درس الصبر في غزوة أحد .

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،

          فكان من ضمن الذين خرجوا لغزوة أحد من النسآء نُسيبه بنت كعب (أم خلاد).

          كان جزائها من الله أن يموت من بيتها سبعة ربنا كل ما يحب واحد يبتليه – كل الأسرة – لم يبق لها لا أباً ولا زوجاً ولا أخاً ولا ولداً كلهم استشهدوا (4 أولاد) في المعركة.

          من المنظور نقول:  هذه المرأة لا يمكن أن تعيش يوم واحد بعدهم.

          النسآء اليوم ضعفاء الإيمان.  إذا كانت واحدة تربي فراخ ومات منها كتكوت تصاب بالعصبي – لو كوب ينكسر تكون حزينة ثلاثة أيام.

(1)            يقابلها الصحابي ويقول لها:

يانسيبة عظم الله أجرك – أبوك مات – وهى تحمل القربة على صدرها وتأتي بها من الأبيار البعيدة لكي تملى الأزيار.  قالت له:  يا أباهريرة تخبرني عن أبى ولا تُطمنني على رسول الله.  قال:  الرسول فسالم – فقالت:  إنا لله وإنا إليه راجعون وهي تمشي لأنها عارفة أن المصابين محتاجين للمآء.

(2)            فقابلها صحابي آخر وقال لها:

عظم الله أجرك في زوجك – الزوج يصعب كثير.  قالت:  إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خير منه ، ولكن ماذا صنع رسول الله.  قال الصحابي:  إنه هو سالم.

(3)            جآء صحابي آخر وقال لها:

عظم الله لك الأجر في أخوك – زيد أستشهد.  قالت:  إنا لله وإن إليه راجعون اللهم أجرنا في مصائبنا.

(4)            لم يعرف أن الناس قد لغوا إليها أبوها وزوجها وأخوها:

قال لها يا أم خلاد:  استرجعي واحتسبي عندالله أولادك الأربعة الضنى صعب – فلذة الأكباد..  الإيمان أعلى من الآلام – لم تقل شيئاً لم تذرف دمعاً – لم يعد عندها شئ – كل العائلة ذهبت .

          قالت:  كلكم تخبرونني عن أبي وعن أخي وعن زوجي وعن أولادي ، ما أحد منكم يُطمئني عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

          قالت:  تبقى المعركة شديدة – لابد أن أراه بنفسي – فألقت بالقربة وذهبت إلى مكان النبى – صلى الله عليه وسلم – لازم أطمئن.

          الرسول إفتكر أن المرأة قد جُنت لما عائلتها كلها راحت فهو يعذرها فقال:  افسحوا لها الطريق – تعمل ما يبدي لها .

          فلما رأت الرسول – صلى الله عليه وسلم – طافت حوله كما يطوف الناس حول الكعبة حتى تطمئن – ثم وقفت أمامه وقالت:

          طوفت حولك حتى أرى هل أصابك خدش في بدنك أو قطع في ثوبك وإذا بك سالم – ومادام أنت سالم كل مُصيبة بعدك هينة (أنت لا تعوض) الله أكبر  الله أكبر  الله أكبر.

          هل رأيتم مثل هذا الطراز المشرف – إيمان بهذه الهيئة.

          زوجها عمرو بن الجموح كان أعرج (الله يرضى عنه) واحد من الصحابة أُولاده قالوا له أنت معذور – لا تخرج للحرب ونحن الأربعة خارجين للقتال – قال:  أنتم أولى بالجنة مني – وأصر على الخروج.  وذهبوا الأولاد وأشتكوا أبوهم لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولكنه أصر على دخول المعركة والله سبحانه وتعالى قال :  (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) الآية (17) سورة الفتح.

          وقالوا يارسول الله:  إن أبانا لا يعرف يمشي.  قال النبي – صلى الله عليه وسلم:  (ياعمرو بن الجموح إن لك عذرك).

قال عمرو بن الجموح:  أنا أعلم أن الله عذرني عدلاً منه وإنصافاً ولكن لو ربنا قال لا تصلوا السنة وأنت مريض وأنا صليتها – يغضب علي؟  قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  لا ويزيدك فضل ، ربنا قال المريض لا يصوم وأنا صمت –  (وإن تصوموا خيراً لكم).    ربنا رفع عني الجهاد ولكني سوف آتي معكم لأنه لا يتخلف عن المعركة إلا النسآء والصبيان – حتى بعض النسآء خرجت للعمل في المعركة وأنا أمكث في المدينة – الناس سوف تُعيرني.

          فقال النبى – صلى الله عليه وسلم:  لأولاده  أتركوه….

