حديث (فكوا العاني) (الأسير)

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (فكوا العاني – وأطعموا الجائع ، وعُودُوا المريض).

          الإسلام دين يدعو إلى مكارم الأخلاق ويحُض على إطعام المساكين وتنفيس الكرب عن المكروبين ، ومواساة المريض ومن فى حكمهم من البائسين والمحرومين.

          وهذه الوصية من مئات الوصايا التى تعبر عن سماحة هذا الدين حتى مع أعدائه ، لأنه دين لا يعادى من يعاديه ، ولكن يكتفي برد عدوانه ويغفر كل ذنب اقترفه الكافر إذا أسلم.

          فها هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يأمر المسلمين جميعاً بفك العاني (الأسير) من أسره ، وإطعام الجائع بما يسد جوعته ، وعيادة المريض في الوقت الذى يسمح فيه بعيادته ، تطيباً لنفسه ومواساة لقلبه ، وتخفيفاً لآلامه ، وتجديداً لآماله في الشفاء وترغيباً له في الصبر من أجل الحصول على الثواب.

من هو العاني؟  ولماذا سمى بذلك؟

          العاني هو الأسير – سمى بذلك لما يعانيه من الحبس والأغلال والغربة وفقد الحرية، والوقوع في الفتنة وغير ذلك مما يجده من كرب وشدة.

          والأسير قد يكون من الكفار وقد يكون من المسلمين.

          فإذا كان من المسلمين فتخليصه من الأسر فرض على الكفاية.

ومعنى فرض الكفاية:

          هو الذى إذا قام به البعض سقط عن الباقين وقد جعل عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – فكاك أسرى المسلمين من بيت المال لكثرة ما كان فيه من الأموال.

          فإذا لم يكن هناك بيت مال للمسلمين وجب على الأغنياء أن يقوموا بهذا الواجب ، فإن لم يقم به بعضهم أثموا جميعاً إثماً عظيماً.

          وأما أسرى الكفار فإننا نحسن معاملتهم لنظهر لهم سماحة الإسلام ، ونسمعهم كتاب الله تعالى لعلهم يستجيبون لنداء الفطرة ويؤمنون بالله ربهم.

          وقد كان المسلمون في عهد النبى – صلى الله عليه وسلم – يربطون بعض الأسرى ممن يطمع في إسلامهم في المسجد ، ليسمعوا كلام الله ، فكان يدخل في الإسلام كثير منهم.

          وقد أثني الله عز وجل على من يحسن إلى الأسرى من الكفار فقال سبحانه وتعالى في سورة الإنسان الآية (5 : 8):

(إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)(8).

          وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (أطعموا الجائع) هو أمر عام في كل جائع من الإنسان والحيوان.

          وقد رغب الله عز وجل في إطعام الفقراء والمساكين وذلك في آيات كثيرة منها قوله تعالى في شأن الهدايا والأضاحي في سورة الحج الآية (28):

          (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).

          وقوله تعالى في سورة الحج الآية (36):

(وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ).

          (القانع):  هو الفقير الذى يقنع بما يُعطى.

          (المعتر):  هو الفقير الذى يُعير بفقره أو يخجل منه.

          (البدن):  هي الإبل والبقر والجاموس ، جمع بدنه.

          (جعلناهم لكم من شعائر الله):  جعلناها من مناسك الحج وموجباته.

          (فاذكروا اسم الله عليها صواف):  قولوا عند نحرها:  بسم الله والله أكبر وهي قائمة مصطفة

          (فإذا وجبت جنوبها):  إذا أُعدت للأكل ، فكلوا منها بمقدار الثلث وأطعموا منها ما شئتم من الناس مسلمين

وغير مسلمين .                              

          وقد وردت في إطعام الطعام أحاديث كثيرة منها قوله – صلى الله عليه وسلم:  (أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام).    (رواه الحاكم وابن ماجه والترمذي عن عبدالله بن سلام)

          وقول صلى الله عليه وسلم:  (عُودُوا المريض) أى زوروه مرة بعد مرة كلما سمحت الظروف بذلك ، فالعود يقتضي التكرار.

آداب زيارة المريض:

(1)     أن يكون المريض ممن يسمح الأطباء بزيارته ، (2) وأن يكون الزائر خفيف الظل ينصرف بعد أن يدعو له بالشفاء ويعطه بما يزيده إيماناً ويحمله على الصبر والرضا ، (3)وأن يكون أميناً لا يفشى سره ولا يحدث الناس بما يكره المريض أن يحدثهم به ، (4)ويستحب أن تكون الزيارة في الأوقات التى يغلب على الظن أن أصحاب البيت يكونون مهيئين لإستقبال الزوار.

فضائل زيارة المريض:

          أن الزائر لو دعا الله عنده بخير لاستجاب له بما شاء وكيف شاء وفي أي وقت شاء.

          فقد روي مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  إن الله عز وجل يقول يوم القيامة:  (يا أبن آدم مرضت فلم تعدني!  قال:  يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال:  أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده؟  أما علمت أنك لو عُدته لوجدتني عنده؟).

          يا أبن آدم ، أستطعمتك فلم تُطعمني!  قال:  يارب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال:  أما علمت أنه أستطعمك عبدي فلان فلم تُطعمه ، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟.

          يا أبن آدم ، أستسقيتك فلم تُسقني!  قال:  يارب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟  قال:  أستسقاك عبدي فلان فلم تسقه!  أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي؟.

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

اترك تعليقاً