من أنت أيها الشاب ومن ربك ؟

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد بن عبد الله المبعوث رحمة للعالمين وصلى الله على آله وصحبه الى يوم الدين – اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم – ونستفتح بالذى هو خير .

يقول ابن عطاء الله السكندرى :

( تحقق بأوصافك يمدك بأوصافه ، تحقق بذُلك يمدك بعزة ، تحقق بعجزك يمدك بقدرته ، تحقق بضعفك يمدك بحوله وقوته )

يا ترى كيف تكون العلاقة الصحيحة بين المخلوق والخالق ، وبين المرزوق والرازق ، وبين المخطئ والتواب ، وبين البائس الفقير والمنعم الكريم ؟

يجب عليك ايها الشاب ان تعترف بالأعلى (الله) اعترافا مادياً ومعنوياً يظهر فى النفس وعلى الجوارح ( اليد – الرجل – العين – السمع) لان العلاقة بينك أيها الشاب وبين الله ممتدة لا انقطاع فيها , هناك بعض الشباب يظن ان الصلة بينهم وبين الله يمكن ان تشبه الصلة بين الولد وأبويه (كيف هذا ؟) يحتاج الطفل الى أمه وابيه فى الصغر فاذا كبر استغنى وربما دفعه استغناؤه الى عقوق الوالدين ، وعدم الاعتراف بفضلهما عليه .

لا … لا ….. إن حاجة الشاب الى الله خالدة أمس من حاجة الرضيع إلى أمه .

إن احتياجك أيها الشاب الى الله شديد ، وما تستمتع به من نعم فى الدنيا مثل السمع والبصر والفؤاد ، هذه هى مواهب معارة لك من الله ولو شاء الله استردها فى آية لحظة .

ماذا تكون النتيجة ؟

ماذا تفعل فى هذه الدنيا بدون سمع وبصر وإحساس .

مصداقا لقوله تعالى فى سورة الأنعام (46)

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ }

اخبرونى أيها الشباب :

لو اذهب الله حواسكم فاصمكم وأعماكم وطبع على قلوبكم حتى زال عنها العقل والفهم هل أحد غير الله يقدر على رد ذلك اليكم اذا سلبه الله منكم ؟

يجب عليك ايهاب الشباب ان تعرف من أنت ، ومن هو (الله) أنت بحقيقتك العارية ، وهو هو بذاته القدسية من غير انتقاص ولكن النفس الانسانية قد تلجأ فى بعض الاحيان الى الخداع ، فترى الانسان يحب الكبرياء على التواضع ، ويزعم انه مستغنى بنفسه عن عناية السمآء .

ويحاول أن يوهم الآخرين أن ما يملكه من صنع نفسه ومجهوده لا والف لا .. مثال لذلك من القران الكريم عن قارون فى سورة القصص ( 76 : 78 )

{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ….}

يا ترى ما نتيجة هذا الذى ابتعد عن صلة السمآء وادعى لنفسه ما يملك ، ويحاول إيهام الآخرين إنه من ذاته لا من مصدر اخر يقول الله تعالى { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ }

ان الله تعالى يكره من عباده

اولئك الصنف الذين لا يعرفون قدر انفسهم ولا يعرفون قدر الله . لقد خلق الله سبحانه وتعالى الناس ليعرفوه ويحمدوه لا ليجهلوه ويجحدوه ان الله يقترب برحمته ممن يقفون عند حدودهم الانسانية ويوقرون ربهم سراً وعلانية كما قال الشيخ محمد الغزالى فى كتابه ( الجانب العاطفى من الاسلام )

اعترافك ايهاب الشاب أمام الله بعجزك يمنحك القوة

اعترافك ايهاب الشاب امام الله بُذلك ينضر وجهك بالكرامة والعزة واخرجك من حولك وطولك إلى حوله وطوله يهبك سلطاناً فى الارض ويكفل لك التوفيق والنصر والنجاح .

مصداقا لقوله تعالى فى سورة الحديد (28)

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

والحمد لله رب العالمين

اترك تعليقاً