قصة الإفك

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فلم تسترح نفوس المنافقين من الكيد للإسلام ، على المسلمين حتى استهدفوا صاحب الرسالة العظمى (محمد بن عبدالله) صلوات الله وسلامه عليه ، فرموه في أقدس شئ ، في عرضه المصون ، وأهله الطاهرة البريئة ، السيدة عائشة بنت الصديق – رضي الله عنها – وأشاع ذلك الإفك (الكذب) المفترى المزعوم  رأس المنافقين (عبدالله بن أُبى بن سلول) لعنه الله ، الذى كاد للإسلام ولرسوله الكريم حتى أهلكه الله تعالى ، وخلص المسلمين من شره.

          هذا الحادث – حادث الإفك.

(1)قد كلف أطهر النفوس في تاريخ البشرية كلها آلاماً لا تطاق ، (2) وكلف الأمة المسلمة كلها تجربة من أشق التجارب في تاريخها الطويل ، (3) وزرع في بعض النفوس الشك والريبة والقلق ، (4) وعلق قلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقلب زوجه عائشة التى يحبها ، وقلب أبي بكر الصديق ، وقلب صفوان بن المعطل شهراً كاملاً.  وجعلهم في حالة من الألم الذى لا يطاق حتى نزل القرآن:  (1) ببراءة زوج النبى ، الطاهرة العفيفة الشريفة ، (2) وببراءة ذلك المؤمن المجاهد المناضل (صفوان) ، (3) وإدانة أهل النفاق ، وحزب الضلال وعلى رأسهم (عبدالله بن أبى بن سلول) بالتآمر على بيت النبوة ، وترويج الدعايات المغرضة ضد صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام ، وأختلاق الإفك والبهتان ضد المحصنات الغافلات المؤمنات.

          ومن المؤسف ..

          أن يغتر بهذه التهمة النكراء بعض المسلمين ، وأن يتناقلها السذج البسطاء منهم ، وهم في غفلة عن مكائد المنافقين فيقع في حبائل هذا الإفك والبهتان أُناس مؤمنون مشهورون بالتقى والصلاح.  كأمثال:  (مسطح بن أثاثة) الذى شهد موقعة بدر – (وحسان بن ثابت) و (حمنة بنت جحش) أخت السيدة زينب بنت جحش زوج النبى الكريم.

القصة على لسان أم المؤمنين عائشة:

          روى الإمام البخاري ومسلم في (صحيحيهما) عن الزهرى عن عروة عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت:  كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتُهن خرج سهمها خرج بها معه – وإنه أقرع بيننا في غزوة بني المصطلق – فخرج سهمي.  فخرجت معه بعدما أنزل الحجاب ، وأنا أحمل في هودج.  فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من غزوته تلك ورجع ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل ، فلما قضيت من شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع فرجعت فألتمسته.

          وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلونني فاحملوا هودجي فرحلوه على بعيري وهم يحسبون أني فيه.  وكان النسآء إذ ذاك خفافاً لم يثقلهن اللحم – وساروا ، فوجدت عقدي فجئت منزلهم وليس فيه أحد منهم وظننت أنه سيفقدونني فيرجعون إلي.  وقالت:  (حسبي الله ونعمة الوكيل).

          فبينما أنا جالسة غلبتني عيناي فنمت ، وكان (صفوان بن المعطل السُلمى) كان يمشي وراء الجيش فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني فعرفني حين رآني – وكان يراني قبل الحجاب – فأستيقظت باسترجاعه (إن لله وإنا إليه راجعون) والله ما كلمني بكلمة ، وهوى حتى أناخ راحلته – فانطلق يقود بي الراحلة – حتى أتينا الجيش في آخر الليل.

          قالت:  فهلك في شأني من هلك ، وكان الذى تولى كبر الإثم (عبدالله بن أُبى بن سلول) فقدمنا المدينة فاشتكيت بها شهراً ، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ولا أشعر  .

          والذى يجعلني أشك وأرتاب في وجعي أني لا أرى من النبى – صلى الله عليه وسلم – اللطف الذى كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل فيسلم ثم يقول:  (كيف تيكم؟) ثم ينصرف حتى نقهت.

          فخرجت أنا وأم مسطح إلى متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلاً إلى الليل – وذلك قبل أن نتخذ الكنُفُ.

          فأقبلت أنا وأم مسطح وهى خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح حتى فرغنا من شأننا نمشي ، فعثرت أم مسطح في مرطها (كساء من صوف أو كتان) فقالت:  تعس مسطح (ربنا يقطع مسطح) فقلت لها:  بئس ما قلت ، أتسبين رجلاً شهد بدراً ؟

          فقالت:  ألم تسمعي ما قال؟  فقلت:  وما قال؟  فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فأزددت مرضاً إلى مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي دخل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: (كيف تيكم؟) فقلت:  ائذن لي أن آتي أبوي – وأنا حينئذ أريد أن استيقن الخبر من قبلهما – فأذن لي فأتيت أبوي فقلت لأمي: (يا أمتاه ماذا يتحدث الناس به؟) فقالت:  يا بنية هوني على نفسك الشأن فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة (ذات حسن وجمال) عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها ، فقلتُ:  سبحان الله ولقد تحدث الناس بهذا؟.

