أمرنا رسول الله بسبع

 

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

          فعن البراء بن عازب – رضى الله عنه – قال:  أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بسبع: أمرنا بعيادة المريض ، واتباع الجنازة ، وتشميت العاطس ، وإجابة الداعى، وإفشاء السلام ، ونصر المظلوم ، وإبرام المقسم).

فى هذا الحديث سبعة أشياء أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بفعلها ، لأنها من باب البر والصلة ، والتعاون على البر والتقوى ، وهذه السبعة تدخل فى أبواب المجاملات ، ولها فى النفوس تأثير عميق ، فهى تعبر عن الحب والرحمة والمودة والتآخى بين الناس.

أول هذه الأوامر:  عيادة المريض:

          وهى سُنة مستحبة ولا سيما إذا كان المريض قريباً ، أو جاراً أو كان من العلماء ، أو من الصالحين ، أو كا ن يعانى من مرض شديد يُخشى أن يموت فيه.

          ومن قصر فى مثل هذا الواجب لا يكون مسلماً حقاً.

          قد وردت فى فضل عيادة المريض أحاديث كثيرة منها:

(1)           ما رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة – رضى الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (حق المسلم على المسلم خمس:  رد المسلم ، وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وإجابة الدعوة ، وتشميت العاطس).

(2)           وروى مسلم فى صحيحة عن أبى هريرة أيضاً أن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال:  (إن الله عز وجل يقول يوم القيامة:  “يا ابن آدم مرضتُ فلم تعدنى؟ ، قال: يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال:  أما علمت أن عبدى فلاناً مرض فلم تعده ، أما علمت أنك لو عُدته لوجدتنى عنده – يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمنى؟ قال:  يارب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟  قال: أما علمت أنه استطعمك عبدى فلان فلم تطعمه ، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندى – يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقنى؟  قال:  يارب وكيف أسقيك وأنت رب العالمين؟  قال:  استسقاك عبدى فلان فلم تسقه؟  أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندى”).

وهذا الحديث حديث بليغ مؤثر يُفيد أن الدعاء عند المريض مجاب وفيه عتاب من الله تبارك وتعالى لمن قصر فى قضاء حوائج الناس ، وعيادة المرضى.

الحديث الثانى:

          عن أبى هريرة – رضى الله عنه – قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (من اصبح منكم اليوم صائماً؟  فقال أبوبكر:  أنا ، فقال: من تبع منكم اليوم جنازة؟  فقال أبوبكر:  أنا.  قال: من عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبوبكر:  أنا.  فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (ما أجتمعت هذه الخصال قط فى رجل إلا دخل الجنة).     (رواه ابن خزيمة فى صحيحه).

الحديث الثالث:

          عن ابن عباس – رضى الله عنهما – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات:  أسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض).     (رواه أبو داود والترمذى).

الحديث الرابع:

          عن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه قال:  قال النبى – صلى الله عليه وسلم: (إذا دخلت على مريض فمره يدعو لك ، فإن دعاءه كدعاء الملائكة) (رواه ابن ماجه).

          ويستحب للزائر أن يطلب من المريض أن يدعو له.

         ويستحب أن يقوم الزائر بخدمة المريض إن إحتاج إلى ذلك.

         يستحب ألا يمكث عنده طويلاً.

         ويستحب ألا يكلفه شيئاً من طعام أو شراب.

         وينبغى عليه أن يذكره بخير إذا خرج من عنده ، ولا يخبر بما رآه من سوء.

         هذا ويكره للزائر أن يذكر للمريض ضعفه ، وإصفرار وجهه ، وما يراه عليه من أثر المرض.

         ويكره للمسلم أن يقول فى نفسه فلان لم يزرنى فى مرضى فلا أزوره فى مرضه.

         لا يقول فى نفسه ذلك ، بل يذكر ما قاله على – رضى الله عنه: (أحسن لمن أساء إليك تكن أعبد الناس).

الحديـــث:

          (أمرنا بعيادة المريض ، وإتباع الجنازة ، وتشميت العاطس……).

ثانياً:  إتباع الجنازة:

          روى البخارى ومسلم عن أبى هريرة – رضى الله عنه – قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (من شهد الجنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تُدفن فله قيراطان ، قيل:  وما القيراطان؟  قال:  مثل الجبلين العظيمين.  فقال عبدالله بن عمر: لقد فرطنا فى قراريط كثيرة).

          إن تشييع الجنازة يذكُر بالآخرة ، ويزهد فى الدنيا ، ويدفع إلى العمل الصالح والتخفف من المعاصى ، وفيه أيضاً طمأنينة وسكينة وإنشراح صدر.

ثالثاً:  تشميت العاطس:

          فهو سُنة – ولا يكون كذلك إلا لمن حمد الله – عز وجل ، أما إذا لم يحمد العاطس ربه – تبارك وتعالى – فلا يسن تشميته.

الدليل على ذلك:

          فقد روى البخارى فى صحيحه عن أنس بن مالك – رضى الله عنه – قال:  عطس رجلان عند النبى – صلى الله عليه وسلم – فشمت أحدهما ولم يُشمت الآخر ، فقيل له ، فقال:  (هذا حمد الله ، وهذا لم يحمد الله).

          هل الكافر يُشمت؟  ليس من السنة ، لأنه لا يستحق الدعاء له بالرحمة ، نقول له: يهديكم الله.

الدليل على ذلك:

          كما فى حديث أبى موسى الأشعرى قال:  كانت اليهود يتعاطسون عند النبى – صلى الله عليه وسلم – رجاء أن يقول:  يرحمكم الله ، فكان يقول:  (يهديكم الله ويصلح بالكم).

مواقف لا يُشمت فيها العاطس:

(1)           أن يكون العاطس فى الخلاء (الحمام لقضاء الحاجة) أو من سمع عطاسه فى الخلاء ، فإنه لا يشمته إلا بعد أن يفرغ كل منهما ، بأن يقول العاطس بعد فراغه: الحمدلله ، فيقول له:  يرحمك الله.

(2)           إذا كان الخطيب على المنبر ، فإن أخاه لا يشمته إلا بعد الفراغ من الخُطبة.

 

 

(  والحمدلله رب العالمين )

اترك تعليقاً