بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد ،،،،
فقد أسلم باذام وذويه من أبناء فارس ممن باليمن ، فلم يعزله عن اليمن حتى مات – فلما مات استناب ابُنه شهرين باذام على صنعاء – وبعث النبى – صلى الله عليه وسلم – في سنة عشر للهجرة علياً وخالداً ، ثم أرسل مُعاذاً وأبا موسى الأشعري.
وكان معاذ بن جبل مُعلماً لأهل البلدين: اليمن وحضرموت ، ينتقل من بلد إلى بلد. فبينما هم على ذلك إذ ظهر هذا اللعينُ (الأسود العنسى).
اسمه: عبهلةُ بنُ كعب بن غوث.
من بلد يقال لها: كهفُ خُبان – في سبعمائة مُقاتل.
وكتب إلى عمال النبى – صلى الله عليه وسلم: (أيُها المورودون علينا أمسكو علينا ما أخذتم من أرضنا ، ووفروا ما جمعتم ، فنحن أولى به ، وأنتم على ما أنتم عليه).
أعماله: فتوجه إلى نجران فأخذها بعد عشر ليال من مخرجه ، (2) قصد إلى صنعاء ، فخرج إليه شهر بنُ اذام فتقاتلا فغلبه الأسود العنسي ، واحتل بلده صنعاء لخمس وعشرين ليلة من مخرجه.
ففر معاذ بن جبل ومر بأبي موسى الأشعري ، فذهبا إلى حضرموت ورجع عمرو بن حزم وخالد بن سعيد بن العاصي إلى المدينة.
وأخذ اليمن بكمالها ، وأشتد مُلكه ، وأستغلظ أمرُه.
وأرتد خلق من أهل اليمن وتزوج امرأة شهر بن باذام – وهى ابنةُ عم فيروز الديلمى ، واسمُها آزادُ. وكانت امرأة حسناء جميلة ، وهي مع ذلك مؤمنة بالله ورسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – ومن الصالحات.
رسالة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما علم بأمر الأسود العنسى:
بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رسالة مع رجل يقال له: وبرُ بنُ يُحنس الديلمي. يأمر المسلمين الذين في اليمن بمُقابلة الأسود العنسي ومحاربته ، والذى وصل هذه الرسالة هو معاذ بن جبل ، وكان قد تزوج امرأة من السكُون يقالُ لها: رملة. فقاموا أهل السكُون معه في ذلك لأنه صهرهم.
وبلغوا هذا الكتاب إلى عمال النبى – صلى الله عليه وسلم – واتفق اجتماعهم (بقيس بن عبد يغوث أمير الجند) ، وكان قد تغضب عليه الأسود واستخف به ، وهم بقتله وكذلك كان أمرُ فيروز الديلمي قد ضعف عنده أيضاً – وتوافق المسلمون على ذلك وتعاقدوا عليه هنا أطلع شيطانُ الأسود للأسود على شئ من ذلك.
فدعا قيس أمير الجند فقال له: يا قيس – أنا أكرمتك وصرت في العز مثلي – تميل ميل اعدائي – وهنا حلف له قيس فكذب ، وقال له: لأنت أعظمُ من نفسي وأجلُ عندي من أن أُحدث بك نفسي.
فقال الأسود العنسي: لقد عرف الملكُ الآن أنك تائب ، لما أطلع عليه منك فذهب فيروز الديلمي إلى آزاد امرأة العنسي فقال لها: (يا أبنة عمي ، قد عرفت بلاء هذا الرجل عند قومك ، قتل زوجك ، وطأطأ في قومك القتل ، وفضح النسآء – قالت: (نعم ، والله ما خلق اللهُ شخصاً هو أبغضُ إلي منه ، فإذا عزمتم فأعلموني أخبركم بما في هذا الأمر).
دعا الأسود العنسي فيروز الديلمي وأراد الفتك به وبوأ له الحربة فقال له فيروز: اخترتنا لصهرك ، وفضلتنا على الأبناء ، فلو لم تكن نبياً ما بعنا نصيبنا منك بشئ ، فكيف وقد اجتمع لنا بك أمرُ الآخرة والدنيا؟ فرضى عنه الأسود.
