(العربية) لماذا تزوج النبى عليه الصلاة والسلام أحدى عشر امرأة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلا ة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          قال الله تعالى في سورة الأحزاب الآية (50 : 52):

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا(50) تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا(51) لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا)(52).

          فقد أحل الله تعالى لنبيه – صلى الله عليه و سلم – صنوفاً من النساء ، صنفاً يدفع له المهر وصنفاً يتمتع به بملك اليمين (المملوكات) ، وصنفاً من أقاربه من نسآء قريش ، ونسآء بني زُهرة  (المهاجرات) وصنفاً رابعاً ينكحه بدون مهر (الواهبات) أنفسهن..

           وقد خص الباري جل وعلا رسوله الكريم في أحكام الشريعة بخصائص لم يشاركه فيها أحد ، وذلك توسعة عليه ، وتيسيراً له في نشر الرسالة وتبليغ الدعوة ، فتزوج صلى الله عليه وسلم بأكثر من أربع ، واختصاصه بنكاح الواهبات أنفسهن بدون مهر ، وعدم وجوب القسم عليه بين الأزواج ، كل ذلك خاص به صلوات الله عليه تشريفاً له وتكريماً ، وإظهاراً لمقامه السامي عند الله تعالى.

          روي مسلم في صحيحه عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: 

          (كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأقول: أما تستحي امرأة أن تهب نفسها لرجل!!  حتى أنزل الله تعالى:  (ترجي من تشآء منهن وتُؤى إليك من تشآء).

          فقلت:  (ما أرى ربك إلا يسارع في هواك).            رواه مسلم.

          (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا(50) تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا(51) لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا)(52).

          في هذه الآيات الكريمة:  يا أيها النبى إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي أعطيتهن مهورهن ، وأحللنا لك ما ملكت يداك من بنات عماتك ، وبنات خالك وبنات خالاتك ، اللاتي هاجرن معك ، وأحللن لك النسآء المؤمنات الصالحات اللاتي وهبن أنفسهن حباً في الله ورسوله ، ورغبة في التقرب لك إن أردت يا محمد أن تتزوج من شئت منهن بدون مهر خاصة لك يا محمد دون سائر المؤمنين ، فإنه لا يحل لهم التزوج بدون مهر ، ولا تصح الهبة ، بل يجب مهر المثل ، وأما أنت فقد خصصناك بخصائص تيسيراً لك ، لكيلا يكون عليك ضيق أو حرج ولك – أيها الرسول – أن تترك من زوجاتك من تشآء ، وتضم إليك من تشآء ، وتقسم لمن تشآء منهن ، فكان لا يجب عليه القسم بين زوجاته ، وكان النبى – صلى الله عليه وسلم – مخيراً في أزواجه ، إن شآء أن يقسم قسم ، وإن شآء يترك القسم ترك ، لكنه كان يقسم من قبل نفسه دون أن يفرض ذلك عليه تطيباً لنفوسهن ، وصوناً لهن عن أقوال الغيرة التى تؤدي إلى ما لا ينبغي.

          ذلك التخيير الذى خيرناك في صحبتهن أدنى إلى رضاهن إذ كان من عندنا لأنهن إذا علمن أن الفعل من الله قرت أعينهن بذلك ورضين.

          وكذلك لا تحل لك النسآء من غير المسلمات ، فأما اليهوديات والنصرانيات والمشركات فحرام عليك ، أى لا يحل لك أن تتزوج كافرة فتكون أماً للمؤمنين ولو أعجبك جمالها إلا ما ملكت يمينك.  وكان الله عليماً بما أنطوت عليه القلوب حليماً لا يعاجل بالعقوبة ، بل يُؤخر ويمهل لكنه لا يهمل.

هل كان عند النبى – صلى الله عليه وسلم – امرأة موهوبة؟

          ذهب أكثر العلماء إلى أن الهبة وقعت من كثير من النسآء ، وقد وردت روايات كثيرة في اسمآء الواهبات أنفسهن ، منهن (أم شريك) و(خولة بنت حكيم) و(ليلى بنت الخطيم).

قال ابن كثير:

          اللاتى وهبن أنفسهن للنبى – صلى الله عليه وسلم – كثير ، كما قال البخاري.

الحكمة من زواج النبى – صلى الله عليه وسلم – بأمهات المؤمنين الطاهرات:

أولاً:  السيدة خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها:

          وقد أختارها صلوات الله عليه لسداد رأيها ، ووفرة ذكائها ، وكان زواجه بها زواجاً حكيماً موفقاً ، لأنه كان زواج العقل للعقل ، ولم يكن فارق السن بينهما بالأمر الذى يقف عقبة في طريق الزواج ، لأنه لم يكن الغرض منه قضاء الشهوة ، وإنما كان هدفاً إنسانياً فمحمد رسول الله قد هيأه الله لحمل الرسالة وتحمل أعباء الدعوة ، وقد يسر الله تعالى له هذه المرأة التقية النقية العاقلة الذكية ، لتعينه على المضي في تبليغ الدعوة ، ونشر الرسالة ، وهي أول من آمن به من النسآء.

ثانياً:  السيدة سودة بنت زمعة – رضي الله عنها:

          فقد تزوجها بعد وفاة خديجة – وهي أرملة السكران بن عمرو الأنصاري ، والحكمة في إختيارها مع أنها أكبر سناً من رسول الله ، أنها كانت من المؤمنات المهاجرات ، توفى عنها زوجها بعد الرجوع من هجرة الحبشة الثانية ، فأصبحت فريدة وحيدة ، لا معيل لها ولا معين ، ولو عادت إلى أهلها – بعد وفاة زوجها – لأكرهوها على الشرك – فأختار – صلى الله عليه وسلم – كفالتها فتزوجها.

          وهذا هو منتهى الإحسان والتكريم لها على صدق إيمانها وإخلاصها لله ولرسوله.

ثالثاً:  السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنها:

          تزوجها عليه الصلاة والسلام وكانت بكراً ، وهي البكر الوحيدة من بين نسآئه الطاهرات فلم يتزوج بكراً غيرها.

          والحكمة من تزوج النبى بالسيدة عائشة هو مصاهرة الرسول للصديق أبي بكر ، أعظم منة ومكافأة له في هذه الحياة الدنيا ، كما كان خير وسيلة لنشر سنته المطهرة ، وفضائله الزوجية ، وأحكام شريعته ولا سيما ما يتعلق منها بالنسآء.

رابعاً:  السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب – رضي الله عنها:

          تزوجها النبى – صلى الله عليه وسلم – وهى أرملة ، وأستشهد زوجها في غزوة بدر – وقد عرضها أبوها (عمر) على عثمان بعد وفاة زوجته (رقية) بنت الرسول ، ثم تزوجها الرسول – صلى الله عليه وسلم – فكان ذلك أعظم إكرام  ومنه وإحسان لأبيها عمر بن الخطاب.

خامساً:  السيدة زينب بنت خزيمة – رضي الله عنها:

          تزوجها عليه الصلاة والسلام بعد حفصة بنت عمر بن الخطاب ، وهي أرملة البطل المقدام شهيد الإسلام عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب – الذى أستشهد في غزوة بدر ، وقد كانت حين استشهاد زوجها تقوم بواجبها في إسعاف الجرحى ، ولما علم الرسول – صلى الله عليه وسلم – بصبرها وثباتها وجهادها وأنه لم يعد هناك من يعولها خطبها لنفسه وآواها ، وجبر خاطرها بعد أن أنقطع عنها الناصر والمعين.

          وكانت قد بلغت الستين من عمرها حينما تزوج بها النبى – صلى الله عليه وسلم.

          أيجدون هؤلاء الأفاقين المستشرقين في هذا الزواج أثراً للهوى والشهوة ، أم هو النُبل ، والعفاف ، والعظمة والرحمة والفضل والإحسان من رسول الإنسانية الأكبر.

سادساً:  السيدة زينب بنت جحش – رضي الله عنها:

          تزوجها عليه الصلاة والسلام وهي ثيب وهي ابنة عمته ، وكان قد تزوجها (زيد بن حارثة) ثم طلقها فتزوجها الرسول – صلى الله عليه وسلم – لحكمة لا تعلوها حكمة في زواج أحد من أزواجه ، وهي إبطال (بدعة التبني).

سابعاً:  السيد هند أم سلمة المخزومية – رضي الله عنها:

          تزوج الرسول الكريم بأم سلمة وهي أرملة (عبدالله بن عبدالأسد) وقد أستشهد زوجها في غزوة أحد ، فبقيت هي وأيتامها الأربعة بلا كفيل ولا معين ، فلم ير عليه السلام عزاء ولا كافلاً لها ولأولادها غير أن يتزوج بها.  وقام على تربية أيتامها ، ووسعهم قلبه الكبير ، حتى أصبحوا لا يشعرون بفقد الأب.

ثامناً:  السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان – رضي الله عنها:

          وفى سنة سبع من الهجرة تزوج الرسول الكريم بالسيدة أم حبيبة وهي أرملة (عبيدالله بن جحش) مات زوجها بأرض الحبشة ، وهي بنت أبي سفيان الذى كان في ذلك الحين حامل لواء الشرك ، وألد الأعداء لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقد كان هذا الزواج سبباً لتخفيف الأذى عنه وعن أصحابه المسلمين – وتأليف قلبه وقلب قومه وعشيرته.

تاسعاً:  السيدة جويرية بنت الحارث – رضي الله عنها:

          تزوج الرسول الكريم بالسيدة جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق ، وهي أرملة (مُسافع بن صفوان) فوقعت في الأسر بيد المسلمين – الحكمة من تزوج الرسول الكريم بها من أجل تأليف القلوب عليه ، وجمع القبائل حوله ، فمن المعلوم أن الإنسان إذا تزوج من قبيلة أو عشيرة ، يصبح بينه وبينهم قرابة ومصاهرة وذلك بطبيعته يدعوهم إلى نصرته وحمايته.

عاشراً:  السيدة صفية بنت حُيى بن أخطب – رضي الله عنها:

          فقال لها الرسول الكريم:  (اختاري ، فإن أخترت الإسلام أمسكتك لنفسي ، وإن أخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك) ، فقالت:  يارسول الله لقد هويتُ الإسلام وصدقتُ بك قبل أن تدعوني إلى رحلك ، ومالي في اليهودية أرب ، ومالي فيها والد ولا أخ وخيرتني الكفر والإسلام ، فالله ورسوله أحب إلي من العتق ، فأمسكها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لنفسه.

الحادية عشر:  السيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية – رضي الله عنها:

          هي آخر أزواجه صلوات الله عليه ، وقد قالت فيها عائشة:  (أما إنها كانت من أتقانا لله ، وأوصلنا للرحم).

          وهي أرملة (أبي رهم بن عبدالعزى) ، وقد ورد أن العباس بن عبدالمطلب عم الرسول – صلى الله عليه وسلم – رضي الله عنه – هو الذى رغبه فيها ، ولا يخفي ما زواجه بها من البر وحسن الصلة وإكرام عشيرتها الذين آزروا الرسول ونصروه.

 

(( والحمدلله رب العالمين  ))

اترك تعليقاً