حديث (ابتغُوا ولا تبتدعُوا)

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فعن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:  (اتبعُوا ولا تبتدعُوا فقد كُفيتم).

          هذه وصية رسول الله  – صلى الله عليه وسلم – مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحشر الآية (7):

(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).

          ما جآءكم به الرسول من ربه مع الفهم.

          وما نهاكم عن قوله وفعله فاحذروه وكفوا عنه.

          (اتبعوا ولا تبتدعوا)

بمعنى:   سيروا على النهج الذى رسمه الله عز وجل لكم في كتابه وعلى لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم ، ولا تزيدوا في دينه ما ليس منه ، فقد جآءكم بالهدى.

          وقد أكمل الله لكم الدين ، فكان منهجاً لمناحي الحياة كلها ، فأغناكم به عن تشريعات البشر وقوانينهم   

والإتباع دليل على محبة الله ورسوله ، وبرهان على صحة الإيمان وسلامة اليقين.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة آل عمران الآية (31):

(قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

          وأما الإبتداع في الدين فهو اعتداء عليه وانتهاك لحرماته ، واتهام له بالنقص في تشريعاته.

          إذاً ما هي البدعة في نظر الإسلام؟

          البدعة:  كل حدث لا أصل له في الدين.

          ولقد جآء الدين الإسلامي تاماً كاملاً ، لا ينبغي لأحد أن يزيد فيه شيئاً ، أو ينقص منه شيئاً ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة المائدة الآية (3):

(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا).

          وقد حذر النبى – صلى الله عليه وسلم – من الابتداع في الدين.

          فقال:  (من أحدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد)   رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة – رضي الله عنها.

الحديث الثاني:

          عن أبي نجيح العرباضي بن سارية السُلمى – رضي الله عنه – قال:  وعظنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا:  يارسول الله ، كأنها موعظة مودع ، فأوصنا.

          قال:  (أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد ، وإنه من يعيش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة).     رواه أحمد ، أبو داوود ، وأبن ماجه.

الحديث الثالث:         وعن جابر بن عبدالله – رضي الله عنه قال:

          كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته:  (أما بعد ، فإن أصدق الحديث كتابُ الله ، وإن أفضل الهدي هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار).   رواه أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه.

          وقد عرف الشاطبي البدعة:

          (هي طريقة في الدين مخترعة تضاهي الطريقة الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه).       فيخرج بهذا التعريف جميع بدع العادات.

          بدع العادات ثلاث أصناف:

الصنف الأول:   يوافق الدين ولا يخالفه في شئ ، كأخذ الزينة المباحة والسكنى في المنازل الفخمة والتنزة في الحقول والحدائق.

الصنف الثاني:     يكره فعله شرعاً ، كمبالغة في زخرفة المساجد والمصاحف وغير ذلك.

الصنف الثالث:  محرم وهو ما يخالف الدين ، كالتشبه باليهود والنصارى في أعيادهم وملابسهم التى نهي الإسلام عنها.

          والمسلم الذى يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه – عليه أن يلتزم بما جآء في الكتاب والسنة وما ورد عن السلف الصالح من أصحاب النبى – صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان ، بوصفهم أعلم الناس بأصول الدين وقواعده.

((  والحمدلله رب العالمين))

اترك تعليقاً