وأراح على من كل نعماً ثرياً) أنت بيعى  وشترى خذي وأعطى أهلك (وقال:  كلى أم زرع وميرى أهلك) (ولكن لو جمعتُ كل شئ أعطانى ما بلغ أصغر أنية أبى زرع).

          وكما قال الشاعر:

          نق الفؤاد كما استطعت من الهوى   ……             ما الحبُ إلا للحبيب الأول

          قال صلى الله عليه وسلم:  أنا لك كأبى زرع لأم زرع غير أنى لا أُطلقك – قالت عائشة:  أنت لى خير من أبى زرع لأم زرع.

          نسأل الله تعالى أن ينفعنا بهذا الحديث.

          فى أنفسنا وفى نسآءنا وفى رجالنا.

(  والحمدلله رب العالمين )

 

         ومن ضمن الأشياء التى ينبه الإسلام عليها:

اترك تعليقاً