          عمرو بن الجموح وهو خارج للقتال قال:  (اللهم لا تردني سالماً وارزقني في سبيلك الشهادة )

          يارب لا تشمت في أحد وأظهر لهم بطولتي وشهامتي – فلما استشهد في المعركة قالت أم خلاد:  أنقل زوجي وأخي وأبويا وأولادي للبقيع ، قال الرسول – صلى الله عليه وسلم:  (اذهبي أعانك الله).

          وأنتم كما تعلمون الشهيد لا يُغسل ولا يصلى عليه – لأنه مستغنى عن الغسل والصلاة – وأن الشهيد حي عند الله يرزق.

والحديث يقول:

          عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (لما أُصيب أخوانكم بأُحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خُضر ، تُرد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش – فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا:  من يبلغ أخواننا عنا أنا أحياءُ في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد – فقال الله سبحانه:  أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله تعالى الآية (169) آل عمران:

(وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)

(وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ)(154) البقرة.          لماذا؟

          قالت أم خلاد:  أنا أبدأ بحمل زوجي لأنه (1)  كان أعرج غلبان ، (2) وقد أصر على الحرب ، (3) ويعز علي موته –  إن زوجي قبل أخي وأبي وأولادي وضعته على الناقة – ولكن الناقة لم تتحرك ناحية المدينة والبقيع ولكن إذا حولتها إلى أي جهة أخرى تمشي.

          فذهبت إلى رسول الله وقالت:  الناقة لا تريد أن تمشي.  فقال النبى – صلى الله عليه وسلم:  إنها لن تمشي ، قالت:  لماذا؟  فقال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (زوجك قال اللهم لا تردني سالماً).  فقد حبسها حابس الفيل – الإله الذى حبس الفيل عن الكعبة (جيش إبرهه …) هو الذى حبسها – فإن الله قد استجاب دعوته (لا يرده إلى المدينة).

          قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:

          (إن من عباد الله من لو سأل الله لستجاب له ومنهم عمرو بن الجموح).  فدفنيه بجوار عمي حمزة (مذار شهداء أحد)  ثم دفنت أبوها أيضاً بجوار حمزه بن عبدالمطلب – (تبقى خمسة) اثنين في الجانب الأيمن وأثنين في الجانب  الأيسر وأخوها في الوسط وغطتهم.

          وهى تسير وسحبه الجمل وهى تترنم بالقرآن – بالتجويد والترتيل الصحيح.

          السيدة عائشة عندما سمعت إشاعة موت النبى – صلى الله عليه وسلم – الذى أشاعها ابن قمئة لعنه الله – فتركت القربة وجآءت تجرى فأول من قابلها أم خلاد ، قالت عائشة:  من أين آتيت يا أم خلاد.

          قالت أم خلاد:  من أرض المعركة – قالت عائشة:  متى؟  قالت أم خلاد: الآن – ثم قالت الرسول بخير والله كذب من أدعى أن الرسول قُتل – ثم قالت:  لقد طوفت حول الرسول كما يطوف الناس حول الكعبة فلن يخدش له بدن ولم يقطع له ثوب – ارجعي لعملك (أحضري الماء).

          فقالت عائشة:  ما الذى تحمليه؟  قالت أم خلاد:  هو زاد الآخرة.  فقالت عائشة: ظننت أنه طعام.  فقالت عائشة:  أنا أم المؤمنين فقد أقسمتُ عليك أن تتكلمي.  فقالت أم خلاد:  الجانب الأيمن ابني فلان وفلان – والجانب الأيسر ابني فلان وفلان – وفي الوسط أخي ، أما زوجي وأبي فقد دفنتهم بجوار حمزه بن عبدالمطلب في أرض المعركة.

          قالت عائشة:  (فلما سمعتُ هذا وقف شعر رأسي من الرعب).

          قالت أم خلاد:  أكرمني الله بالشهداء وهو القائل (ويتخذ منكم شهداء).

          مادام يتخذ    هو ينقي – أنا من ضمن الذين نقاهم الله.  فأنا أفرح بهذا الاصطفاء.

          قالت عائشة:  (فمازلت أعرف لأم خلاد قدرها).

          بعد غزوة أُحد بسنة أو سنتين    كل واحد به مُصيبة يذهب إلى السيدة عائشة ويقول: أنا حصل لي كذا ابني الوحيد مات- أو تذهب إليها المرأة وتقول لها أن زوجي مات.

          فتقول عائشة – رضي الله عنها وأرضاها:

          (سبحان الله اضطربتم وجزعتم من حدث واحد فذهبوا وتعلموا الصبر من أم خلاد).

شوفوا المرأة التى مات لها سبعة في يوم واحد – وتبحث عن الرسول لكي تطمئن عليه ثم تحملهم بنفسها لكي يدفنوا في البقيع وهي تترنم بالقرآن.

                                                     ( والحمد لله رب العالمين)

 

 

اترك تعليقاً