حديث (إياكم ومحقرات الذنوب)

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فعن سهل بن سعد – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  (إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثلُ محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجآء ذا بعود ، وجآء ذا بعود ، حتى حملوا ما انضجوا به خبزهم ، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تُهلكه).               (أخرجه أحمد بن حنبل والطبراني والبيهقي)

          وقد ضرب النبى – صلى الله عليه وسلم – مثلاً يوضح لنا أن الذنوب التى تبدو صغيرة لو جمعت فإنها تصير عظيمة تكفي لإحراق من في الأرض جميعاً إذا لم يتغمدهم الله برحمته.

          وهذا المثل من البيئة التى يعيشون فيها ، وهو مثل حي يرينا ما هو أوسع مدى من النار التى أنضجت الخبز والتى أوقدت بمجموعة من الحطب.

          إنه يرينا خطر النار التى لو استسعرت في عود واحد وتركت مستعرة وسط أعواد أخرى فإنها قد يشتد ويرتفع لهيبها حتى يبلغ عنان السمآء ، ويتسع مداها حتى تأتي على الأخضر واليابس ، وكما تعلمون أن معظم النار من مستصغر الشرر.

          فرب ذنب يلتقي بآخر ثم بآخر حتى تذهب الذنوب بصاحبها مذهباً لا يعود منه إلى ما كان عليه.

          فإن كثرة الذنوب تذهب بنور القلب وتعكر صفوه فيقسو ويسود.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة المطففين الآية (14):

(كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ).

          الرين:  أسوداد القلب.

          إن من أخطر الذنوب وأشدها عذاباً أن يحتقر الإنسان ذنباً عمله دون أن يبالي بعواقبه في الدنيا والآخرة.

          فرب ذنب يراه الإنسان صغيراً يكون سبباً في حرمانه من نعمة أو أصابته بنقمة.  مصداقاً لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).  (أخرجه النسآئي عن ثوبان – رضي الله عنه).

          وقال عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه:

          إني لأحسب الرجل ينسى العلم كما تعلمه بالخطيئة يعملها ، هذا في الدنيا.   أما في الآخرة فالعذاب أشد وأبقى.  فرب ذنب يعده الناس من الصغائر يُدخل به فاعله النار مع الفساق والفجار.

          مصداقاً لقوله – صلى الله عليه وسلم:  (دخلت امرأة النار من جراء هرة لها ربطتها ، فلا هي أطعمتها ، ولا هي أرسلتها ترمرم من خشاش الأرض حتى ماتت هزلاً).

          (رواه مسلم في صحيحه)

          قال أنس بن مالك – رضي الله عنه:

          (إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر ، كنا نعدها على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من الموبقات (المهلكات). (رواه البخاري وغيره)

          وكما قالوا:  لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن أنظر من عصيت.  نعم ، إنك عصيت رب العرش العظيم الذى لا تخفى عليه خافية.

          وقد قسم العلماء الذنوب إلى صغائر وكبائر ليرتبوا على هذا التقسيم أحكاماً لا ليحقروا ذنوباً ويعظموا أخرى ، فالمؤمن يرى الذنب مهما كان صغيراً – كجبل فوق رأسه.

          والفاسق يرى الذنب العظيم كذبابة مرت على وجهه ثم أنصرفت.

          والله عز وجل يحصى أعمال عباده في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، فإذا جآء العبد يوم القيامة ووضع له كتابه وجد فيه جميع أعماله الصالحة والسيئة فيجزى على إحسانه ويجازى على سيئاته ، فالمحسن يقول:  ليتني زدت ، والمسئ يقول:  ليتني ما أسأت.  حيث لا ينفع الندم.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة الأنبياء الآية (47):

(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ).

          ويقول الله عز وجل في حديثه القدسي الذى رواه مسلم في صحيحه:  (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن نفسه).

          والرسول – صلى الله عليه وسلم – يحذرنا تحذيراً شديداً من محقرات الذنوب لا لأنها حقيرة في نفسها ولكن لأنها تبدو حقيرة لمن لا علم له بالله ، فيقدم عليها وهو يقول في نفسه:  هذه ذنوب يكفرها الوضوء وتكفرها الصلاة.  ويستدل بآيات وأحاديث تفيد ذلك فعلاً ، ولكنها مخصوصة بمن لم يستخف بالذنب أو يُصر على فعله.

          إن الذنوب التى يكفرها الوضوء وتكفرها الصلاة ونحوها هي الصغائر أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة النصوح والعمل الصالح الذى يعتبر برهاناً على صحتها.

          فمن أراد أن يجعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً فليتق الله عز وجل حيثما كان وليتخفف من ذنبه بقدر الإمكان مصداقاً لقوله تعالى في سورة الطلاق(3،2):

(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)(3).

(( الحمد لله رب العالمين))

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فعن سهل بن سعد – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  (إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثلُ محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجآء ذا بعود ، وجآء ذا بعود ، حتى حملوا ما انضجوا به خبزهم ، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تُهلكه).               (أخرجه أحمد بن حنبل والطبراني والبيهقي)

          وقد ضرب النبى – صلى الله عليه وسلم – مثلاً يوضح لنا أن الذنوب التى تبدو صغيرة لو جمعت فإنها تصير عظيمة تكفي لإحراق من في الأرض جميعاً إذا لم يتغمدهم الله برحمته.

          وهذا المثل من البيئة التى يعيشون فيها ، وهو مثل حي يرينا ما هو أوسع مدى من النار التى أنضجت الخبز والتى أوقدت بمجموعة من الحطب.

          إنه يرينا خطر النار التى لو استسعرت في عود واحد وتركت مستعرة وسط أعواد أخرى فإنها قد يشتد ويرتفع لهيبها حتى يبلغ عنان السمآء ، ويتسع مداها حتى تأتي على الأخضر واليابس ، وكما تعلمون أن معظم النار من مستصغر الشرر.

          فرب ذنب يلتقي بآخر ثم بآخر حتى تذهب الذنوب بصاحبها مذهباً لا يعود منه إلى ما كان عليه.

          فإن كثرة الذنوب تذهب بنور القلب وتعكر صفوه فيقسو ويسود.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة المطففين الآية (14):

(كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ).

          الرين:  أسوداد القلب.

          إن من أخطر الذنوب وأشدها عذاباً أن يحتقر الإنسان ذنباً عمله دون أن يبالي بعواقبه في الدنيا والآخرة.

          فرب ذنب يراه الإنسان صغيراً يكون سبباً في حرمانه من نعمة أو أصابته بنقمة.  مصداقاً لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).  (أخرجه النسآئي عن ثوبان – رضي الله عنه).

          وقال عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه:

          إني لأحسب الرجل ينسى العلم كما تعلمه بالخطيئة يعملها ، هذا في الدنيا.   أما في الآخرة فالعذاب أشد وأبقى.  فرب ذنب يعده الناس من الصغائر يُدخل به فاعله النار مع الفساق والفجار.

          مصداقاً لقوله – صلى الله عليه وسلم:  (دخلت امرأة النار من جراء هرة لها ربطتها ، فلا هي أطعمتها ، ولا هي أرسلتها ترمرم من خشاش الأرض حتى ماتت هزلاً).

          (رواه مسلم في صحيحه)

          قال أنس بن مالك – رضي الله عنه:

          (إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر ، كنا نعدها على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من الموبقات (المهلكات). (رواه البخاري وغيره)

          وكما قالوا:  لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن أنظر من عصيت.  نعم ، إنك عصيت رب العرش العظيم الذى لا تخفى عليه خافية.

          وقد قسم العلماء الذنوب إلى صغائر وكبائر ليرتبوا على هذا التقسيم أحكاماً لا ليحقروا ذنوباً ويعظموا أخرى ، فالمؤمن يرى الذنب مهما كان صغيراً – كجبل فوق رأسه.

          والفاسق يرى الذنب العظيم كذبابة مرت على وجهه ثم أنصرفت.

          والله عز وجل يحصى أعمال عباده في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، فإذا جآء العبد يوم القيامة ووضع له كتابه وجد فيه جميع أعماله الصالحة والسيئة فيجزى على إحسانه ويجازى على سيئاته ، فالمحسن يقول:  ليتني زدت ، والمسئ يقول:  ليتني ما أسأت.  حيث لا ينفع الندم.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة الأنبياء الآية (47):

(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ).

          ويقول الله عز وجل في حديثه القدسي الذى رواه مسلم في صحيحه:  (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن نفسه).

          والرسول – صلى الله عليه وسلم – يحذرنا تحذيراً شديداً من محقرات الذنوب لا لأنها حقيرة في نفسها ولكن لأنها تبدو حقيرة لمن لا علم له بالله ، فيقدم عليها وهو يقول في نفسه:  هذه ذنوب يكفرها الوضوء وتكفرها الصلاة.  ويستدل بآيات وأحاديث تفيد ذلك فعلاً ، ولكنها مخصوصة بمن لم يستخف بالذنب أو يُصر على فعله.

          إن الذنوب التى يكفرها الوضوء وتكفرها الصلاة ونحوها هي الصغائر أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة النصوح والعمل الصالح الذى يعتبر برهاناً على صحتها.

          فمن أراد أن يجعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً فليتق الله عز وجل حيثما كان وليتخفف من ذنبه بقدر الإمكان مصداقاً لقوله تعالى في سورة الطلاق(3،2):

(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)(3).

((  والحمدلله رب العالمين  ))

اترك تعليقاً