دخلوا على الأسود وهو نائم على فراش من حرير – وهو سكرانُ يغُطُ وزوجته جالسة عنده – فلما دنا فيروز من الباب أجلسه شيطانه وتكلم على لسانه ، وهو نائم مع ذلك فقال: (مالى ومالك يا فيروز؟) فخشى إن رجع أن يهلك وتهلك المرأة فأخذ برأسه فدق عنقه ، ووضع ركبتيه في ظهره حتى قتله ، ثم قام ليخرُج إلى أصحابه ليخبرهم ، فأخذت المرأة بذيله (ظنت أنه لم يقتله) ، فدخلوا أصحاب فيروز عليه ليحتزوا رأسه – فحركه شيطانه فاضطرب ، فلم يضبطوا أمره حتى جلس إثنان على ظهره ، وأخذت المرأة بشعره ، وجعل يُبربرُ بلسانه – فقطع الآخر رقبته ، فخار كأشد خُوار ثور ، فجآء الحرسُ إلى المقصورة ، فقالوا: ما هذا ما هذا؟ فقالت المرأة: (النبى يوحى إليه) فرجعوا.
فلما كان الصباح قام أحدهم ، وهو قيس على سُور الحصن فنادى بشعارهم ، فاجتمع المسلمون والكافرون حول الحصن ، فنادى وبر بن يحنس بالأذان: أشهدُ أن محمداً رسولُ الله وأن عبهلة كذاب. وألقى إليهم رأسه ، فانهم أصحابهُ وتبعهم الناس يأخذونهم ويرصدونهم في كل طريق يأسُرونهم.
وظهر الإسلام وأهله ، وتراجع نُوابُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى أعمالهم ، ثم اتفقوا على معاذ بن جبل يُصلى بالناس.
بعد أن أرسل أبوبكر جيش أسامة بن زيد في آخر ربيع الأول أتى مقتل الأسود في آخر ربيع الأول بعد مخرج أسامة ، فكان ذلك أول فتح أتى أبابكر وهو بالمدينة.
رواه ابن جرير في التاريخ جزء 3 صــ 240.
وقد قيل:
إن مُدة مُلكه (الأسودُ العنسى) منذ ظهر إلى أن قُتل ثلاثة أشهر – ويقال: أربعة أشهر. فاللهُ أعلمُ.
( الحمد لله رب العالمين)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد ،،،،
فقد أسلم باذام وذويه من أبناء فارس ممن باليمن ، فلم يعزله عن اليمن حتى مات – فلما مات استناب ابُنه شهرين باذام على صنعاء – وبعث النبى – صلى الله عليه وسلم – في سنة عشر للهجرة علياً وخالداً ، ثم أرسل مُعاذاً وأبا موسى الأشعري.
وكان معاذ بن جبل مُعلماً لأهل البلدين: اليمن وحضرموت ، ينتقل من بلد إلى بلد. فبينما هم على ذلك إذ ظهر هذا اللعينُ (الأسود العنسى).
اسمه: عبهلةُ بنُ كعب بن غوث.
من بلد يقال لها: كهفُ خُبان – في سبعمائة مُقاتل.
وكتب إلى عمال النبى – صلى الله عليه وسلم: (أيُها المورودون علينا أمسكو علينا ما أخذتم من أرضنا ، ووفروا ما جمعتم ، فنحن أولى به ، وأنتم على ما أنتم عليه).
أعماله: فتوجه إلى نجران فأخذها بعد عشر ليال من مخرجه ، (2) قصد إلى صنعاء ، فخرج إليه شهر بنُ اذام فتقاتلا فغلبه الأسود العنسي ، واحتل بلده صنعاء لخمس وعشرين ليلة من مخرجه.
ففر معاذ بن جبل ومر بأبي موسى الأشعري ، فذهبا إلى حضرموت ورجع عمرو بن حزم وخالد بن سعيد بن العاصي إلى المدينة.