          قالت:  فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرفأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، ثم أصبحت أبكي ..

          فدعا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (على بن أبي طالب وأُسامة بن زيد – رضي الله عنهما) يستشرهما في فراق أهله ، قالت:  فأما أسامة فقال:  هم أهلك يارسول الله ، ولا نعلم والله إلا خيراً.  وأما علي بن أبي طالب فقال:  يارسول الله لم يضيق الله عليك والنسآء سواها كثير ، وسل الجارية تخبرك ، قالت: فدعا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (بريرة) فقال لها:  هل رأيت فيها شيئاً يريبك؟  فقالت: لا والذى بعثك بالحق نبياً إن رأيت منها أمرا أعيبه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الدواجن فتأكله .

          قالت عائشة:  سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زينب بنت جحش عن أمري فقال: (يا زينب ما علمت وما رأيت؟)

بمعني:  بما تشهدين أمام الله على عائشة؟  فقالت يارسول الله:  أحمى سمعي وبصري ، والله ما علمت عليها إلا خيراً.  وقالت عائشة:  وهى التى كانت تساميني من أزواج النبى – صلى الله عليه وسلم – فعصمها الله تعالى بالورع.

          قالت عائشة:  فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من يومه فقال وهو على المنبر:  (من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي؟  فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً..  ولقد ذكروا لي رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي.) . فقام (سعد بن معاذ) (سيد الأوس) فقال:  يارسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك).

          فقام (سعد بن عبادة) وهو سيد الخزرج –  وكان رجلاً صالحاً ولكن أخذته الحمية فقال لسعد بن معاذ:  كذبت لعمرُ الله لا تقتله ولا تقدر على ذلك.

          فقام (أُسيد بن حُضير) وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة:  كذبت لعمرُ الله لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل في المنافقين.

          فثال الحيان (الأوس) و(الخزرج) حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – على المنبر ، فلم يزل يخفضهم (يهدئهم ويأمرهم بخفض الصوت) حتى سكتوا ونزل.

          فقالت عائشة:  (وقد بكيت ليلتين ويوماً حتى أظن أن البكاء فالق كبدي ، استأذنت امرأة من الأنصار ، فأذنت لها ، فجلست تبكي معي).

          فبينما نحن كذلك إذ دخل علينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم ، ثم جلس – وقد مكث شهراً لا يوحي إليه في شأني بشئ فتشهد حين جلس ثم قال: (أما بعد فإنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله تعالى ، وإن كنت ألممت بذنب ، فاستغفري الله تعالى وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه).

          فلما قضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مقالته جف ونشف دمعي حتى ما أحس منه بقطرة ، فقلت لأبي:  أجب عني رسول الله – صلى الله عليه وسلم فيما قال!!  قال:  والله ما أدري ما أقول لرسول الله.  فقلت لأُمي: أجيبي عني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما قال!!  قالت:  والله ما أدري ما أقول لرسول الله.  فقلت:  إني والله أعلم أنكم سمعتم حديثاً تحدث الناس به ، واستقر في نفوسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم:  إن بريئة لا تصدقوني بذلك ، ولئن إعترفت لكم بأمر ، والله يعلم أني منه بريئة لتصدقُنني ، فوالله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف إذ قال:  (فصبرُ جميل ، والله المستعان على ما تصفون). يوسف (18).

          ثم تحولت فاضطجعت على فراشي ، وأنا أعلم أني بريئة وأن الله تعالى مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل الله تعالى في شأني وحياً يتلى ، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله تعالي في كلاماً تبلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في النوم رؤيا يبرئني الله تعالى بها.

          فوالله ما نهض من مجلسه ، ولا خرج أحد من البيت ، حتى أنزل الله تعالى على نبيه – صلى الله عليه وسلم – فأخذه ما كان يأخذه من (شدة الحمى) والمراد هنا شدة الكرب من ثقل الوحي فسرى (ذهبت عنه الشدة) عنه وهو يضحك …

          فكان أول كلمة تكلم بها أن قال لي:  (ياعائشة أحمدي الله تعالى فإنه قد برأك).

          فقالت لي أُمي:  قومي إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأحمديه فقلت: والله لا أقوم إليه.  ولا أحمد إلا الله تعالى ، هو الذى أنزل براءتي.

          فقال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (فقد عرفت الفضل لأهله).

          فأنزل الله تعالى من الآية (11 – 21) الآيات العشر وقال ابن شهاب:  فهذا ما انتهي إلينا من أمر هؤلاء الرهط.                    رواه البخاري ومسلم

          ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم الآيات (11 – 21):

(إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12) لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)َعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ (20) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21).

          جآءوا بأسوأ الكذب  =  الإفك.

معنى الشر:  ما غلب ضرره على نفعه ، الخير:  ما غلب نفعه على ضره ، والشر المحض النار يوم القيامة ، والخير المحض الجنة دار الأبرار.

          وأشنع صور البهتان وهو قذف عائشة بالفاحشة ، قال الفخر الرازي:  الإفك أشد ما يكون من الكذب والإفتراء – والذى جآء بهذا الإفك (عُصبة منكم جماعة وعلى رأسهم ابن سلول – عصابة أثم وجبن ونفاق وإشاعة).

          ولا تظنوا هذا القذف والإتهام شراً لكم يا آل أبى بكر (بل هو خير لكم) لما فيه من الشرف العظيم بنزول الوحي ببراءة أم المؤمنين.

          وهذا غاية الشرف والفضل قال المفسرون:

          الخير في ذلك من خمسة أوجه:

(1)            تبرئة أم المؤمنين.

(2)            وكرامة الله لها بإنزال الوحي في شأنها.

(3)            والأجر الكبير لها من الفرية عليها.

(4)            وموعظة المؤمنين.                  (5)   والإنتقام من المفترين.

لكل فرد من الجماعة (العصابة) الكاذبة جزاء ما اجترح من الذنب على قدر خوضه فيه – والذى تولى معظمه وأشاع هذا البهتان هو (عبدالله بن أُبى بن سلول) رأس المنافقين الذى قال:  والله ما نجا منها وما نجت منه – وقال:  امرأة نبيكم باتت مع رجل.  عندما رأى صفوان آخذاً بزمام ناقة عائشة.

المشهور من الأخبار والمعروف عند العلماء أن الذى حُد حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثه وحمنة بنت جحش ولم يُسمع بحد لعبدالله بن أُبى (ثمانين جلدة) وهو حد الفرية والكذب على المؤمنات.

قال علماؤنا:

وإنما لم يُحد عبدالله بن أُبي بن سلول لأن الله تعالى قد أعد له في الآخرة عذاباً عظيماً ، فلو حُد في الدنيا لكان ذلك نقصاً من عذابه في الآخرة وتخفيفاً عنه مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة – رضي الله عنها – وبكذب كل من رماها فقد حصلت فائدة الحد ، إذ مقصوده إظهار كذب القاذف وبراءة المقذوف.

ويحتمل أن يقال:  إنما ترك حد ابن أُبى استئلافاً لقومه واحتراماً لابنه ، وإطفاءً لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك ،    وقد كان ظهر مبادئها من ســعد بن عبـــادة ومن قومــه

(الخزرج) والله أعلم.

الآية (12):

(لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ).

قال ابن كثير:  هذا تأديب من الله تعالى للمؤمنين في قصة عائشة حين أفاض بعضهم في ذلك الكلام السوء ، وهلا قاسوا ذلك الكلام على أنفسهم فإن كان لا يليق بهم فأم المؤمنين أولى بالبراءة منهم. وروى أن امرأة (أبى أيوب الأنصاري) قالت له:  أما تسمع ما يقول الناس في عائشة؟  قال:  نعم وذلك الكذب ، أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ قالت:  لا والله.     فقال:  فعائشة والله خير منك.      (مختصر ابن كثير ج 2 صـ 591)

المفروض أن يأتي هؤلاء المفترون بأربعة شهود يشهدون على ما قالوا فإن عجزوا عن ذلك فأولئك هُم المفسدون الكاذبون ، وفيه توبيخ وتعنيف للذين سمعوا الإفك ولم ينكروه.

ولولا فضل الله عليكم أيها الخائضون في شأن عائشة ورحمته بكم في الدنيا والآخرة حيث أمهلكم ولم يعاجلكم بالعقوبة.

وهذا عتاب من الله بليغ للذين خاضوا في الإفك.

وأنتم أيها الخاضون تظنون أنه ذنب صغير ليس يتبعه إثم ولكنه عند الله من أعظم الموبقات والجرائم لأنه وقوع في أعراض المسلمين.

وأخيراً:

(يا أيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان يا من صدقتم بالله ورسوله لا تتبعوا آثار الشيطان ولا تسلكوا مسلكه بإشاعة الفاحشة والإصغاء إلى الإفك والقول به فإن الشيطان يضل الإنسان ويغويه لأنه يأمر بالفحشاء والمنكر).

ولولا فضل الله عليكم أيها المؤمنون بالتوفيق للتوبة الماحية للذنوب ، وبشرع الحدود المكفرة للخطايا (حد القذف 80 جلدة).

والله بفضله ورحمته يطهر من يشآء بتوفيقه للتوبة النصوح وقبولها منه.

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً