اتقُوا دعوة المظلوم

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،،

          فعن عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن ، فقال:  (اتق دعوة المظلوم ، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب).

          رواه البخاري والترمذى وأبوداود وغيرهم

(1)     كان النبى – صلى الله عليه وسلم – يحذر أصحابه تحذيراً شديداً من الوقوع في الظلم ، وينفرهم من عواقبه وآثاره المؤلمة.

(2)     يدعوهم إلى نصرة المظلوم بشتى الوسائل المشروعة.

(3)     ويحثهم على إقامة العدل بين الناس في جميع الأحوال.

(4)     ويخبرهم أن أبواب السمآء مفتوحة لدعوة المظلوم فلا تُرد أبداً لماذا؟

          لأن الله حرم الظلم على نفسه ، وجعله بين الناس محرماً ، فمن ظلم فظلمه يعود عليه ويحيق به.

          وفي هذا الحديث يبين أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد بعث معاذاً بن جبل إلى اليمن والياً ، وكان رجلاً صالحاً زاهداً تقياً ورعاً ، ومع ذلك أوصاه بهذه الوصية.

          فقال له:  (اتق دعوة المظلوم).

بمعنى:  اجعل لنفسك وقاية من عواقب دعوة المظلوم بترك الظلم ، والبعد عن أسبابه ووسائله.  كيف؟؟

(1)     لا تحم حول ظلم إنسان من قريب ولا من بعيد.

(2)     ولا تعن ظالماً على ظلم أحد ، ولا ترضى بالظلم إن وقع.

(3)     وكن للمظلوم ناصراً ومعيناً له على أخذ حقه ممن ظلمه بالحسنى.

(4)     واحرص كل الحرص على طاعة الله حيثما كنت وأعلم أن الله مع المظلوم حتى تنصفه ، فإن لم تنصفه فانتظر ما يحل بك إن دعا عليك.

          والظلم من أكبر الكبائر والعدل من أعظم الطاعات ، وهو أساس الملك.

لماذا العدل أساس الملك؟

          لأن الله – عز وجل – قد أقام الوجود له عليه ، فلا ترى في خلق الله من تفاوت ، ولا ترى في شرع الله من تناقض ، ولا ترى في حكم الله من قصور ، ولا ترى فى شأن الله كله مع عباده إفراطاً ولا تفريطاً.

          ونجد أن أمر الإسلام كله في آية واحدة مصداقاً لقوله تعالى في سورة النحل الآية(90):

(ِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).

الدليل من السُنة على أن دعوة المظلوم لا تُرد:

الحديث الأول:  ما رواه الترمذي وأبوداود عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  (ثلاثة لا تُرد دعوتهم:  الصائم حين يفطر ، والإمام العادل ودعوة المظلوم ، يرفعها الله فوق الغمام ، وتفتح لها أبواب السمآء ، ويقول الرب:  وعزتي لانصرنك ولو بعد حين).

الحديث الثاني:  عن أبي هريرة – رضي الله عنه قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه

وسلم:  (ثلاث دعوات مستجابات ، لا شك في إجابتهن:  دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على الولد).

          ومعنى قوله – صلى الله عليه وسلم – في هذه الوصية:  (فإنها ليس بينها وبين الله حجاب).

          أن دعوة المظلوم مستجابة من غير قيد ولا شرط ، وأنها ترفع إلى الله مباشرة ليقضى فيها الله بالحق.

          ويجب أن يدعو المظلوم وهو مُوقن بالإجابة (إن الله سوف ينصره).

هل الرب سبحانه يستجاب لدعوة المظلوم المسلم فقط؟

الإجابة:   روى أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي عبدالله الأسدي قال: 

          (سمعتُ أنس بن مالك – رضي الله عنه يقول:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (دعوة المظلوم ، وإن كان كافراً ، ليس دونها حجاب).  المنذري في الترغيب

الدليل الثاني:  وروى ابن حبان والحاكم بسند صحيح حديثاً طويلاً ، وقد جآء فيه أن أبا ذر – رضي الله عنه قال:  (كانت أمثال كلها:  أيها الملك المسلط المبتلى المغرور ، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم ، فإني لا أرُدها وإن كانت من كافر…..).

الدليل الثالث:  روى أن ملكاً من ملوك بني إسرائيل بني قصراً فزينه وجمله ، ولم ير فيه عيباً إلا أن بجواره كوخاً لمرأة عجوز فهدمه ، وكانت في حاجتها ، فلما جآءت ورأته مهدوماً سألت عمن هدمه ، فقيل:  إنه الملك ، فلما أقبل الملك في زينته وحشمه تعرضت له ، فقالت:  أأنت هدمت كوخي؟  فقال الملك: نعم.  فقالت:  وأين حقي؟ قال: لا حق لك عندي.  قالت:  والله لأدعون عليك دعوة تنصفني منك.  فسخر منها الملك ، فرفعت بصرها إلى السمآء ، وقالت:  (اللهم إني كنت غائبة ، وأنت حاضر فانتصف لي منه).

          فلما جن الليل ونامت الأعين دك الله القصر على من فيه ، ووجد مكتوباً على أحد جدرانه.

أتهزأ بالدعاء وتزدريه

وما يدريك ما صنع الدعاء

دعوات يقولها المظلوم عند إشتداد الكرب:

          وقد علم النبى – صلى الله عليه وسلم – المظلوم دعوات منها:

أولاً:  عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (إذا تخوف أحدكم الشيطان فليقل:  (اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم ، كن لي جاراً من شر فلان بن فلان ، وشر الجن والإنس وأتباعهم أن يفرط علي أحد منهم ، عز جارك ، وجل ثناؤك ، ولا إله غيرك).                رواه الطبراني – ذكره المنذري

ثانياً:  وعن ابن عباس – رضي الله عنهما قال:  (إذا أتيت سلطاناً مهيباً تخاف أن يسطو بك فقل:  (الله أكبر ، الله أعز من خلقه جميعاً ، الله أعز مما أخاف وأحذر ، أغوذ بالله الذى لا إله إلا هو الممسك السموات أن يعقن عى الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه وأشياعه من الجن والإنس ، اللهم كن لي جاراً من شرهم ، جل ثناؤك ، وعز جارك ، وتبارك أسمك ، ولا إله غيرك) ثلاث مرات.       قال المنذري في الترغيب

ثالثاً:  وعن لا حقُ بن حميد – رضي الله عنه قال:  (من خاف من أمير ظلماً فقال:  (رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – نبياً ، وبالقرآن حكماً وإماماً نجاه الله منه).                         قال المنذري في الترغيب

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

اترك تعليقاً