وأخذ اليمن بكمالها ، وأشتد مُلكه ، وأستغلظ أمرُه.
وأرتد خلق من أهل اليمن وتزوج امرأة شهر بن باذام – وهى ابنةُ عم فيروز الديلمى ، واسمُها آزادُ. وكانت امرأة حسناء جميلة ، وهي مع ذلك مؤمنة بالله ورسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – ومن الصالحات.
رسالة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما علم بأمر الأسود العنسى:
بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رسالة مع رجل يقال له: وبرُ بنُ يُحنس الديلمي. يأمر المسلمين الذين في اليمن بمُقابلة الأسود العنسي ومحاربته ، والذى وصل هذه الرسالة هو معاذ بن جبل ، وكان قد تزوج امرأة من السكُون يقالُ لها: رملة. فقاموا أهل السكُون معه في ذلك لأنه صهرهم.
وبلغوا هذا الكتاب إلى عمال النبى – صلى الله عليه وسلم – واتفق اجتماعهم (بقيس بن عبد يغوث أمير الجند) ، وكان قد تغضب عليه الأسود واستخف به ، وهم بقتله وكذلك كان أمرُ فيروز الديلمي قد ضعف عنده أيضاً – وتوافق المسلمون على ذلك وتعاقدوا عليه هنا أطلع شيطانُ الأسود للأسود على شئ من ذلك.
فدعا قيس أمير الجند فقال له: يا قيس – أنا أكرمتك وصرت في العز مثلي – تميل ميل اعدائي – وهنا حلف له قيس فكذب ، وقال له: لأنت أعظمُ من نفسي وأجلُ عندي من أن أُحدث بك نفسي.
فقال الأسود العنسي: لقد عرف الملكُ الآن أنك تائب ، لما أطلع عليه منك فذهب فيروز الديلمي إلى آزاد امرأة العنسي فقال لها: (يا أبنة عمي ، قد عرفت بلاء هذا الرجل عند قومك ، قتل زوجك ، وطأطأ في قومك القتل ، وفضح النسآء – قالت: (نعم ، والله ما خلق اللهُ شخصاً هو أبغضُ إلي منه ، فإذا عزمتم فأعلموني أخبركم بما في هذا الأمر).
دعا الأسود العنسي فيروز الديلمي وأراد الفتك به وبوأله الحربة فقال له فيروز: اخترتنا لصهرك ، وفضلتنا على الأبناء ، فلو لم تكن نبياً ما بعنا نصيبنا منك بشئ ، فكيف وقد اجتمع لنا بك أمرُ الآخرة والدنيا؟ فرضى عنه الأسود.
دخلوا على الأسود وهو نائم على فراش من حرير – وهو سكرانُ يغُطُ وزوجته جالسة عنده – فلما دنا فيروز من الباب أجلسه شيطانه وتكلم على لسانه ، وهو نائم مع ذلك فقال: (مالى ومالك يا فيروز؟) فخشى إن رجع أن يهلك وتهلك المرأة فأخذ برأسه فدق عنقه ، ووضع ركبتيه في ظهره حتى قتله ، ثم قام ليخرُج إلى أصحابه ليخبرهم ، فأخذت المرأة بذيله (ظنت أنه لم يقتله) ، فدخلوا أصحاب فيروز عليه ليحتزوا رأسه – فحركه شيطانه فاضطرب ، فلم يضبطوا أمره حتى جلس إثنان على ظهره ، وأخذت المرأة بشعره ، وجعل يُبربرُ بلسانه – فقطع الآخر رقبته ، فخار كأشد خُوار ثور ، فجآء الحرسُ إلى المقصورة ، فقالوا: ما هذا ما هذا؟ فقالت المرأة: (النبى يوحى إليه) فرجعوا.
فلما كان الصباح قام أحدهم ، وهو قيس على سُور الحصن فنادى بشعارهم ، فاجتمع المسلمون والكافرون حول الحصن ، فنادى وبر بن يحنس بالأذان: أشهدُ أن محمداً رسولُ الله وأن عبهلة كذاب. وألقى إليهم رأسه ، فانهم أصحابهُ وتبعهم الناس يأخذونهم ويرصدونهم في كل طريق يأسُرونهم.
