بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد،،،،
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله). أخرجه مسلم في كتاب الجنائز
تلقين الميت: تذكيره عند الإحتضار بكلمة التوحيد ، بأن يتلفظ بها من حضره ، لعله يقولها فتكون آخر كلامه من الدنيا ، فيثبت الله قلبه عليها حتى تصعد روحه إلى بارئها ، وتكون أنيسه في قبره حتى يُبعث ، فإذا بُعث كانت له نوراً وحجة عند ربه عز وجل.
ويستحب أن ينطق بالشهادتين بجوار المحتضر ، فيقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أو أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
ولكن لا يأمره أن يقولها ، فربما يكون المحتضر في كرب وضيق شديدين فيقول له: (لا وللموت سكرات وكربات وقانا الله شرها).
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله ، فمن قالها عند موته وجبت له الجنة).
قالوا: يارسول الله ، فمن قالها في صحته؟
قال: (تلك أوجب وأوجب) ، ثم قال: (والذى نفسي بيده لو جئ بالسماوات والأرض ومن فيهن وما بينهن وما تحتهن فوضعن في كفة الميزان ووضعت شهادة أن لا إله إلا الله في الكفة الأخرى لرجحت بهن). (أخرجه الطبراني بسند رجاله ثقات)
على المحتضر أن يرد لا إله إلا الله ثلاثاً.
وينبغي أن يلقنه الرجل الصالح أو الصديق المحب أو الأب الرحيم ، ولا يلقنه عدوه أو المتهم بأنه يحسده أو يتعجل موته فإن الإنسان لا يتجاوب إلا مع من يحب.
إن الرسول في هذه الوصية يأمر المسلمين أن يكون بعضهم عوناً لبعض من وساوس الشيطان ولا سيما عند الموت ، فإن الشياطين تتكالب على المؤمن عند الإحتضار وتتكاتف على صده عن الإيمان بالله وحسن الظن به ، فيكون التلقين حينئذ عوناً لهذا المحتضر وطرداً للشياطين من قلبه ، وتذكيراً له بوحدانية ربه.
وهذه أكبر خدمة يقدمونها إليه في هذا الوقت العصيب.
إن الله عز وجل قد أمر رسوله عليه الصلاة والسلام أن يستعيذ به من حضور الشياطين عند الموت ، والأمر لأمته ، لأن الشياطين يحضرونه. فقال تعالى في سورة المؤمنون الآية (97):
(وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ).
وليعلم كل مؤمن ومؤمنة أن الخير يبقى وإن طال الزمان به ، فإن لقن أخاه عند موته كلمة التوحيد ، سخر الله له من يلقنها له عند موته ، وأعانه على النطق بها ، وأعاذه من همزات الشياطين.
وأعلم أخي المسلم وأختي المسلمة – أن من داوم على ذكر الله تعالى بهذه الكلمة الطيبة ، ثبت الله قلبه بها في الدنيا والآخرة.
مصداقاً لقوله تعالى في سورة إبراهيم الآية (24 ، 25):
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(25).
ثم يقول جل شأنه في الآية (27) من نفس السورة:
(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ).
فأكثروا من ذكر الله حتى يثبت قلبك على التوحيد الخالص فتلقى الله موحداً غير مشرك به فتفوز فوزاً عظيماً.
كما يُلقن المؤمن الشهادتين عند الإحتضار يلقن الشهادتين بعد دفنه بدليل ما جآء في هذه الوصية ، فإن قوله – صلى الله عليه وسلم: (لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله) يشمل بعمومه الحالتين ، فيستحب أن يقف الملقن عند رأسه ويقول له: يا فلان ابن فلان أو يقول ياعبدالله ابن أمة الله ، أذكر العهد الذى خرجت عليه من الدنيا: (شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق ، وأن الساعة لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأنك رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً ، وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – نبياً ، وبالقرآن إماما والكعبة قبلة وبالمؤمنين إخواناً).
والدليل على أن التلقين مستحب في حالة الإحتضار وعقب الدفن ما أخرجه الطبراني في الكبير عن أبي أُمامه – رضي الله عنه – أنه قال وهو في النزع الأخير: إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: (إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل: (يا فلان ابن فلانة فإنه يسمعه ولا يحيب ، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة فإنه يستوى قاعداً ، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة فإنه يقول: أرشدنا رحمك الله ، ولكن لا تشعرون فليقل: إذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأنك رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ، وبالقرآن إماماً ، فإن منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته ، فيكون الله حجيجه من دونهما).
قال رجل: يا رسول الله فإن لم يعرف أمه؟
قال: (فلينسبه إلى حواء : يا فلان ابن حواء).
وأعلم أن دعاء الأخ لأخيه في هذا الوقت شفاعة له ، لأن الملائكة تُؤمن على دعائه فيكون دعاؤه مجاباً إن شآء الله ببركة تأمينهم عليه.
مصداقاً لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم في الحديث الذى أخرجه مسلم عن أم سلمة: (إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً ، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون).
(( والحمدلله رب العالمين ))