تفسير سورة التكاثر

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،

فالله عز وجل حينما وصف الحياة الدنيا قال فى سورة محمد الآية (36):

          (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ)

ما هو اللهو؟

(1)أن تشتغل بالخسيس وتنسى النفيس ، (2)أن تشتغل بجميع الأصداف وتنسى اللآلى ، (3)أن الإنسان إشتغل بالدنيا وتنسى الآخرة فهو في لهو ، (4)أشتغل بزخرف الدنيا ونسى حقيقة الآخرة ، (5)أشتغل بما يحقق متعته في الدنيا ونسى العمل الصالح فهو في لهو.

          أنت حينما أتيت إلى الدنيا جئت من أجل العمل الصالح.

الدليل:   في سورة المؤمنون الآية (99/100):

إن الإنسان حينما يأتيه الموت يقول:         

(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا)

بعد الإيمان بالله علة وجودك العمل الصالح ، (1) لأن العمل الصالح ثمن الجنة ، (2) لأن العمل الصالح يرفع الإنسان ، (3) ولأن العمل الصالح هو السبيل إلى الله عز وجل.

 

 

الدليل:  قول الله تعالى في سورة الكهف الآية (110):

          (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110))

          وأعلموا أيتها المؤمنات أن حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح ، والغني غنى العمل الصالح ، والفقر فقر العمل الصالح – فلذلك الإنسان في الدنيا يلهو – يشتغل بزخرف الدنيا وينسى الآخرة لذلك أكبرخ سارة يعاني منها الإنسان أن يخسر الدار الآخرة.

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة الزمر الآية (15):

          (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15))

          قال ابن عباس – رضي الله عنه:  إن لكل رجل منزلاً وأهلاً وخدماً فى الجنة ، فإن أطاع الله أعطى ذلك ، وإن كان من أهل النار حُرم ذلك ، فخسر نفسه وأهله ومنزله . (ألا ذلك هو الخسران المبين) ألا فإنتهبوا أيتها الأخوات ذلك هو الخسران الواضح الذى ليس بعده خُسران.

مثال:   الإنسان أحياناً يعمل في التجارة لسنوات عديدة ، ويشترى ويبدع ويسافر ويحصل الديون ، وفي نهاية الحسابات لم يربح شيئاً ، شئ مؤلم جداً – فإذا كان هناك خسارة كبيرة يقول:  (ليتني لم أضع وقتي في هذه التجارة أو في هذه الصفقة ، فعدم الربح شئ مؤلم ، والخسارة أشد إيلاماً ، فالإنسان حينما يأتيه ملك الموت ، ويكتشف أنه نسى الهدف الأول من وجوده في الدنيا ، هذا الحال لا يحتمل قال:  إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول:  “يارب لإرسالك بي إلى النار أهون علي مما ألقى ألم الندم الذى لا يحتمل”.

          جئت إلى الدنيا لسنوات معدودة ، أمضيتها فثي اللهو وفى (1) اللقاءات الفارغة ، (2) في متابعة المسلسلات ، (3) في لعب النرد ، (4) في الغيبة والنميمة ، (5) في السفر والسياحة ، ثم جآء ملك الموت.

          فإذا أنت أمام حياة أبدية لا تنقضي ، وليس معك من عملة هذه الدار شئ ، قد يكون معك مليارات ممليرة هذه العملة تصلح في الدنيا – عند ما يأتي ملك الموت كل هذه الأموال لا تقدم ولا تؤخر.  (قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم ….)

أيتها الأخوات:

          ليس محرماً أن (1) تسعى لرزقك ، (2) لا أن تسعى لشراء مأوى تأوي إليه ، (3)وليس محرماً أن تبحث عن زوجة صالحة تسعدك إذا نظرت إليها ، وتحفظك إذا غبت عنها ، وتُطيعك إذا أمرتها.

          إن المشكلة في التكاثر ، (1) بعد مرحلة معينة ، (2) بعد كسب المال ، (3) بعد تحقيق ربح كبير ، (4) يدخل الإنسان في متاهة التكاثر والله يقول في سورة الزخرف الآية (32):

          (وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32))

          إنسان يترك مليارات ماذا يأكل؟  يرتدي ثوباً واحداً ، ينام على سرير واحد ، له مكان واحد يؤوي إليه ، هذا (1) الرزق ما أنتفعت به والكسب هو الرقبم الذى في حساباتك ، هذا الرقم لا يعني شيئاًُ.   ما الفرق بين الرزق والكسب؟

          أنت محاسب عن طريقة كسبه ولم تنتفع به – فلذلك البطولة أن تعرف سر وجودك، وغاية وجودك ، أن تعرف لماذا أنت في الدنيا؟  أنت في الدنيا من أجل أن (1) تعرف الله ، (2) ومن أجل العمل الصالح.

          خسارة الإنسان الكبيرة أن ينسى الدار الآخرة ، ويدخل في متاهة التكاثر ، لذلك قال تعالى:  “إن الإنسان لفي خُسر”.

          إلهنا وربنا وخالقنا يقسم بمطلق الزمن لنا ، ونحن بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منا.

 

(ألهاكم التكاثر) :

(1) قرأ النبي – (ألهاكم التكاثر) ، قال: (تكاثر الأموال) جمعها من غير حقها ، ومنعها من حقها ، وشدها في الأوعية).

          شغلكم المباهاة بكثرة المال والأولاد (2) عن طاعة الله ، وعن الإستعداد للآخرة.

الخسارة الكبيرة:  (1) أن تنسى الآخرة ، (2) وأن تدخل في متاهة التكاثر ، التكاثر بالأموال ، بالأولاد ، بحجم الأرباح ، (3) بالمتع الرخيصة ، (4) بالبيوت ، (5)بالسيارات.

(حتى زرتم المقابر) :

          حتى أدرككم الموت ، ودفنتم في المقابر.

          الموت هو نهاية كل شئ ، لابد من النهاية ثم ماذا؟

(1)ماذا بعد الغنى والتسابق في الدنيا؟  القبر ، (2) ماذا بعد المتع الرخيصة؟ القبر ، (3)ماذا بعد القوة أي أن تكون قوياً في العالم؟  ملوك يموتون ، (4) ما بعد الوسامة؟  القبر ، (5) ماذا بعد الذكاء؟  القبر ، (6) ماذا بعد طلاقة اللسان؟  القبر.

          لقد قرأت كتاباً عن قصص العرب (أربع أجزاء) قصص الأذكياء ، والأغبياء ، والأغنياء والفقراء ، والأقوياء ، والضعفاء ، والعقلاء والمجانين ، وبعد الإنتهاء من قراءة هذه الكتب.  وجدت أن الأقوياء ماتوا ، والضعفاء ماتوا ، والأغنياء ماتوا ، والفقراء ماتوا ، والذين استمتعوا بالحياة ماتوا ، والذين لم يستمتعوا ماتوا ، هذا الموت ينهي كل شئ ، ينهي قوة القوى ، وضعف الضعيف ، وغنى الغنى ، وفقر الفقير ، ووسامة الوسيم ودمامة الدميم ، ينهي كل شئ.

الإستعداد للموت بماذا؟

          لقد رأينا أن الإنسان يوضع في النعش ثم يفتح غطاء النعش ، ويوضع في القبر ، توضع قطعة من الحجر كبيرة تغطي فتحة القبر ، يُهال التراب على الميت وينتهي هذا الملف – من بيت أربع غرف ، وزوجة ، وأولاد ومنصب وتجارة ، وولائم ، وسهرات ، وإحتفالات ، وأمسيات ، ومسامرات ، والنهاية إلى القبر ، البطولة أن تعيش المستقبل كيف؟

          أبدأ من النهاية وتأقلم مع النهاية ، لا يستطيع أحد على وجه الأرض أن ينكر الموت …  ولكن العقلاء يستعدون للموت.

          الناس يتفاوتون في الإستعداد للموت ، هناك من يستعد له (1) بطلب العلم (الشرعي) ، (2) يستعد له بالعمل الصالح ، (3) بتربية أولاده ، (4) يستعد له بإنفاق المال في وجوه الخير.

(ألهاكم التكاثر – حتى زرتم المقابر) :

          فصرتم في المقابر زواراً ، ترجعون منها كرجوع الزائر إلى منزله من جنة أو نار، القبر يزار ، بعد الزيارة هناك خروج من القبر ، كلمة زرتم كلمة دقيقة جداً ، أنت تزور القبر ، لكن بعد القبر هناك جنة وهناك نار.

          والإنسان حينما يولد أمام خيارات عديدة لا تعد ولا تحصى ، أما حينما يأتيه ملك الموت أما خيارين لا ثالث لهم.

          مصداقاً لقوله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذى رواه الحسن وأخرجه البيهقي:  (والذى نفسي بيده بما بعد الموت من مستعتب ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار).

الآية الثالثة:            (كلا سوف تعلمون)   =  زجر وتهديد

كلا:  أداة ردع ونهى.  (1) إياك أن تُلهى بالتكاثر ، (2) إياك أن تنسى الموت ، (3) إياك أن تنسى الدار الآخرة ، (4) إياك أن تنسى الصراط المستقيم ، (5) إياك أن تنسى الجنة أعدها الله للمتقين ، (6) إياك أن تنسى النار التى فيها كل المجرمين.

