المؤتمر الذى عقده عثمان بن مظعون وقراراته

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فعثمان بن مظعون من أوائل المهاجرين من مكة إلى المدينة وكان له امرأة تسمى الخولاء–رضى الله عنها وعنه، ولما نزل قول الله تعالى في سورة آل عمران الآية(102):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

          أمر الله تعالى المسلمون بأن يبذلوا وسعهم في تقواه ، وذلك بطاعته كامل الطاعة حتى يموتوا على دين الله –فلا يبدلوا ولا يغيروا وأمرهم بالتمسك بالإسلام عقيدة وشريعة.

          وحق تقاته هو أن يطاع فلا يُعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ، وأن يشكر فلا يُكفر – وتمسكوا بالإسلام وعضوا عليه بالنواخذ حتى يدرككم الموت وأنتم على تلك الحالة – فتموتون على الإسلام.

          سيدنا عثمان بن مظعون لما سمع هذه الآية – خاف والآية ظاهرها شديد – ولابد من تقوى الله تقوى قوية.

          سيدنا عثمان جمع عشرة من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهم:

(1)أبوبكر الصديق ،  (2) علي بن أبي طالب ، (3) عبدالله بن مسعود ، (4) عبدالله بن عمر ، (5) أبو ذر الغفاري ، (6) سالم مولى أبو حذيفة ، (7) المقداد بن الأسود ، (8)سلمان الفارسي ، (9)  معقل بن مقمرن

قرارات المؤتمر:

(1)            قال عثمان بن مظعون أنا حرمت النسآء (لا يقربوا النسآء).

(2)            يصوموا النهار ويقوموا الليل.

(3)            لا يأكلون اللحم ولا الودك (الفرخة أو الديك السمين).

(4)            لا يناموا على الفرش.

(5)            لا يقربوا الطيب (الروائح).

(6)            يلبسوا المسوح (لباس من الصوف أو الشعر ويتركوا القطن والكتان).

(7)            يرفضوا الدنيا ويسيحوا في الأرض.

(8)            ويجبوا المذاكير (يختصي)    يقطع الذكر.

قال عثمان لزوجته:

قدمي لي الطعام ولا تطمعي في أكبر من ذلك.  قالت:  ربنا نزل شئ؟  قال:  نعم ، شئ عظيم ، فظنت أنه من ضمن الإسلام أن يتجنبها زوجها ولا يأتي إليها وأمرها إلى الله.

نزل الوحي على الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – ينبئه بنتيجة المؤتمر في بيت عثمان بن مظعون.

وبسرعة أرسل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى عثمان.  وجآء عثمان فقال له:  (أنت صاحب البيت الذى عقد فيه المؤتمر؟).  قال:  سبحان من أعلمك – وما أردنا إلا خيراً.  قال:  ياعثمان أرسل إليهم جميعاً – فجآءوا وهم يظنون أن الله سوف يزف لهم بشرى ويهنئهم على ما ألتزموا عليه – فبعد أن تكامل جمعهم قال الرسول:  (ماذا تقولون في؟).  قالوا:  نبينا ورسولنا وخيرنا – قال:  هل أنتم معترفون (1) أني أتقاكم لله ، (2)وأعلمكم بحدود الله – (3) وأزهدكم في الدنيا؟.

قالوا:  بلا شك – قال رسول الله:  (فإني أقوم بالليل وأنام وأصوم بالنهار وأفطر – وأكل اللحم وآتي النسآء فمن رغب عن سنتي فليس مني).

فقالوا:  نتوب إلى الله وإلى رسوله ، والله ما أردنا إلا خيراً.

فنزل الوحي يؤيد كلام النبى – صلى الله عليه وسلم – حيث قال في سورة المائدة الآية (87 ، 88):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ)(88).

روى الطبري عن عكرمة قال:

كان أُناس من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – هموا بالخصاء وترك اللحم والنسآء فنزلت الآية أي لا تمنعوا أنفسكم تلك اللذائذ وتقولوا حرمناهم على أنفسنا مبالغة في تركها وتقشفاً وتزهُداً (ولا تعتدوا) ، ولا تتعدوا حدود ما أحل الله لكم بتجاوز الحلال.

(وكلوا مما رزقكم)  تمتعوا بالمآكل الحلال وبالنسآء وغير ذلك وإنما خص الأكل بالذكر لأنه أعظم حاجات الإنسان.

وأنزل الله تعالى الآية رقم (17) في سورة النسآء:

(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ).

          وهذا الرجل الصالح عثمان بن مظعون مات في العام الثاني الهجرى في ذى القعدة وقالوا:  إن هذا أول رجل يموت من المهاجرين في المدينة ودفن بالبقيع وكان أول من دفن في البقيع – وعَََلَمَ النبى قبره بحجر يزوره من حين إلى آخر ، تكريماً لإيمانه ويقينه وإحتماله الأذى فى سبيل الله تعالى.

          وقد أخبر النبى – صلى الله عليه وسلم – بأنه من أهل الجنة صراحة فحين ماتت أبنته رقية – رضى الله عنها – قال النبى:  (ألحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون).

((  الحمدلله رب العالمين  ))

اترك تعليقاً