حديث: (ياموسى إن من عبادي من لو سألني الجنة..)

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد ،،،

          فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – في الحديث الذى أخرجه البخاري قال:  سمعتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول:  أوحى الله إلى موسى (يا موسى إن من عبادي لو سألني الجنة بحذافيرها لأعطيتُه إياها ، ولو سألني جراب سوطاً من الدنيا لم أُعطيه إياه ، وليس ذلك لهوان علي – ولكن لما أحبُ لهُ أن أدخره له من كرامتى وأحميه من الدنيا كما يحمي الراعي غنمه من مراعي السوء).

          يا موسى ما ألجاتُ الفقراء إلى الأغنياء لأن خزائني ضاقت بهم أو لأن رحمتي لم تسعهم لا ، ولكن لأني فرضت على الأغنياء للفقراء ما يسعهم ، وبلوت الأغنياء بالفقراء ، فإن هم أكرموهم وإن هم أعطوهم أتممت عليهم نعمتي وضاعفت لهم الحسنة الواحدة بعشر أمثالها ، (يا موسى كن للفقير حصناً وكن للضعيف كنزاً وكن للمستجير غيثاً ، أكن لك في الشدة صاحباً وفي الوحدة أنيساً). وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

بمعنى:

          ربُ العزة يقول لكليمه:  يا موسى فيه ناس من عبادي لو سألنى الجنة بحذافيرها أعطها لهم – لو قال:  اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل – وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل ، هذا دعاء للنبى – صلى الله عليه وسلم – ممكن أستجيب له ، الجنة الغالية التى فيها الخيرات والبركات كلها والتى فيها النعيم المقيم وفيها ما هو أعلى وأغلى من ذلك وهو النظر إلى وجه الله تعالى.

بحذافيرها:     بجميع من فيها.

          ولكن لو سألني جراب سوط – الكيس الذى يحفظ الكرباج مثل جراب القلم حاجة ضعيفة وحقيرة لا أعطه لماذا؟

          لأن الجنة من طلبات الآخرة أما جراب السوط من طلبات الدنيا – الله يدخر للمؤمن من الكرامة في الآخرة ليعوضه عن الفقر في الدنيا.

          ويقول له أنا كنت حرمك من النعيم في الدنيا وحرمك من الطعام كذا والشراب كذا واللبس كذا والسكن كذا – فاليوم أُعوضك عن كل هذا ولأني أُريد أن أحميك من الدنيا كما يحمى الراعي غنمه من مراعي السوء.

بمعنى:

          الراعي لو رأى من ضمن النبات نبات يضُر مثل الحنظل ، لو الحيوان أكلها تنتفخ بطنه فالراعي يقطع هذه الحشائش الضارة أو يأخذ غنمه بعيداً عنها.

          أطلب من الله أن يرزقك قبل الموت هداية وعند الموت روح وراحة ، وبعد الموت إكراماً ونعيماً.

          لأني أُريد أن أحمى عبدي المؤمن كما يحمي الراعي غنمه من مراعي السوء.

ملخص الفقرة الأولى:

          إن نرى بعض المؤمنين الكاملين فيه كمال وفيه تقوى وفيه صلاح ليل نهار يقول:  (1) يارب هون بطلوع الروح ، (2) يارب خفف عني سكرات الموت ، (3) يارب الجنة ، (4) يارب أختم لنا بالإيمان ، (5) يارب أجعل قبري روضة من رياض الجنة.

          كل هذه الدعوات فعلاً تُسجل عند الله كما طلبها.

          الدنيا كل ما تقل في يدك – كل ما تكون أسلم لقلبك ، لا يوجد إنشغال عندك وقت تنشغل بالله – وعندك وقت تعبد الله عكس الآخرين الذين قالوا:  (شغلتنا أموالُنا وأهلُونا فأستغفر لنا).  سورة الفتح الآية (11).

          مشغولين بالعيار والأموال والعائلة.  فعلاً ولكن الفقير الله جاب الله أخذ الله عليه العوض ، ليس عنده حاجة تلخمه.

الفقرة الثانية:

          يا موسى ما ألجأتُ الفقراء إلى الأغنياء لأن خزائني ضاقت بهم أو لأن رحمتي لم تسعهم (حاش لله) لماذا جعلت الفقراء يمدوا أيديهم للأغنياء؟

          ليس من أجل أن خزائني نفذت أبداً – رحمتي وسعت كل شئ حتى إبليس قال الله له:  أنا لا أعذبك إلا في الآخرة – آخر عنه العذاب في الدنيا – ولقد أبتلى الفقراء بالأغنياء (وجعلنا بعضكم لبعض قتنة) ، كيف يكون الغنى فتنة للفقير؟.

          الفقير يحسد الغني على الذى هو فيه – كما قال الله تعالى في سورة القصص على لسان الفقراء الآية (79):

          (يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

 

 

اترك تعليقاً