وظهر الإسلام وأهله ، وتراجع نُوابُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى أعمالهم ، ثم اتفقوا على معاذ بن جبل يُصلى بالناس.
بعد أن أرسل أبوبكر جيش أسامة بن زيد في آخر ربيع الأول أتى مقتل الأسود في آخر ربيع الأول بعد مخرج أسامة ، فكان ذلك أول فتح أتى أبابكر وهو بالمدينة.
رواه ابن جرير في التاريخ جزء 3 صــ 240.
وقد قيل:
إن مُدة مُلكه (الأسودُ العنسى) منذ ظهر إلى أن قُتل ثلاثة أشهر – ويقال: أربعة أشهر. فاللهُ أعلمُ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد ،،،،
فقد أسلم باذام وذويه من أبناء فارس ممن باليمن ، فلم يعزله عن اليمن حتى مات – فلما مات استناب ابُنه شهرين باذام على صنعاء – وبعث النبى – صلى الله عليه وسلم – في سنة عشر للهجرة علياً وخالداً ، ثم أرسل مُعاذاً وأبا موسى الأشعري.
وكان معاذ بن جبل مُعلماً لأهل البلدين: اليمن وحضرموت ، ينتقل من بلد إلى بلد. فبينما هم على ذلك إذ ظهر هذا اللعينُ (الأسود العنسى).
اسمه: عبهلةُ بنُ كعب بن غوث.
من بلد يقال لها: كهفُ خُبان – في سبعمائة مُقاتل.
وكتب إلى عمال النبى – صلى الله عليه وسلم: (أيُها المورودون علينا أمسكو علينا ما أخذتم من أرضنا ، ووفروا ما جمعتم ، فنحن أولى به ، وأنتم على ما أنتم عليه).
أعماله: فتوجه إلى نجران فأخذها بعد عشر ليال من مخرجه ، (2) قصد إلى صنعاء ، فخرج إليه شهر بنُ اذام فتقاتلا فغلبه الأسود العنسي ، واحتل بلده صنعاء لخمس وعشرين ليلة من مخرجه.
ففر معاذ بن جبل ومر بأبي موسى الأشعري ، فذهبا إلى حضرموت ورجع عمرو بن حزم وخالد بن سعيد بن العاصي إلى المدينة.
وأخذ اليمن بكمالها ، وأشتد مُلكه ، وأستغلظ أمرُه.
وأرتد خلق من أهل اليمن وتزوج امرأة شهر بن باذام – وهى ابنةُ عم فيروز الديلمى ، واسمُها آزادُ. وكانت امرأة حسناء جميلة ، وهي مع ذلك مؤمنة بالله ورسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – ومن الصالحات.
رسالة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما علم بأمر الأسود العنسى:
بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رسالة مع رجل يقال له: وبرُ بنُ يُحنس الديلمي. يأمر المسلمين الذين في اليمن بمُقابلة الأسود العنسي ومحاربته ، والذى وصل هذه الرسالة هو معاذ بن جبل ، وكان قد تزوج امرأة من السكُون يقالُ لها: رملة. فقاموا أهل السكُون معه في ذلك لأنه صهرهم.
وبلغوا هذا الكتاب إلى عمال النبى – صلى الله عليه وسلم – واتفق اجتماعهم (بقيس بن عبد يغوث أمير الجند) ، وكان قد تغضب عليه الأسود واستخف به ، وهم بقتله وكذلك كان أمرُ فيروز الديلمي قد ضعف عنده أيضاً – وتوافق المسلمون على ذلك وتعاقدوا عليه هنا أطلع شيطانُ الأسود للأسود على شئ من ذلك.
فدعا قيس أمير الجند فقال له: يا قيس – أنا أكرمتك وصرت في العز مثلي – تميل ميل اعدائي – وهنا حلف له قيس فكذب ، وقال له: لأنت أعظمُ من نفسي وأجلُ عندي من أن أُحدث بك نفسي.
