القرآن وأثره في النفوس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، خالق السماوات والأرض – وصلي الله علي سيدنا محمد خاتم النبين وسيد المرسلين وإمام المتقين ,وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد,

 

فما أسعدنا مع كتاب الله سواء كنا تالين او سامعين أو متدبرين أو دارسين فإنه لايقدر عظمة مناجاة الله إلا المؤمنين الصالحين والمؤمنات الصالحات والمسلم والمسلمة لهما اتصالات بالله ماأحلاهما :-

1- إتصال الله بالمسلم والمسلمة .                   2- إتصال من المسلم  والمسلمة لله.

أولاً: فأما إتصال رب العزة لهم فهو عن طريق هذا القرآن الله يتكلم والمسلم والمسلمة  يستمعا مصداقاً لقوله تعالي في سورة لقمان (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ  وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ  وَالِدِهِ  شَيْئًا إِنَّ  وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدنيا  وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ  بِاللَّهِ  الْغَرُورُ”)

المتكلم هنا هو الله ونحن المستمعون لكلامه

ثانياً: إتصال العبد نفسه بالله : وهذا يتأتي في الصلاة ، فأنت تصلي تناجي ربك (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ “)

ومن هنا قال الإمام الحسن البصرى رحمه الله.

(هنيئاً لك يابن آدم إذا أردت أن يخاطبك الله تتلوا كتابه وإذا أردت أنت أن تخاطب الله أحرمت بالصلاة)

الإتصال بالقرآن متعه عظيمة فإذا قرأت القرآن وعرفت أن الله لم يحجبك عن كتابه وبذلك صرت أهلاً للمناجاة الله  لماذا؟

لأن الله تعالي يحجب أهل الكبر وأهل الإلحاد عن القرآن فلا يوفقهم إلي تلاوته ولا إلي السماع إليه مصداقاً لقوله تعالي في سورة الإسراء ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا. وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ  وَقْرًا)“”

وهذه الآية نزلت في أم جميل بنت حرب زوج عم النبي صلي الله عليه وسلم أبو لهب – أقبلت وفي يدها حجر وكان النبي صلي الله عليه وسلم جالس في المسجد معه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فلما رآها أبو بكر قال  يارسول الله لقد أقبلت وأنا أخاف أن تراك! قال رسول الله : ( إنها لن تراني) وقرأ : وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا. ” سورة الإسراء آية 45

فوقفت علي أبي بكر ولم ترى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت: أُخبرت أن صاحبك هجاني ” فلما نزلت 🙁 تبت يدا أبي لهب وتب “) فقال : لا ورب هذا البيت ماهجاك قال: فولت …. وهي تقول: قد علمت قريش أني ابنه سيدها .

وكان النبي صلي الله عليه وسلم يستتر من المشركين الآية 45. 46 الإسراء- الآية 57 من سورة الكهف (” إناجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ  وَقْرا”)

والآية الرابعة من سورة الجاثية

(“ًأَفَرَأَيْتَ مَنِا تَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِه غشاوة ِ)

وكان الرسول صلي الله عليه وسلم إذا قرأهن يستتر من المشركين .

وقال القرطبي: صاحب كتاب الجامع لأحكام القرآن ويزاد إلي هذه الآية أول سورة يس إلي قوله تعالي (” فهم لايبصرون”) وقال القرطبي أيضاً : أنه هرب أمام العدو, فما لبث أن خرج في طلب فارسان وأنا في فضاء من الأرض جالس ليس يسترني عنها شئ وأنا أقرأ أول سورة يس وغير ذلك من القرآن فعبر علي ثم رجعا من حيث جآءا وأحدهما يقول للآخر: هذا شيطاناً , وأعمى الله عز وجل أبصارهم فلم يروني , والحمد لله حمداً كثيراً علي ذلك.

إذا سمعنا القرآن وتأثرنا بالمواعظ القرآنية تخشع قلوبنا وتدمع أعيننا هذا دليل علي أن الله لم يحجبنا عن كتابه .

فنحن نحمد الله الذي أنعم علينا بنعمة القرآن حتي تبين لنا الجاهلية سوآءكانت الجاهلية القديمة التي كانت شائعة وذائعة قبل الإسلام . وهذه الجاهلية كانت محدودة علي قدر تفكيرهم الساذج.

 أما الجاهلية المعاصرة : التي رجعت مرة أخرى وأعادت للإسلام غربته كيوم أن بدأ ,وأصبح الناس في جاهلية مهما أدعوا الحضارة والمدنية ومهما أدعوا التقدمية العصرية فإن الجاهلية في القيم والأخلاق والمعاملات وقد عادت ابشع أضعاف مضاعفة من الجاهلية التي كانت قبل الإسلام .

 قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” القرآن شافع مشفع من جعله أمامه قاده إلي الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلي النار”

شفاعة القرآن مقبولة عند الله وكذلك إذا قرأت القرآن أو سمعته يكون لك حراسة في القبر عندما تأتي ملائكة العذاب عند رأسك , وعند وسطك وعند رجلك القرآن يقول ممنوع تقتربوا منه .

 قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” أفضل عبادة أمتي قرأة القرآن نظراًذكره السيوطي

بعض الناس عايشين من غير قرآن يعيشون كالنائمين أما حياة الإنسان الذي كرمه الله بالربانية عليه ورد كل يوم .

عن ابن عباس رضي الله عنه  قال: ” بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم وعنده جبريل, إذ سمع نقيضاً فوقه فرفع جبريل بصره إلي السمآء فقال: هذا باب قد فتح من السمآء مافتح قط , قال : فنزل منه ملك فأتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال:” أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورةالبقرة”

فهذا القرآن هو الذي أخرج الأمة الأمية من الجاهلية إلي النور والمعرفة وجعلهم يقهرون ويهزمون الدول العظيمة التي كانت علي حضارة مدنية (أمة الروم وأمة الفرس) غلبوهم بالقرآن ولقد كان بعض الصحابة إذا ماقل عدد الجيش وخاف بعضهم يقول : لا تخافوا والله مانحاربهم بعدد ولاعدة وإنما نحاربهم بالقرآن , ومادام معنا القرآن فإنا منصورون إن شاء الله تعالى.

 (والحمد لله رب العالمين)

اترك تعليقاً