نماذج في تربية الأولاد من القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فمن أعظم النماذج في تربية الأولاد تربية دينية شاملة ما قصه القرآن الكريم عن لقمان الحكيم…

          حيث أوصى ولده بتصحيح العقيدة التى تأبى الشرك بالله ، وبطاعة الله ورقابته ، (1) وإصلاح نفسه ، (2) وخلقه ، (3) ومعاملاته مع الناس ، قال تعالى فى سورة لقمان في الآية (13):

(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(13)

          ففى هذه الوصية نقط بارزة تبين أسس التربية الصحيحة ، فيها العقيدة الصحيحة التى  لا تشرك بالله.

          وأذكر يا نبينا لقومك موعظة لقمان الحكيم لولده ، حين قال له واعظاً ناصحاً مرشداً:  يابني كن عاقلا ولا تشرك بالله أحداً ، بشراً أو صنماً أو ولداً – لأن الشرك قبيح وظلم صارخ لأنه وضع الشئ في غير موضعه ، فمن سوى بين الخالق والمخلوق ، وبين الآله والصنم فهو – بلا شك – أحمق الناس ، وأبعدهم عن منطق العقل والحكمة.

          ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده ، البر بالوالدين حيث قال عز وجل في الآية (14) من نفس السورة:

          (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (14)

          وصية لقمان لابنه أن لا تشرك بالله ولا تطع في الشرك والديك فإن الله وصى بهما في طاعتهما مما لا يكون شركاً ومعصية لله تعالى.  وهاتان الآيتين نزلنا في شأن (سعد بن أبي وقاص).

          أمر الله بالإحسان إليهما لاسيما الوالدة لأنها حملته جنيناً في بطنها وهى تزداد كل يوم ضعفاً على ضعف وشدة على شدة ومشقة على مشقة من حين الحمل إلى حين الولادة كما قال الله تعالى في الآية (15) من نفس السورة:

(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (15)

          وعليك أن تشكر ربك على نعمة الإيمان ، والإحسان وللوالدين على نعمة التربية.

وقال سفيان بن عُيينه:  كيف يكون الشكر لله وللوالدين؟؟

          من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى ومن دعا لوالديه في إدبار الصلوات فقد شكرهما.

          فعلى الإنسان أن يشكر الله تعالى وذلك بطاعته فيما يأمره به وينهاه عنه (إلى المصير) الرجوع بعد الموت – فالمطيع إذا رجع إلى الله أكرمه والعاصي أهانه.

          والحكمة من ذكر الوصية بالوالدين – ضمن وصايا لقمان (ماهي الحكمة؟؟).

          تأكيد ما أفادته الآية الأولى (يابني لا تشرك بالله) من تقبيح أمر الشرك – فكأنه تعالى يقول:  مع أننا وصينا الإنسان بوالديه ، وأمرناه بالإحسان إليها والعطف عليهما وألزمناه طاعتهما بسبب حقهما العظيم عليه ، مع كل هذا فقد نهيناه عن طاعتهما في حالة الشرك والعصيانلماذا؟؟

          لأن الشرك بالله من أعظم الذنوب ، وهو في نهاية القبح والشناعة.

          ثم رجع الكلام إلى وصايا لقمان فقال تعالى في الآية (16):

(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (16)

          يا ولدي إن الخطيئة والمعصية مهما كانت صغيرة حتى ولو كانت وزن حبة الخردل في الصغر – فتكن تلك السيئة مع كونها في أقصى غايات الصغر وفي أخفى مكان وأحرزه – كجوف الصخرة الصماء ، أو في أعلى مكان في السمآء أو في الأرض يحضرها الله سبحانه ويحاسب عليها).

          بمعنى:  أن الله لا تخفى عليه خافية من أعمال العباد.

          (إن الله يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء).

          يحضرها الله يوم القيامة حين يضعُ الموازين القسط ، وجازى عليها إن خيراً فخير وإن شراً فشر – كما قال الله تعالى:  (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئاً).

          (إن الله لطيف خبير) هو سبحانه لطيف بالعباد خبير أى عالم ببواطن الأمور.