فقال الأسود العنسي: لقد عرف الملكُ الآن أنك تائب ، لما أطلع عليه منك فذهب فيروز الديلمي إلى آزاد امرأة العنسي فقال لها: (يا أبنة عمي ، قد عرفت بلاء هذا الرجل عند قومك ، قتل زوجك ، وطأطأ في قومك القتل ، وفضح النسآء – قالت: (نعم ، والله ما خلق اللهُ شخصاً هو أبغضُ إلي منه ، فإذا عزمتم فأعلموني أخبركم بما في هذا الأمر).
دعا الأسود العنسي فيروز الديلمي وأراد الفتك به وبوأله الحربة فقال له فيروز: اخترتنا لصهرك ، وفضلتنا على الأبناء ، فلو لم تكن نبياً ما بعنا نصيبنا منك بشئ ، فكيف وقد اجتمع لنا بك أمرُ الآخرة والدنيا؟ فرضى عنه الأسود.
دخلوا على الأسود وهو نائم على فراش من حرير – وهو سكرانُ يغُطُ وزوجته جالسة عنده – فلما دنا فيروز من الباب أجلسه شيطانه وتكلم على لسانه ، وهو نائم مع ذلك فقال: (مالى ومالك يا فيروز؟) فخشى إن رجع أن يهلك وتهلك المرأة فأخذ برأسه فدق عنقه ، ووضع ركبتيه في ظهره حتى قتله ، ثم قام ليخرُج إلى أصحابه ليخبرهم ، فأخذت المرأة بذيله (ظنت أنه لم يقتله) ، فدخلوا أصحاب فيروز عليه ليحتزوا رأسه – فحركه شيطانه فاضطرب ، فلم يضبطوا أمره حتى جلس إثنان على ظهره ، وأخذت المرأة بشعره ، وجعل يُبربرُ بلسانه – فقطع الآخر رقبته ، فخار كأشد خُوار ثور ، فجآء الحرسُ إلى المقصورة ، فقالوا: ما هذا ما هذا؟ فقالت المرأة: (النبى يوحى إليه) فرجعوا.
فلما كان الصباح قام أحدهم ، وهو قيس على سُور الحصن فنادى بشعارهم ، فاجتمع المسلمون والكافرون حول الحصن ، فنادى وبر بن يحنس بالأذان: أشهدُ أن محمداً رسولُ الله وأن عبهلة كذاب. وألقى إليهم رأسه ، فانهم أصحابهُ وتبعهم الناس يأخذونهم ويرصدونهم في كل طريق يأسُرونهم.
وظهر الإسلام وأهله ، وتراجع نُوابُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى أعمالهم ، ثم اتفقوا على معاذ بن جبل يُصلى بالناس.
بعد أن أرسل أبوبكر جيش أسامة بن زيد في آخر ربيع الأول أتى مقتل الأسود في آخر ربيع الأول بعد مخرج أسامة ، فكان ذلك أول فتح أتى أبابكر وهو بالمدينة.
رواه ابن جرير في التاريخ جزء 3 صــ 240.
وقد قيل:
إن مُدة مُلكه (الأسودُ العنسى) منذ ظهر إلى أن قُتل ثلاثة أشهر – ويقال: أربعة أشهر. فاللهُ أعلمُ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد ،،،،
فقد أسلم باذام وذويه من أبناء فارس ممن باليمن ، فلم يعزله عن اليمن حتى مات – فلما مات استناب ابُنه شهرين باذام على صنعاء – وبعث النبى – صلى الله عليه وسلم – في سنة عشر للهجرة علياً وخالداً ، ثم أرسل مُعاذاً وأبا موسى الأشعري.
وكان معاذ بن جبل مُعلماً لأهل البلدين: اليمن وحضرموت ، ينتقل من بلد إلى بلد. فبينما هم على ذلك إذ ظهر هذا اللعينُ (الأسود العنسى).
اسمه: عبهلةُ بنُ كعب بن غوث.
من بلد يقال لها: كهفُ خُبان – في سبعمائة مُقاتل.
وكتب إلى عمال النبى – صلى الله عليه وسلم: (أيُها المورودون علينا أمسكو علينا ما أخذتم من أرضنا ، ووفروا ما جمعتم ، فنحن أولى به ، وأنتم على ما أنتم عليه).
أعماله: فتوجه إلى نجران فأخذها بعد عشر ليال من مخرجه ، (2) قصد إلى صنعاء ، فخرج إليه شهر بنُ اذام فتقاتلا فغلبه الأسود العنسي ، واحتل بلده صنعاء لخمس وعشرين ليلة من مخرجه.
ففر معاذ بن جبل ومر بأبي موسى الأشعري ، فذهبا إلى حضرموت ورجع عمرو بن حزم وخالد بن سعيد بن العاصي إلى المدينة.
وأخذ اليمن بكمالها ، وأشتد مُلكه ، وأستغلظ أمرُه.
وأرتد خلق من أهل اليمن وتزوج امرأة شهر بن باذام – وهى ابنةُ عم فيروز الديلمى ، واسمُها آزادُ. وكانت امرأة حسناء جميلة ، وهي مع ذلك مؤمنة بالله ورسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – ومن الصالحات.
رسالة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما علم بأمر الأسود العنسى:
بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رسالة مع رجل يقال له: وبرُ بنُ يُحنس الديلمي. يأمر المسلمين الذين في اليمن بمُقابلة الأسود العنسي ومحاربته ، والذى وصل هذه الرسالة هو معاذ بن جبل ، وكان قد تزوج امرأة من السكُون يقالُ لها: رملة. فقاموا أهل السكُون معه في ذلك لأنه صهرهم.
وبلغوا هذا الكتاب إلى عمال النبى – صلى الله عليه وسلم – واتفق اجتماعهم (بقيس بن عبد يغوث أمير الجند) ، وكان قد تغضب عليه الأسود واستخف به ، وهم بقتله وكذلك كان أمرُ فيروز الديلمي قد ضعف عنده أيضاً – وتوافق المسلمون على ذلك وتعاقدوا عليه هنا أطلع شيطانُ الأسود للأسود على شئ من ذلك.
فدعا قيس أمير الجند فقال له: يا قيس – أنا أكرمتك وصرت في العز مثلي – تميل ميل اعدائي – وهنا حلف له قيس فكذب ، وقال له: لأنت أعظمُ من نفسي وأجلُ عندي من أن أُحدث بك نفسي.
فقال الأسود العنسي: لقد عرف الملكُ الآن أنك تائب ، لما أطلع عليه منك فذهب فيروز الديلمي إلى آزاد امرأة العنسي فقال لها: (يا أبنة عمي ، قد عرفت بلاء هذا الرجل عند قومك ، قتل زوجك ، وطأطأ في قومك القتل ، وفضح النسآء – قالت: (نعم ، والله ما خلق اللهُ شخصاً هو أبغضُ إلي منه ، فإذا عزمتم فأعلموني أخبركم بما في هذا الأمر).
دعا الأسود العنسي فيروز الديلمي وأراد الفتك به وبوأله الحربة فقال له فيروز: اخترتنا لصهرك ، وفضلتنا على الأبناء ، فلو لم تكن نبياً ما بعنا نصيبنا منك بشئ ، فكيف وقد اجتمع لنا بك أمرُ الآخرة والدنيا؟ فرضى عنه الأسود.
دخلوا على الأسود وهو نائم على فراش من حرير – وهو سكرانُ يغُطُ وزوجته جالسة عنده – فلما دنا فيروز من الباب أجلسه شيطانه وتكلم على لسانه ، وهو نائم مع ذلك فقال: (مالى ومالك يا فيروز؟) فخشى إن رجع أن يهلك وتهلك المرأة فأخذ برأسه فدق عنقه ، ووضع ركبتيه في ظهره حتى قتله ، ثم قام ليخرُج إلى أصحابه ليخبرهم ، فأخذت المرأة بذيله (ظنت أنه لم يقتله) ، فدخلوا أصحاب فيروز عليه ليحتزوا رأسه – فحركه شيطانه فاضطرب ، فلم يضبطوا أمره حتى جلس إثنان على ظهره ، وأخذت المرأة بشعره ، وجعل يُبربرُ بلسانه – فقطع الآخر رقبته ، فخار كأشد خُوار ثور ، فجآء الحرسُ إلى المقصورة ، فقالوا: ما هذا ما هذا؟ فقالت المرأة: (النبى يوحى إليه) فرجعوا.
فلما كان الصباح قام أحدهم ، وهو قيس على سُور الحصن فنادى بشعارهم ، فاجتمع المسلمون والكافرون حول الحصن ، فنادى وبر بن يحنس بالأذان: أشهدُ أن محمداً رسولُ الله وأن عبهلة كذاب. وألقى إليهم رأسه ، فانهم أصحابهُ وتبعهم الناس يأخذونهم ويرصدونهم في كل طريق يأسُرونهم.
وظهر الإسلام وأهله ، وتراجع نُوابُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى أعمالهم ، ثم اتفقوا على معاذ بن جبل يُصلى بالناس.
بعد أن أرسل أبوبكر جيش أسامة بن زيد في آخر ربيع الأول أتى مقتل الأسود في آخر ربيع الأول بعد مخرج أسامة ، فكان ذلك أول فتح أتى أبابكر وهو بالمدينة.
رواه ابن جرير في التاريخ جزء 3 صــ 240.
وقد قيل:
إن مُدة مُلكه (الأسودُ العنسى) منذ ظهر إلى أن قُتل ثلاثة أشهر – ويقال: أربعة أشهر. فاللهُ أعلمُ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد ،،،،
فقد أسلم باذام وذويه من أبناء فارس ممن باليمن ، فلم يعزله عن اليمن حتى مات – فلما مات استناب ابُنه شهرين باذام على صنعاء – وبعث النبى – صلى الله عليه وسلم – في سنة عشر للهجرة علياً وخالداً ، ثم أرسل مُعاذاً وأبا موسى الأشعري.
وكان معاذ بن جبل مُعلماً لأهل البلدين: اليمن وحضرموت ، ينتقل من بلد إلى بلد. فبينما هم على ذلك إذ ظهر هذا اللعينُ (الأسود العنسى).
اسمه: عبهلةُ بنُ كعب بن غوث.
من بلد يقال لها: كهفُ خُبان – في سبعمائة مُقاتل.
وكتب إلى عمال النبى – صلى الله عليه وسلم: (أيُها المورودون علينا أمسكو علينا ما أخذتم من أرضنا ، ووفروا ما جمعتم ، فنحن أولى به ، وأنتم على ما أنتم عليه).
أعماله: فتوجه إلى نجران فأخذها بعد عشر ليال من مخرجه ، (2) قصد إلى صنعاء ، فخرج إليه شهر بنُ اذام فتقاتلا فغلبه الأسود العنسي ، واحتل بلده صنعاء لخمس وعشرين ليلة من مخرجه.
ففر معاذ بن جبل ومر بأبي موسى الأشعري ، فذهبا إلى حضرموت ورجع عمرو بن حزم وخالد بن سعيد بن العاصي إلى المدينة.
وأخذ اليمن بكمالها ، وأشتد مُلكه ، وأستغلظ أمرُه.
وأرتد خلق من أهل اليمن وتزوج امرأة شهر بن باذام – وهى ابنةُ عم فيروز الديلمى ، واسمُها آزادُ. وكانت امرأة حسناء جميلة ، وهي مع ذلك مؤمنة بالله ورسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – ومن الصالحات.
رسالة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما علم بأمر الأسود العنسى:
بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رسالة مع رجل يقال له: وبرُ بنُ يُحنس الديلمي. يأمر المسلمين الذين في اليمن بمُقابلة الأسود العنسي ومحاربته ، والذى وصل هذه الرسالة هو معاذ بن جبل ، وكان قد تزوج امرأة من السكُون يقالُ لها: رملة. فقاموا أهل السكُون معه في ذلك لأنه صهرهم.
