أخلاق النبي – صلى الله عليه وسلم –

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى.

أما بعد ،،،

 قال عن نفسه: إنما بُعثت مُعلماً إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، والذى يوضح ذلك حينما سأل النجاشي سيدنا جعفر بن أبي طالب عن رسول الله والإسلام قال:  ((عن أم سلمة زوج النبي – قالت:  قال جعفر:  أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية (1) نعبد الأصنام ، (2) ونأكل الميتة (3) ونأتي الفواحش ، (4) ونقطع الأرحام ، (5) ونُسئ الجوار ، (6) ويأكل القوى منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه ، وأمانته ، وعفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا (1)بصدق الحديث ، (2) وأداء الأمانة ، (3) وصلة الرحم ، (4) وحُسن الجوار ، (5) والكف عن المحارم والدماء)).     مسند أحمد

          سيدنا جعفر – رضي الله عنه يبين أن القيم الأخلاقية بعد الإيمان بالله هو جوهرة دعوة النبي عليه الصلاة والسلام.

ثانياً:   كان عليه الصلاة والسلام مع أصحابه في سفر وأرادوا أن يعالجوا شاة فقال أحدهم:  علي ذبحها ، وقال الآخر:  علي سلخها ، وقال الثالث: علي طبخها ، فقال عليه الصلاة والسلام: وعلي جمع الحطب ،  فقالوا:  يارسول الله نكفيك ذلك ، قال: أعلم أنكم تكفونني ولكن الله يكره أن يرى عبداً متميزاً على أقرانه (ففي أية لحظة ترفض فيها أن تتميز على إخوانك أنت واحد منهم ، تكون قد طبقت سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم).

ثالثاًوفي معركة بدر أصدر النبي عليه الصلاة والسلام توجيهاً فقال:  كل ثلاثة على راحلة ، عن عبدالله بن مسعود قال:  كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير كان أبولُبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال وكانت عُبة رسول الله قال فقالا:  نحن نمشى عنك فقال: ما أنتما بأقوي مني ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما.    مسند الإمام أحمد

          هكذا كانت أخلاق النبي – صلى الله عليه وسلم.

رابعاًعن أبي سعيد الخدري قال:  لما أعطى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما أعطى من تلك العطايا فى قريش وقبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شئ ، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيها القالة حتى قال قائلهم لقى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قومه فدخل عليه سعد بن عبادة فقال:  يارسول الله إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم بما صنعت في هذا الفئ الذى أصبت قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شئ ، قال النبي:  فأين أنت من ذلك يا سعد ، قال يا رسول الله: ما أنا إلا أمرؤ من قومي ، قال النبي:  فأجمع لي قومك في هذه الحظيرة ، قال فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة ، فلما إجتمعوا أتاه سعد فقال:  قد إجتمع لك هذا الحي من الأنصار ، قال: فأتاهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فحمد الله وأثنى عليه بالذى هو له أهل ثم قال:  يامعشر الأنصار مقاله بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم (1) ألم أتكم ضلالا فهداكم الله ، (2) وعالة فأغناكم الله ، (3) وأعداءً فألف الله بين قلوبكم ، قالوا: بل الله ورسوله أمنُ وأفضل.

قال:  ألا تُجيبونني يا معشر الأنصار ، قالوا:  وبماذا نُجيبُك يارسول الله ولله ولرسوله المن والفضل ، قال:  أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصُدقتم (1) أتيتنا مُكذباً فصدقناك ، (2)ومخذولاً فنصرناك ، (3) وطريداً فأويناك ، (4) وعائلاً فأغنيناك أوجدتم في أنفسكم يامعشر الأنصار في لُعاعة من الدنيا تألفتُ بها قوماً ليُسلمُوا ووكلتُكم إلى إسلامكم ، أفلا ترضون يامعشر الأنصار أن يذهب الناسُ بالشاة والبعير وترجعون برسول الله – صلى الله عليه وسلم في رحالكم ، فوالذي نفسُ محمد بيده (1) لولا الهجرة لكنتُ امرأ من الأنصار ، (2) ولو سلك الناسُ شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار ، (3) اللهم أرحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ، قال: فبكى القوم حتى أفضلُوا لحاهُم وقالوا:  رضينا برسول الله قسماً وحظاً ثم أنصرف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتفرقنا)) مسند الإمام أحمد.

أيتها الأخوات:   هذه القصة تندرج في أي موضوع؟  مع رحمته أم مع وفائه ، أم مع تواضعه ، أم مع حنكته في إمتصاص المشكلة ، كان عليه الصلاة والسلام قد أوتى من الخُلق العظيم ما لا سبيل إلى وصفه.

خامساًعن عباد بن شرحبيل قال:  قدمتُ مع عُمومتي المدينة فدخلت حائطاً من حيطانها ففركت من سُنبله فجآء صاحبُ الحائط فأخذ كسائي وضربني فأتيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أستعدى عليه فأرسل إلى الرجل فجاءُوا به ، فقال:  ماحملك على هذا؟  فقال:  يا رسول الله إنه دخل حائطي فأخذ من سنبله ففركه ، فقال رسول الله:  ما علمته إذا كان جاهلاً ولا أطعمته إذا كان جائعاً أردد عليه كساءه وأمر لي رسول الله بوسق أو نصف وسق. (سُنن النسائي).

من أين عالج المشكلة؟  من نهايتها أم من بدايتها؟

وما أحوج العالم اليوم إلى أن يقتضي بهذا النبي الكريم ليحل المشكلات لا من نهايتها بل يحلها من بدايتها.

سادساً:   أمثلة تُبين أخلاق النبي الكريم.

          صحابي آخر في أثناء الهجرة أُلقى القبض عليه ، فقال لمن قبض عليه عهد على أن أطلقتموني لن أقاتلكم ، فلما وصل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وقص عليه ما حدث فرح به النبي عليه الصلاة والسلام ، بعد سنوات عدة كانت غزوة فأنخرط هذا المهاجر في جنود هذه الغزوة فرآه النبي فقال له:

          ((أرجع ألم تعاهدهم)).

          هذا يبين أن النبي عليه الصلاة والسلام كان ذو خُلق عظيم.

سابعاًكان إذا دخل عليه أحد الأعراب يسأل الحاضرين أيكم مُحمد؟  لأن النبي الكريم (1)ليست له علامة معينة ، (2) ولا ثياب معينة ، (3) ولا كرسي معين ، من رآه هابه ، ومن عامله أحبه ومرة دخل أعرابي قال:  من مُحمد منكم؟  فقال أحد الصحابة ذاك الوضئ.

ثامناًعن أنس بن مالك قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:

          ((إني لأدخُل في الصلاة وإني أريدُ إطالتها فأسمعُ بكاء الصبي فأتجوزُ في صلاتي مما أعلمُ بوجد أمُمه ببُكائه)).

تاسعاًعن عبدالله بن جعفر قال:

          ((دخل النبي عليه الصلاة والسلام حائطاً من حيطان الأنصار فإذا جمل قد أتاه فجرجر وذرفت عيناه فمسح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سراته فسكن فقال من صاحبُ الجمل فجآء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله ، فقال:  أما تتقي الله في هذه البهيمة التى ملككها الله إنه شكا إلي أنك تُجيعهُ وتُدئُبه)).

          الجمل شكا له ، والحجر سلم عليه مصداقاً لقوله – صلى الله عليه وسلم:

          (إن حجراً كان يسلم علي في الجاهلية إني لأعرفه الآن).

          والنخلة حنت إليه (كان يخطب على جذع نخلة ، فلما صُنع له منبر حن الجذعُ إليه فأسكنه بيده).

          وهذا فوق طاقتنا ، فالنبي عليه الصلاة والسلام لشدة إقباله على الله ، ولشدة شفافية نفسه ، فكان يرى ما لا يراه الآخرون.

عاشراًفي أثناء الهجرة تبعه سُراقه ليأخذ مائة ناقة لمن يأتي بالنبي حياً أو ميتاً ، هو مهاجر مهدور دمه ، يقول لسُراقه:  يا سُراقه كيف بك إذا لبست سوارى كسرى؟

أيتها الأخوات دققوا في هذا الكلام:   بمعنىأني سأصل إلى المدينة ثقة بالله عز وجل وسأنشئ دولة وسأحارب أقوى دولتين في العالم (الفُرس والروم) وسأنتصر عليهما وستأتيني كنوز كسرى إلى المدينة ويا سُراقة لك سوار كسرى.

          هذا غيض من فيض أخلاق الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – وينبغي أن نقول كما قال الله عز وجل:  ((وإنك لعلى خُلق عظيم))  القلم(4).

          يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ ، يا من كانت الرحمة مُهجتك ، والعدل شريعتك ، والحب فطرتك ، والسمو حرفتك ، ومشكلات الناس عبادت

على المؤمن إتخاذ النبي الكريم قدوة له في كل أعماله وأفعاله.

          لو تعمل زينة ، تُحضر أرقى فرقة نشيد ، تُوزع أغلى حلويات لم يحتفل بذكرى المولد – ولكن يكفي أن تأخذ من أخلاقه خلقاً ، أن تُطبقه في بيتك ، في عملك.

مثال1:   وجد النبي الكريم تمرة على السرير ، قال:  يا عائشة لولا أنني أخشى أنها من تمر الصدقة لأكلتها ، أشتهي أن يأكلها لكنه خاف أن تكون وقد وقعت من طبق للصدقة.

          لن ننتفع بهذه الذكرى إلا إذا قرأنا سُنة النبي ، من الآن إشتروا كتاباً محترماً – واقرؤوا كل يوم شئ من هذه السيرة وطبقوها ، تكون إحتفلت بذكرى المولد – أسماء الكتب:

(1)الرحيق المختوم للشيخ صفي الرحمان.

(2)فقه السيرة الشيخ محمد الغزالي.

 

((والحمدلله رب العالمين))

اترك تعليقاً