          تعلمون عند الموت أن هذه الدنيا لا قيمة لها ، في بدايات الحياة ترى المال كل شئ وفي منتصف الحياة تراه شيئاً ، ولكن على مسارف الموت لا ترى المال شيئاً.

          في البدايات (الشباب) الرجل يرى المرأة كل شئ ، بعد حين من الوقت يراها شيئاً وليست كل شئ ، أما عند الموت ، لا ترى هذه المتعة شيئاً ، ترى طاعة الله هي كل شئ.

أهل الأرض عند الموت يعرفون الحقائق التى جآء بها الأنبياء:

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة ق الآية (22):

          (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22))

          فأزلنا عنك الحجاب الذى كان على قلبك وسمعك وبصرك في الدنيا – فبصرك اليوم قوى نافذ ، ترى به ما كان محجوباً عنك (بصرك حاد تدرك به ما كنت تنكره في الدنيا من البعث والنشور والحساب والجزاء).

          إذا دخلتم قبوركم ، وجاءكم منكر ونكير ، وحاط بكم هول السؤال وانقطع منكم الجواب.

مثال: (1) فرعون الذى قال في سورة النازعات الآية (24):

          (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24))

(2)فرعون الذى قال في سورة القصص الآية (38):

          (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي (38))

          ولكن عندما أدركه الغرق قال في سورة يونس الآية (90/91):

          (قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُواْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91))

الإنسان عند الموت:

          لابد من أن تكتشف الحقائق التى جآء بها الأنبياء ، مسلم ، غير مسلم ، ملحد ، علماني ، جهلاني ، لابد من أن تكتشف الحقيقة عند الموت.

الدليل:   (كلا سوف تلعمون (0) ثم كلا سوف تعلمون).

          ثم نرى وعيد إثر وعيد زيادة في الزجر والتهديد ، (1) أي سوف تعلمون عاقبة تكاثركم وتفاخركم إذا نزل بكم الموت وعانيتم أهواله وشدائده.

          (ثم كلا سوف تعلمون) أي في الآخرة إذا حل بكم العذاب.

          يوم القيامة وأنتم على مشارف الجنة أو مشارف النار ، الذين ينظروا إلى الجنة وكانوا من سكانها قالوا كما أخبر الله عز وجل في سورة الزمر الآية (74):

          (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74))

المعنى:  وقالوا عند دخولهم الجنة واستقرارهم فيها:  الحمدلله الذى حقق لنا ما وعدنا به (1) من دخول الجنة ، (2) وملكنا أرض الجنة نتصرف فيها تصرف المالك في ملكه ، وننزل فيها حيث نشآء لا ينازعنا فيها أحد ، فنعم أجر العاملين بطاعة الله الجنة.

الآية الثانية:   في سورة الحاقة الآية (19 : 24):

          (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24))

المعنى:     فأما من أُعطى كتاب أعماله بيمينه لماذا؟  لأنه من السعداء فيقول:  إبتهاجاً وسروراً ، وهذا يدل على أنه بلغ الغاية في السرور وعلم أنه من الناجين ومن الفائزين بالنعيم – لأني كنت في الدنيا أيقنت وتحققت بأني سألقي حسابي وجزائي يوم القيامة ، فأعددت له العدة من الإيمان والعمل الصالح – فهو في عيشة هنيئة مرضية ، يرضى بها صاحبها.  وهو في جنة رفيعة القدر ، وقصور عالية شاهقة – –ثمارها قريبة ، يتناولها القائم ، والقاعد والمضطجع ، ثم يقال لهم تفضلاً وإنعاماً.

          كلوا واشربوا أكلاً وشرباً هنيئاً بعيداً عن كل أذى ، سالماً من كل مكروه ، بسبب ما قدمتم من الأعمال الصالحة في الأيام الدنيا.

          (كلا لو تعلمون علم اليقين)

          تصور إنساناً يقود مركبة في طريق هابط شديد الإنحدار ، والسرعة كبيرة ثم يكتشف أن الفرامل معطلة ، وهذا الطريق ينتهي بمنعطف حاد بالمئة مليون الحادث حتمي  يقول لك:  أنتهينا.

أمثلة:  (1) المرابي  لو يعلم علم اليقين لرأي الجحيم ، (2) هذا الذى يعتدي على أعراض الناس ، يظن نفسه ذكياً.

(3)هذا الذى لا يؤدي ما عليه من حقوق (لرأي الجحيم).

(4)هذا العاق لوالديه.

(5)هذا الذى يؤذى المسلمين.

(6)هذا الذى يبني مجده على أنقاض الآخرين ، يبني غناه على فقرهم ، يبني حياته على موتهم – يبني عزته على ذلهم.

          (كلا لو تعلمون علم اليقين (0) لترون الجحيم).

لوتعلمون ما تجدونه في قبوركم ويوم بعثكم ونشوركم لما تشاغلتم بالأموال وتكاثرتم فيها – جواب قسم وعزتنا لترون الجحيم أي النار وذلك يوم القيامة المشرك يراها ويصلاها والمؤمن يراها وينجيه الله تعالى منهاثم لترونها عين اليقين – أي الأمر الذى لاشك فيه إذ يؤتي بجهنم فيراها أهل الموقف أجمعون.

عين اليقين:  هو الأمر الذى لاشك فيه  (ثم لترونها عين اليقين).

          وفي البخاري عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:  (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس)  معنى:  مغبون:  نسيوه وضيعوه.

          (ثُم لتُسأُلن يومئذ عن النعيم).

أي شئ في الدنيا تتنعم به سوف تحاسب عليه:

(1)وقت الفراغ كيف أمضيته؟  الفراغ نعيم.

(2)الصحة ماذا فعلت بها؟  سخرتها لطاعة الله أم لمعصية الله؟ تقويت بصحتك على معصية الله أم على طاعة الله؟

(3)هذه الزوجة التى أكرمك الله بها هل أكرمتها؟  هل قصرت طرفك عليها؟ هل عاملتها كزوجة؟  هل أحسنت إليها؟

(4)الأولاد الذين أنجبتهم هل علمتهم؟  هل ربيتهم؟ هل عرفتهم بربهم؟

(5)المال الذى بين يديك هل أنفقت منه في سبيل الله؟

(6)طلاقة اللسان التى أوتيتها هل كانت دعماً للحق أم للباطل؟

حتى قال بعض العلماء:

          لتسألن عن الماء البارد ، دخلت إلى البيت عندك ثلاجة وفيها ماء بارد هل شكرت الله على هذا الماء البارد؟

(7)الإدراك بحواس السمع والبصر مصداقاً لقوله تعالى في سورة الإسراء الآية (36):

          (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36))

          ظلال المساكن ، وإعتدال الخُلق ، ولذة النوم.

          وروى أبو الأحوص عن عبدالله عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:  “إن الله تعالى ليُعدد نعمة العبد يوم القيامة ، حتى تُعد عليه:  سألتني فلانة أن أزوجكها ، فيسميها باسمها فزوجتكها”.

          “شبع البطون وبارد الشراب”  روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ، قال:  خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ، قال:  خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذات ليلة ، فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال: (ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟  قالا:  الجوع يارسول الله ، قال:  وأنا والذى نفسى بيده لأخرجنى الذى آخرجكما ، قُوما فقاما معه ، فأتي رجلاً من الأنصار ، فإذا هو ليس في بيته ، فلما رأته المرأة قالت:  مرحباً وأهلاً ، فقال لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  أين فلان؟  قالت:  يستعذب لنا من الماء ، إذ جآء الأنصاري ، فنظر إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصاحبيه ، ثم قال:  الحمدلله ! ما أحد اليوم أكرم أضيافاً مني ، قال الراوي:  فانطلق ، فجاءهم بعذق فيه بُسر وتمر ورطب ، فقال:  كلوا من هذه ، وأخذ المدية (السكين) فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (إياك والحلُوب) فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق ، وشربوا ، فلما أن شبعوا ورووا ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأبي بكر وعمر:     (والذى نفسي بيده لتُسألن عن نعيم هذا اليوم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم)             أخرجه مسلم والترمذي ،  والرجل الأنصاري هو أبو الهيثم بن التيهان.

          ماهي الأشياء التى لا تعد من النعيم؟

          قال سفيان بن عينيه:  إن ما سد الجوع وستر العورة من خشن الطعام واللباس – لا يُسأل عنه المرء يوم القيامة مصداقاً لقوله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذى أخرجه الترمذي.

          “بيت يسكنه ، ثوب يوارى عورته ، وجلف الخبز والماء”

جلف الخبز:  العيش الحاف الذى ليس معه إدام

          إذاً كل شئ في الدنيا تتنعم به سوف تحاسب عليه ، لذلك هذه السورة القصيرة والله من أبلغ السور ، بل إنها تنطوي (تشمل) على مواعظ بليغة جداً.

(( والحمدلله رب العالمين))

اترك تعليقاً