وبلغوا هذا الكتاب إلى عمال النبى – صلى الله عليه وسلم – واتفق اجتماعهم (بقيس بن عبد يغوث أمير الجند) ، وكان قد تغضب عليه الأسود واستخف به ، وهم بقتله وكذلك كان أمرُ فيروز الديلمي قد ضعف عنده أيضاً – وتوافق المسلمون على ذلك وتعاقدوا عليه هنا أطلع شيطانُ الأسود للأسود على شئ من ذلك.
فدعا قيس أمير الجند فقال له: يا قيس – أنا أكرمتك وصرت في العز مثلي – تميل ميل اعدائي – وهنا حلف له قيس فكذب ، وقال له: لأنت أعظمُ من نفسي وأجلُ عندي من أن أُحدث بك نفسي.
فقال الأسود العنسي: لقد عرف الملكُ الآن أنك تائب ، لما أطلع عليه منك فذهب فيروز الديلمي إلى آزاد امرأة العنسي فقال لها: (يا أبنة عمي ، قد عرفت بلاء هذا الرجل عند قومك ، قتل زوجك ، وطأطأ في قومك القتل ، وفضح النسآء – قالت: (نعم ، والله ما خلق اللهُ شخصاً هو أبغضُ إلي منه ، فإذا عزمتم فأعلموني أخبركم بما في هذا الأمر).
دعا الأسود العنسي فيروز الديلمي وأراد الفتك به وبوأله الحربة فقال له فيروز: اخترتنا لصهرك ، وفضلتنا على الأبناء ، فلو لم تكن نبياً ما بعنا نصيبنا منك بشئ ، فكيف وقد اجتمع لنا بك أمرُ الآخرة والدنيا؟ فرضى عنه الأسود.
دخلوا على الأسود وهو نائم على فراش من حرير – وهو سكرانُ يغُطُ وزوجته جالسة عنده – فلما دنا فيروز من الباب أجلسه شيطانه وتكلم على لسانه ، وهو نائم مع ذلك فقال: (مالى ومالك يا فيروز؟) فخشى إن رجع أن يهلك وتهلك المرأة فأخذ برأسه فدق عنقه ، ووضع ركبتيه في ظهره حتى قتله ، ثم قام ليخرُج إلى أصحابه ليخبرهم ، فأخذت المرأة بذيله (ظنت أنه لم يقتله) ، فدخلوا أصحاب فيروز عليه ليحتزوا رأسه – فحركه شيطانه فاضطرب ، فلم يضبطوا أمره حتى جلس إثنان على ظهره ، وأخذت المرأة بشعره ، وجعل يُبربرُ بلسانه – فقطع الآخر رقبته ، فخار كأشد خُوار ثور ، فجآء الحرسُ إلى المقصورة ، فقالوا: ما هذا ما هذا؟ فقالت المرأة: (النبى يوحى إليه) فرجعوا.
فلما كان الصباح قام أحدهم ، وهو قيس على سُور الحصن فنادى بشعارهم ، فاجتمع المسلمون والكافرون حول الحصن ، فنادى وبر بن يحنس بالأذان: أشهدُ أن محمداً رسولُ الله وأن عبهلة كذاب. وألقى إليهم رأسه ، فانهم أصحابهُ وتبعهم الناس يأخذونهم ويرصدونهم في كل طريق يأسُرونهم.
وظهر الإسلام وأهله ، وتراجع نُوابُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى أعمالهم ، ثم اتفقوا على معاذ بن جبل يُصلى بالناس.
بعد أن أرسل أبوبكر جيش أسامة بن زيد في آخر ربيع الأول أتى مقتل الأسود في آخر ربيع الأول بعد مخرج أسامة ، فكان ذلك أول فتح أتى أبابكر وهو بالمدينة.
رواه ابن جرير في التاريخ جزء 3 صــ 240.
وقد قيل:
إن مُدة مُلكه (الأسودُ العنسى) منذ ظهر إلى أن قُتل ثلاثة أشهر – ويقال: أربعة أشهر. فاللهُ أعلمُ.
( الحمد لله رب العالمين)