          الآية (17) من وصايا لقمان:

          (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور)ِ (17)

          يابُني حافظ على الصلاة فى (1) أوقاتها ، (2) وبخشوعها ، (3) وآدابها ، (4)وفروضها ، وأمر الناس بكل خير وفضيلة ، وأنههم عن كل شر ورذيلة.

          وبذلك وصى لقمان ابنه بعظم الطاعات وهي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض ، وغيرها وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل.

          اصبر على المحن والبلايا ، لأن الداعي إلى الحق معرض لإيصال الأذى إليه (إن ذلك من عزم الأمور) قال ابن عباس:  من حقيقة الإيمان بالصبر على المكاره الآية (18):

          (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)

المعنى:

          لا تُعرض وجهك عنهم تكبراً عليهم – وتحقيراً لهم ، بل أقبل عليهم متواضعاً مؤنساً مستأنساً ، وإذا حدثك أصغرهم فأصغ إليه حتى يكمل حديثه ، وكذلك كان النبى – صلى الله عليه وسلم يفعل.

          كما جآء في الحديث:  (ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط).

          ولا تمشي متبختراً متكبراً – لأن الله يكره المتكبر الذى يرى العظمة لنفسه ويتكبر على عباد الله – والله لا يحـب المتبخـتر في مشـيته ( مخـتال ) والذى يفتخـر على غــــــيره

(الفخور) : (إن الله لا يحبُ كل مختال فخور).

          فقال رجل من القوم:  والله يارسول الله إني لأغسل ثيابي فيعجبني بياضها ويعجبني شراك نعلي وعلاقة سوطي ، فقال:  (ليس ذلك الكبر ، إنما الكبر أن تسفه الحق ، وتغمط الناس).  أخرجه الطبراني عن ثابت بن قيس وفيه قصة طويلة.

          ثم لما نهاه عن الخلق الذميم ، أمره بالخُلق الكريم فقال في الآية (19):

          (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)(19).

بمعنى:

          توسط في مشيتك وأعتدل فيها بين الإسراع والبطء واخفض من صوتك فلا ترفعه عالياً فإنه قبيح كالمقتصد لا يخرج درهمه إلا عند الحاجة وبقدرها.

          إن أوحش الأصوات صوتُ الحمير – فمن رفع صوته كان مماثلاً لهم.

قال الحسن البصري:

          كان المشركون يتفاخرون برفع الأصوات فرد عليهم بأنه لو كان خيراً لفضلتهم به الحمير.

وقال قتادة:   أقبح الأصوات صوتُ الحمير ، أوله زفير وآخره شهيق.

والحديث:      الذى أخرجه النسائي وبقية الجماعة.

          عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:

          (إذا سمعتم صياح الديكة فأسالوا الله من فضله ، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنها رأت شيطاناً).

          فهذه وصايا نافعة جداً ، وهي من قصص القرآن العظيم.

          عن لقمان الحكيم =  فهي وصية جامعة دقيقة من أجل ذلك كان لقمان حكيماً ، وكانت وصيته قرآنا خالداً يتلى على مر الدهور.

          ومن أراد أن يعرف تفصيل الآداب التى يربى عليها النشئ فليرجع إلى كتب المسلمين أمثال الغزالي ، وابن سينا.

          وقد أشار الغزالي في كتابه (الإحياء) إلى نماذج منها:

(1)            عدم لبس الملابس التى توحي بالأنوثة والنعومة.

(2)            الإجتهاد في تعليم الصبى حكايات الأخيار ليغرس في نفسه حبهم والإقتداء بهم.

(3)            وأن يعوده الأخلاق الإجتماعية ، بعدم الفخر على أصحابه بما يملكه والده أو بشئ من مطاعمه وملابسه.

(4)            أن يعف عما في يد غيره من الأغنياء أو الفقراء.

(5)            كما يعوده الصدق وعدم الحلف.

(6)            وأن يحسن الإستماع ولا يبدأ بالكلام إن كان معه من هو أكبر منه.

(7)            وأن يصون لسانه عن اللغو والسب ، ولا يخالط من يفعلون ذلك.

وأفضل الكتب في هذا الكتاب (القرآن) والسنة (الأحاديث) وسيرة السلف الصالح.

