ما الحكمة من الحشر؟

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

فماذا بعد البعث؟

هل يبعث اللهُ الناس ثم يتركهم هكذا؟ هل يحيى الله الموتى من القبور ثم يتركهم على شفير القبر واقفين هكذا ينظرون لبعضهم البعض؟

لا ليس هذا لائقاً بحكمة الله الحكيم فإن البعث له هدف من وراءه وهو الحساب وهو الجزاء وهو المصير لتعرف كل نفس ما كسبت وما كتسبت (لها ما كسبت وعليها ماكتسبت) سورة البقرة الآية (286).

وإن ما لها ما كسبت من الخير فتجزى به خيراً وعليها ما اكتسبت من الشر فتجزى به شراً إلا أن يعفو عنه ويغفر له.

وكما قال القرآن:  (وعداً عليه حقاً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليُبين لهم الذى يختلفون فيه ، وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين)

هل ربنا يبعثهم ثم يحاسبهم فى أماكنهم؟

بعض الآيات الدالة على الحشر: 

يقول الله تعالى فى سورة الكهف الآية (47):

(وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا).

ويقول الله تعالى فى سورة الإسراء الآية (97):

(وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ).

          ويقول الله تعالى فى سورة مريم الآية (85 ، 86):

(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا(85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا)(86).

          ويقول الله عز وجل:  (وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً).

          لابد لنا أن نسلم بما وراء البعث من مستلزمات الحساب ، جعل الحساب لابد من حاجة اسمها الحشر لأن العالم مبعثر منهم من مات فى الهواء ومنهم من مات فى الماء ومنهم من مات فى بيته موت عادى ومنهم من مات فى طاعون – ومنهم من مات حرقاً أو هو يحارب.

          لا ماء ولا ذرة ولا أشعة ولا أى مفنى يؤثر فى هذا الجزء (عجب الذنب) ، وربنا سبحانه يجعله غير قابل للفناء لأنه الخلية الأصلية وهو الأصل منه بدأ الخلق ومنه يعود يوم القيامة.

          لا يستعصى على الله لأن الله تعالى بقدرته هو الذى خلق وهو الذى علم مصداقاً لقوله تعالى فى سورة ( ق ) الآية (4):

(قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ).

          النقص هنا الموت.

          يقول قد علمنا منهم من يموت ومن يبقى لأن من مات دُفن فكأن الأرض تنقص من الناس.

هناك حشر ليس الحشر الذى بعد البعث:

          فاوعى ما تقرأ سورة الحشر وربما يتوهم بعض الناس أن هذا الحشر هو الحشر الذى بعد البعث ولكن أنا أقول لا هذا حشر آخر.

          ويقول الله تعالى فى سورة الحشر الآية (2):

(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ).

          والآن نعرف ما صنعه الإسلام فى تصفية لليهود رويداً رويداً حتى قضى عليهم فى الحجاز ولم يبقى لهم فيها أثراً بعد أن كانوا جيوباً فى وسط المدينة (بنى قينقاع) وفى أعلى جبل من ناحية الشرق يتحكم فى المدينة كما تتحكم مرتفعات الجولان فى دمشق وكما تتحكم القلعة فى القاهرة – (بنى قريطة) ثم يهود (بنى النضير) ثم يهود خيبر ثم ودك وتيماء وادى القرى كان هؤلاء اليهود الذين وزعوا أنفسهم توزيعاً إستراتيجياً خطيراً ليتحكموا فى مصادر الجزيرة العربية ومصادرها السياسية والإقتصادية والعسكرية فتنبأ النبىُ محمد – صلى الله عليه وسلم – لخطرهم وخطورتهم وبصبره الأصيل وسياسته الرشيدة وحكمته العالية ونبوته الملهمة استطاع أن يخلص عليهم بالتدريج وكان أول زعزعة لقواعدهم هو إخراجهم من وسط المدينة المنورة (بنى قينقاع) إلى الضواحى أذرعات فى الشام – ثم خروج بنى النضير ولحقهم على خيبر لأول الحشر:  أى لأول الإخراج والطرد ما ظننتم معشر المسلمين أن يخرجوا لقوتهم ومناعتهم وتحكمهم ومساكنهم الخطيرة المتحكمة.        

يقول الله تعالى فى سورة الحشر الآية (3):

(وَلَوْلا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ).

( 1 )ما معنى الحشر؟   

          حشر الناس:  سوقهم إلى الأمكنة التى يُعدون فيها للمسألة وللحساب وللتحقيق مثل أى ساحة من ساحات القضاء المحكمة فيها قاض – وفيها دفاع وفيها شهود وفيها خصوم وفيها متهم.

