خلق آدم عليه السلام

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام علي نبينا محمد إمام الأنبياء وسيد المرسلين, والذين اتبعوا النور الذي أنزل معه فكانوا بحق مشاعل للهدي ومنارات للعلم والمعرفة, ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين.

 

أما بعد

فنبدأ بأول الأنبياء والمرسلين آدم عليه السلام. تبدأ القصة في حوار سماوي عظيم بين الرب عز وجل والملائكة (“وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِيالْأَرْضِ خَلِيفَةًۖ.)..”

الخليفة: هو نائب عن الله

أراد الله أن يجعل خليفة يحكم الأرض ويعمرها , مصداقاً لقوله تعاليهُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهاقالت الملائكة :” قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَك

س: لماذا قالت الملائكة هذا الكلام؟        

بعد ما رأوا من خلق الجن ففسقوا وسفكوا – والآن سوف يخلق الله خلقاً آخر في الأرض لعله يفسد كما فسد الجن.

وخافت الملائكة أن يكونوا قصروا في عبادة الله عز وجل ثم تحدثت الملائكة فيما بينهم:” ليخلق الله مايشآء من الخلق إلا كنا أكرم علي الله منه وأعلم”

خلق آدم :

لما أراد الله أن يخلق آدم فأمر بتربة من الأرض فرفعت إليه مصداقاً لقوله صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده والترمذي وابن حبان , قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض , فجآء بنو آدم علي قدر الأرض جآء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك , والخبيث والطيب والسهل (طبعه رقيق) والحزن (طباعه جافة وشديدة) وبين ذلك)

فأختلاف البشر وأشكالهم وألوانهم وطباعهم هو من أصل أختلاف الأرض من ألوانها وطباعها وخلقتها.

وهذا الخلق بدأ بهذا التراب ثم بل التراب فجعل طين, وجآءت الآيات أنه خلق من تراب (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ“)

ثم بلل الطين أكثر فبدأ هذا الطين يتلاصق (من طين لازب) يلصق بعضه ببعض ثم شكله الله بيده الكريمة مصداقاً لقوله تعالي :”قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنتَسْجُدَلِمَاخَلَقْتُبِيَدَيَّ” إن الله عز وجل خلق آدم وصوره بنفسه فشكلهُ في صورة تمثال – وترك هذا الطين مدة حتي يجف فصار صلصال أسود مصداقاً لقوله تعالي في سورة الرحمن في الآية 11 “خلق الإنسان من صلصال كالفخاروكذلك قال عز وجل “( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان مِنْ صَلْصَال مِنْ حَمَأ مَسْنُون”)

شكل آدم: أخرج الإمام البخاري والإمام أحمد بن حنبل “( خلق الله آدم وطوله ستون ذراع (45متر) يقول النبي صلي الله عليه وسلم – فما زال الخلق ينقص منذ ذلك) أول الخلق وأطول الخلق هو آدم عليه السلام , وأهل الجنة كلهم بطول آدم (ستون ذراع)”

الحديث الثاني : جآء في حديث يرويه الإمام أحمد في مسنده ويتفرد به: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:” إن طول آدم ستون ذراع وعرضه سبعة أذرع” (525سم)

=الحديث الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما لما يرويه الطبريأمر الله تعالي بتربة آدم فرفعت فخلق آدم من طين لازب, من حمأ مسنون – فخلق منه آدم بيده فمكث أربعين ليلة ملقي ما فيه الروح , ومرت الملائكة بآدم قبل دبيب الروح فيه وهو صلصال ففزعوا منه, وكان أشد من فزع هو إبليس فكان يمر به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار فيقول إبليس: لأمر ما خلقت , ثم يدخل من فيه (فمه) ويخرج من دبره”

ومن أولها وقعت العداوة بين آدم وأبليس.

ثم نفخ الله تعالى الروح في آدم وجآءت الآيات ) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)

تفصيل نفخ الروح في آدم كما جآء في الحديث :

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “( لما نفخ فيه الروح, ودخل الروح في رأسه فعطس عليه السلام, فقالت الملائكة قل: الحمد لله – فقال الحمد لله , فقال الله عز وجل رحمك ربك (نزلت عليه الرحمة قبل إكتمال الروح) فلما دخل الروح في عينه ونظر إلي ثمارالجنة فبدأ يتأمل في الثمار ، فلما وصلت الروح إلى جوفه أشتهى الطعام ، ولما وصلت الروح إلى رجل آدم وقف

قال له الله عز وجل: إن هؤلاء النفر من الملائكة فقل: السلام عليكم.

ذهب آدم إليهم وقال: السلام عليكم, فقالوا: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته, فقال الله عز

وجل: (هذه تحيتك وتحية ذريتك)

علم الله سبحانه وتعالي آدم , ياترى أي شئ علمه؟

قال ابن عباس: (علمه اسم كل شئ , هذا بحر, هذه دآبة , هذه شجرة, كل شئ , ثم علمه الله

سبحانه وتعالي صنعة كل شئ :”صناعة النار , الحديد , الخشب, بدايات علم عظيم.

الله سبحانه وتعالي رفع آدم ليس فقط بالشكل والخلق وإنما أيضاً بالعقل والحكمة .

مصداقاً لقوله تعالي في سورة البقرة الآية 31 ,32 (“وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّمَاعَلَّمْتَنَاإِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(32))

ماذا قالت الملائكة عندما خلق الله آدم؟          

قالت الملائكة ليخلق ربنا مايشآء, فو الله لن يخلق خلقاً إلا نكن أكرم علي الله منه وأعلم

فبين الله لهم إن آدم أكرم منهم وأعلم (أكرم لما أمرهم بالسجود له فسجدوا سجود تكريم وليس سجود عبادة وسجود التكريم كان جائز ثم صار حرام) والآن بين الله لهم إن آدم أعلم منهم :” قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْۖ” فبدأ آدم عليه السلام يسمي لهم كل شئ فلا يخطئ يقول الله تعالي في سورة ص الآية  إذ قال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ “(74)

أول المعاصي التكبر:

ولذلك قال العلماء: كل المعاصي أصلها الكبر والغرور, ولذلك جآءت الأحاديث للإنذار الشديد علي قضية التكبر.

مصداقاً لقوله صلي الله عليه وسلم “( لايدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر)

خلق حواء:

عاش آدم فترة في الجنة ولكنه عاش وحيداً فستوحش كما جآء في الأحاديث , فأصابه الضجر (الضيق) ففي أحد الأيام بينما هو نائم أخذ الله سبحانه وتعالى ضلع من أضلاعه من جهة اليسار فشكل منه حواء وكسي هذا العظم لحم.

مصداقاً لقوله تعالي في سورة الزمر الآية 6 (“خلقكم من نفس واحدة )فلما أفاق آدم وجد أمرأة عنده فسألها من أنت؟ قالت: امرأة ,قال: لما خُلقتي؟ قالت: لتسكن إلي.

فالملائكة شاهدوا هذه المرأة تكلم آدم , رءوا مخلوق جديد فقالوا ما أسمها؟ فقال آدم: حواء. علمه الله أسمها.

قالوا: لم حواء؟ قال: إنها خلقت من شئ حي.

روي أن الملائكة سألته عن ذلك لتجرب علمه , وأنهم قالوا له: أتحبها ياآدم؟ قال: نعم

قالوا لحواء: أتحبينه ياحواء؟ قالت : لا, وفي قلبها أضعاف مافي قلبه من حبه.

وجآءت الأحاديث الصحيحة في قصة سارة عليها السلام زوجة سيدنا إبراهيم عليه وعلي نبينا أفضل الصلاة وأزكي السلام “( إنها كانت أجمل نسآء العالمين بعد حواء”)

ففي هذا الحديث إشارة إلي أن حواء كانت أجمل إمرأة خلقت منذ الخلق إلي يوم القيامة.

 

                               ( والحمد لله رب العالمين )

 

                                                      

اترك تعليقاً