ما الفرق بين سارعوا وسابقوا إلى مغفرة من ربكم؟

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد ،،،،

          يقول الله عز وجل في كتابه الكريم في سورة آل عمران الآية (133):

(وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ).

          الله عز وجل يحسُنا ويوصينا وينصحنا أن نسارع إلى مغفرة من ربكم وجنة ، فلم يقول الله – عز وجل – سيروا إلى الجنة على مهلكم لا بل قال:  وسارعوا.  وكيف يسرع لها؟  وأين الجنة التى عرضها السموات والأرض؟

          المراد بالمغفرة؟

          ما هي الأشياء التى إذا عملتها أنت غفر الله لك؟

          ما هي الأشياء التى إذا عملتها تكون من أهل الجنة؟

          وهنا يؤيد النبي – صلى الله عليه وسلم – هذه الآية بقوله:

          (من بطا به عملهُ لا يسرع به نسبه)

المعني:   من كان بطيئاً في طاعة الله فمهما كان من ذا حسب ونسب ومن أسرة غنية مشهورة فهذا لا ينفعه أبداً في الآخرة – واحد لا يصلي ولا يصوم ولا يحج …

          (ولا ينفعُ ذا الجد منك الجد)  اللهم لا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت.

          لا ينفع صاحب العظمة يوم القيامة عظمته ولا تخفف عنه من عذاب الله شئ.

          المسارعة:  المبادرة – سارعوا إلى ما يوجب المغفرة وهي الطاعة – سارعوا إلى أداء الفرائض ، إلى الإخلاص – التوبة من الربا والآية عامة في الجميع.

          (عرضها عرض السماوات والأرض)

          فقال ابن عباس – رضي الله عنهما:  تُقرن السماوات والأرض بعضها إلى بعض كما تبسط الثياب يوصل بعضها ببعض فذلك عرض الجنة ولا يعلم طولها إلا الله.  وهذا قول الجمهور.

          ونبه الله تعالى بالعرض على الطول لأن الغالب أن الطول يكون أكبر من العرض.

          كتب هرقل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (إنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضُها السموات والأرض فأين النار؟)  فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (سبحان اللهّ!  فأين الليل إذا جآء النهار). أخرجه أحمد في تفسير ابن كثير.

          أما في سورة الحديد الآية (21):

          (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).

  سارعوا بالأعمال الصالحة التى توجب المغفرة ، لكم من ربكم سارعوا بالتوبة وإن الجنة لا تُنال ولا تُدخل إلا برحمة الله تعالى وفضله.

          قال الله تعالى (سابقوا) في سورة الحديد ، و(سارعوا) في سورة آل عمران ، هذه هي المسابقة إذا كنت شاطر ورأيت أخ لك يصلي الضحى ركعتين صلى أنت أربع ركعات – رأيت يتصدق بجنية تصدق أنت بخمس ، هنا التسابق الحلال مصداقاً لقوله تعالي:

          (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)

          ياريت يكون كل التنافس في العمل الجاد – رحمة الأيتام والمصائب والأرامل نترك كل هذا الخير ونتسابق في ماتش وبعد المباراة نطلع نتخانق ونتعارك مع بعض.

          (قال إذا كان يوم القيامة نادى منادى من قبل الله عز وجل يسمعهُ القاصي والداني ، ويسمعُه آخر الناس كأولاهم فأنصت لي اليوم).

          يقول الله تعالى:  (إني قد وضعت لكم في الدنيا نسباً ، ووضعت لي نسباً ، ولكنكم رفعتم أنسابكم وخفضتم نسبي).

          فالناس مستغربين ما هو النسب الذى رفعناه؟

          فيقول الله تعالى:  (قلت لكم في الدنيا إن أكرامكم عند الله أتقاكم)

          فقلتم:  (لا إنا أكرمنا أغنانا).

          رفعتم نسبكم في الغنى وخفضتم نسبي فاليوم أرفع نسبي وأخفض أنسابكم أين المتقون؟  فيقيمون وهم قليل.

          فيرفع لهم لواء فينطلقون وراءه إلى الجنة.

          لفظ (وسارعوا) ، (وسابقوا)

          فمن سابق في هذه الدنيا وسبق إلى الخير كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة فالمسارعة والمسابقة كأن الناس في هذه الدنيا في ميدان تسابق ، كل منهم يركب دابة أو فرساً أو سيارة والسابق هو الذى يفوز بالجائزة.

          ولما كنا جميعاً مسافرون إلى الله والسبيل من هنا وينتهي إلى الله.

          مصداقاً لقوله تعالى:

          (لمن شآء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً).

 

(  والحمدلله رب العالمين  )

 

اترك تعليقاً