 

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فمن أعظم النماذج في تربية الأولاد تربية دينية شاملة ما قصه القرآن الكريم عن لقمان الحكيم…

          حيث أوصى ولده بتصحيح العقيدة التى تأبى الشرك بالله ، وبطاعة الله ورقابته ، (1) وإصلاح نفسه ، (2) وخلقه ، (3) ومعاملاته مع الناس ، قال تعالى فى سورة لقمان في الآية (13):

(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(13)

          ففى هذه الوصية نقط بارزة تبين أسس التربية الصحيحة ، فيها العقيدة الصحيحة التى  لا تشرك بالله.

          وأذكر يا نبينا لقومك موعظة لقمان الحكيم لولده ، حين قال له واعظاً ناصحاً مرشداً:  يابني كن عاقلا ولا تشرك بالله أحداً ، بشراً أو صنماً أو ولداً – لأن الشرك قبيح وظلم صارخ لأنه وضع الشئ في غير موضعه ، فمن سوى بين الخالق والمخلوق ، وبين الآله والصنم فهو – بلا شك – أحمق الناس ، وأبعدهم عن منطق العقل والحكمة.

          ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده ، البر بالوالدين حيث قال عز وجل في الآية (14) من نفس السورة:

          (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (14)

          وصية لقمان لابنه أن لا تشرك بالله ولا تطع في الشرك والديك فإن الله وصى بهما في طاعتهما مما لا يكون شركاً ومعصية لله تعالى.  وهاتان الآيتين نزلنا في شأن (سعد بن أبي وقاص).

          أمر الله بالإحسان إليهما لاسيما الوالدة لأنها حملته جنيناً في بطنها وهى تزداد كل يوم ضعفاً على ضعف وشدة على شدة ومشقة على مشقة من حين الحمل إلى حين الولادة كما قال الله تعالى في الآية (15) من نفس السورة:

(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (15)

          وعليك أن تشكر ربك على نعمة الإيمان ، والإحسان وللوالدين على نعمة التربية.

وقال سفيان بن عُيينه:  كيف يكون الشكر لله وللوالدين؟؟

          من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى ومن دعا لوالديه في إدبار الصلوات فقد شكرهما.

          فعلى الإنسان أن يشكر الله تعالى وذلك بطاعته فيما يأمره به وينهاه عنه (إلى المصير) الرجوع بعد الموت – فالمطيع إذا رجع إلى الله أكرمه والعاصي أهانه.

          والحكمة من ذكر الوصية بالوالدين – ضمن وصايا لقمان (ماهي الحكمة؟؟).

          تأكيد ما أفادته الآية الأولى (يابني لا تشرك بالله) من تقبيح أمر الشرك – فكأنه تعالى يقول:  مع أننا وصينا الإنسان بوالديه ، وأمرناه بالإحسان إليها والعطف عليهما وألزمناه طاعتهما بسبب حقهما العظيم عليه ، مع كل هذا فقد نهيناه عن طاعتهما في حالة الشرك والعصيانلماذا؟؟

          لأن الشرك بالله من أعظم الذنوب ، وهو في نهاية القبح والشناعة.

          ثم رجع الكلام إلى وصايا لقمان فقال تعالى في الآية (16):

(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (16)

          يا ولدي إن الخطيئة والمعصية مهما كانت صغيرة حتى ولو كانت وزن حبة الخردل في الصغر – فتكن تلك السيئة مع كونها في أقصى غايات الصغر وفي أخفى مكان وأحرزه – كجوف الصخرة الصماء ، أو في أعلى مكان في السمآء أو في الأرض يحضرها الله سبحانه ويحاسب عليها).

          بمعنى:  أن الله لا تخفى عليه خافية من أعمال العباد.

          (إن الله يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء).

          يحضرها الله يوم القيامة حين يضعُ الموازين القسط ، وجازى عليها إن خيراً فخير وإن شراً فشر – كما قال الله تعالى:  (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئاً).

          (إن الله لطيف خبير) هو سبحانه لطيف بالعباد خبير أى عالم ببواطن الأمور.

