لماذا أختار عمر بن الخطاب التقويم الهجرى للمسلمين؟

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد ،،،

          فقد أتى بعض أصحاب النبى – صلى الله عليه وسلم – إلى عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – وكان يومها أمير المؤمنين – فقال أحد الصحابة فى مجلس عمر يا أمير المؤمنين فى إعتقادى أنك أفضلُ من أبى بكر.  فغضب عمر حتى أحمر وجهه من الغضب وقال:  يارجل أنت تفضلنى على أبى بكر – والله لقد تمنيت أن أكون شعره فى صدر أبى بكر ، فسمعتُ النبى – صلى الله عليه وسلم يقول:  (لو وزن إيمانُ هذه الأمة وإيمانُ أبوبكر لرجح إيمانُ أبى بكر عليهم أجمعين) كما سمعته يقول:  (يا أبابكر أنت أول من يشربُ من يدى يوم القيامة وأنت أول من يدخل الجنة بغير حساب).

          أتفضلنى على أبى بكر والله ليلةُ واحدةُ من ليالى أبى بكر خيرُ من آل عمر جميعاً ، ويوم واحد من أيام أبى بكر خير من آل عمر جميعاً.  فقال بعض الحاضرين فى مجلس عمر ياأمير المؤمنين ماهو اليوم الذى أخترته من أيام أبى بكر وما هى الليلة التى أخترتها من لياليه؟؟

قال عمر بن الخطاب:  فأما اليوم فيوم الردة وأما لليلة فهى ليلة الهجرة أم اليوم فهو يوم الردة حين مات النبى – صلى الله عليه وسلم – وأرتد العرب ومنعوا الزكاة حتى أن عمر – رضى الله عنه – يومها وهو الشديد العنيد  قال عمر لأبى بكر يومها:  (يا أبابكر أدخل بيتك وأغلق بابك وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين – فلا قبل لنا بحرب العرب أجمعين) (عمر هو الذى يقول هذا الكلام).

          فرد أبوبكر على عمر:  (ثكلتك أمك ياابن الخطاب – أجبار فى الجاهلية خوار فى الإسلام ، والله لو منعونى عقال بعير كان يؤدونه لرسول الله لحاربتهم عليه ، ولو علمتُ أن السباع ستتخطف أرجل أمهات المؤمنين ما حللت لواء عقده رسول الله – فلابد أن أعيد للإسلام عزته – وللدين انتصاره وانتشاره).

          قال عمر:  هذا اليوم الذى وقف أبوبكر وحده ونادى فى الناس:  (يا أيها الناس من كان يؤمن بالله واليوم الآخر (1) فليجب داعى الله وداعى خليفة رسوله ، (2) وليخرج معنا ليحارب فى سبيل الله وموعدكم غداً الجرف (والجرفُ هو المكان الذى يُعسكر فيه الجنود قبل أن يتوزعوا على الأماكن القتال) معسكر الجرف.

قال عمر:  فما جآء اليوم الثانى حتى وجد أبوبكر فى معسكر الجرف 11 ألف من الصحابة كل واحد منهم لو سلطُه على جبل لدكه وأزاله لقوة إيمانه ووزع أبوبكر الجنود على العرب المرتدين وبعد 6 أشهر عادوا منتصرين وأعز الله دينه ونصر قرآنه ببركة صمود أبوبكر.

          قال عمر:  فهذا اليوم يوم الردة – يوم واحد من أيام أبوبكر يفضل ويزيد فى الأجر على آل عمر جميعاً) ، قالوا:  وما الليلة؟  قال عمر:  ليلة الغار …

          لم يختار الله لصُحبة نبيه للهجرة إلا أبابكر – رضى الله عنه – ولم يمدح الله فى القرآن بصفته الكريمة إلا أبابكر حيث قال:  (إذ قال لصاحبه لا تحزن إن الله معنا).  صاحبه بإجماع المسلمين هو أبوبكر – رضى الله عنه ..  أبوبكر كان فى الغار وجآء المقتفون للأثر فجلسوا أمام باب الغار ووجدوا عنكبوت نسجت – حمام باض – شجرة نبتت وفرعت..  تصوروا قدرة الله …  فقالوا:  ما دخل محمد هنا – لو دخل لأنقطع نسيج العنكبوت وطار الحمام ولمنعته الشجرة ، وجلس أبوجهل أمام باب الغار مباشرة يتبول – وجآء رشاش البول على أصابع أبوبكر – لأن الغار ضيق والرسول من الداخل وأبوبكر من الخارج حتى أن أصابعه بينه – فتخوف أبوبكر وقال:  يارسول الله (ما على نفسى أخاف فأنا إن متُ متُ وحدى ولكن أنت إذا مُت مات الدين كله ، يارسول الله لو نظر أحدهم تحت قدمه لأبصرنا فقال النبى – صلى الله عليه وسلم: (فى ثقة المؤمن ويقين المسلم ياأبابكر لا تحزن إن الله معنا ما ظنك باثنين الله ثالثهما).  قال عمر للشخص الذى فضله على أبوبكر:  هذه الليلة لو وزنت بليالى كلها لرجحت عليهم ….

          نجد لما مدح الصحابى عمر وقال له:  (أنت خير من أبى بكر) لم يرضى عمر بهذه الجليطة ولا بهذا النفاق ولا بهذا الكذب….

(1)عمر – رضى الله عنه – لما أراد أن يؤرخ للمسلمين ويؤرخ بالميلاد – ورفض هذا الرأى الرأى الثانى:  نُؤرخ بالموت (بتاريخ موت النبى) ورفض هذا الرأى أيضاً.

(3)وبعضهم قال:  نؤرخ بالإسراء والمعراج – ورفض هذا الرأى.

(4)فقال عمر – إنى أرى أن نُؤرخ بالهجرة ..  فلولا الهجرة ما أعز الله الإسلام ولا نصر دين القرآن – فكأن الهجرة ليست قصة ولا حكاية تُحكى وإنما هى عبر ودروس.  وأول هذه الدروس (درس الصبر).

          فإن النبى – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه 13 سنة يصبرون على ما هو أمر من المر وما هو أشد من الجمر – كم عُذبوا – كم كُذبوا – كم سُبوا وشتموا كم تهموا – كم قُتلوا وجرحوا ، فما أصابهم وهن ولا ضعف ولا إستكانة هذا هو الدرس الأول من الهجرة.

 

(  والحمدلله رب العالمين  )

 

 

اترك تعليقاً