\بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد،،،،
ففي ذى الحجة آخر شهر في السنة الثانية للهجرة تم زواج فاطمة من ابن عمها علي بن أبي طالب – هذا الزواج زواج مبارك باركته السمآء وباركه الرسول – صلى الله عليه وسلم – وجعل منه الذرية.
تسميتها بالزهراء النقية:
وفاطمة – رضى الله عنها – ثبت ما كان الله يُطيل زمن حيضها ولا نفاسها – وكانت نقية من نزول الدم – فكانت إذا ولدت تلد وبعد لحظات معدودة ينقطع الدم – فكانت تقوم تغتسل وتستأنف عبادتها حتى قالوا: (وضعت الحسين بعد أن صليت المغرب – رضى الله عنها – بعد المغرب جآءها الطلق فوضعت ، فما أذنت العشآء إلا أغتسلت وأنتهى زمن نفاسها).
وكان يؤتيها الحيض كل شهر – ما كان ينزل عليها دم – وذلك حتى تستمر عبادتها وتدوم طاعتها لله.
لقب فاطمة – رضى الله عنها – أم أبيها والزهراء:
وكانت أصغر بنات النبى – صلى الله عليه وسلم – النبى كما تعلمون خلف 4 بنات و 3 أولاد ذكور وتعلمون أيضاً أن الصغير دائماً يكون محبوب وكانت أحبهن إليه .
ولدت فاطمة حتى كانت الكعبة تُبنى وكان سن أبيها 35 سنة ولم يرسل الله نبياً إلا على رأس الأربعين.
… فالرسول لم يبعث بعد .. وكانت الوحيدة أم نسلة – (نسل أهل البيت).
وكما قال الله تعالى في سورة الأحزاب الآية (33):
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
الذكور ماتوا وهم صغر والبنات ماتوا وهم كبار بعد الزواج ولم يقدر منهم النسل وهذا امتياز لفاطمة.
لما حب الرسول أن يزوجها – كان أبوبكر الصديق قد خطبها فالرسول سكت والصديق لم يلح – وكذلك خطبها عمر فسكت الرسول – فعرفوا أنه ليس له رغبة – (فجآء في المجلس الذى فيه عمر وأبوبكر ولم يكن علي حاضر) ، وقال الرسول – صلى الله عليه وسلم: (إني أُريد أن أُزوج فاطمة علي على أن يصدقُها 400 درهم إن رضى).
وإذا بعلي داخل فقال النبى – صلى الله عليه وسلم: (يا علي أريد أن أُزوجك أبنتي فاطمة على أن تُمهرها 400 درهم فهل رضيت؟).
فقال يارسول الله: لا أملك شئ أُعطيها إياه؟
قال النبى – صلى الله عليه وسلم: (أين درعك الحطمية) بمعنى كل السيوف تتحطم عليه – الذى يلبس هذا الدرع ينجو من السيوف – وكان الرسول قد أعطاه أياه – (أعطيها هذا الدرع – يساوي 400 درهم).
… مهر فاطمة – رضى الله عنها – هذا الدرع.
لما عقد عليها والرسول – صلى الله عليه وسلم – شهد الصحابة وكان هناك واحد اسمُه (حارثة بن النعمان) كان صحابي جليل من الأنصار بسرعة ترك بيته وقال: يا علي قد تنازلت لك عنه.
فلما ذهب علي ليخبر فاطمة بالبيت قالت: ياعلي .. أترضى أن تأخذ أموال الناس بالخجل (الذى يُؤخذ بسيف الحياء حرام).
ربما تبرع لك خجلاً منك – فذهب إليه علي وقال له: متنازلين عن هذا وكان هذا إلهاماً من فاطمة وعزة نفس ، وأرادت ألا تدخل بيتاً إلا عن طيب نفس – هكذا المؤمن ورع.
فذهب علي وقال للحارثة: إن فاطمة تقول كذا. فقال حارثة: والله الذى لا إله إلا هو إن كل شئ أخذتموه مني أحبُ إلى مما تركتموه معي. أنتم الآن تكرموني أنا بقبولكم هذا المنزل …
فعلم عليُ أن حارثة صافي ومخلص في تبرعه – وذهب عليُ إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال إن حارثة ترك بيته لنا.
فقال النبى – صلى الله عليه وسلم: (أقبله فإنه مخلص).
كان سن فاطمة – رضى الله عنها – 15 / 18.