 

 

          الآية (17) من وصايا لقمان:

          (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور)ِ (17)

          يابُني حافظ على الصلاة فى (1) أوقاتها ، (2) وبخشوعها ، (3) وآدابها ، (4)وفروضها ، وأمر الناس بكل خير وفضيلة ، وأنههم عن كل شر ورذيلة.

          وبذلك وصى لقمان ابنه بعظم الطاعات وهي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض ، وغيرها وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل.

          اصبر على المحن والبلايا ، لأن الداعي إلى الحق معرض لإيصال الأذى إليه (إن ذلك من عزم الأمور) قال ابن عباس:  من حقيقة الإيمان بالصبر على المكاره الآية (18):

          (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)

المعنى:

          لا تُعرض وجهك عنهم تكبراً عليهم – وتحقيراً لهم ، بل أقبل عليهم متواضعاً مؤنساً مستأنساً ، وإذا حدثك أصغرهم فأصغ إليه حتى يكمل حديثه ، وكذلك كان النبى – صلى الله عليه وسلم يفعل.

          كما جآء في الحديث:  (ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط).

          ولا تمشي متبختراً متكبراً – لأن الله يكره المتكبر الذى يرى العظمة لنفسه ويتكبر على عباد الله – والله لا يحـب المتبخـتر في مشـيته ( مخـتال ) والذى يفتخـر على غــــــيره

(الفخور) : (إن الله لا يحبُ كل مختال فخور).

          فقال رجل من القوم:  والله يارسول الله إني لأغسل ثيابي فيعجبني بياضها ويعجبني شراك نعلي وعلاقة سوطي ، فقال:  (ليس ذلك الكبر ، إنما الكبر أن تسفه الحق ، وتغمط الناس).  أخرجه الطبراني عن ثابت بن قيس وفيه قصة طويلة.

          ثم لما نهاه عن الخلق الذميم ، أمره بالخُلق الكريم فقال في الآية (19):

          (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)(19).

بمعنى:

          توسط في مشيتك وأعتدل فيها بين الإسراع والبطء واخفض من صوتك فلا ترفعه عالياً فإنه قبيح كالمقتصد لا يخرج درهمه إلا عند الحاجة وبقدرها.

          إن أوحش الأصوات صوتُ الحمير – فمن رفع صوته كان مماثلاً لهم.

قال الحسن البصري:

          كان المشركون يتفاخرون برفع الأصوات فرد عليهم بأنه لو كان خيراً لفضلتهم به الحمير.

وقال قتادة:   أقبح الأصوات صوتُ الحمير ، أوله زفير وآخره شهيق.

والحديث:      الذى أخرجه النسائي وبقية الجماعة.

          عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:

          (إذا سمعتم صياح الديكة فأسالوا الله من فضله ، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنها رأت شيطاناً).

          فهذه وصايا نافعة جداً ، وهي من قصص القرآن العظيم.

          عن لقمان الحكيم =  فهي وصية جامعة دقيقة من أجل ذلك كان لقمان حكيماً ، وكانت وصيته قرآنا خالداً يتلى على مر الدهور.

          ومن أراد أن يعرف تفصيل الآداب التى يربى عليها النشئ فليرجع إلى كتب المسلمين أمثال الغزالي ، وابن سينا.

          وقد أشار الغزالي في كتابه (الإحياء) إلى نماذج منها:

(1)            عدم لبس الملابس التى توحي بالأنوثة والنعومة.

(2)            الإجتهاد في تعليم الصبى حكايات الأخيار ليغرس في نفسه حبهم والإقتداء بهم.

(3)            وأن يعوده الأخلاق الإجتماعية ، بعدم الفخر على أصحابه بما يملكه والده أو بشئ من مطاعمه وملابسه.

(4)            أن يعف عما في يد غيره من الأغنياء أو الفقراء.

(5)            كما يعوده الصدق وعدم الحلف.

(6)            وأن يحسن الإستماع ولا يبدأ بالكلام إن كان معه من هو أكبر منه.

(7)            وأن يصون لسانه عن اللغو والسب ، ولا يخالط من يفعلون ذلك.

وأفضل الكتب في هذا الكتاب (القرآن) والسنة (الأحاديث) وسيرة السلف الصالح.

 

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فمن أعظم النماذج في تربية الأولاد تربية دينية شاملة ما قصه القرآن الكريم عن لقمان الحكيم…

          حيث أوصى ولده بتصحيح العقيدة التى تأبى الشرك بالله ، وبطاعة الله ورقابته ، (1) وإصلاح نفسه ، (2) وخلقه ، (3) ومعاملاته مع الناس ، قال تعالى فى سورة لقمان في الآية (13):

(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(13)

          ففى هذه الوصية نقط بارزة تبين أسس التربية الصحيحة ، فيها العقيدة الصحيحة التى  لا تشرك بالله.

          وأذكر يا نبينا لقومك موعظة لقمان الحكيم لولده ، حين قال له واعظاً ناصحاً مرشداً:  يابني كن عاقلا ولا تشرك بالله أحداً ، بشراً أو صنماً أو ولداً – لأن الشرك قبيح وظلم صارخ لأنه وضع الشئ في غير موضعه ، فمن سوى بين الخالق والمخلوق ، وبين الآله والصنم فهو – بلا شك – أحمق الناس ، وأبعدهم عن منطق العقل والحكمة.

          ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده ، البر بالوالدين حيث قال عز وجل في الآية (14) من نفس السورة:

          (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (14)

          وصية لقمان لابنه أن لا تشرك بالله ولا تطع في الشرك والديك فإن الله وصى بهما في طاعتهما مما لا يكون شركاً ومعصية لله تعالى.  وهاتان الآيتين نزلنا في شأن (سعد بن أبي وقاص).

          أمر الله بالإحسان إليهما لاسيما الوالدة لأنها حملته جنيناً في بطنها وهى تزداد كل يوم ضعفاً على ضعف وشدة على شدة ومشقة على مشقة من حين الحمل إلى حين الولادة كما قال الله تعالى في الآية (15) من نفس السورة:

(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (15)

          وعليك أن تشكر ربك على نعمة الإيمان ، والإحسان وللوالدين على نعمة التربية.

وقال سفيان بن عُيينه:  كيف يكون الشكر لله وللوالدين؟؟

          من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى ومن دعا لوالديه في إدبار الصلوات فقد شكرهما.

          فعلى الإنسان أن يشكر الله تعالى وذلك بطاعته فيما يأمره به وينهاه عنه (إلى المصير) الرجوع بعد الموت – فالمطيع إذا رجع إلى الله أكرمه والعاصي أهانه.

          والحكمة من ذكر الوصية بالوالدين – ضمن وصايا لقمان (ماهي الحكمة؟؟).

          تأكيد ما أفادته الآية الأولى (يابني لا تشرك بالله) من تقبيح أمر الشرك – فكأنه تعالى يقول:  مع أننا وصينا الإنسان بوالديه ، وأمرناه بالإحسان إليها والعطف عليهما وألزمناه طاعتهما بسبب حقهما العظيم عليه ، مع كل هذا فقد نهيناه عن طاعتهما في حالة الشرك والعصيانلماذا؟؟

          لأن الشرك بالله من أعظم الذنوب ، وهو في نهاية القبح والشناعة.

          ثم رجع الكلام إلى وصايا لقمان فقال تعالى في الآية (16):

(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (16)

          يا ولدي إن الخطيئة والمعصية مهما كانت صغيرة حتى ولو كانت وزن حبة الخردل في الصغر – فتكن تلك السيئة مع كونها في أقصى غايات الصغر وفي أخفى مكان وأحرزه – كجوف الصخرة الصماء ، أو في أعلى مكان في السمآء أو في الأرض يحضرها الله سبحانه ويحاسب عليها).

          بمعنى:  أن الله لا تخفى عليه خافية من أعمال العباد.

          (إن الله يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء).

          يحضرها الله يوم القيامة حين يضعُ الموازين القسط ، وجازى عليها إن خيراً فخير وإن شراً فشر – كما قال الله تعالى:  (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئاً).

          (إن الله لطيف خبير) هو سبحانه لطيف بالعباد خبير أى عالم ببواطن الأمور.

 

 

          الآية (17) من وصايا لقمان:

          (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور)ِ (17)

          يابُني حافظ على الصلاة فى (1) أوقاتها ، (2) وبخشوعها ، (3) وآدابها ، (4)وفروضها ، وأمر الناس بكل خير وفضيلة ، وأنههم عن كل شر ورذيلة.

          وبذلك وصى لقمان ابنه بعظم الطاعات وهي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض ، وغيرها وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل.

          اصبر على المحن والبلايا ، لأن الداعي إلى الحق معرض لإيصال الأذى إليه (إن ذلك من عزم الأمور) قال ابن عباس:  من حقيقة الإيمان بالصبر على المكاره الآية (18):

          (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)

المعنى:

          لا تُعرض وجهك عنهم تكبراً عليهم – وتحقيراً لهم ، بل أقبل عليهم متواضعاً مؤنساً مستأنساً ، وإذا حدثك أصغرهم فأصغ إليه حتى يكمل حديثه ، وكذلك كان النبى – صلى الله عليه وسلم يفعل.

          كما جآء في الحديث:  (ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط).

          ولا تمشي متبختراً متكبراً – لأن الله يكره المتكبر الذى يرى العظمة لنفسه ويتكبر على عباد الله – والله لا يحـب المتبخـتر في مشـيته ( مخـتال ) والذى يفتخـر على غــــــيره

(الفخور) : (إن الله لا يحبُ كل مختال فخور).

          فقال رجل من القوم:  والله يارسول الله إني لأغسل ثيابي فيعجبني بياضها ويعجبني شراك نعلي وعلاقة سوطي ، فقال:  (ليس ذلك الكبر ، إنما الكبر أن تسفه الحق ، وتغمط الناس).  أخرجه الطبراني عن ثابت بن قيس وفيه قصة طويلة.

          ثم لما نهاه عن الخلق الذميم ، أمره بالخُلق الكريم فقال في الآية (19):

          (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)(19).

بمعنى:

          توسط في مشيتك وأعتدل فيها بين الإسراع والبطء واخفض من صوتك فلا ترفعه عالياً فإنه قبيح كالمقتصد لا يخرج درهمه إلا عند الحاجة وبقدرها.

          إن أوحش الأصوات صوتُ الحمير – فمن رفع صوته كان مماثلاً لهم.

قال الحسن البصري:

          كان المشركون يتفاخرون برفع الأصوات فرد عليهم بأنه لو كان خيراً لفضلتهم به الحمير.

وقال قتادة:   أقبح الأصوات صوتُ الحمير ، أوله زفير وآخره شهيق.

والحديث:      الذى أخرجه النسائي وبقية الجماعة.

          عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:

          (إذا سمعتم صياح الديكة فأسالوا الله من فضله ، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنها رأت شيطاناً).

          فهذه وصايا نافعة جداً ، وهي من قصص القرآن العظيم.

          عن لقمان الحكيم =  فهي وصية جامعة دقيقة من أجل ذلك كان لقمان حكيماً ، وكانت وصيته قرآنا خالداً يتلى على مر الدهور.

          ومن أراد أن يعرف تفصيل الآداب التى يربى عليها النشئ فليرجع إلى كتب المسلمين أمثال الغزالي ، وابن سينا.

          وقد أشار الغزالي في كتابه (الإحياء) إلى نماذج منها:

(1)            عدم لبس الملابس التى توحي بالأنوثة والنعومة.

(2)            الإجتهاد في تعليم الصبى حكايات الأخيار ليغرس في نفسه حبهم والإقتداء بهم.

(3)            وأن يعوده الأخلاق الإجتماعية ، بعدم الفخر على أصحابه بما يملكه والده أو بشئ من مطاعمه وملابسه.

(4)            أن يعف عما في يد غيره من الأغنياء أو الفقراء.

(5)            كما يعوده الصدق وعدم الحلف.

(6)            وأن يحسن الإستماع ولا يبدأ بالكلام إن كان معه من هو أكبر منه.

(7)            وأن يصون لسانه عن اللغو والسب ، ولا يخالط من يفعلون ذلك.

وأفضل الكتب في هذا الكتاب (القرآن) والسنة (الأحاديث) وسيرة السلف الصالح.