          فرب العزة جل جلاله أولاً:

          يجمع هؤلاء المبعثرين فى شتى بقاع العالم سواء كانوا قد ذروا فى الهواء أو غاصوا فى المياة والمحيطات والبحار أو تاهوا فى جوف التراب فى الأرض – الملائكة تسوقوهم إلى الأرض التى أختارها الله تعالى لهم ساحة لفصل القضاء وللحساب وبين يدى الحساب وقفة طويلة يتمنى الناس من ضقهم فيها أن ينصرفوا ولو إلى النار.

          الحشر هو الزحام يوم القيامة – أى زحمة ستكون ملايين الأجيال والأُمم واحد يقول لربنا سبحانه اصرفنى من هذه الحتة (هذا المكان) ولو تودينى إلى جهنم من جهد البلاء.

( 2 )حشر يوم القيامة:

          يبعثون يوم القيامة وينتشروا الناس وبعد الإنتشار يأتى الملائكة يسوقوهم إلى الأرض الساهرة – ويمدها الله مد آ لا نعلمه  .    

مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الذاريات الآية (47 ، 48):

(وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ(47) وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ)(48).

          ربنا قادر أن يجعل مساحة الأرض التى سوف نحشر عليها قد مساحة الأرض الآن مليون مرة ومن ضمن أسماء الله الحُسنى:  الواسع العليم ، وثبت علمياً الآن أن الكون يمتد وان هناك كواكب تخلق جديدة وأن هناك مساحات تتسع – فقدرة الله فوق الشك والتهم فبعد أن ينتشروا ويحشرون إلى الله مصداقاً لحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (يُحشر الناسُ يوم القيامة حُفاة عُراة غُرلا كما بدأنا أول خلقاً نُعيده).

          وهذا إنذار من الرسول جئنا إلى الدنيا عاريين وتخرجوا منها عاريين ، إن هذا الملك الذى تتقاتل الناس عليه ويتعادون ويتباغدون ويتخاصمون وينسى الأخ أخاه وقد يقتل القريب قريبه من أجل هذا المُلك – فالسيدة عائشة – رضى الله عنها لما سمعت هذا الكلام حصل عندها رعب قالت:  حفاة:  نتحمل حفاة ولكن عراة وقالت:  واسوأتاه وفضيحتاه ينظر بعضنا إلى بعض؟ ويرى النسآء الرجال ويرى الرجال النسآء – والرسول – صلى الله عليه وسلم – صحح لها المفاهيم قال:  (ياعائشة شُغل الناسُ يوميذ ( لكل امرئ منهم يوميذ شأن يُغنيه )   37    سورة عب

          يقول الله تعالى فى سورة المعارج الآية (11 : 15):

(يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ(11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ(12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ(13) وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ(14) كَلاَّ …)(15).

          يتمنى الكافر (لو يفتدى…)  يعنى من عذاب جهنم بأعز من كان عليه فى الدنيا من أقاربه فلا يقدر – (فصيلته:  عشيرته) (التى تؤويه) تنصره – المعنى الأصح والله يعلم (أمه التى تُربيه) (ومن فى الأرض جميعاً) يريد لو فُدى بهم (بمن فى الأرض جميعاً).

          كلا:  لا أقبل – المسئولية فردية ليه أنا أخذ بدل لك أمك وأخوك وزوجتك لا:  (كل إنسان إلزمناه طائره فى عنقه) (لكل امرئ منهم يوميذ شأن يُغنيه).

          فأعظم يوم تنكشف فيه العورات ويؤمن فيه مع ذلك النظر والإلتفات.

          كيف؟  بعضهم يمشون على بطونهم ووجوههم فلا قدرة لهم على الإلتفات إلى غيرهم وكما قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (يُحشر الناسُ يوم القيامة ثلاثة أصناف):  ركبانا ومشاة وعلى وجوههم ، فقال رجل:  يارسول الله وكيف يمشون على وجوههم؟  قال النبى:  (الذى أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشهم على وجوههم) أما قرأت قول الله (ونحشرهم يوم القيامة عُمياً وبكماً وصماً).

          فأحضر فى قلبك صورتك وأنت واقف واقف عارى مكشوف ذليل مدحور؟  متحير مبهوت منتظر لما يجرى عليك من القضاء بالسعادة أو بالشقاوة…….

          مصداقاً لقوله تعالى فى سورة مريم الآية (85 ، 86):

(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا(85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا)(86).