ولما عقد عليها عليُ قال له النبى – صلى الله عليه وسلم:
(يا علي لا تحدث حدثاً إلا إذا آتيتكما).
فجآء صلى الله عليه وسلم وتوضأ بالماء ، وأخذ الماء المستعمل وأفرغها عليهم هم الأثنين وقال:
(اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما واجعل منهما النسل الطيب).
وهذه دعوة صالحة تكون سُنة لنا نقولها للعروسين بعد العقد.
تعالوا نسمع شهادة زوجة أبيها عائشة:
سُئلت عائشة – رضي الله عنها – عن رأيها في فاطمة؟ قالت: (والذى فلق الحب والنوى ما رأيتُ خير من فاطمة سوى أبيها).
شوفوا طهارة القلب والإيمان والإخلاص ولا حقد ولا غل ولا غيرة …
قالوا يارسول الله من أفضل نسآء أهل الجنة؟
قال: (أفضلهم خديجة – فاطمة بنتُها – مريم بنت عمران – آسيا امرأة فرعون).
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (سيدة نسآء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسيا). هذا الحديث ذكره الأسيوطي في الجامع الكبير من رواية الطبراني عن ابن عباس.
وذات يوم ناداها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقال: يافاطمة (أعلمتي؟). قالت: أعلمني سبحان من علمك ما لم تكن تعلم – خير .. قال: (أعلمتي أن الله يرضى لرضاك ويغضبُ لغضبك).
نفس اللفظ لا يحتاج إلى تعليق.
لما نزل قول الله تعالى فى سورة الأحزاب الآية (33):
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
دعا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاطمة وعلي والحسن والحسين ثم غطاهم بالبُردة وقال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وتطهرهم تطهيراً) وكان هذا في بيت أُم سلمة – رضى الله عنها.
ومن العجب لولا ملبسها النسائي – كانوا لا يفرقوا بين مشيتها ومشيت رسول الله لو فرض أن لبست لبس الرسول تقول هو …. حتى أن الرسول يقول: (أشبه الناس بأبيها صوتاً ومشية).
وكان إذا رأها مقبلة قال: مرحباً بإبنتي ثم يجلسها عن يمينه ويجلسها على الفروة وهو يجلس على الرمل.
وقال النبى – صلى الله عليه وسلم : (ذات يوم علي أبوطالب وزوجه فاطمة وأبنهما الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم أنا حزب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم).
ومن ضمن العجائب كانت فاطمة تقشعر بدنها لما ترى واحدة وهم يحملونها إلى القبر ويحملوها على خشبة من الجريد مثل النقالة بالكفن فقط وفوق الكفن ثوب.
فاطمة الزهراء من شدة حياءها من الله كانت تقول:
(خير شئ للمرأة أن لا ترى رجلاً ولا يرها رجل والرسول قبلها ، وقال: ذرية بعضهم من بعض). تعيش طول عمرها سعيدة.
فدخلت عليها أسماء بنت عميس زوجة أبوبكر ، كان أبو بكر متزوج 2 في الجاهلية ، 2 في الإسلام – وفاطمة مريضة – قالت فاطمة: (يا أسماء ما أقبح أن يرى الناس المرأة وهي ملفوفة في ثوب قد يبُد شئ من جسمها وهي ذاهبة إلى التراب). والرجال هم الذين يحملون الجنازة.
قالت أسماء: أيام أنا ما كنت مهاجرة إلى الحبشة رأيتهم يحملون موتاهم من النسآء – أريك مثله – أحضرت جريد وثنتها وتشبكت ورميت فوق الجريد شئ على النقالة مثل الهودج – لا يستطيع أحد من الرجال أن يرى شئ.
قالت فاطمة: ما أطيب هذا يا أُمى أُوصيكي إذا مُت ألا تُشيع جنازتي إلا في هذا – وعندما ماتت صنع لها نعش مغطى.
حتى بعد الموت كانت خائفة من الله بأن يُرى من جسدها شئ. وليست مثل نسآء اليوم ماشية في الشارع فاتنة مائلة ملزلزة . وفي أحد الأيام نادت سيدنا علي وقالت: لا يُغسلني بعد موتي إلا أنت ..
وفي رواية: إنها أغتسلت غُسلاً طيباً مباركاً وصلت ركعتين ثم قالت لأسماء: إني قد أغتسلت وإني أشعر أني ملاقيه ربي الآن
– ثم اضطجعت متجهة إلى القبلة في صحن البيت ثم فاضت روحها إلى الله.
فلما جآء سيدنا علي قال: واجب على المسلم أن يغسل المسلم بعد موته بالغسل والكفن والصلاة عليه – ودفنه – ولا يكفى غُسلها وهى حية – وكانت قد أوصتني أن أُغسلها – وكانت أسماء تساعده تناوله الماء من بعيد وهو الذى غسلها.
والعلماء يقولون:
يجوز للمرأة أن تغسل زوجها كما غسلت أسماء زوجها أبوبكر ، ويجوز للرجل أن يغسل زوجته ، كما غسل علي زوجته فاطمة.
جهاز فاطمــة:
بعث أبوها معها خميلة – ووسادة حشوها ليف وراحتين – وسقائين – لكي تساعد زوجها ، ولم يتزوج عليها أبداً في حال حياتها ولكن بعد موتها تزوج أربع نسآء و11 أمة (جارية).
ويقول عليُ: دخلتُ على فاطمة ذات يوم فوجدت جسمها كله يعبد الله – وبين رجليها الرحاية وتعطي ابنها ثديها وهي تتلوا كتاب الله بلسانها وتفهمه بعقلها ، فلما يدها فقفقت من الرحاية قال لها عليُ: (يافاطمة جآء لأبيك خدم كثير من السبى ، إسأليه أن يعُطيك أحد لكي يريحك ويريحني).
فذهبت فاطمة إليه وخجلت أن تكلمه وعادت..
فقال علي: ماذا قلت له؟ قالت: (وجدت الأطفال يقرءون القرأن فاستحيتُ من الله أن أستخدم من يقرأ كتابه).
قال عليُ: ما فعلت شئ – وبعد صلاة العشآء جآءها رسول الله – وكانت الليلة شاتية – والبرد شديد – وكانوا نائمين تحت الخميلة – لما تنحنح الرسول أرادوا أن يقوموا فقال لهم: (أقسمت بالله عليكم ألا تقوموا) ، وجآء عند رأسهما ودخل رجليه وقال: (كل واحد منكم يدلك رجل) ، ثم قال: لما أتيت اليوم؟ قالت: أزورك.
فقال سيدنا عليُ: أنا رقبتي انقطعت من حبل القربة وفاطمة يدها فقفقت من الرحاية – وربنا رزقك بالسبى إعطنا طفل لكي يخدمنا.
قال النبى – صلى الله عليه وسلم: أمن أجل هذا أتيتي.. (يافاطمة إتقي ربك وأعمل عمل أهلك وسأدُلكم على خير من هذا بعد كل صلاة سبحوا عشرة – كبروا عشرة وحمدوا عشرة – ولما تأتي للنوم سبحي 33 – حمدي 33 – وكبري 34 فذلك خير لكم من خادم). قال عليُ: فوالله ما تركتها منذ أن سمعتها من رسول الله.
وفاطمة شهدت وقالت:
(من يوم قلتها بالليل أصبح ويدي فيها القوة وليس بها فقاقيع كأن خادم يخدمني وهذا سر من أسرار التسبيح عند النوم والتحميد والتكبير).
ذات يوم أشتد سيدنا عليُ على فاطمة فذهبت تشتكي لأبيها – قال لها: (يا فاطمة إتقى الله واسمعى لزوجك وأطيعي).
ثم رجعت إلى بيتها – فقال عليُ: أنا كنت سوف آتي لكي أحضرك. قالت: أبي الذى أرسلني – قال عليُ: ماذا قال لك؟ قالت: قال لي إتقي الله واسمعي لزوجك وأطيعي. قال عليُ: (هكذا – على عهد الله ألا أُذيك بكلمة قط).
رضى الله عن الجميع – رضى الله تعالى عن عليُ وعن فاطمة وعن الحسن والحسين وعن زينب وأم كلثوم ، وعن أهل بيت المؤمنين.
نحن مع محبتنا لأهل البيت..
لا نستغيث بهم ولا نتوسل ولا نُعطيهم فوق حقهم – فنحن نحبهم من أجل حب النبى – صلى الله عليه وسلم – لهم ونعتقد بأن الله وحده هو المدبر للأمر من السمآء للأرض وهو النافع وهو المعطي الجامع وهو الضار وهو المعز وهو المذل.
(( والحمدلله رب العالمين ))