 

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فمن أعظم النماذج في تربية الأولاد تربية دينية شاملة ما قصه القرآن الكريم عن لقمان الحكيم…

          حيث أوصى ولده بتصحيح العقيدة التى تأبى الشرك بالله ، وبطاعة الله ورقابته ، (1) وإصلاح نفسه ، (2) وخلقه ، (3) ومعاملاته مع الناس ، قال تعالى فى سورة لقمان في الآية (13):

(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(13)

          ففى هذه الوصية نقط بارزة تبين أسس التربية الصحيحة ، فيها العقيدة الصحيحة التى  لا تشرك بالله.

          وأذكر يا نبينا لقومك موعظة لقمان الحكيم لولده ، حين قال له واعظاً ناصحاً مرشداً:  يابني كن عاقلا ولا تشرك بالله أحداً ، بشراً أو صنماً أو ولداً – لأن الشرك قبيح وظلم صارخ لأنه وضع الشئ في غير موضعه ، فمن سوى بين الخالق والمخلوق ، وبين الآله والصنم فهو – بلا شك – أحمق الناس ، وأبعدهم عن منطق العقل والحكمة.

          ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده ، البر بالوالدين حيث قال عز وجل في الآية (14) من نفس السورة:

          (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (14)

          وصية لقمان لابنه أن لا تشرك بالله ولا تطع في الشرك والديك فإن الله وصى بهما في طاعتهما مما لا يكون شركاً ومعصية لله تعالى.  وهاتان الآيتين نزلنا في شأن (سعد بن أبي وقاص).

          أمر الله بالإحسان إليهما لاسيما الوالدة لأنها حملته جنيناً في بطنها وهى تزداد كل يوم ضعفاً على ضعف وشدة على شدة ومشقة على مشقة من حين الحمل إلى حين الولادة كما قال الله تعالى في الآية (15) من نفس السورة:

(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (15)

          وعليك أن تشكر ربك على نعمة الإيمان ، والإحسان وللوالدين على نعمة التربية.

وقال سفيان بن عُيينه:  كيف يكون الشكر لله وللوالدين؟؟

          من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى ومن دعا لوالديه في إدبار الصلوات فقد شكرهما.

          فعلى الإنسان أن يشكر الله تعالى وذلك بطاعته فيما يأمره به وينهاه عنه (إلى المصير) الرجوع بعد الموت – فالمطيع إذا رجع إلى الله أكرمه والعاصي أهانه.

          والحكمة من ذكر الوصية بالوالدين – ضمن وصايا لقمان (ماهي الحكمة؟؟).

          تأكيد ما أفادته الآية الأولى (يابني لا تشرك بالله) من تقبيح أمر الشرك – فكأنه تعالى يقول:  مع أننا وصينا الإنسان بوالديه ، وأمرناه بالإحسان إليها والعطف عليهما وألزمناه طاعتهما بسبب حقهما العظيم عليه ، مع كل هذا فقد نهيناه عن طاعتهما في حالة الشرك والعصيانلماذا؟؟

          لأن الشرك بالله من أعظم الذنوب ، وهو في نهاية القبح والشناعة.

          ثم رجع الكلام إلى وصايا لقمان فقال تعالى في الآية (16):

(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (16)

          يا ولدي إن الخطيئة والمعصية مهما كانت صغيرة حتى ولو كانت وزن حبة الخردل في الصغر – فتكن تلك السيئة مع كونها في أقصى غايات الصغر وفي أخفى مكان وأحرزه – كجوف الصخرة الصماء ، أو في أعلى مكان في السمآء أو في الأرض يحضرها الله سبحانه ويحاسب عليها).

          بمعنى:  أن الله لا تخفى عليه خافية من أعمال العباد.

          (إن الله يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء).

          يحضرها الله يوم القيامة حين يضعُ الموازين القسط ، وجازى عليها إن خيراً فخير وإن شراً فشر – كما قال الله تعالى:  (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئاً).

          (إن الله لطيف خبير) هو سبحانه لطيف بالعباد خبير أى عالم ببواطن الأمور.