          فى المؤمنين قال نحشر وفى المجرمين قال نسُوقُ كأنهم بهائم إلى المجزر نحشر المتقين إلى الرحمن هو رب الرحمة بيديه من جنس عملهم ويعطيهم الجزاء الذى يتناسب معهم وجعلهم وفداً ، والوفد دائماً هو عظماء القوم الذين يفدون فى مأموريات مهمة – مع المجرمين ورداً:  حافين عُطاشاً.

          حيث شبه المجرم الذى جردوه من ملابسه إلا قطعة خيش والعساكر تضربه من الأمام والخلف (فيساقون عطاشاً حفاة مشاة أفواجاً).        

وعن على – رضى الله عنه:  لما نزلت هذه الآية قال:

          يارسول الله ، إنى قد رأيت الملوك ووفودهم فلم أرى مداً إلا رُكبنا فما وفد الله؟  فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (أما إنهم لايحشرون على أقدامهم ولا يساقُون سوقاً ولكنهم يُؤتون بنوق من نوق الجنة لم ينظر الخلائق إلى مثلها رحالها الذهب وزمامُها الزبرجد فيركبونها حتى يقرعوا باب الجنة).     ذكره السيوطى فى الدر المنثور.

          وعن ابن عباس – رضى الله عنهما – قال:

          (من كان يحب الخيل وفد إلى الله تعالى على خيل لا ترُوث ولا تبول ، لجمُها من الياقوت الأحمر ومن الزبرجد  الأخضر والدر الأبيض – سروجها من السندس والإستبرق.

          ومن كان يحب ركوب الإبل فعلى إبل لا تبعر ولا تبول أزمتُها (الحبل أو اللجام) من الياقوت والزبرجد .

          ومن كان يحب ركوب السفن فعلى سفن من ياقوت ، قد أمنوا الغرق وأمنوا الأهوال.

          ويقول عمرو بن قيس:  إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله عمله فى أحسن صوره وأطيب ريح ، فيقول:  هل تعرفنى؟  فيقول: لا إلا إن الله قد طيب ريحك وحسن صورتك ، فيقول:  كذلك كنت فى الدنيا أنا عملك الصالح طالما

 ركبتك فى الدنيا اركبنى اليوم – وتلا (يوم نحشُر المتقين إلى الرحمن وفداً).

          وإن الكافر يستقبله عمله فى أقبح صورة وأنتن ريح فيقول:  هل تعرفنى؟ فيقول: لا إلا أن الله قد قبح صورتك وأنتن ريحك ، فيقول:  كذلك كنتُ فى الدنيا أنا عملك السيء طالما ركبتنى فى الدنيا وأنا اليوم أركبك ، وتلا:  (وهُم يحملُون أوزارهم على ظُهُورهم) العمل الفاسد – الإثم المعاصى.

ماذا يحدث فى الكون قبل الحشر؟؟

          يقول الله تعالى فى سورة إبراهيم الآية (48):

(يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ).

          (السمآء الثابتة التى عاشت ملايين ملايين ملايين الأمم تتغير).

          تبديل الأرض عبارة عن تغير صفاتها ونسف جبالها ومد أرضها وتبديل السماء تكوير شمسها وقمرها وتناثر نجومها يخلق الله أرضاً أخرى يكون الناس عليها.

          يقول الله تعالى فى سورة الحج الآية (1):

          (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)

          الزلزلة:  شدة الحركة.

          الكون نفسه وما فيه من تغيرات ما يخلع الله القلوب تغير الأرض الصاعقة الزلزلة – تغير الكون نزول الملائكة حشر الإنس والجن والحشرات والطيور والوحوش حتى لو بغى جبل على جبل لدك الله الباغى.

          تحشر الوحوش حتى يُقتص لبعضها من بعض فيقتص للجمآء من القرناء ثم يقال لها كونى تراباً فتموت – لو شاه لها قرون نطحت شاه ليس لها قرون يحشروهم الله يوم القيامة ويأخذ حق النعجة المظلومة وأنت واقف تقول هو الله بيحقق بين الغنم يقال:  نعم إن الغنم التى ليست مكلفة ليس عليها حساب ولا عقاب ربنا يأخذ حق المظلومة أُمال أنا أعمل آيه.

          الحمدلله إن الفرصة موجودة  (ثم يتوبون من قريب ….)        

فى سورة الإنشقاق يقول الله عز وجل الآية (1 : 5):

(إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ(1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ(2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ(3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ(4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ)(5).

الشـــــرح:

          يخبر الله تعالى أنه إذا أنشقت السماء أى تصدعت وتفطرت وذابت فصارت كالدهان – واستمعت لأمر ربها واستجابت (فكانت) كما أمرها الله أن تكون – (وإذا الأرض مدت) أتسعت رقعتها حيث زال منها الجبال والآكام والمبانى والعمارات وأصبحت قاعاً صفصفا (وألقت ما فيها) ألقت ما فى بطنها من أموات ، الأرض تقول:  يارب أنا كنت حشراهم ليومك إلى أن يصدر أمرك (التخلى) لما يكون واحد عنده أمانة وخائف فإذا أعطى هذه الأمانة لصاحبها أرتاح .

          (وأذنت لربها وحقت) استمعت إلى أوامر الله – والأرض مطلوب منها شهادة يوم القيامة وهذا بعد الحشر فى الحساب وإحنا فاكرين أننا بنبرطع على الأرض نأكل ونشرب ويا أرض أنهدى ما عليك أدى والأرض بتسجل فى صمت.

          وتسجل بالآلات والأجهزة لا نعلمها خواطرنا حركاتنا سكانتنا ورموش عيننا بتسجل.  ربنا يقول لها: أحضري  ما عندك؟  تقول له:  خذ هؤلاء الموتى – يقول الله : مازال عندك شهادة.

          مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الزلزلة الآية (4):

          (يومئذ تُحدثُ أخبارها) (الأرضُ تحدثُ أخبارها)

          فهى تخبر بما جرى عليها من خير وشر بلسان المقال أو المحال وهى فى هذا الإخبار مأمورة (بأن ربك أوحى لها) 

وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم:

          (تحفظوا من الأرض فإنها أُمُكم وما من أحد عمل عليها عملاً إلا شهدت به يوم القيامة).

          إحذر من الأرض التى تمشي عليها أوعى تؤمنوا لها – الأرض أكبر جاسوس أكبر مخابرات تعمل لحساب رب الكائنات.

          فالمؤمن لما يشوف هذا هو عارف كل شئ عارف المحشر ولما يشوف أى حاجة جديدة يقول:  (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) أنا مذاكرة ومطمئنة لأنى قدمت للآخرة والاطمئنان يأتى من ناحيتين فهو متعلم وعارف كل ما يحدث فى الآخرة من ساعة الروح ما تطلع إلى أن تستقر فى الجنة مع النبى – صلى الله عليه وسلم.

          الطاعة التى قدمها فى الدنيا مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الأنبياء الآية (101:103):

(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ(101) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ(102) لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)(103).

          ربنا سبحانه وتعالى جعل بينك وبين جهنم موانع تمنع ظهور الصوت.

          أما النوع الغافل الساهل اللاهى الذى كان لا يحضر دروس علم ولا يعرف عن الآخرة شئ يفاجأ …  وكما قال الله تعالى فى سورة غافر الآية (18):

(وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ).

          أنذرهم قربها حتى لا يوافوها بالشرك والمعاصى فيخسروا خسراناً مبيناً.

          أنذرهم يوم الآزفة:  (يوم القيامة) إذ القلوب من شدة الخوف ترتفع إلى الحناجر وهم يكظمونها فلا هى تخرج فيموتوا ولا هى تعود إلى أماكنها فيستريحواظ

        ما الذى يجعل القلوب عند الحناجر؟

          القلب أنخلع من مكانه وطلع عند الزور (الرعب) من أين يأتى الرعب؟.

          يأتى من حاجتين:  (1) من الجهل لأنه مفاجأة لأنه لا يعلم أى شئ عن الدار الآخرة.  (2)  من المعصية.

          ويكون الحساب بعد ما الناس تستقر وبعد ما الكون يتبدل – بعد الخوف والرعب الذى يملأ القلوب مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الحج الآية (2):

(يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ).

          لما تحدث الزلزلة (تنسى رضيعها وتغفل عنه) كل مرضعة عما أرضعت – ويسقط الحمل من شدة الفزع لتلك الزلزلة المؤذنة بخراب الكون وفناء العوالم وترى الناس فيها فاقدين لعقولهم وما هم بسكارى بشرب سُكر ولكنهم خافوا الله لظهور أماراته ..

          إذا انتهت كل هذه الأشياء يبدأ الله الحساب – ولا يبدأ الحساب إلا بعد الناس ما يتضايقوا ويضطروا إلى أنهم يتوجهون إلى الأنبياء نبياً نبياً يرجونهم فى أن يفصل الله بينهم ولو إلى النار – الكل يعتذر إلا محمد – صلى الله عليه وسلم – فيقول:  كما نعلم (أنا لها أنا لها)

 

(  والحمدلله رب العالمين  )

 

 

 

 

 

 

 

         

 

         


 

       

 

         

 

         

 

 

 

        

 

     

 

 

 

         

 

    

 

 

  

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً