وقائع من غزوة أُحد

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          كان هناك شخص سئ الأخلاق اسمه أُبي بن خلف – فكان أيام مكة قبل أن يهاجر الرسول – صلى الله عليه وسلم – فكان يقابل أُبي هذا – يقول له:  يامحمد أنا بعلف فرس بعطيه فرق من شعير (قصعة كبيرة) قال له النبى:  لماذا؟  قال أُبي:  لكي أحاربك عليه وأقتلك.  قال النبى:  يا أُبي أنت لا تقتلني بل أنا الذى أقتلك.  صلى الله عليه وسلم – على من كشف عليه الحجب حتى المستقبل – لما جآء معاد القدر – معاد الله غزوة أُحد والله لا يخلف وعده.

          فجآء أُبي بن خلف والنبى – صلى الله عليه وسلم – كان قد أُصيب كل سم في جسمه من شعر رأسه إلى رجليه – وأصابته متاعب كثيرة – فجآء هذا الرجل ولما وجد النبى محاط ببعض الصحابة فقال:  (لاحُيت إن بقى).

          وجآء على فرسه الذى كان يعلفُه – فجآء يجرى على الرسول – صلى الله عليه وسلم – فقال النبى:  (وسعوا فأخذ حربته وهو جالس وقال: بسم الله) ورماه بها فجآءت في صدره فوقع عن حصانه.

          رب العزة لم يموته – فجآء الكفار وحملوه على الجمل وقال:  أنت بخير ، فقال لهم: ذهب وقت اللعب والعبث وجآء وقت الجد.  إلى متى نكذب على أنفسنا.  قال:  أنا سوف أموت.  نذهب بك إلى الطبيب – قال: لا ، إن محمداً وعدني ليقتلني ونحن بمكة فوالله لو بصق علي لقتلني وليس بالحربة.

وقائع أخرى من غزوة أُحد:

          سيدنا حذيفة بن اليمان – وكان هو الذى يعرف سر المنافقين من هم وكم عددهم ..  أبوه اليمان كان كافر فلما الصحابة عثروا عليه أخذوا يضربوه فلما رأى حذيفة قال:  ياعباد الله أبي أبي.   ولما وصل إلى أبيه كان الصحابة مزقوه بالسيوف.  لو كان واحد آخر غير حذيفة كان سب وشتم ويقول:  ما فيش رحمة ولكنه قال:  (أردنا وأراد الله – ولا يكون إلا ما أراده الله ، قتلتموه أخوتي يغفر اللهُ لنا ولكم).

          مسامحة طيبة ونبل وشرف وأخلاق عالية.

مواقف حدثت في معركة أُحد:

          كان هناك صحابي جليل اسمه أبو دجانة – النبى حمل سيفه وقال:  (من يأخذ هذا السيف بحقه).  بحقه:  لا يفر ولا يهرب  إما الإنتصار أو الموت.

          قال أبو دجانة:  أنا يارسول الله – وما هو حقه؟

          قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (أن تضرب به إلى أن ينكسر هو أو أن تموت أنت أو الإنتصار).

          فكان عنده عمة حمراء كان يلبسها في الحرب (عصابة حمراء علامة الخطر ، وكان إذا تعصب بالعصابة الحمراء سوف يكون يوم أحمر (من الدم)).

          وفي أول المعركة أخذ أبو دجانة يضرب وكان عدد القتلى من الكفار يوم أُحد (17) وكان أبو دجانة له النصيب الأوفى في قتل هؤلاء الناس.

          رأى واحد يحرض الكفار على المسلمين فرفع أبو دجانة سيفه ليضربه وما شعر إلا أنها سيدة (هند بنت عُتبة زوج أبي سفيان) ، وهي لبسة ملابس الرجال – قال لها:  افصحي عن نفسك؟  قالت:  أنا هند ، سأله واحد:  لماذا لم تقتلها؟.

          قال:  أعظمتُ سيف النبى – صلى الله عليه وسلم – أن أقتل به امرأة – وهو سيف أقوى الأقوياء وسيد الأنبياء – صلى الله عليه وسلم.

          الله هو الذى يلهم عباده – الله هو المحرك – وهذه هند التى أسلمت بعد ذلك – ربنا يدبر الأمر من السمآء للأرض ، والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون.

          ومما يهمنا أمره هو سيدنا عبدالله بن جحش ، وهو ابن عمة النبى – صلى الله عليه وسلم – وأخو زينب بنت جحش زوج النبى – صلى الله عليه وسلم – قتله بن قمئة (عبدالله بن قمئة) ثم أشاع أنا قتلت محمداً هذه الإشاعة جعلت أرواح  الصحابة إلى درجة كبيرة من الضعف  والمسلمين حصل فيهم لخبطة.

حكاية عبدالله:

          قبل أن يُقتل السيف الخاص به انكسر فذهب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم وقال أنا أريد أن أُحارب – فنظر النبى – صلى الله عليه وسلم – إلى جانبه فوجد عود حطب – عود ذرة – وأعطاه لابن جحش وقال له:  اذهب وحارب بهذا.  فأخذ عود الحطب بثقة وبدون مجاملة وقال له النبى – صلى الله عليه وسلم:  هزه في يدك – فهزهُ فصار سيفاً بطاراً كما ورد في الحديث.

          وهو بعد ذلك استشهد – وسيفه هذا مازال يتوارثه السلف عن الخلف والورثة حتى اشتراه واحد تركي في ولاية المعتصم بالله في بغداد – وكان الصحابة يسمونه العرجون (عود قش).

          قبل أن يستشهد عبدالله بن جحش (قبل المعركة) جلس مع ثلاثة من المسلمين قال واحد نريد أن نطلب من الله شئ قبل دخول المعركة – فقال الأول:  أريد الجنة ونعيمها ، وقال الثاني:  أن يرضى الله عني وننال النصر ، وقال الثالث عبدالله:  إني أطلب من الله أن يرزقني اليوم واحد كافر شديد الرده قوي الضربة فيقتلني ويجدع أنفي ويقطع أُذوني ويسلب مالي ويفتح بطني.  فإذا لقيت الله شهيداً قال: ءآمن أجلي قطعت أنفك وفتحت بطنك.  فأقول نعم يارب.  فيقول:  أدخل جنتي وتمتع بكرامتي.

          وكل شئ عند الله بثمنه – هناك فرق بين الذى يقتل والذى يُقتل ويمثل بجسده وتفتح بطنه وتقطع أذنه (وكل شئ عنده بمقدار).

وأخيراً:

          القرآن قال في غزوة أُحد (60) آية متوالية في سورة آل عمران 4/3  جزء كاملين

في المصحف. (121) : (179):

(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

إلى الآية:

(مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ).

تمويل جيش الكفار من أين؟

          من قافلة أبو سفيان.  قال النسآء والرجال بمكة لا نريد شئ من القافلة أنفقها كلها على تمويل الجيش من أسلحة وفرس (500 دينار) كان لها قيمة كبيرة في ذلك الوقت.

          والجيش تحرك 3000 فارس – النسآء قالت:  لا نترككم ومشوا وراء الرجال – لو كنتم رجال حاربوا من أجل عرضكم.

          وكانت هند بنت عُتبة مع زوجها أبي سفيان تمشي وراءه – وعملوا نشيد لكي ينشدوه وراء الرجال لكي يُحمسوهم ، وهند تقول وتصفق بيدها ووراءها النسآء تنشد معها.

النشــــــــــيد

          نحن بنات طارق – نمشي على النمارق – والدُورُ في المخانق ، والمسك في المفارق – إن تقبلوا نعانق – ونفرش النمارق ، وإن تدبروا نُفارق فراق غيرُ وافق.

معنى النشيد:

(1)نحن بنات طارق:  بتنسب إلى جدها الكبير طارق – وقد يكون الطارق هم المحارب.

(2)نمشي على النمارق:  ندوس على المخدات وسجاجيد وقطيفة.

(3)الدورُ في المخانق:  العقد اللؤلؤ في الرقبة.

(4)المسك في المفارق:  المسد الصافي الخام في مفارق الشعر.

(5)إن تقبلوا نعانق:  وإذا كنتم رجال واقبلتم على الحرب حتى تموتوا وإذا جئتم منتصرين نفرش لكم السجاجيد والقطيفة والمخدات ونبخر البيوت ونتزين لكم.

(6)وإن تدبروا نُفارق:  أما إذا أدبرتم نحن الذين نُطلقكم.

          أنا أقص هذا لكي أبين كيف كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يواجه الآلام والمتاعب في كل خطوة.

          في أول الأمر الجيش نقص 3/1 (رجع عبدالله بن سلول بـ 3/1 الجيش) – المنافقين رجعوا.

            أمام كل محارب من المسلمين 3000 – وكان معهم عمال مرتزقة من الأحباش ومن تُهامة وبني كنانة.

ومن الوقائع التي حدثت في غزوة أُحد:

        من غيظ الكفار فتحوا البطون وقطعوا المذاكير والأنوف والآذان – وفعلوا ذلك بحمزة بن عبدالمطلب نفسه – فلما وصل الخبر للرسول – صلى الله عليه وسلم – وكان النبى يعتز بعمه حمزة إعتزازاً كبيراً – وما فعلته هند بن عُتبة من أنها فتحت بطن حمزة ومضغت كبده ولكنها لفظتها.

          فلما وقف النبى – صلى الله عليه وسلم – على جثة عمه وهي مشوة قال:  (والله ما وقفت موقفاً أوجع لقلبى مثل هذا ولكن ياعمي لئن أظفرني الله بهم لأُمثلن بسبعين منهم).  قال: يا عمي طول عمرك تفعل الخير وتصل رحمك وهذه شهادة كبيرة.

          نزل عليه الوحي بالآيات في سورة النحل الآية (126 : 128):

(وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127)  إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ (128)).

          أنت نبي العدالة

          قال الرسول:  لا واحد ولا سبعين.

          إن عاقبتم أيها المؤمنون من ظلمكم واعتدى عليكم فعاملوه بالمثل ولا تزيدوا – ولئن عفوتم وتركتم القصاص فهو خير لكم وأفضل وأصبر على ترك ما عزمت عليه أيها الرسول من التمثيل بالمشركين جراء تمثيلهم بعمك حمزة.

                                                    (والحمد لله رب العالمين)

 

 

 

اترك تعليقاً