لا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:  (لا تحلفوا بآبائكم ، ولا بأمهاتكم ، ولا بالأنداد ، ولا تحلفوا إلا بالله ، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون).                    رواه أبوداود في سننه.

          كان العرب في الجاهلية يكثرون الحلف بآبائهم وأُمهاتهم وأصنامهم ، فنهى النبى – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك لما فيه من تعظيم غير الله تعالى ، وهو لا يليق بمن آمن بالله ، وأخلص له دينه ، وأستحضر عظمته وجلاله في قلبه.

          فإن من عرف الله عز وجل بأسمائه الحسنى وأوصافه العُلى أحبه أشد من حبه لأبيه وأمه ، بل أشد من حبه لنفسه ، ولم ير في الوجود سواه ، فإذا أضطر إلى الحلف إلا به عز وجل.

          فقوله – صلى الله عليه وسلم:  (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم).

لا تحلفوا بأُصولكم ، فالأب لفظ يطلق على الجد ، وأبى الجد إلى آدم عليه السلام ، والأم لفظ يطلق ويراد به من باشرت الولادة وأمها وأم أمها إلى حواء – رضي الله عنها.

          ويقاس عليه الحلف بالأبناء وأبناء الأبناء ، لاشتراك الجميع في العلة وهى تعظيم غير الله عز شأنه.

          وقوله:  (ولا بالأنداد).

          أى المعبودات التى كانوا يعبدونها من دون الله.

          فهو تعريض بالأصنام وعابديها ، وفي التعريض دعوة لعابديها إلى تركها والتخلى عن عبادتها ، إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل.

          وقد يراد بالأنداد:  السادة والأشراف

          فقد كان بعضهم يحلف بسيد قبيلته تقرباً إليه ومجاملة له ، كما يفعل كثير من المنافقين الأفاكين في جميع العصور.

(1)            فمن أعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله حرم الحلف به قطعاً ، وكان بذلك الإعتقاد كافراً.

(2)            ومن حلف بغير الله غير معتقد به التعظيم ، كان حلفه مكروهاً.

(3)            لكن إذا جرى هذا على اللسان من غير أن يعقد القلب عليه ، فهو لغو لا حكم له.

(وقد جرى على ألسنة العرب:  لا وأبيك ، لا وحياتك ، من غير أن يقصدوا الحلف ، فلا يؤاخذون به ، ولا ينهون عنه).

وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (ولا تحلفوا إلا بالله).

بمعنى:  إذا كان ولابد أن تحلفوا لاتقاء شر أو رفع ضُر أو رفع تهمة فليكن حلفكم بالله وحده ، فهي اليمين التى تنعقد وتعتبر ، ويترتب عليها آثارها في الوفاء والحنث.

          ولما كان المؤمن لا يعظم إلا الله لم يكن له أن يحلف عند الضرورة إلا به ، تأدباً معه ، ومراعاة لحقه عليه ، فهو الذى بيده نجاته وكشف أمره كله.

          وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون).

          تحجيم لدواعي الحلف ، ونهى عن الإكثار منه ، وقصر الحلف على حالة الصدق وحدها.

          وبيان هذا أن الإنسان قد يكثر من الحلف على الأمور العظيمة والهينة ولا يبالى بالنهى عن ذلك مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (224):

(وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

          ينهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يجعلوا به مانعاً من فعل الخير وذلك كأن يحلف العبد أن لا يتصدق على فلان أو أن لا يكلم فلان أو أن لا يصلح بين اثنين والله سميع لأقوالنا عليم بنياتنا وأفعالنا.

الحلف نوعين:

(1)            أن يحلف الرجل على الشئ يظنه كذا فيظهر على خلاف ما ظن ، أو أن يجرى على لسانه ما لا يقصده من الحلف كقوله لا والله ، بلى والله فهذا مما عفا الله عنه لعباده فلا إثم فيه ولا كفارة تجب عليه.

(2)            أن يحلف الرجل كاذباً ليأخذ حق أخيه المسلم بيمينه الكاذبة فهذه هي اليمين الغموس التى تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار وهذه لا تنفع فيها الكفارة والموضوعة لمن حلف ثم حنث ، وإنما على صاحب اليمين الغموس التوبة بتكذيب نفسه والإعتراف بذنبه ورد الحق الذى أخذه بيمينه الفاجرة إلى صاحبه وبذلك يغفر الله تعالى له ويرحمه ..

1.     والمهم أن لا نكثر من اليمين بالله فإنه أهيب للقلوب ، وقد ذم الله تعالى في سورة القلم الآية (10) من يكثر من اليمين بالله (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ).

ومن هذا البيان يتضح لنا أن النهى في قوله:  (ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون) للتحريم قطعاً – لأن الحلف بالله كذباً من أكبر الكبائر وأعظمها ، ويكون مع من قال الله فيهم فى سورة الواقعة الآية (41 – 46):

(وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ (43) لّا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ(46).

والحنث اليمين الكاذبة الفاجرة ، (نسأل الله السلامة من شرها).

ومن أجل ذلك كان النهي محجماً للحلف في ذاته ، بمعنى أن المسلم يتجنب الحلف ما أمكن فلا يقدم عليه إلا عندما يدعى إليه ، أو يكون مضطراً ، وإن حلف حلف على حق أقر به أو أقر به غيره ، أو على شئ لا ينوى الحلف ولا الخيانة فيه.

فالمؤمن من شأنه أن يكون صادقاً في أقواله وافعاله وجميع أحواله – صادقاً مع الله ، وصادقاً مع نفسه ، وصادقاً مع الناس.

فالصدق صفة جامعة لخصال الخير كلها.

فما من صفة محمودة إلا كان الصدق منبعها ومصبها.

مصداقاً لقوله تعالى في سورة التوبة الآية (119):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ).

 

 

(( والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:  (لا تحلفوا بآبائكم ، ولا بأمهاتكم ، ولا بالأنداد ، ولا تحلفوا إلا بالله ، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون).                    رواه أبوداود في سننه.

          كان العرب في الجاهلية يكثرون الحلف بآبائهم وأُمهاتهم وأصنامهم ، فنهى النبى – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك لما فيه من تعظيم غير الله تعالى ، وهو لا يليق بمن آمن بالله ، وأخلص له دينه ، وأستحضر عظمته وجلاله في قلبه.

          فإن من عرف الله عز وجل بأسمائه الحسنى وأوصافه العُلى أحبه أشد من حبه لأبيه وأمه ، بل أشد من حبه لنفسه ، ولم ير في الوجود سواه ، فإذا أضطر إلى الحلف إلا به عز وجل.

          فقوله – صلى الله عليه وسلم:  (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم).

لا تحلفوا بأُصولكم ، فالأب لفظ يطلق على الجد ، وأبى الجد إلى آدم عليه السلام ، والأم لفظ يطلق ويراد به من باشرت الولادة وأمها وأم أمها إلى حواء – رضي الله عنها.

          ويقاس عليه الحلف بالأبناء وأبناء الأبناء ، لاشتراك الجميع في العلة وهى تعظيم غير الله عز شأنه.

          وقوله:  (ولا بالأنداد).

          أى المعبودات التى كانوا يعبدونها من دون الله.

          فهو تعريض بالأصنام وعابديها ، وفي التعريض دعوة لعابديها إلى تركها والتخلى عن عبادتها ، إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل.

          وقد يراد بالأنداد:  السادة والأشراف

          فقد كان بعضهم يحلف بسيد قبيلته تقرباً إليه ومجاملة له ، كما يفعل كثير من المنافقين الأفاكين في جميع العصور.

(1)            فمن أعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله حرم الحلف به قطعاً ، وكان بذلك الإعتقاد كافراً.

(2)            ومن حلف بغير الله غير معتقد به التعظيم ، كان حلفه مكروهاً.

(3)            لكن إذا جرى هذا على اللسان من غير أن يعقد القلب عليه ، فهو لغو لا حكم له.

(وقد جرى على ألسنة العرب:  لا وأبيك ، لا وحياتك ، من غير أن يقصدوا الحلف ، فلا يؤاخذون به ، ولا ينهون عنه).

وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (ولا تحلفوا إلا بالله).

بمعنى:  إذا كان ولابد أن تحلفوا لاتقاء شر أو رفع ضُر أو رفع تهمة فليكن حلفكم بالله وحده ، فهي اليمين التى تنعقد وتعتبر ، ويترتب عليها آثارها في الوفاء والحنث.

          ولما كان المؤمن لا يعظم إلا الله لم يكن له أن يحلف عند الضرورة إلا به ، تأدباً معه ، ومراعاة لحقه عليه ، فهو الذى بيده نجاته وكشف أمره كله.

          وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون).

          تحجيم لدواعي الحلف ، ونهى عن الإكثار منه ، وقصر الحلف على حالة الصدق وحدها.

          وبيان هذا أن الإنسان قد يكثر من الحلف على الأمور العظيمة والهينة ولا يبالى بالنهى عن ذلك مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (224):

(وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

          ينهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يجعلوا به مانعاً من فعل الخير وذلك كأن يحلف العبد أن لا يتصدق على فلان أو أن لا يكلم فلان أو أن لا يصلح بين اثنين والله سميع لأقوالنا عليم بنياتنا وأفعالنا.

الحلف نوعين:

(1)            أن يحلف الرجل على الشئ يظنه كذا فيظهر على خلاف ما ظن ، أو أن يجرى على لسانه ما لا يقصده من الحلف كقوله لا والله ، بلى والله فهذا مما عفا الله عنه لعباده فلا إثم فيه ولا كفارة تجب عليه.

(2)            أن يحلف الرجل كاذباً ليأخذ حق أخيه المسلم بيمينه الكاذبة فهذه هي اليمين الغموس التى تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار وهذه لا تنفع فيها الكفارة والموضوعة لمن حلف ثم حنث ، وإنما على صاحب اليمين الغموس التوبة بتكذيب نفسه والإعتراف بذنبه ورد الحق الذى أخذه بيمينه الفاجرة إلى صاحبه وبذلك يغفر الله تعالى له ويرحمه ..

1.     والمهم أن لا نكثر من اليمين بالله فإنه أهيب للقلوب ، وقد ذم الله تعالى في سورة القلم الآية (10) من يكثر من اليمين بالله (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ).

ومن هذا البيان يتضح لنا أن النهى في قوله:  (ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون) للتحريم قطعاً – لأن الحلف بالله كذباً من أكبر الكبائر وأعظمها ، ويكون مع من قال الله فيهم فى سورة الواقعة الآية (41 – 46):

(وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ (43) لّا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ(46).

والحنث اليمين الكاذبة الفاجرة ، (نسأل الله السلامة من شرها).

ومن أجل ذلك كان النهي محجماً للحلف في ذاته ، بمعنى أن المسلم يتجنب الحلف ما أمكن فلا يقدم عليه إلا عندما يدعى إليه ، أو يكون مضطراً ، وإن حلف حلف على حق أقر به أو أقر به غيره ، أو على شئ لا ينوى الحلف ولا الخيانة فيه.

فالمؤمن من شأنه أن يكون صادقاً في أقواله وافعاله وجميع أحواله – صادقاً مع الله ، وصادقاً مع نفسه ، وصادقاً مع الناس.

فالصدق صفة جامعة لخصال الخير كلها.

فما من صفة محمودة إلا كان الصدق منبعها ومصبها.

مصداقاً لقوله تعالى في سورة التوبة الآية (119):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ).

 

 

(( والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:  (لا تحلفوا بآبائكم ، ولا بأمهاتكم ، ولا بالأنداد ، ولا تحلفوا إلا بالله ، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون).                    رواه أبوداود في سننه.

          كان العرب في الجاهلية يكثرون الحلف بآبائهم وأُمهاتهم وأصنامهم ، فنهى النبى – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك لما فيه من تعظيم غير الله تعالى ، وهو لا يليق بمن آمن بالله ، وأخلص له دينه ، وأستحضر عظمته وجلاله في قلبه.

          فإن من عرف الله عز وجل بأسمائه الحسنى وأوصافه العُلى أحبه أشد من حبه لأبيه وأمه ، بل أشد من حبه لنفسه ، ولم ير في الوجود سواه ، فإذا أضطر إلى الحلف إلا به عز وجل.

          فقوله – صلى الله عليه وسلم:  (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم).

لا تحلفوا بأُصولكم ، فالأب لفظ يطلق على الجد ، وأبى الجد إلى آدم عليه السلام ، والأم لفظ يطلق ويراد به من باشرت الولادة وأمها وأم أمها إلى حواء – رضي الله عنها.

          ويقاس عليه الحلف بالأبناء وأبناء الأبناء ، لاشتراك الجميع في العلة وهى تعظيم غير الله عز شأنه.

          وقوله:  (ولا بالأنداد).

          أى المعبودات التى كانوا يعبدونها من دون الله.

          فهو تعريض بالأصنام وعابديها ، وفي التعريض دعوة لعابديها إلى تركها والتخلى عن عبادتها ، إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل.

          وقد يراد بالأنداد:  السادة والأشراف

          فقد كان بعضهم يحلف بسيد قبيلته تقرباً إليه ومجاملة له ، كما يفعل كثير من المنافقين الأفاكين في جميع العصور.

(1)            فمن أعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله حرم الحلف به قطعاً ، وكان بذلك الإعتقاد كافراً.

(2)            ومن حلف بغير الله غير معتقد به التعظيم ، كان حلفه مكروهاً.

(3)            لكن إذا جرى هذا على اللسان من غير أن يعقد القلب عليه ، فهو لغو لا حكم له.

(وقد جرى على ألسنة العرب:  لا وأبيك ، لا وحياتك ، من غير أن يقصدوا الحلف ، فلا يؤاخذون به ، ولا ينهون عنه).

وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (ولا تحلفوا إلا بالله).

بمعنى:  إذا كان ولابد أن تحلفوا لاتقاء شر أو رفع ضُر أو رفع تهمة فليكن حلفكم بالله وحده ، فهي اليمين التى تنعقد وتعتبر ، ويترتب عليها آثارها في الوفاء والحنث.

          ولما كان المؤمن لا يعظم إلا الله لم يكن له أن يحلف عند الضرورة إلا به ، تأدباً معه ، ومراعاة لحقه عليه ، فهو الذى بيده نجاته وكشف أمره كله.

          وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون).

          تحجيم لدواعي الحلف ، ونهى عن الإكثار منه ، وقصر الحلف على حالة الصدق وحدها.

          وبيان هذا أن الإنسان قد يكثر من الحلف على الأمور العظيمة والهينة ولا يبالى بالنهى عن ذلك مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (224):

(وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

          ينهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يجعلوا به مانعاً من فعل الخير وذلك كأن يحلف العبد أن لا يتصدق على فلان أو أن لا يكلم فلان أو أن لا يصلح بين اثنين والله سميع لأقوالنا عليم بنياتنا وأفعالنا.

الحلف نوعين:

(1)            أن يحلف الرجل على الشئ يظنه كذا فيظهر على خلاف ما ظن ، أو أن يجرى على لسانه ما لا يقصده من الحلف كقوله لا والله ، بلى والله فهذا مما عفا الله عنه لعباده فلا إثم فيه ولا كفارة تجب عليه.

(2)            أن يحلف الرجل كاذباً ليأخذ حق أخيه المسلم بيمينه الكاذبة فهذه هي اليمين الغموس التى تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار وهذه لا تنفع فيها الكفارة والموضوعة لمن حلف ثم حنث ، وإنما على صاحب اليمين الغموس التوبة بتكذيب نفسه والإعتراف بذنبه ورد الحق الذى أخذه بيمينه الفاجرة إلى صاحبه وبذلك يغفر الله تعالى له ويرحمه ..

1.     والمهم أن لا نكثر من اليمين بالله فإنه أهيب للقلوب ، وقد ذم الله تعالى في سورة القلم الآية (10) من يكثر من اليمين بالله (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ).

ومن هذا البيان يتضح لنا أن النهى في قوله:  (ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون) للتحريم قطعاً – لأن الحلف بالله كذباً من أكبر الكبائر وأعظمها ، ويكون مع من قال الله فيهم فى سورة الواقعة الآية (41 – 46):

(وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ (43) لّا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ(46).

والحنث اليمين الكاذبة الفاجرة ، (نسأل الله السلامة من شرها).

ومن أجل ذلك كان النهي محجماً للحلف في ذاته ، بمعنى أن المسلم يتجنب الحلف ما أمكن فلا يقدم عليه إلا عندما يدعى إليه ، أو يكون مضطراً ، وإن حلف حلف على حق أقر به أو أقر به غيره ، أو على شئ لا ينوى الحلف ولا الخيانة فيه.

فالمؤمن من شأنه أن يكون صادقاً في أقواله وافعاله وجميع أحواله – صادقاً مع الله ، وصادقاً مع نفسه ، وصادقاً مع الناس.

فالصدق صفة جامعة لخصال الخير كلها.

فما من صفة محمودة إلا كان الصدق منبعها ومصبها.

مصداقاً لقوله تعالى في سورة التوبة الآية (119):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ).

 

 

(( والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

 

v

اترك تعليقاً