فضل قول لا إله إلا الله

بسم الله الرحمن الرحيم

 

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

 

أما بعد ،،،،

 

          هناك في العالم أحداث ومشكلات تدعو إلى التشاؤم ولكنك إذا قرأت هذا الحديث ، وقرأت هذا الذكر قراءة واعية وفهمت أبعاد هذه الكلمات التى قالها النبى – صلى الله عليه وسلم – لا يمكن أن يكون هناك تشاؤم ، لماذا؟  لأن الله قوي ، بيده كل شئ، ويحمد على كل شئ.    …  كل ما يحدث خير.

هذا الحديث إذا فهم فهماً دقيقاً لا يكون في القلب تشاؤم ولا قلق ولا خوف مع أن الأمور مزعجة ، كوارث ، فيضانات ، وحروب أهلية.

فهذا حديث يبعد التشاؤم عن قلب كل مسلم:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير عشر مرات كان كمن اعتق أربع أنفس من ولد إسماعيل).

عن أبي أيوب الأنصاري – متفق عليه – أعلى درجة من درجات الصحة ، أتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم.

في سورة التغابن الآية (1):

(لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

          له جلا وعلا الملك التام والتصرف الكامل في خلقه ، وهو المستحق للثناء وحده ، لأن جميع النعم منه سبحانه وتعالى المتصرف في جميع الكائنات.

          أى أن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شئ ، يغني ويفقر ، ويعز ويذل ، وإذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون.

          مهما أراد كان بلا ممانع ولا مدافع ، وما لم يشأ لم يكن.

          وفي سورة الحديد الآية (2):

          (يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

          هو المالك المتصرف في خلقه يحيي من يشآء ، ويميت من يشآء (يُميت الأحياء في الدنيا ويحيي الأموات للبعث والنشور (تفسير القرطبي).

بمعني:  لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السمآء.

          المشكلة أن الناس حينما يفهمون الدنيا على أنها دار قرار ، الحقيقة ليست دار قرار ، هي دار بلاء ، هي ممر وليست مقراً ، هي دار عمل وليست دار جزاء ، هي دار تكليف لا دار تشريف.

          إن فهمت حقيقة الدنيا – تري أن الله يعالج عباده ، فتقنين الله عز وجل ليس تقنين عجز إنما هو تقنين تأديب.

          فكل شئ خلقه الله لصالح المؤمن ، لصالح أن يعرف الإنسان الله عز وجل فالإنسان مكرم لا يوجد جهة في الكون لها إرادة مستقلة.

الأمر كله بيد الله:  هناك آية قرآنية تجعل الإنسان في حيرة كبيرة حيث يقول الله تعالى في سورة الشورى الآية (53):

          (أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ).

          ألا إلى الله وحده ترجع الأمور فيفصل فيها بين العباد بحكمه العادل وقضائه المبرم.  (وعد بالبعث والجزاء).

قال سهل بن أبي الجعد:  احترق مصحف فلم يبق إلا قوله (ألا إلى الله تصيرُ الأمُور) ، وغرق مصحف فمحي كله إلا قوله (ألا إلى الله تصيرُ الأمُور).

قال العلماء حول هذه الآية:  إن أهل الدنيا الشاردون يرون الأمور بيد زيد أو عبيد ، هؤلاء أقوياء في العالم (2) يتوهم الجاهل أن الأمر بيدهم أو أن الحروب الكبري بيدهم ، (3) أو أن إنهاء العالم بيدهم ، يؤكد هذا المعنى قول الله تعالى في سورة يونس الآية (24)

          (حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ).

          حتى إذا تزينت زينتها الفانية (من زهور نضرة مختلفة – ثمار وحبوب) وأيقن أهلها الذين زرعوها وغرسوها على حصادها والإنتفاع بها أتاها عذابنا أو أمر الله بهلاكها أي يابساً بعد الخضرة والنضارة وكأنها ما كانت حنياً قبل ذلك – كأن لم تنعم – وهكذا الأمور بعد زوالها كأنها لم تكن – (فكما يهلك هذا الزرع هكذا كذلك الدنيا).

 تحدي أُمة :  قليلة جداً لا يزيد مقاتلوها عن مئتي ألف 200.000  يرغمون أنف ثاني أقوى قوة في العالم (أفغانستان مع روسيا) كيف يحصل هذا؟  لأن الله هو القوي إذا منح قوته لفئة تنتصر رغم أنف كل التفوق العلمي ..

          ربنا عز وجل يريد أن يطمئنا ، قال:  (من قال لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له ، له الملك وله الحمد).

          …  الأمر بيده ، ويحمد على كل شئ ، فإن إنسان يتشاءم بعد هذا الذكر؟ يخاف؟ يقلق؟  لا يفهم ما يقرأ ، وهذا يقرأه بعد الصلاة عشر مرات.

          ولكن أحياناً الإنسان إذا ردد كلمات ولم يقف عند مضمونها يكون قد غاب عنه أثمن ما فيها.

          لابد أن يتعلق الإنسان بجهة بقدر ما هي قوية بقدر ما هي كاملة:

لذلك من هو الله؟

          الذات الكاملة ، وجوده ذاتي ، لا يحتاج في وجوده إلى شئ ، يستغني عن الخلق ، كل شئ يحتاجه في كل شئ ، وهو غني عن كل شئ ، ذات كاملة.

          قال:  (وهو على كل شئ قدير).

مثال:  إنسان معه ورم خبيث ، الله عز وجل قدير أن يشفيه ، وهناك ألاف الحالات من الدرجة الرابعة – ولا يوجد أمل إطلاقاً ، ولكن الله عز وجل نظر له بالشفاء.

          أخت من أخواتنا الكريمات – صار مع ابنها مرض حالات شفائه بالمليون واحد – يبدو أن الدعاء كان محكماً – والتوكل على الله كان شديد ، والإنابة إلى الله كانت رائعة – الله سبحانه وتعالى شفى هذا الولد ، وجعله في أعلى درجات الصحة – الله عز وجل صرف عنه هذا المرض.

          ربنا بقدر ما هو قوي بقدر ما هو كامل.

كيف نذكر الله عز وجل؟

          لابد أن يكون الذكر بقلب خاشع وحاضر.

مثال:  وعن رجلين من أصحاب النبى – صلى الله عليه وسلم – أنهما سمعا النبي يقول:  (ما قال عبد قط لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير مُخلصاً بها روحُه مصدقاً بها قلبه لسانهُ إلا فُتح له أبواب السمآء حتى ينظر الله إلى قائلها وحق لعبد نظر الله إليه أن يُعطيه سُؤالهُ).

          (النسائي عن يعقوب بن عاصم)

          أجعل همك الواحد أن تُطيعه ، ودع له كل شئ ، لا تقلق ، بأي مكان ، بأي زمان ، بأي وضع ، بأي أزمة ، بأي ضائقة ، بأي مشكلة ، بأي رعب عام.

          قال ابن مسعود رواه ابن ماجه:

          (من جعل الهموم هماً واحداً هم آخرته كفاهُ اللهُ هم دنياهُ).

الحديث الثاني:         عن أنس بن مالك – أخرجه ابن عدي:

          (أعمل لوجه واحد يكفك الوجوه كلها).

الحديث الثالث:         عن عائشة – رضي الله عنها – أخرجه ابن حبان

          (من أرضى الله بسخط الناس ، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس).

          لذلــــــــــــــك :

          الإنسان إذا ذكر الله ينبغي أن يذكر الله بقلب خاشع وبقلب حاضر – ذكر اللسان وحده لا يكفي – مع أنه أفضل من عدم الذكر.

          ولكن الأولى:  أن يذكر الله عز وجل وقلبه حاضر – وقلبه خاشع – حتى يكون الذكر أعلى درجات العبادة.

هذه أذكار النبى – صلى الله عليه وسلم:

          فالمؤمن الصادق يقلد النبى – ويقتفي آثره في أذكاره.

          (لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير).

          فإذا قالها الإنسان في أثناء الذكر الجماعي أو الفردي قالها بإخلاص ، وبقلب حاضر – وبلسان ذاكر ، كانت هذه الكلمات نجاة له من النار.

          التوحيــد

أخطر شئ في الدين:  أولاً هذه الكلمة كلمة التوحيد – والله جل جلاله يقول في كتابه العزيز في سورة محمد الآية (19):

          (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ).

          ومعظم البشر يؤمنون بالله خالقاً ، ولكن هناك قلة قليلة تؤمن به فعالاً.

          أهل الغرب يؤمنون بالله خالقاً ، ولا يؤمنون به فعالاً.

          الأمر بيده ، أمر العالم كله بيده ، صغيرة وكبيرة.

          الإنسان متى يخلص؟  إذا وحد – ومتى يستقيم؟  إذا وحد.

          ومتى يدع النفاق؟  إذا وحد – فالمشكلة في التوحيد.

          على كل إنسان أن يؤمن بالله خالقاً وفعالاً.

          أن تؤمن أن لهذا الكون خالقاً هذا شئ لا يقدم ولا يؤخر.

          التوحيد يحل كل مشكلة ، التوحيد يلغي الحقد ، يلغي الخصومات – يلغي المنازعات، يلغي النفاق ، يلغي المعصية.

          كل شئ بيد الله

          (إذا ألقي محبتك في قلوب الناس يخدمك عدوك ، وإذا نزع محبتك من قلب الناس يضرك أقرب الناس إليك).

الدليل:  يوجد آلاف الدعاوي بين الزوج وزوجته ، وبين الأخ وأخيه؟

من يوحد الله ينجو من عذاب الدنيا والآخرة ويستحق شفاعة النبي:

          فعن أبوهريرة – رضي الله عنه – قال:  قلت:  يارسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟  قال عليه الصلاة والسلام:  (لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا أول منك لما رأيتُ من حرصك على الحديث – أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً مُخلصاً من قلبه)  أخرجه البخاري.

          إذا أنت وحدت وأخلصت لله – ماذا فعلت؟

          فعلت كل شئ ، قدمت كل شئ.  الآن تستحق شفاعة النبي – صلى الله عليه وسلم.

          إن لم تفهم الشفاعة على هذا النحو تكون واهم وحالم ، أما أن تفعل ما تشاء والنبى يشفع لنا؟  هذا مفهوم ساذج مفهوم أطفال – مفهوم مضحك ، ونفاجأ بحقيقة مُرة يوم القيامة.

          أنت قطعت تسعة وتسعين بالمئة من الطريق ، الآن بقى خطوة يأتي النبي فيأخذ بيدك ويوصلك إلى الدرجة العليا.

          هذه شفاعة النبي والنص واضح:

          (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً مُخلصاً من قلبه).

 

(  والحمدلله رب العالمين  )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً