خروج يهود بنو قينقاع من المدينة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          ولعل هذا الدرس يكون خاتم لأحداث السنة الثانية للهجرة.  ولم يبق أمامنا في هذا العام الثاني التى حدثت للنبى – صلى الله عليه وسلم – وللمسلمين ثلاثة أحداث:  (1)حادثة بني قينقاع.  (2)  حادث موت عثمان بن مظعون ، أول ميت من المهاجرين في المدينة ،  (3) زواج فاطمة من ابن عمها على بن أبي طالب – فارس المشارق والمغارب النجم الثاقب – تلك هي الأحداث الثلاثة الباقية في العام الثاني للهجرة.

(أما بنو قينقاع) فهم  فريق من اليهود يسكنون المدينة المنورة على من نورها الصلاة والسلام ، ويتولون بيع المصاغ (مثل حارة اليهود) ، أو حى الصاغة ومعهم الفريق الثاني يهود بنو قريظة والفريق الثالث بنو النضير.

          وهذا الفريق الثالث لهم سورة في القرآن خاصة بهم (سورة الحشر).

          وكان النبى – صلى الله عليه وسلم – قد عاهدهم وعاهدوه على إلا يساعدوا أجنبياً عليه ، (2) ولا يتأمرون ضده ، (3) وأن يكون لهم دينهم وللنبى – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه الكرام دينه.

          ولكن سريعاً ما تغلب عليهم الطبع اليهودي ونقضوا العهد وتلك سماهُم من قديم الزمان إلى الآن , وإلى قيام الساعة.

          فما من مرة عاهدوا فيها اليهود فرد من الأفراد أو جماعة من الجماعات أو دولة من الدول إلا أسرع اليهود بنقض ماعاهدوا عليه ، فقد علمنا القرآن كل شئ عنهم.

          الله تعالى يقول في اليهود في سورة البقرة الآية (100):

(أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).

          وفى سورة المائدة الآية (13):

(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ…)

الشرح:

          فنبقضهم ميثاقهم الذى أُخذ عليهم (1) بأن يعملوا فبما في التوراة ، (2) ويطيعوا رسولهم ، (لعناهم) أبعدناهم من دائرة الرحمة (وجعلنا قلوبهم قاسية)(شديدة غليظة (1)لاترق لموعظة ، (2) ولا تلين لقبول هدى – (3) فيقدمون ويأخرون ويحذفون بعض الكلام ، (4) ويؤولون معانيه لتوافق أهواءهم. (استحقوا لغائن الله عندما ينقضوا العهود).

          كم كفروا بآيات الله ، كما حكى الله ، وكم قتلوا الأنبياء بغير الحق ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (61):

(كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ).

          فى شهر شوال بعد غزوة بدر الكبرى 7 رمضان – النصر الأكبر.

غزوة بني قينُقاع:

        روى أبوداود وغيره ، عن ابن عباس – رضى الله عنهما – قال:  لما أصاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قريشاً يوم بدر – وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع فقال:  (يامعشر يهود ، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً).

          قالوا:  يامحمد لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نقراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال.  إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس ، وأنك لم تلق مثلنا ، فأنزل الله تعالى في سورة آل عمران الآية (12 ، 13):

(قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الأَبْصَارِ (13)).

شرح الآيتين 12 ، 13 من سورة آل عمران:

          أمر الله تعالى رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – أن يقول ليهود المدينة الذين قالوا له لا يغرنك أنك قاتلت من لا يحسن الحرب فانتصرت عليهم يريدون قريشاً في موقعة بدر ، إنك إن قابلتنا ستعلم أنا نحن الناس ، وهم بهذه المقولة يهددون بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والمسلمون (ستغلبون) في الدنيا في المعركة وتنهزمون وتموتون وبعد موتكم تحشرون إلى جهنم وبئس المهاد.

          (قد كان لكم آية في فئتين التقتا).

          في بدر فئة (جماعة) تقاتل في سبيل الله – إعلاء لكلمته وأخرى فئة كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت والشرك والظلم والطغيان ، ومع هذا نصر الله الأقلية المسلمة وهزم الأكثرية الكافرة ، وذلك لأن الله تعالى يؤيد بنصره من يشآء – فأيد أولياءه وهزم أعداءه.

          وإن في هذه الحادثة لعبرة وعظة ولكن لمن كان ذا بصيرة:

          (إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار).

          وخلاصة ما أجاب به بنو قينقاع هو الإعلان السافر للحرب ، ولكن كظم النبى – صلى الله عليه وسلم – غيظه ، وصبر وصبر المسلمون.

          وجآء شوال – يهود بنى قينقاع كانوا من ضمن من نقضوا العهود وكانوا يثيرون في المدينة قلقاً وإضطراباً.

          روى ابن هشام عن أبي عون:

          أن امرأة من العرب قدمت سوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ فجعلوا يرودونها على كشف وجهها.  فأبت فعمد الصائغ ،  أنت لو كنت جميلة ما كنت تخفي وجهك.

قالت المرأة:  ما أنت إلا بائع أو مشترى – فأشترى بأدب أو بيع بأدب ولا تتعرض للمسلمين.  فلما وجدوها مستعصية – عمد أحدهم أحد اليهود إلى خيط وربطوه في مسمار وثبتوا المسمار في الحائط وربطوا أسفل الخيط في أسفل ثوبها من الخلف بدون ما تشعر – والمرأة لا تعلم – وكانت النسآء لم يتعودون على لبس السراويل – الهدوم سابعة 1/2/3 – فقال لها الصائغ:  أنا لا أشترى منك شئ فحاولت أن تقوم فإذا بسوءتها تنكشف – هذا شئ يستقبحه كل حر بل يستقبحه الكافر أن تظهر سوءته أمام الناس فكيف بمسلمة صان الإسلام عرضها.  فصرخت المرأة واعرضاه وأسلاماه.

          فجآء زوجها وقتل الصائغ الذى تسبب في هذا العمل.  وجآء أهل الصائغ وقتلوه.  فهب المسلمون فأصابوا من أصابوا – ووصل الخبر إلى سيد البشر.

          فلما علم الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأنهم هم الذين بدأوا بالبشر وكشفوا عرض المرأة جآء بالجيش وحاصر حيهم من كل جانب – ومكث الحصار 15 يوماً واليهود طول عمرهم جبناء إذا وجدوا قوة (1) إنكمشوا ، (2) واستسلموا ، (3) وسايسوا ، (4)ولانوا ، وإذا وجدوا ضعفاً أغاروا ونهبوا ووثبوا.

          فلما وجدوا قوة الإسلام قالوا:  يامحمد استسلمنا – فأمر – صلى الله عليه وسلم – بأن يقتلوا جميعاً قتلاً هذا أقل جزاء لأنهم نقصوا العهد وكشفوا العورة للمسلمة.

          ولكن أراد الله أن يعلمنا شئ آخر غير سفالة اليهود وخيانة اليهود ، فجآء رجل اسمه عبدالله بن أبي بن سلول من المنافقين (وهو رأس النفاق في المدينة) كان يظهر الإسلام من باب الخوف – وكان هؤلاء اليهود بنو قينقاع كانوا حُلفاء له.  فلما علم عبد الله أنهم سوف يقتلون فقال:  يامحمد أحسن في موالى – فأبطأ عليه رسول الله فكرر ابن أُبى مقالته – فأعرض عنه – فأدحل يده في جيب درعه – فقال له الرسول – صلى الله عليه وسلم: (أرسلنى وغضب ويحك أرسلنى).

          ولكن المنافق مضى على إصراره وقال:  لا والله لا أرسلك حتى تحسن في مواليى 400 خاسر 300 دارع قد منعوني من الأحمر والأسود وتحصدهم في غداة واحدة؟  وإني والله رجل أخشى الدوائر – (هم يساعدونني إذا قبيلة من القبائل أرادتني بسوء (بشر).

بمعنى:  يستحيل أن أتركك إلى أن تصدر أمر بالعفو عنهم ، وكان – صلى الله عليه وسلم – صاحب سياسة كبرى وصاحب لين وصاحب بُعد نظر ، وعبدالله بن أُبي مع كونه رئيس النفاق فهو أمام الناس وأمام عائلته يصلي.

          وكان كل يوم جمعة بعد أن يؤذن بلال يقف خداعاً ويقول:

          (ياأيها الناس إن الله قد من عليكم بهذا النبى بعد أن كنتم في الجاهلية عمياً صماً بكماً ، فأسمعوا واطيعوا ثم يجلس).

          لماذا؟  يقول لهم هذه العبارة – لكي يضم الرأي العام له.

بمعنى:  لكي يقول الناس أنه كويس وبيساعد الرسول – فلما زاد نفاقه وإجرامه في السر وخداعه – فلما قام يقول هذه الكلمات قبل أن يخطب الرسول – فقام له واحد من عائلته من المسلمين – وقال له: (1) إجلس يامنافق يا خبيث فإنك عدو الله ورسوله ، (2) وأنت تخفي في نفسك ما لا تبديه ، (3) وتقول بلسانك ما ليس في قلبك – فلم يصلي وخرج من المسجد ، وقال:  أصاب الناس بعدى شر.

          فقابله عمر بن الخطاب وقال له:  أصليت الجمعة ياعبدالله؟

          قال عبدالله:  أمدح النبى – صلى الله عليه وسلم – خير تعمل شر تلقى.

          فقال عمر:  كشفك الله يا منافق – وكان سيدنا عمر دائماً يستأذن النبى – صلى الله عليه وسلم – في أن يقتله ، والرسول – صلى الله عليه وسلم يقول: (ياعمر ماذا أفعل لو قال الناس إن محمداً يقتل أصحابه).

          فالرسول قد أودع الله في قلبه من النور فقال له:  فإنهم لك لا بارك الله لك فيهم ، ولا بارك لهم فيك.

          وأمرهم النبى – صلى الله عليه وسلم – أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها ، فخرجوا إلى أذرعات مكان بالشام – فقيل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم.

                                                       ( والحمد لله رب العالمين)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          ولعل هذا الدرس يكون خاتم لأحداث السنة الثانية للهجرة.  ولم يبق أمامنا في هذا العام الثاني التى حدثت للنبى – صلى الله عليه وسلم – وللمسلمين ثلاثة أحداث:  (1)حادثة بني قينقاع.  (2)  حادث موت عثمان بن مظعون ، أول ميت من المهاجرين في المدينة ،  (3) زواج فاطمة من ابن عمها على بن أبي طالب – فارس المشارق والمغارب النجم الثاقب – تلك هي الأحداث الثلاثة الباقية في العام الثاني للهجرة.

(أما بنو قينقاع) فهم  فريق من اليهود يسكنون المدينة المنورة على من نورها الصلاة والسلام ، ويتولون بيع المصاغ (مثل حارة اليهود) ، أو حى الصاغة ومعهم الفريق الثاني يهود بنو قريظة والفريق الثالث بنو النضير.

          وهذا الفريق الثالث لهم سورة في القرآن خاصة بهم (سورة الحشر).

          وكان النبى – صلى الله عليه وسلم – قد عاهدهم وعاهدوه على إلا يساعدوا أجنبياً عليه ، (2) ولا يتأمرون ضده ، (3) وأن يكون لهم دينهم وللنبى – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه الكرام دينه.

          ولكن سريعاً ما تغلب عليهم الطبع اليهودي ونقضوا العهد وتلك سماهُم من قديم الزمان إلى الآن , وإلى قيام الساعة.

          فما من مرة عاهدوا فيها اليهود فرد من الأفراد أو جماعة من الجماعات أو دولة من الدول إلا أسرع اليهود بنقض ماعاهدوا عليه ، فقد علمنا القرآن في كل شئ عنهم.

 

          الله تعالى يقول في اليهود في سورة البقرة الآية (100):

(أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).

          وفى سورة المائدة الآية (13):

(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ…)

الشرح:

          فنبقضهم ميثاقهم الذى أُخذ عليهم (1) بأن يعملوا فبما في التوراة ، (2) ويطيعوا رسولهم ، (لعناهم) أبعدناهم من دائرة الرحمة (وجعلنا قلوبهم قاسية)(شديدة غليظة (1)لاترق لموعظة ، (2) ولا تلين لقبول هدى – (3) فيقدمون ويأخرون ويحذفون بعض الكلام ، (4) ويؤولون معانيه لتوافق أهواءهم. (استحقوا لغائن الله عندما ينقضوا العهود).

          كم كفروا بآيات الله ، كما حكى الله ، وكم قتلوا الأنبياء بغير الحق ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (61):

(كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ).

          فى شهر شوال بعد غزوة بدر الكبرى 7 رمضان – النصر الأكبر.

غزوة بني قينُقاع:

        روى أبوداود وغيره ، عن ابن عباس – رضى الله عنهما – قال:  لما أصاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قريشاً يوم بدر – وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع فقال:  (يامعشر يهود ، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً).

          قالوا:  يامحمد لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نقراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال.  إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس ، وأنك لم تلق مثلنا ، فأنزل الله تعالى في سورة آل عمران الآية (12 ، 13):

(قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الأَبْصَارِ (13)).

شرح الآيتين 12 ، 13 من سورة آل عمران:

          أمر الله تعالى رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – أن يقول ليهود المدينة الذين قالوا له لا يغرنك أنك قاتلت من لا يحسن الحرب فانتصرت عليهم يريدون قريشاً في موقعة بدر ، إنك إن قابلتنا ستعلم أنا نحن الناس ، وهم بهذه المقولة يهددون بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والمسلمون (ستغلبون) في الدنيا في المعركة وتنهزمون وتموتون وبعد موتكم تحشرون إلى جهنم وبئس المهاد.

          (قد كان لكم آية في فئتين التقتا).

          في بدر فئة (جماعة) تقاتل في سبيل الله – إعلاء لكلمته وأخرى فئة كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت والشرك والظلم والطغيان ، ومع هذا نصر الله الأقلية المسلمة وهزم الأكثرية الكافرة ، وذلك لأن الله تعالى يؤيد بنصره من يشآء – فأيد أولياءه وهزم أعداءه.

          وإن في هذه الحادثة لعبرة وعظة ولكن لمن كان ذا بصيرة:

          (إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار).

          وخلاصة ما أجاب به بنو قينقاع هو الإعلان السافر للحرب ، ولكن كظم النبى – صلى الله عليه وسلم – غيظه ، وصبر وصبر المسلمون.

          وجآء شوال – يهود بنى قينقاع كانوا من ضمن من نقضوا العهود وكانوا يثيرون في المدينة قلقاً وإضطراباً.

          روى ابن هشام عن أبي عون:

          أن امرأة من العرب قدمت سوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ فجعلوا يرودونها على كشف وجهها.  فأبت فعمد الصائغ ،  أنت لو كنت جميلة ما كنت تخفي وجهك.

قالت المرأة:  ما أنت إلا بائع أو مشترى – فأشترى بأدب أو بيع بأدب ولا تتعرض للمسلمين.  فلما وجدوها مستعصية – عمد أحدهم أحد اليهود إلى خيط وربطوه في مسمار وثبتوا المسمار في الحائط وربطوا أسفل الخيط في أسفل ثوبها من الخلف بدون ما تشعر – والمرأة لا تعلم – وكانت النسآء لم يتعودون على لبس السراويل – الهدوم سابعة 1/2/3 – فقال لها الصائغ:  أنا لا أشترى منك شئ فحاولت أن تقوم فإذا بسوءتها تنكشف – هذا شئ يستقبحه كل حر بل يستقبحه الكافر أن تظهر سوءته أمام الناس فكيف بمسلمة صان الإسلام عرضها.  فصرخت المرأة واعرضاه وأسلاماه.

          فجآء زوجها وقتل الصائغ الذى تسبب في هذا العمل.  وجآء أهل الصائغ وقتلوه.  فهب المسلمون فأصابوا من أصابوا – ووصل الخبر إلى سيد البشر.

          فلما علم الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأنهم هم الذين بدأوا بالبشر وكشفوا عرض المرأة جآء بالجيش وحاصر حيهم من كل جانب – ومكث الحصار 15 يوماً واليهود طول عمرهم جبناء إذا وجدوا قوة (1) إنكمشوا ، (2) واستسلموا ، (3) وسايسوا ، (4)ولانوا ، وإذا وجدوا ضعفاً أغاروا ونهبوا ووثبوا.

          فلما وجدوا قوة الإسلام قالوا:  يامحمد استسلمنا – فأمر – صلى الله عليه وسلم – بأن يقتلوا جميعاً قتلاً هذا أقل جزاء لأنهم نقصوا العهد وكشفوا العورة للمسلمة.

          ولكن أراد الله أن يعلمنا شئ آخر غير سفالة اليهود وخيانة اليهود ، فجآء رجل اسمه عبدالله بن أبي بن سلول من المنافقين (وهو رأس النفاق في المدينة) كان يظهر الإسلام من باب الخوف – وكان هؤلاء اليهود بنو قينقاع كانوا حُلفاء له.  فلما عبدالله أنهم سوف يقتلون فقال:  يامحمد أحسن في موالى – فأبطأ عليه رسول الله فكرر ابن أُبى مقالته – فأعرض عنه – فأدحل يده في جيب درعه – فقال له الرسول – صلى الله عليه وسلم: (أرسلنى وغضب ويحك أرسلنى).

          ولكن المنافق مضى على إصراره وقال:  لا والله لا أرسلك حتى تحسن في مواليى 400 خاسر 300 دارع قد منعوني من الأحمر والأسود وتحصدهم في غداة واحدة؟  وإني والله رجل أخشى الدوائر – (هم يساعدونني إذا قبيلة من القبائل أرادتني بسوء (بشر).

بمعنى:  يستحيل أن أتركك إلى أن تصدر أمر بالعفو عنهم ، وكان – صلى الله عليه وسلم – صاحب سياسة كبرى وصاحب لين وصاحب بُعد نظر ، وعبدالله بن أُبي مع كونه رئيس النفاق فهو أمام الناس وأمام عائلته يصلي.

          وكان كل يوم جمعة بعد أن يؤذن بلال يقف خداعاً ويقول:

          (ياأيها الناس إن الله قد من عليكم بهذا النبى بعد أن كنتم في الجاهلية عمياً صماً بكماً ، فأسمعوا واطيعوا ثم يجلس).

          لماذا؟  يقول لهم هذه العبارة – لكي يضم الرأي العام له.

بمعنى:  لكي يقول الناس أنه كويس وبيساعد الرسول – فلما زاد نفاقه وإجرامه في السر وخداعه – فلما قام يقول هذه الكلمات قبل أن يخطب الرسول – فقام له واحد من عائلته من المسلمين – وقال له: (1) إجلس يامنافق يا خبيث فإنك عدو الله ورسوله ، (2) وأنت تخفي في نفس ما لا تبديه ، (3) وتقول بلسانك ما ليس في قلبك – فلم يصلي وخرج من المسجد ، وقال:  أصاب الناس بعدى شر.

          فقابله عمر بن الخطاب وقال له:  أصليت الجمعة ياعبدالله؟

          قال عبدالله:  أمدح النبى – صلى الله عليه وسلم – خير تعمل شر تلقى.

          فقال عمر:  كشف الله يا منافق – وكان سيدنا عمر دائماً يستأذن النبى – صلى الله عليه وسلم – في أن يقتله ، والرسول – صلى الله عليه وسلم يقول: (ياعمر ماذا أفعل لو قال الناس إن محمداً يقتل أصحابه).

          فالرسول قد أودع الله في قلبه من النور فقال له:  فإنهم لك لا بارك الله لك فيهم ، ولا بارك لهم فيك.

          وأمرهم النبى – صلى الله عليه وسلم – أن يخرجوا من المدينة ولا يحاوروه بها ، فخرجوا إلى أذرعات مكان بالشام – فقيل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          ولعل هذا الدرس يكون خاتم لأحداث السنة الثانية للهجرة.  ولم يبق أمامنا في هذا العام الثاني التى حدثت للنبى – صلى الله عليه وسلم – وللمسلمين ثلاثة أحداث:  (1)حادثة بني قينقاع.  (2)  حادث موت عثمان بن مظعون ، أول ميت من المهاجرين في المدينة ،  (3) زواج فاطمة من ابن عمها على بن أبي طالب – فارس المشارق والمغارب النجم الثاقب – تلك هي الأحداث الثلاثة الباقية في العام الثاني للهجرة.

(أما بنو قينقاع) فهم  فريق من اليهود يسكنون المدينة المنورة على من نورها الصلاة والسلام ، ويتولون بيع المصاغ (مثل حارة اليهود) ، أو حى الصاغة ومعهم الفريق الثاني يهود بنو قريظة والفريق الثالث بنو النضير.

          وهذا الفريق الثالث لهم سورة في القرآن خاصة بهم (سورة الحشر).

          وكان النبى – صلى الله عليه وسلم – قد عاهدهم وعاهدوه على إلا يساعدوا أجنبياً عليه ، (2) ولا يتأمرون ضده ، (3) وأن يكون لهم دينهم وللنبى – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه الكرام دينه.

          ولكن سريعاً ما تغلب عليهم الطبع اليهودي ونقضوا العهد وتلك سماهُم من قديم الزمان إلى الآن , وإلى قيام الساعة.

          فما من مرة عاهدوا فيها اليهود فرد من الأفراد أو جماعة من الجماعات أو دولة من الدول إلا أسرع اليهود بنقض ماعاهدوا عليه ، فقد علمنا القرآن في كل شئ عنهم.

 

          الله تعالى يقول في اليهود في سورة البقرة الآية (100):

(أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).

          وفى سورة المائدة الآية (13):

(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ…)

الشرح:

          فنبقضهم ميثاقهم الذى أُخذ عليهم (1) بأن يعملوا فبما في التوراة ، (2) ويطيعوا رسولهم ، (لعناهم) أبعدناهم من دائرة الرحمة (وجعلنا قلوبهم قاسية)(شديدة غليظة (1)لاترق لموعظة ، (2) ولا تلين لقبول هدى – (3) فيقدمون ويأخرون ويحذفون بعض الكلام ، (4) ويؤولون معانيه لتوافق أهواءهم. (استحقوا لغائن الله عندما ينقضوا العهود).

          كم كفروا بآيات الله ، كما حكى الله ، وكم قتلوا الأنبياء بغير الحق ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (61):

(كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ).

          فى شهر شوال بعد غزوة بدر الكبرى 7 رمضان – النصر الأكبر.

غزوة بني قينُقاع:

        روى أبوداود وغيره ، عن ابن عباس – رضى الله عنهما – قال:  لما أصاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قريشاً يوم بدر – وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع فقال:  (يامعشر يهود ، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً).

          قالوا:  يامحمد لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نقراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال.  إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس ، وأنك لم تلق مثلنا ، فأنزل الله تعالى في سورة آل عمران الآية (12 ، 13):

(قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الأَبْصَارِ (13)).

شرح الآيتين 12 ، 13 من سورة آل عمران:

          أمر الله تعالى رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – أن يقول ليهود المدينة الذين قالوا له لا يغرنك أنك قاتلت من لا يحسن الحرب فانتصرت عليهم يريدون قريشاً في موقعة بدر ، إنك إن قابلتنا ستعلم أنا نحن الناس ، وهم بهذه المقولة يهددون بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والمسلمون (ستغلبون) في الدنيا في المعركة وتنهزمون وتموتون وبعد موتكم تحشرون إلى جهنم وبئس المهاد.

          (قد كان لكم آية في فئتين التقتا).

          في بدر فئة (جماعة) تقاتل في سبيل الله – إعلاء لكلمته وأخرى فئة كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت والشرك والظلم والطغيان ، ومع هذا نصر الله الأقلية المسلمة وهزم الأكثرية الكافرة ، وذلك لأن الله تعالى يؤيد بنصره من يشآء – فأيد أولياءه وهزم أعداءه.

          وإن في هذه الحادثة لعبرة وعظة ولكن لمن كان ذا بصيرة:

          (إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار).

          وخلاصة ما أجاب به بنو قينقاع هو الإعلان السافر للحرب ، ولكن كظم النبى – صلى الله عليه وسلم – غيظه ، وصبر وصبر المسلمون.

          وجآء شوال – يهود بنى قينقاع كانوا من ضمن من نقضوا العهود وكانوا يثيرون في المدينة قلقاً وإضطراباً.

          روى ابن هشام عن أبي عون:

          أن امرأة من العرب قدمت سوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ فجعلوا يرودونها على كشف وجهها.  فأبت فعمد الصائغ ،  أنت لو كنت جميلة ما كنت تخفي وجهك.

قالت المرأة:  ما أنت إلا بائع أو مشترى – فأشترى بأدب أو بيع بأدب ولا تتعرض للمسلمين.  فلما وجدوها مستعصية – عمد أحدهم أحد اليهود إلى خيط وربطوه في مسمار وثبتوا المسمار في الحائط وربطوا أسفل الخيط في أسفل ثوبها من الخلف بدون ما تشعر – والمرأة لا تعلم – وكانت النسآء لم يتعودون على لبس السراويل – الهدوم سابعة 1/2/3 – فقال لها الصائغ:  أنا لا أشترى منك شئ فحاولت أن تقوم فإذا بسوءتها تنكشف – هذا شئ يستقبحه كل حر بل يستقبحه الكافر أن تظهر سوءته أمام الناس فكيف بمسلمة صان الإسلام عرضها.  فصرخت المرأة واعرضاه وأسلاماه.

          فجآء زوجها وقتل الصائغ الذى تسبب في هذا العمل.  وجآء أهل الصائغ وقتلوه.  فهب المسلمون فأصابوا من أصابوا – ووصل الخبر إلى سيد البشر.

          فلما علم الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأنهم هم الذين بدأوا بالبشر وكشفوا عرض المرأة جآء بالجيش وحاصر حيهم من كل جانب – ومكث الحصار 15 يوماً واليهود طول عمرهم جبناء إذا وجدوا قوة (1) إنكمشوا ، (2) واستسلموا ، (3) وسايسوا ، (4)ولانوا ، وإذا وجدوا ضعفاً أغاروا ونهبوا ووثبوا.

          فلما وجدوا قوة الإسلام قالوا:  يامحمد استسلمنا – فأمر – صلى الله عليه وسلم – بأن يقتلوا جميعاً قتلاً هذا أقل جزاء لأنهم نقصوا العهد وكشفوا العورة للمسلمة.

          ولكن أراد الله أن يعلمنا شئ آخر غير سفالة اليهود وخيانة اليهود ، فجآء رجل اسمه عبدالله بن أبي بن سلول من المنافقين (وهو رأس النفاق في المدينة) كان يظهر الإسلام من باب الخوف – وكان هؤلاء اليهود بنو قينقاع كانوا حُلفاء له.  فلما عبدالله أنهم سوف يقتلون فقال:  يامحمد أحسن في موالى – فأبطأ عليه رسول الله فكرر ابن أُبى مقالته – فأعرض عنه – فأدحل يده في جيب درعه – فقال له الرسول – صلى الله عليه وسلم: (أرسلنى وغضب ويحك أرسلنى).

          ولكن المنافق مضى على إصراره وقال:  لا والله لا أرسلك حتى تحسن في مواليى 400 خاسر 300 دارع قد منعوني من الأحمر والأسود وتحصدهم في غداة واحدة؟  وإني والله رجل أخشى الدوائر – (هم يساعدونني إذا قبيلة من القبائل أرادتني بسوء (بشر).

بمعنى:  يستحيل أن أتركك إلى أن تصدر أمر بالعفو عنهم ، وكان – صلى الله عليه وسلم – صاحب سياسة كبرى وصاحب لين وصاحب بُعد نظر ، وعبدالله بن أُبي مع كونه رئيس النفاق فهو أمام الناس وأمام عائلته يصلي.

          وكان كل يوم جمعة بعد أن يؤذن بلال يقف خداعاً ويقول:

          (ياأيها الناس إن الله قد من عليكم بهذا النبى بعد أن كنتم في الجاهلية عمياً صماً بكماً ، فأسمعوا واطيعوا ثم يجلس).

          لماذا؟  يقول لهم هذه العبارة – لكي يضم الرأي العام له.

بمعنى:  لكي يقول الناس أنه كويس وبيساعد الرسول – فلما زاد نفاقه وإجرامه في السر وخداعه – فلما قام يقول هذه الكلمات قبل أن يخطب الرسول – فقام له واحد من عائلته من المسلمين – وقال له: (1) إجلس يامنافق يا خبيث فإنك عدو الله ورسوله ، (2) وأنت تخفي في نفس ما لا تبديه ، (3) وتقول بلسانك ما ليس في قلبك – فلم يصلي وخرج من المسجد ، وقال:  أصاب الناس بعدى شر.

          فقابله عمر بن الخطاب وقال له:  أصليت الجمعة ياعبدالله؟

          قال عبدالله:  أمدح النبى – صلى الله عليه وسلم – خير تعمل شر تلقى.

          فقال عمر:  كشف الله يا منافق – وكان سيدنا عمر دائماً يستأذن النبى – صلى الله عليه وسلم – في أن يقتله ، والرسول – صلى الله عليه وسلم يقول: (ياعمر ماذا أفعل لو قال الناس إن محمداً يقتل أصحابه).

          فالرسول قد أودع الله في قلبه من النور فقال له:  فإنهم لك لا بارك الله لك فيهم ، ولا بارك لهم فيك.

          وأمرهم النبى – صلى الله عليه وسلم – أن يخرجوا من المدينة ولا يحاوروه بها ، فخرجوا إلى أذرعات مكان بالشام – فقيل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          ولعل هذا الدرس يكون خاتم لأحداث السنة الثانية للهجرة.  ولم يبق أمامنا في هذا العام الثاني التى حدثت للنبى – صلى الله عليه وسلم – وللمسلمين ثلاثة أحداث:  (1)حادثة بني قينقاع.  (2)  حادث موت عثمان بن مظعون ، أول ميت من المهاجرين في المدينة ،  (3) زواج فاطمة من ابن عمها على بن أبي طالب – فارس المشارق والمغارب النجم الثاقب – تلك هي الأحداث الثلاثة الباقية في العام الثاني للهجرة.

(أما بنو قينقاع) فهم  فريق من اليهود يسكنون المدينة المنورة على من نورها الصلاة والسلام ، ويتولون بيع المصاغ (مثل حارة اليهود) ، أو حى الصاغة ومعهم الفريق الثاني يهود بنو قريظة والفريق الثالث بنو النضير.

          وهذا الفريق الثالث لهم سورة في القرآن خاصة بهم (سورة الحشر).

          وكان النبى – صلى الله عليه وسلم – قد عاهدهم وعاهدوه على إلا يساعدوا أجنبياً عليه ، (2) ولا يتأمرون ضده ، (3) وأن يكون لهم دينهم وللنبى – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه الكرام دينه.

          ولكن سريعاً ما تغلب عليهم الطبع اليهودي ونقضوا العهد وتلك سماهُم من قديم الزمان إلى الآن , وإلى قيام الساعة.

          فما من مرة عاهدوا فيها اليهود فرد من الأفراد أو جماعة من الجماعات أو دولة من الدول إلا أسرع اليهود بنقض ماعاهدوا عليه ، فقد علمنا القرآن في كل شئ عنهم.

 

          الله تعالى يقول في اليهود في سورة البقرة الآية (100):

(أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).

          وفى سورة المائدة الآية (13):

(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ…)

الشرح:

          فنبقضهم ميثاقهم الذى أُخذ عليهم (1) بأن يعملوا فبما في التوراة ، (2) ويطيعوا رسولهم ، (لعناهم) أبعدناهم من دائرة الرحمة (وجعلنا قلوبهم قاسية)(شديدة غليظة (1)لاترق لموعظة ، (2) ولا تلين لقبول هدى – (3) فيقدمون ويأخرون ويحذفون بعض الكلام ، (4) ويؤولون معانيه لتوافق أهواءهم. (استحقوا لغائن الله عندما ينقضوا العهود).

          كم كفروا بآيات الله ، كما حكى الله ، وكم قتلوا الأنبياء بغير الحق ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (61):

(كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ).

          فى شهر شوال بعد غزوة بدر الكبرى 7 رمضان – النصر الأكبر.

غزوة بني قينُقاع:

        روى أبوداود وغيره ، عن ابن عباس – رضى الله عنهما – قال:  لما أصاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قريشاً يوم بدر – وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع فقال:  (يامعشر يهود ، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً).

          قالوا:  يامحمد لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نقراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال.  إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس ، وأنك لم تلق مثلنا ، فأنزل الله تعالى في سورة آل عمران الآية (12 ، 13):

(قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الأَبْصَارِ (13)).

شرح الآيتين 12 ، 13 من سورة آل عمران:

          أمر الله تعالى رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – أن يقول ليهود المدينة الذين قالوا له لا يغرنك أنك قاتلت من لا يحسن الحرب فانتصرت عليهم يريدون قريشاً في موقعة بدر ، إنك إن قابلتنا ستعلم أنا نحن الناس ، وهم بهذه المقولة يهددون بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والمسلمون (ستغلبون) في الدنيا في المعركة وتنهزمون وتموتون وبعد موتكم تحشرون إلى جهنم وبئس المهاد.

          (قد كان لكم آية في فئتين التقتا).

          في بدر فئة (جماعة) تقاتل في سبيل الله – إعلاء لكلمته وأخرى فئة كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت والشرك والظلم والطغيان ، ومع هذا نصر الله الأقلية المسلمة وهزم الأكثرية الكافرة ، وذلك لأن الله تعالى يؤيد بنصره من يشآء – فأيد أولياءه وهزم أعداءه.

          وإن في هذه الحادثة لعبرة وعظة ولكن لمن كان ذا بصيرة:

          (إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار).

          وخلاصة ما أجاب به بنو قينقاع هو الإعلان السافر للحرب ، ولكن كظم النبى – صلى الله عليه وسلم – غيظه ، وصبر وصبر المسلمون.

          وجآء شوال – يهود بنى قينقاع كانوا من ضمن من نقضوا العهود وكانوا يثيرون في المدينة قلقاً وإضطراباً.

          روى ابن هشام عن أبي عون:

          أن امرأة من العرب قدمت سوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ فجعلوا يرودونها على كشف وجهها.  فأبت فعمد الصائغ ،  أنت لو كنت جميلة ما كنت تخفي وجهك.

قالت المرأة:  ما أنت إلا بائع أو مشترى – فأشترى بأدب أو بيع بأدب ولا تتعرض للمسلمين.  فلما وجدوها مستعصية – عمد أحدهم أحد اليهود إلى خيط وربطوه في مسمار وثبتوا المسمار في الحائط وربطوا أسفل الخيط في أسفل ثوبها من الخلف بدون ما تشعر – والمرأة لا تعلم – وكانت النسآء لم يتعودون على لبس السراويل – الهدوم سابعة 1/2/3 – فقال لها الصائغ:  أنا لا أشترى منك شئ فحاولت أن تقوم فإذا بسوءتها تنكشف – هذا شئ يستقبحه كل حر بل يستقبحه الكافر أن تظهر سوءته أمام الناس فكيف بمسلمة صان الإسلام عرضها.  فصرخت المرأة واعرضاه وأسلاماه.

          فجآء زوجها وقتل الصائغ الذى تسبب في هذا العمل.  وجآء أهل الصائغ وقتلوه.  فهب المسلمون فأصابوا من أصابوا – ووصل الخبر إلى سيد البشر.

          فلما علم الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأنهم هم الذين بدأوا بالبشر وكشفوا عرض المرأة جآء بالجيش وحاصر حيهم من كل جانب – ومكث الحصار 15 يوماً واليهود طول عمرهم جبناء إذا وجدوا قوة (1) إنكمشوا ، (2) واستسلموا ، (3) وسايسوا ، (4)ولانوا ، وإذا وجدوا ضعفاً أغاروا ونهبوا ووثبوا.

          فلما وجدوا قوة الإسلام قالوا:  يامحمد استسلمنا – فأمر – صلى الله عليه وسلم – بأن يقتلوا جميعاً قتلاً هذا أقل جزاء لأنهم نقصوا العهد وكشفوا العورة للمسلمة.

          ولكن أراد الله أن يعلمنا شئ آخر غير سفالة اليهود وخيانة اليهود ، فجآء رجل اسمه عبدالله بن أبي بن سلول من المنافقين (وهو رأس النفاق في المدينة) كان يظهر الإسلام من باب الخوف – وكان هؤلاء اليهود بنو قينقاع كانوا حُلفاء له.  فلما عبدالله أنهم سوف يقتلون فقال:  يامحمد أحسن في موالى – فأبطأ عليه رسول الله فكرر ابن أُبى مقالته – فأعرض عنه – فأدحل يده في جيب درعه – فقال له الرسول – صلى الله عليه وسلم: (أرسلنى وغضب ويحك أرسلنى).

          ولكن المنافق مضى على إصراره وقال:  لا والله لا أرسلك حتى تحسن في مواليى 400 خاسر 300 دارع قد منعوني من الأحمر والأسود وتحصدهم في غداة واحدة؟  وإني والله رجل أخشى الدوائر – (هم يساعدونني إذا قبيلة من القبائل أرادتني بسوء (بشر).

بمعنى:  يستحيل أن أتركك إلى أن تصدر أمر بالعفو عنهم ، وكان – صلى الله عليه وسلم – صاحب سياسة كبرى وصاحب لين وصاحب بُعد نظر ، وعبدالله بن أُبي مع كونه رئيس النفاق فهو أمام الناس وأمام عائلته يصلي.

          وكان كل يوم جمعة بعد أن يؤذن بلال يقف خداعاً ويقول:

          (ياأيها الناس إن الله قد من عليكم بهذا النبى بعد أن كنتم في الجاهلية عمياً صماً بكماً ، فأسمعوا واطيعوا ثم يجلس).

          لماذا؟  يقول لهم هذه العبارة – لكي يضم الرأي العام له.

بمعنى:  لكي يقول الناس أنه كويس وبيساعد الرسول – فلما زاد نفاقه وإجرامه في السر وخداعه – فلما قام يقول هذه الكلمات قبل أن يخطب الرسول – فقام له واحد من عائلته من المسلمين – وقال له: (1) إجلس يامنافق يا خبيث فإنك عدو الله ورسوله ، (2) وأنت تخفي في نفس ما لا تبديه ، (3) وتقول بلسانك ما ليس في قلبك – فلم يصلي وخرج من المسجد ، وقال:  أصاب الناس بعدى شر.

          فقابله عمر بن الخطاب وقال له:  أصليت الجمعة ياعبدالله؟

          قال عبدالله:  أمدح النبى – صلى الله عليه وسلم – خير تعمل شر تلقى.

          فقال عمر:  كشف الله يا منافق – وكان سيدنا عمر دائماً يستأذن النبى – صلى الله عليه وسلم – في أن يقتله ، والرسول – صلى الله عليه وسلم يقول: (ياعمر ماذا أفعل لو قال الناس إن محمداً يقتل أصحابه).

          فالرسول قد أودع الله في قلبه من النور فقال له:  فإنهم لك لا بارك الله لك فيهم ، ولا بارك لهم فيك.

          وأمرهم النبى – صلى الله عليه وسلم – أن يخرجوا من المدينة ولا يحاوروه بها ، فخرجوا إلى أذرعات مكان بالشام – فقيل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم.

 

 

اترك تعليقاً