هل يتساوى الوالدان فى البر ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

     الحمدلله رب العالمين ، وصلى الله على أكرم رسله، وأشرف خلقه سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

      فخير ما نبدأ به الكلام فى هذا الموضوع كلام رب العالمين حيث قال فى سورة لقمان الآية (14):

(وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)

      وكذلك أخبرنا الله عز وجل فى سورة الأحقاف الآية (15):

      (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا)

يؤخذ من آيتى لقمان والأحقاف أنه عندما أوصى الله بالإحسان إلى الوالدين، جآء التعليل ما هو السبب؟  السبب هو ما تحملته الأم من مشاق الحمل والوضع والرضاع وأن الجزء الأكبر من بر الأولاد يكون فى الأصل للأم لماذا؟  لتحملها هذه المتاعب، التى لم يشاركها الأب فيها، وهى متاعب شديدة قاسية.

ولأن الأم ضعيفة تستحق مزيداً من العطف، والأب رجل قوى يستطيع أن يستغنى عن بر ولده به فى النفقة بوجه خاص.

 

مثـال:

     وهذا ما عبر الأعرابى الذى كان يدعو لأمه فى الطواف، ولا يذكر أباه، ولما سئل عن ذلك؟ قال: أمى ضعيفة، وأبى رجل يحتال لنفسه.

      هذه المعاناة التى تقاسيها الأم فى الحمل والوضع والرضاع كانت مبرراً للقضاء للأم الذى خاصمها فيه أبوه أن أبا الأسود الدؤلى تخاصم مع زوجته أم عوف أمام معاوية (وهذا فى كتاب أعلام النساء) فقالت أم عوف: إنه يريد أن يغلبنى على ولدى (يأخذ منها الولد) وقد كان بطنى له وعاء وثديى له سقاء، وحجرى له وطاء.

      فقال أبو الأسود:  قد حملته قبل أن تحمليه، ووضعته قبل أن تضعيه، وغذوته أكثر مما غذيتيه.  فقالت أم عوف: صدق، ولكنه حمله خفاً، وحملته ثقلاً ووضعه شهوة، ووضعته كرهاً، وغذاه من ماله وغذيته من دمى.

      فقضى لها معاوية بالولد.  وقال: إنى أرى امرأة عاقلة تحسن أدبه.

      والدليل على فضل الأم فى البر حديث أبى هريرة عن النبى – صلى الله عليه وسلم: (فقد جآء رجل إليه، وقال: يارسول الله، منُ أحق الناس بحسن صحابتى؟ قال: (أمك) قال: ثم منُ؟ قال: (أمك) قال: ثم منُ؟ قال: (أمك) قال: ثم منُ؟ قال: (ثم أبوك) رواه البخارى ومسلم.

      فتكرير الوصية بالأم ثلاث يفيد تأكيد حقها.

ولعل كونها ثلاثاً يشير إلى الأمور الثلاثة التى تنفرد بها الأم على الأب وهى الحمل والوضع والإرضاع ثم مشاركة الأب فى التربية.

وبناء عن المفاضلة، قال العلماء: إذا كان هناك مال لا يفى إلا حاجة واحد من الأبوين قدمت الأم على الأب، وهو رأى الجمهور.

وروى الطبرانى عن عبدالله بن عمر حديث: (المرأة فى حملها إلى وضعها إلى فصالها كالمرابط فى سبيل الله، فإن ماتت بين ذلك فلها أجر شهيد).

عيد الأم:

وجد تقليد فى البلاد الإسلامية هو الإحتفال بعيد الأم فى الحادى والعشرون من شهر مارس كل عام.  وهو منقول عن أمريكا، وأول من دعا إليه هناك (أنٌا جارُثثُ) التى توفيت أمها، وتركت لها أختاً بقيت فى رعايتها ففكرت فى تعزية لها بالدعوة إلى بيان فضل الأم وتكريمها بعيد يخصص لها وكانت ولاية (وست فرجينيا) أول ولاية استجابت لدعوتها، ثم انتشرت فى العالم.

وفى عام 1913م أوصى الكونجرس الأمريكى بأن يصبح يوم الأحد الثانى من شهر مايو عيداً للإحتفال بذكرى الأم.

ثم أعلن أول عيد رسمى على مستوى أمريكا كلها فى العاشر من مايو 1914م.

ومن تقاليد ذلك اليوم هناك أن يعلق الولد ابناً أو بنتاً (زهرة القرنفل) وردية اللون إن كانت الأم على قيد الحياة أو زهرة بيضاء إن كانت الأم ميتة.

والشيخ الباقورى قال فى مجلة أكتوبر عدد 22 من مارس 1977م (ومثل هذه الأعياد مادامت خالية من محرم (شرب خمر – اختلاط – رقص ….) لا بأس بها.  وإن كان تكريماً لأمهاتنا يجب ألا يقف عند يوم معين.

 

 

الأم المثالية:

      وهناك تقليد جديد أيضاً وهو إنتخاب الأم المثالية لتكريمها فى مناسبة عيد الأم.  ويقوم اختيارها على أسس خاصة تختلف بإختلاف الأمم ولا بأس به مادام خالياً من محرم.

      ولا ننسى بهذه المناسبة أمهاتنا العربيات المسلمات المثاليات مثل هاجر التى رضيت بتربية إسماعيل فى مكان مقفر، ورعته حق الرعاية حتى كانت مكة وشريعة الحج إلى البيت العتيق.

 

( والحمدلله رب العالمين)

اترك تعليقاً