أحكام الإسلام فى الزواج

بسم الله الرحمن الرحيم

      الحمدلله رب العالمين ، واالصلاة والسلام على شفيع الأمة ، وكاشف الغمة، وعلى مجلى الظلمة محمد سيد الأولين والآخرين ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

       فكلكم تعلمون أن الزواج مسألة تتغلغل فى أعماق ديننا وتتغلغل فى أعماق مجتمعنا.  لا يستغنى عنه بادى أو حضر.  فكلنا دائماً نباشر موضوع الزواج أو التزويج ، (1) وما من أحد منا إلا تزوج ، (2) أو زوج إما له بنتاً زوجها أو إبنا زوجه ، (3) وإما أن يكون قد دُعى إلى فرح ليشهد عقد قران.

ونحن من أجل هذا نريد أن نتعرف رأى الإسلام فى موضوع الزواج ، نسأل الله تعالى أن يجعل أيامكم كلها  (1) أيام فرح وسرور وأيام غبطة وحبور ، (2) ويرفع عنى وعنكم هم القلوب وغم النفوس ، (3) وإن يُنزل فى قلوبنا سكينة الإيمان.

والزواج موضوع يهم الشباب بالذات لأن الشباب هو المحتاج إلى التعرف على أحكام الزواج ، لأن الزواج هو العصمة من الذلل وهو (1) الأشبه بالفرامل التى تُنظم سير السيارات أو أشبه بالمحابس التى تُنظم إنطلاق المياة فى المواسير من غير أن تدمر أو تخرب أو تغرق.

وبما أن الزواج يترتب عليه (1) التناسل ، (2) وإمتداد العمران ، (3) وأن الزواج يحبس النفس عن كثير من الذلل ، (4) وعن كثير من الإجرام الخُلُقى.

ومن أجل هذا فإن الإسلام وضع له قيوداً ووضع له تعريفاً وشروطاً وأركاناً حتى يكون الزواج يسير على نور الله وعلى بصيرة من أحكام الإسلام.  (أنى أتكلم عن الزواج فى الإسلام على ما يجب أن يكون – وليس الحاصل اليوم).

وأنتم تعلمون الآن أن الدنيا تعج بالدعارة وإنه ما من دولة الآن سوآء كانت أوربية أو أمريكية أو غربية أو شرقية إلا وقد دخل فيها السوء والفحشآء من عواقب المدينة والحضارة.

فقد جلبت علينا الحضارة أثاراً مدمرة فى (1) التعرى ، (2) والسفور ، وأصبح الشباب فى حيرة فإما أن ينزلق فيزنى ، وإما أن يحبس عواطفه ومشاعره فينكبت ويتعقد وكلا الأمرين مر.

من أجل هذا يجب علينا الآن أن نعرف رأى الإسلام حتى نعلم جميعاً ويعلم الناس جميعاً أن الناس لو اتبعوا تعاليم الإسلام على نور من ربهم لنجوا من هذه المزالق ولعاشوا كراماً أعزة فى راحة نفسية وراحة بدنية وفى علاقات أسرية طيبة مباركة.

أولاً:  ترغيب الإسلام فى الزواج:

       بل أمر الإسلام بالزواج بمعنى:  الإسلام لم يقتصر على مجرد الترغيب فى الزواج ولكنهُ شدد الأمر وجعله حازماً ولازمً , فيقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – يخاطب الشباب: (يامعشر الشباب من أستطاع منكم الباءة فليتزوج فإنهُ أغضُ للبصر واحصنُ للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه لهُ وجاء).

بمعـنى:  أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ينادى الشباب خوفاً عليهم من الذلل والخطأ والجريمة ويقول: من تمكن منكم أن يحصن دينهُ وخُلقه وشبابه بالزواج فليفعل فإن الزواج عونُ على غض البصر وعلى صون الفرج مما حرم الله.

       أما من عجز عن تحقيق الزواج بظروف قاهرة وهو غير قادر عليه لظروف طارئة أوضاغطة عليه فليستعن بعد الله بالصوم ، لماذا؟  فإن الصوم يخفف الغذاء والطاقة فى العروق فيهدء فوران الشهوة بعض الشئ حتى يستطيع المسلم أن يعيش فى شئ من الهدوء والسكينة ، حتى لا تغلبه الشهوة فينزلق قدمه للجريمة(الزنى)  رواه البخارى ومسلم وأبوداوود.

يأمر الله تعالى بالزواج أمراً حيث يقول فى سورة النور الآية (32):

(وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)

المعـنى:  هذه الآية فيها أمر من الله بزواج من لا زوجة عنده أو بزواج الأنثى التى لا يوجد عندها زوج – وهنا يختار الله الزوج الصالح للأنثى – والزوجة الصالحة للذكر ، فيوجهُنا الله ويرشدونا إلى أختيار الصالحين والصالحات عند الزواج.

وأتفق أهل اللغة على أن الأيم فى الأصل هى المرأة التى لا زوج لها بكراً كانت أو ثيباً.  (إن يكونوا فقراء يُغنهم اللهُ من فضله).

لا تمتنعوا عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة ، فإن الله وعد بالغنى للمتزوجين الذين يطلبوا رضا الله واعتصاماً من معاصيه).

وقال ابن مسعود:  ألتمسوا الغنى فى النكاح.

وهنا توجيه طيب من الله وإرشاد بأن الزوجين لو اختير فيهما الصلاح فإن الله عز وجل على قدرة كاملة حتى لو كانوا فقراء أن يبدل فقرهم غناً وأن يدلهم على عمل طيب يُرزقانى من ورائه رزقاً حلالاً طيباً مبارك فيه.

وتتضح نظرة الإسلام إلى الزواج فى الترغيب فيه.  والتنفير من العزبة والرهبنة –الآيات التى تبين أهمية الزواج:  سورة الأعراف الآية (189):

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) 

       وفى سورة النحل الآية (72):

       َاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً)

       وفى سورة الروم الآية (21):

       (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)

       أى جعل بين الزوجين مودة أى محبة ورحمة أى شفقة إلا إذا ظلم أحدهما الآخر فإن تلك المودة وتلك الرحمة قد ترتفع حتى يرتفع الظلم ويسود العدل والحق.

       وفى سورة النسآء الآية (3):

       (فانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ)

ومن الأحاديث:   ما رواه بن ماجه عن أنس بن مالك أنه سمع النبى – صلى الله عليه وسلم يقول:  (من أراد ن يلقى الله طاهراً مطهراً فليتزوج الحرائر):التي ليست أمة

الحديث الثانى:رواه الطبرانى فى الأوسط:

       (إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين ، فليتق الله فى النصف الباقى) (رواه الحاكم).

       من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله فى الشطر الباقى.

الحديث الثالث:قال النبى – صلى الله عليه وسلم: (ما أستفاد المؤمن بعد تقوى الله من زوجة صالحة (1) إن نظر إليها سرته ، (2) وإن أمرها أطاعته ، (3) وإن غاب عنها حفظته فى نفسها وماله).

المعـنى:أحسن نعمة وأحسن كنز يكنزه الرجل بعد تقوى الله (بعد الإيمان بالله وبعد الدين) هى كنز المرأة الصالحة –ماهى المرأة الصالحة يا رسول الله فى نظرك؟.

ما هى المرأة الصالحة فى نظر الرسول – صلى الله عليه وسلم؟؟

قال:  هى التى أكتمل فيها شروط ثلاثة:

(1)           إن نظر إليها سرته – إذا نظر إليها وجد فى وجهها الطلاقة والبشاشة والبشر.

(2)           وإذا أمرها بأمر حاضر – (وكلمة حاضر ترضى الخاطر) كما هو فى المثل الدارج عندنا.

(3)           وإن غاب عنها فى سفر فهى تصون عرضهُ فى أثناء السفر ولا تفرط فى نفسها أبداً ولا فى ماله – تصون ماله ولا تبدده – وتصون عرضها هى لأن هذا ملك الزوج والله تعالى قال:  (إلا على أزواجهم).

الذى يعتدى ويمتع نفسه بغير زوجه ، غير حلاله (فمن ابتغى وراء ذلك فآولئك هُمُ المعتدون).

حديث:ويقول الرسول – صلى الله عليه وسلم: (أربعُ من أُعطيهن فقد أُعطى الخير كله. قالوا: ماهو يا رسول الله؟ قال: من أُعطى قلباً شاكراً ، ولساناً ذاكراً ، وبدناً على البلاء صابراً ، وزوجة لا تبغيه حوباً فى نفسها ولا فى ماله).

بمعـنى: ظلماً(حوبا ) … تلك هى النعم الأربع التى من استكملها فقد أستكمل الخير كله (1) أول نعمة القلب الشاكر: قلبك يشكر الله ودائماً تعتقد أن كل نعمة مصدرها من الله (وما بكم من نعمة فمن الله) ، وإذا ضيق عليك فى المال والرزق.  ودائماً مع الكرب فرج ومع الصبر نصر كما قال النبى – صلى الله عليه وسلم – وكما حكى الله لنا فى القرآن (فإن مع العُسر يُسرا إن مع العُسر يسر) (.) سورة الشرح.

       ومع القلب الشاكر يعطيك الله اللسان الذاكر– هو الدائم بالإتصال بالله لا غفلة ولا سهو – النعمة الثالثة بعد الشكر والذكر البدن الصابر: فإذا ما أختبرك اللهُ بإختبار وقع عليك فى بدنك بلاءً وجب عليك أن تلقى هذا البلاء من الله (1) بصبر الصابرين ، (2)وإحتمال المتحملين ودائماً رب العز جل جلاله يُثنى على الصابرين فى القرآن بأكثر من 70 آية (وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً).

       (زوجة لا تبغيه حوباً فى نفسها ولا فى ماله) بمعنى أن الله سبحانه ينعم على الإنسان بزوجة لا تسبب له فى معصية من جهة مالهُ من جهة عرضها هى – فإذا هى خانت المال وبددت ماله أو هربت ماله أو سرقت من ورائه – وأعطت فلان وعلان وأقاربها وجيرانها وعاشقها مصيبة كبرى على دماغها.

حديث:والرسول – صلوات الله وسلامه عليه قال: (الدنيا متاع ، وخيرُ متاعها المرأة الصالحة التى تعمل بالإسلام يصلوا مع بعض جمع مع بعض.

الشـرح: الدنيا عبارة عن متاع (قل متاع الدنيا قليل) أن ربنا سبحانه وتعالى يمتعنا فى هذه الحياة ببعض النعم لماذا؟  لكى نستطيع نعيش لغاية ما نموت.  وأحسن نعم هذه الحياة الزوجة الصالحة.

       حتى أن الله عز وجل فى القرآن بين الحكمة من وراء الزواج حيث قال فى سورة الروم الآية (21):

       (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)

فجعل الزواج من آيات الله العظيمة ومن دلائل قدرته أن الله يحبب الأنثى فى الذكر وبعد أن تعيش البنت فى بيت أبيها ما يقرب من عشرين سنة متربية بين أبيها وأمها وأخواتها وقد تعلق قلبُها بأهلها تعلقاً كاملاً يأتى فجآءة العريس يخطُبها فيعلق الله قلبا به وفجآءة يأخذها ويكون الخطبة والعقد والزفاف فى شهر واحد.

ومع هذا فإن الله جعل بين الزوجين المودة وجعل بينهم الرحمة حتى ينتظم أمر الكون – لأن الله لو أبقى العلاقة بين البنت وأهلها ولا بنت أستطاعت أن تخرج من عند أبيها وكانت امتنعت وعصت ولكن سبحانه وتعالى ألف بين قلوبهم.

(لو أنفقت ما فى الأرض جميعاً مآ ألفت بين قلوبهم ، ولكن الله ألف بينهم).

من أجل هذا يا أخواتى قد جعل الله الزواج من آيات الله الكبرى ومن دلائل قدرته العظيمة.  (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم).

ولم يجعل الأزواج من غير جنسنا ولكن جعلها من أنفسنا بين آدم وحواء ولم يجعل الرجل من الجن أو الملائكة أو من طين أو من الحيوانات وجعل الزوجة آدمية مثل الرجل يعرف طباعها وتعرف طباع الرجل أكل وشرب واحد وأخلاق وهذه من رحمة الله (لتسكنوا إليها) تطمئنوا وتستريحوا ، (وجعل بينكم مودة ورحمة).

ما الفرق بين المودة والرحمة؟  إن الله يقول:  إن لم تحب زوجتك وإذ لم يتحقق الود بينك وبينها فعاشرها بالرحمة بمعـنى ليس مهم الحب – يجوز واحد بعد زواجه شهر أو اثنين – سنة سنتين – أو بعد أن يخلف خمس أولاد يقول:  لم يعد بينى وبين مراتى أى علاقة من جهة المودة؟  نقول له أنتم لستم صغار ما هى المودة ؟ عشق وهيام وحب وغرام – إن لم تتحقق المودة فعاشرها باللطف والرحمة – فإن لم يكن هناك ود فليكن هناك رحمة – وأرحمها من أجل ضعفها – ومن أجل أنها استغنت عن أبيها وأمها وأهلها من أجلك أنت وأولادك.

والمرأة قبل الزواج تكون فى إنطلاق وحرية ولكن وهى فى هذا العش الجديد تحمل آلام الحمل وما يتبعه – والخدمة وما تتطلبه ، والطاعة لرب البيت وما يتصل به …

فيجب عليه أن يضع فى اعتباره كل هذه الأشياء ويكون بينهما الرحمة أن لم تكن هناك مودة ….

جعل الله عز وجل الزواج من سنن المرسلين واحد يأتى ويقول أنا لا أريد أن أتزوج ليس فى الإسلام رهبانية – قال الله تعالى: (رهبانية ابتدعُها ما كتبناها عليهم).

بل هناك واحد صحابى أسمه عكاف كان سليم الجسم وكان موسر فجآء إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – وجلس فسأله النبى: (ياعكاف أمتزوج أنت أم أعزب؟). فقال: أنا عزب يارسول الله.  قال: (صحيح الجسم وموسر) قال: نعم والحمدلله.  (عندك فلوس وعندك صحة ومازلت عازب (إن شئت أن تكون من رهبان النصارى ففعل فإن من سنتى النكاح فمن رغب عن سنتى فليس منى).  فقال عكاف:  يارسول الله لا أبرح حتى تزوجنى من شئت قال: (زوجتك على اسم الله والبركة كريمة بنت كلثوم الحميرى).  رواه أحمد وأبو يعلى.

نعلم أن الزواج ليست مسألة اختيارية ولكنها مسألة يعُدها الإسلام (1) من شعائره ومن شرائعه المهمة الخطيرة ..  يقول عليه الصلاة والسلام:

(أربعُ من سنن المرسلين الحناء والسواك – والتعطر والنكاح).

إن هذه الأمور الأربعة من سنن الأنبياء والمرسلين فكل من يعمل بها فهو سائر على سنن الأنبياء وكل من عدل عنها فهو ليس سائر على هدي هؤلاء الذين هداهم الله.

وقد أمرنا الله عز وجل أن نقتدى بهم. (أُولئك الذين هدى الله فبهداهم إقتده).

(1)           الحناء:  قد كان النبى – صلى الله عليه وسلم – يخضب شعره بالحناء فى رأسه من الحرارة والحُمى – وأحياناً فى شعر لحيته

(2)           التعطر:  كان النبى – صلى الله عليه وسلم – يُعنى بها عناية كبرى ، حتى أن عائشة رضى الله عنها كانت تدهنه بالمسك فيخرج إلى الصلاة وفى ناصيته بريق المسك ولمعانه حتى كان حجره كأنه حجر زيات كما وصفوه من كثرة البقع التى كانت تنزل فى حجره – وكان يُعنى بالتعطر لماذا؟  لأن الملائكة تعشق الرائحة الحلوة وجبريل والوحى ينزل عليه وكان يجب أن يكون على رائحة طيبة – لأن الملأ الأعلى والملائكة يحبون الروائح الطيبة.

(3)           السواك:  والسواك مرضات الرب – السواك يُرضى الرحمن ويغضب الشيطان يُذكر الشهادتين عند الموت – السواك فيه أكثر من 120 فائدة للبدن والروح.

(ومازال جبريل يوصنى بالسواك حتى ظننت أن الله ينزل فيه قُرآناً) وكما قال النبى – صلى الله عليه وسلم:

(إن أفواهكم تُقرأ القرآن فطيبوها بالسواك).

(4)           النكاح:وهو الزواج:  ولقد أختار الله عز وجل لحبيبه النبى – صلى الله عليه وسلم 11 إمرأة من أُمهات المؤمنين ، ومن فضليات النسآء ، مات منهن اثنتان فى حياته (خديجة ، وسودة بنت زمعة) ومات هو عن 9 نسوة عاشت بعد وفاته ويقول عليه الصلاة والسلام (خيرُ هذه الأمة أكثرها نسآءً).

وقد أباح الله له ما لم يبح لغيره من الأُمة (لماذا؟) لأنه مكلف أن يبلغ هذا الدين للرجال والنسآء ، وهناك بعض أحكام لا يفهمها إلا النساء فصرح الله له بالإبقاء على ما زاد على الأربع حتى يستطيع هؤلاء النسوة الفضليات أن ينشرنا الدين ، (2) وأن يبلغنا أحكام الله خصوصاً ما يجرى بالليل والأحكام التى لا يتطلع عليها الناس فى أثناء غيبته.

وكما حكى الله فى قرآنه فى سورة الأحزاب الآية (34):

(وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)

وهنا يكمل الرسول نصائحه الغالية بقوله – صلى الله عليه وسلم: (تناكحوا تناسلوا تكثُروا فإنى مباهى بكمُ الأُمم يوم القيامة).

وعلى هذا فإن فكرة تنظيم النسل وتحديد النسل فكرة صهيونية غربية أجنبية أراد بها الكفرة أن يقللوا بها عدد المسلمين حتى تكون الأغلبية لغير الملة الإسلامية فيمحى الدين الإسلامي رويداً رويداً.

الواقع إنك لو نظرت بتدبر إلى الكون كله لوجدت أن الماديات والمعنويات كلها أزواج –بمعـنى:  كل شئ فى الكون يقابله الضد المرأة يقابلها الرجل – الذكر أمامه الأنثى – اليمين يقابله الشمال – الأمام يقابله الخلف – فوق يقابله تحت – الشمال يقابله الجنوب – الشرق يقابله الغرب – الحق يقابله الباطل – الخير يقابله الشر – الخبيث يقابله الطيب – الحلال أمامه الحرام – الحلو أمامه المر – السمآء قصدها الأرض – الشيطان أمامه الرحمن …

هذا معنى:  (ومن كل شئ خلقنا زوجين).

ليس عندنا فرد وتر إلا الله سبحانه وتعالى.

النبات إذا لم يوجد ذكر وأنثى لا يطلع النبات – وربُنا يقول: (وأرسلنا الرياح لواقح) الريح تُطير أعضاء الذكورة من النبات يلقح بها أعضاء الأنوثة ثم يكثر النوع.

والأرض التى ليس فيها هواء أو هوائها بسيط ، (2) فيرسل الله الحشرات مثل النحلة أو الدبور – تحط النحلة على أعضاء الذكورة تمص الرحيق وتحمل بالأرجل وأهمها أعضاء ذكورة وهى لا تعلم وتحط على أعضاء الأنثى.

  الذى لا يلقحه الهواء تُلقحه الحشرات.

موضوع الزواج بين الذكر والأنثى مسألة طبيعية كونية.

هناك بعض ملاحظات:

       لما يحب ناس أن يذهبوا للزواج.  وأنتم كما تعلمون أن الزواج عبارة عن شركة أو حالة جديدة المفروض إذا دخلنا عليها ، ندخل عليها على طاعة الله وتقواه ، ولا ندخل عليها بالمعصية.  لا نؤثث البيت على الحرام فى أول حجر فيه– الشرع يقول لك إذا كنت ناوى تحج أو تسافر أو تتزوج – كل مشروع من دول إذا أردت أن تشرع فيه أو إذا أردت أن تعرف أنه خير أو شر عليك أن تستخير الله…

       ما معنى ذلك؟  هو أن تطلب من الله معرفة الخير …

       والإستخارة فيها مادة الخاء والرائ بمعنى طلب معرفة الخير ، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا خاب من استخار ولا ندم من استشار).

بمعــنى:  يا رب إذا كان هذا الأمر (خير) قدره ويسره وإن كان شراً صرفه.

صلاة الإستخارة:  وهى عبارة عن أن تصلى ركعتين فى غير وقت الكراهة وفى أثناء السجود الأخير أو بعد التشهد أو بعد أن تسلم من الصلاة تقول الإستخارة …  (عن جابر بن عبدالله – رضى الله عنهما قال:كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم يعلمنا الإستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن . نقول في الإستخارة : (1) اللهم إنى أستخيرك بعلمك ، (2) واستقدرك بقدرتك (3) وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى فاقدره لى ويسره لى ثم بارك لى فيه – وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى ، فاصرفه عنى واصرفنى عنه وأقدر لى الخير حيث كان ثم أرضنى به ويسمى حاجته)  رواه البخارى…

(1)           حاول أن تحفظها لأنها كلام النبى – صلى الله عليه وسلم – أنت تريد أن تستخير الله بسرعة ماذا فعل؟  تُصلى ركعتين ثم تقول: (اللهم خر لى وأختر لى) هذه هى الإستخارة المختصرة للمستعجل – أو تقول ….

(2)           (اللهم إن كان هذا الأمر خير لى أشرح صدرى له ، وإن كان شر أصرفه عنى ، ونرى إذا ربنا شرح صدرك توكل على الله وإن قُبض صدرك امتنع ، وإذا وجدت المسألة متأرجحة بين الإنشراح والإنقباض نعيد الإستخارة مرة ثانية فى اليوم التالى لغاية لما نرى الإنشراح أو الإنقباض ، وهذا هو الواجب عند الزواج أو عند المشروعات.

بعض الناس تترك هذه السنة ويذهبوا إلى 1) ضرب الودع ، 2) قراءة الفنجان، 3) فتح الكتاب ، 4) وتُخطط فى الرمل.  كل هؤلاء دجاجلة – (وما يعلمُ الغيب إلا الله).

       والنبى – صلى الله عليه وسلم – قال: (من أتى كاهناً أو عرفاً فسأله عن شئ ولم يصدقُه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ، فإن سأله وصدقهُ فقد كفر بما أُنزل على محمد).

 

( والحمدلله رب العالمين )

 

      

اترك تعليقاً