 

 

          الآية (17) من وصايا لقمان:

          (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور)ِ (17)

          يابُني حافظ على الصلاة فى (1) أوقاتها ، (2) وبخشوعها ، (3) وآدابها ، (4)وفروضها ، وأمر الناس بكل خير وفضيلة ، وأنههم عن كل شر ورذيلة.

          وبذلك وصى لقمان ابنه بعظم الطاعات وهي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض ، وغيرها وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل.

          اصبر على المحن والبلايا ، لأن الداعي إلى الحق معرض لإيصال الأذى إليه (إن ذلك من عزم الأمور) قال ابن عباس:  من حقيقة الإيمان بالصبر على المكاره الآية (18):

          (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)

المعنى:

          لا تُعرض وجهك عنهم تكبراً عليهم – وتحقيراً لهم ، بل أقبل عليهم متواضعاً مؤنساً مستأنساً ، وإذا حدثك أصغرهم فأصغ إليه حتى يكمل حديثه ، وكذلك كان النبى – صلى الله عليه وسلم يفعل.

          كما جآء في الحديث:  (ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط).

          ولا تمشي متبختراً متكبراً – لأن الله يكره المتكبر الذى يرى العظمة لنفسه ويتكبر على عباد الله – والله لا يحـب المتبخـتر في مشـيته ( مخـتال ) والذى يفتخـر على غــــــيره

(الفخور) : (إن الله لا يحبُ كل مختال فخور).

          فقال رجل من القوم:  والله يارسول الله إني لأغسل ثيابي فيعجبني بياضها ويعجبني شراك نعلي وعلاقة سوطي ، فقال:  (ليس ذلك الكبر ، إنما الكبر أن تسفه الحق ، وتغمط الناس).  أخرجه الطبراني عن ثابت بن قيس وفيه قصة طويلة.

          ثم لما نهاه عن الخلق الذميم ، أمره بالخُلق الكريم فقال في الآية (19):

          (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)(19).

بمعنى:

          توسط في مشيتك وأعتدل فيها بين الإسراع والبطء واخفض من صوتك فلا ترفعه عالياً فإنه قبيح كالمقتصد لا يخرج درهمه إلا عند الحاجة وبقدرها.

          إن أوحش الأصوات صوتُ الحمير – فمن رفع صوته كان مماثلاً لهم.

قال الحسن البصري:

          كان المشركون يتفاخرون برفع الأصوات فرد عليهم بأنه لو كان خيراً لفضلتهم به الحمير.

وقال قتادة:   أقبح الأصوات صوتُ الحمير ، أوله زفير وآخره شهيق.

والحديث:      الذى أخرجه النسائي وبقية الجماعة.

          عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:

          (إذا سمعتم صياح الديكة فأسالوا الله من فضله ، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنها رأت شيطاناً).

          فهذه وصايا نافعة جداً ، وهي من قصص القرآن العظيم.

          عن لقمان الحكيم =  فهي وصية جامعة دقيقة من أجل ذلك كان لقمان حكيماً ، وكانت وصيته قرآنا خالداً يتلى على مر الدهور.

          ومن أراد أن يعرف تفصيل الآداب التى يربى عليها النشئ فليرجع إلى كتب المسلمين أمثال الغزالي ، وابن سينا.

          وقد أشار الغزالي في كتابه (الإحياء) إلى نماذج منها:

(1)            عدم لبس الملابس التى توحي بالأنوثة والنعومة.

(2)            الإجتهاد في تعليم الصبى حكايات الأخيار ليغرس في نفسه حبهم والإقتداء بهم.

(3)            وأن يعوده الأخلاق الإجتماعية ، بعدم الفخر على أصحابه بما يملكه والده أو بشئ من مطاعمه وملابسه.

(4)            أن يعف عما في يد غيره من الأغنياء أو الفقراء.

(5)            كما يعوده الصدق وعدم الحلف.

(6)            وأن يحسن الإستماع ولا يبدأ بالكلام إن كان معه من هو أكبر منه.

(7)            وأن يصون لسانه عن اللغو والسب ، ولا يخالط من يفعلون ذلك.

وأفضل الكتب في هذا الكتاب (القرآن) والسنة (الأحاديث) وسيرة السلف الصالح.

 

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

اترك تعليقاً