كيف خلق الله الخلق؟

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد ،،،

          فالله عز وجل قال في سورة الإنسان الآية (2):

          (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)

          قال عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما:

          أمشاج:  أخلاط ماء الوجه وماء المرأة ، يختلط ماء الرجل وهو أبيض غليظ بماء المرأة وهو أصفر رقيق ، فيُخلقُ منهما الولد ، فما كان من عصب وعظم وقوة فهو من ماء الرجل ، وما كان من لحم ودم وشعر فهو من ماء المرأة.

          وقال أبو أيوب الأنصاري – رضي الله عنه:

          (جآء حبر من اليهود إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – فقال:  أخبرني عن ماء الرجل وماء المرأة؟  فقال النبى:  “ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق فإذا علا ماء المرأة آنشت وإذا علا ماء الرجل أذكرت” فقال الحبر:  أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله).

          إذاً بقدرة الله عز وجل خُلق هذا الإنسان من ماء مهين (السائل المنوي) ويختلط بماء المرأة (البويضة الأنثوية) فيتكون منهما هذا المخلوق العجيب.

          (نبتليه) لنختبره بالتكاليف الشرعية (الأمر والنهي) والأوامر الإلهية لننظر أيشكر أم يكفر؟  هل يستقيم في سيره أم ينحرف.

          فجعلناه من أجل ذلك عاقلاً مميزاً ، ذا سمع وبصر ، ليسمع الآيات التنزيلية ، ويبصر الدلائل الكونية على وجود الخالق الحكيم.

          وقد خصهما الله عز وجل بالذكر (السمع والبصر) لأنهما أعظم الحراس وأشرفها.  كما قال الإمام الفخر الرازي.

          ومن الأحاديث التى تدل على علم الوراثة:

الحديث الأول:  (تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء).

الحديث الثاني:  (تخيروا لنطفكم فإن النسآء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن).

          فعلينا أن نصدق أن النبى – صلى الله عليه وسلم – في بضع من الأحاديث الشريفة قرر النتائج العملية لقوانين الوراثة.

          وهذا الذى يعد الآن من أرقى علوم الوراثة ، تحسين النسل.

بمعنى:    أن يأتي جيل يتمتع بقدرات عقلية عالية ، وبنية جسمية فائقة ، وبنفسية متفتحة غير متشائمة وغير مريضة هذا الذى عناه النبى – صلى الله عليه وسلم.

كيف تختار زوجتك؟

          إبنك لك عليه واجبات كثيرة جداًوله عليك واجب واحد ، له عليك حق واحد فقط؟  هذا الحق أن تحسن إختيار أمه ، أن تُحسن قبل أن يأتي إلى الدنيا ، والإختيار يكون على أساس التقوى ، والصلاح والعفة ، والذكاء والخُلق.

          ويقول الأولاد لقد أحسنت إليكم قبل أن تأتوا إلى الدنيا حينا أخترت لكم أماً صالحة.

          يجب على شبابنا أن يطبق السنة النبوية:

          (من تزوج امرأة لجمالها أذله الله ، ومن تزوجها لمالها أفقره الله ، ومن تزوجها لحسبها زاده الله دناءة ، فعليك بذات الدين تربت يداك).

تطابق علم الجنين مع الحديث الشريف

          أصبح بإمكان الأطباء والعلماء أن يصوروا الجنين وهو في الرحم ، الجنين في الأسبوع السادس في رحم الأم (1) ترى الأنف مختلطاً بالفم متصلاً بالعين ، (2) واليد كأنها مجداف قصير ، وترى (3) الرأس ملتصقاً بالجذع ، فإذا إنتهى هذا الأسبوع السادس إبتعد الرأس عن الجذع ، وتوضحت معالم العينين ومعالم الأنف ومعالم الفم وملامح اليدين والرجلين 6 × 7 أيام فالرقم (42 يوم).

          هناك حديث شريف في صحيح مسلم والإمام أحمد:

          (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة ، بعث الله إليها ملكاً فصورها وخلق (1) سمعها ، (2) وبصرها ، (3) وجلدها ، (4) ولحمها ، (5) وعظامها ثم قال:  يارب أذكر أم أُنثي فيقضى ربك ماشآء)            مسلم (4783).

          هذا الحديث الشريف مطابق تطابقاً دقيقاً جداً مع الصور التى تلتقط للجنين وهو في نهاية الأسبوع السادس.

          قال سيدنا سعد:  والله ما سمعت حديثاً من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا علمت أنه حق من الله تعالى مصداقاً لقوله تعالى في سورة النجم الآية (3 ، 4 ):

          (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)

سؤال: هل من كل ماء الرجل يكون الولد؟

          من دلائل النبوة أنه – صلى الله عليه وسلم – حدث عن أشياء أكتشفها العلم حديثاً ، فالنبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذى أخرجه الإمام مسلم يقول:

          (ما من كل الماء يكون الولد ، وإذا أراد الله شئ لم يمنعه شئ).

          يقول العلم أن عدد الحيوانات المنوية في اللقاء الزوجي يزيد عن ثلاثمئة مليون حيوان منوي ، وكل حيوان له رأس وله عنق وله ذيل ويسبح في سائل يُغذيه ويسهل حركته ، يتجه هذا العدد الكبير إلى البويضة التى تلقح بحيوان واحد …  كيف عرف النبي ذلك؟  من أي مختبر أخذ معلوماته؟  كيف توصل إليها؟

          يصل إلى البويضة هذه الأعداد من الحيوانات المنوية ويتم الإختيار إلى أن تختار البويضة حيواناً واحداً (والأقوى والأسرع في نفس الوقت).

كيف يدخل هذا الحيوان البويضة؟

          شئ لا يصدق ، إذا اصطدم هذا الحيوان بجدا البويضة ، يمزق الغشاء الذى على رأسه ، فتخرج مادة رقيقة من نوع قرنية العين يذيب جدار البويضة فيدخل ويغلق الباب.

          هناك علم خاص ، اسمه علم الأجنة ، ويقول الله تعالى في سورة القيامة (36 : 40):

          (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)

بمعنى:

أولاً:  أفيظن الإنسان أن يُترك مهملاً فلا يؤمر ويُنهي بلا حساب ، بلا سؤال ، يأخذ مال الناس ، يستطيل عليهم بلا عقاب ، يأخذ ما ليس له بلا تأنيب.

ثانياً:  أفيظن الإنسان أن يترك هملاً في قبره من غير بعث ولا حساب ولا جزاء.

          أما كان هذا الإنسان من نطفة من ماء مهين ، يراق ويصيب في الأرحام؟  كأنه يقول أنه (1) مخلوق من المني الذى يجرى مجرى البول ، (2) ثم أصبح بعد ذلك قطعة من دم غليظ متجمد يُشبه العلقة فخلقه الله بقدرته في أجمل صورة وأتقنها في أحسن تقويم. (3) فجعل من هذا الإنسان صنفين:  ذكراً وأُنثي بقدرته تعالى ، فكيف يليق بمثل هذا الضعيف أن يتكبر على طاعة الله؟  (4) أليس ذلك الإله الخالق الحكيم ، الذى أنشأ هذه الأشياء العجيبة بقادر على إعادة الخلق بعد فنائهم للبعث؟  بلى إنه على كل شئ قدير.

          روي أبو داود في مسنده عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  من قرأ (أُقسم بيوم القيامة) إلى آخر السورة (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتي) فليقل: (سبحانك اللهم بلى).

لماذا سُمى الغشاء العاقل؟

          لأنه يقوم بأعمال في أعلى درجة من الحكمة والعقل.

ما دور المشيمة مع الجنين؟

          لكل إنسان خصائص ينفرد بها منها (1) قرحية العين ، (2) ومنها بلازما الدم ، ومنها (3) رائحة عرق الجلد ، ومنها (4)  نبرة الصوت ، ومنها (5) بصمة الأصابع.

أولاً:  فحينا يولد الجنين يكون معه في الرحم قرص يسميه علماء الطب المشيمة ، ويسميه العوام الخلاص ، وفي هذا القرص من آيات الله الدالة على عظمته الشئ الذى لا يصدق.

          (مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3)

ثانياً:  هناك غشاء بين الدورتين (دورة دم الأم ودورة دم الجنين) يقوم بأعمال يعجز عنها أعلم علماء الطب ، بل إننا لو أوكلنا مهمات هذا الغشاء إلى أعلم الطب لمات الجنين في ساعة واحدة يقوم بشئ لا يُصدق ، هذا الغشاء سمى الغشاء العاقل لأنه يقوم بأعمال في أعلى درجة من الحكمة والعقل ، هو بين دم الأم ودم الجنين ، والسائلان الدمويان لا يختلطان ، الغشاء العاقل (1) يأخذ من دم الأم ما يحتاجته الجنين (1) من المعادن ، (2) من الفيتامينات ، (3) من البروتينات ، (4) من الشحوم ، (5) من المواد السكرية ، وكأن هذا الغشاء يختار المواد الغذائية التى يحتاجها الجنين كل يوم.  وكل يوم تتبدل هذه النسب بحسب نمو الجنين ، إذاً الغشاء العاقل هو جهاز هضم للجنين يقدم له الغذاء ثم يختار الأوكسجين من دم الأم وينقله إلى دم الجنين ، ثم يأخذ مناعة الأم ويضعها في دم الجنين فهو جهاز مناعة مكتسب.

          ويقوم بعملية معاكسة يأخذ من دم الجنين ثاني أكسيد الكربون ، ويأخذ من دمه حمض البول وكذلك المواد السامة ويضعها في دم الأم كي تخرج عن طريق كليتي الأم وجهازها التنفسي ، فصارت المشيمة (1) جهاز هضم ، (2) وجهاز تنفسي ، (3) وجهاز مناعة مكتسب (4) وجهاز تصفية للدم ، (5) والشئ الغريب أن هذا الغشاء يعطي دم الجنين مواداً تعين على حرق السكر ، إذاً هو بنكرياس للجنين ، هذا دور الأنسولين – الأنسولين مادة يفرزها البنكرياس من أجل أن يحترق السكر.

          هناك حقيقة في جسم الإنسان أن كل جسم غريب عن الجسم يرفضه الجسم ، والجنين شئ غريب ينبغي أن يرفض ، لكن هذا الغشاء العاقل يفرز مواداً تمنع رفض هذا المولود الجديد.

          ثم أن هذا الغشاء العاقل يحث الثديين في الأم على إفراز الحليب قبيل الولادة.

          ومادام هذا الغشاء يقوم بأعمال يعجز عنها العقلاء فهذا من تيسير الله جل جلاله ، وهذا معنى قوله تعالى في سورة التين الآية ( 4 ، 5 ):

          (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)

          فإذا عرف الإنسان الله سعد في الدنيا والآخرة ، وإذا غفل عن الله عز وجل وتفلت من منهجه ، وأساء إلى خلقه شقي في الدنيا والآخرة.

تفسير الآية 4 ، 5:

          هذا جواب القسم الذى أقسم الله بالتين والزيتو وطور… ،  إن الله عز وجل خلق الإنسان مستوياً (لأنه خلق كل شئ منكباً على وجهه) وله لسان ويد وأصابع يقبض بها – مديد القامة يتناول مأكوله بيده ، خلقه حياً عالماً – متكلماً ، سميعاً بصيراً – مدبراً.

قصــة:    كان عيسى بن موسى الهاشمي يحب زوجته حباً شديداً فقال لها يوماً:  (أنت طالق ثلاثاً إن لم تكوني أحسن من القمر ، فنهضت وأحتجبت عنه ، وقالت:  طلقتني ، فلما أصبح ذهب إلى دار أبوجعفر المنصور فأخبره الخبر ، فأستحضر الفقهاء وأستفتاهم ، فقال جميع من حضر: قد طُلقت إلا رجل واحد من أصحاب أبي حنيفة فقال الرجل:  (لقد خلقنا الإنسان ..) فالإنسان أحسن الأشياء ولا شئ أحسن منه – فرجعت له زوجته).

الشدة النفسية أثناء الحمل سبباً لتشوه الجنين:

          ما هي أسباب تشوه الأجنة في عالم الرحم؟

          أحد أسباب تشوه الأجنة (1) اضطرابات عاطفية تعيشها المرأة ، (2) الشدة النفلسية سبب لأمراض لا حصر لها ، والشدة النفسية:  (1) دواؤها الإيمان بالله ، (2) ودواؤها الطاعة  (3) ودواؤها الصلح مع الله ، (4) دواؤها ذكر الله ، (5) دواؤها الإقبال على الله ، (6) دواؤها الإخلاص لله ، (7) أن يتوب إلى الله ، (8) تتبع سنة النبى – صلى الله عليه وسلم ، المؤمن معافاً من الشدة النفسية.

          المرأة المؤمنة الطاهرة العفيفة المطيعة لزوجها معافاة من هذه الشدة النفسية.

الضغوط النفسية القوية من خلال الحمل:  ماهي تلك الضغوط؟

          فقدان الوظيفة ، أو الطلاق أو الحزن على ميت ، يمكن أن تؤدي إلى حالات غير طبيعية في الجنين ، وتشوهات ، كالشرم وإنشقاق الشفة.

العبرة من هذا الدرس:

          حينما نبتعد عن التصميم الإلهي ، وعن البنية الإلهية ، ونأخذ أسلوب آخر في الحياة ينعكس هذا على صحة أولادنا وعلى نموهم وعلى سلامة نفوسهم.

هل للجنين مشاعر وإحساس؟

          من البحوث العلمية الطبية التى تعد من آيات الله الدالة على عظمته.  أن الجنين كان في نظر الطب قديماً كائناً حياً في أدنى مستويات الحياة ، وكانت كتب الطب ، تصف حياته كحياة حبة الفاصوليا في التراب ، وما حركات الجنين إلا ردود أفعال على المؤثرات التى تصل إليه وهو في بطن أمه ، ولكن الطب الحديث وإستخدام التنظير والتصوير التليفزيوني والتسجيل الضوئي والصوتي.

          إذا وقعت الأم في أزمة نفسية كالغضب فإن الجنين يتأثر لتأثر أمه وتضطرب أعضاؤه وأجهزته.

          واذا كانت الأم في سعادة ويسر ، وكانت تهدهد له فإن الجنين يهدأ فينتظم قلبه وأعضاؤه ونفسيته ، والأغرب من ذلك.

          إن الجنين ينتظم وهو في بطن أمه إلى صوت أبيه.

الرباط:   إرتباط الجنين بأمه فإذا رغبت الأم بالحمل بادل الجنين أمه الإبتهاج وقدم مودته وشكره أما الأم التى لا ترغب بالحمل ويتم الحمل وهي مكرهه ، فإن التواصل أو الرباط ينقطع مع الجنين.

 

          يحيا الجنين حياته منفصلة عن أمه فيها الوحشة والإنكماش ويختل توازنه ، وبعد إذ يشاكس أمه بركلات يرسلها بقدميه وكأنه يعبر بها عن احتجاجه على كراهيتها له ، وبعد الولادة الجنين التى رفضت أمه حمله ، لا يقبل ثديها.

          قد تكون دورة النوم عند الأم ذات خصائص مُعينة فالأم التى تكثر السهر يأتي وليدها مشابهاً لها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً