بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد ،،،
فجآء في الصحيحين عن أنس بن مالك قال:
كان أكثر دعاء النبى – صلى الله عليه وسلم – (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).
ولعل الذين اعتمروا أو حجوا بيت الله الحرام ، يسمعون بآذانهم أن أكثر دعاء يُدعى به في الطواف وفى السعى:
(اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).
فما هي حسنة الدنيا؟
سيدنا علي قال: هي المرأة الصالحة ، لقول النبى – صلى الله عليه وسلم: (الدنيا كلها متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ، التى إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا غبت عنها حفظتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا أقسمت عليها برتك).
قال قتادة: حسنة الدنيا هي العافية والكفاف.
مصداقاً لقول النبى – صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنا في سربه معافي في جسده ، عندهُ قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا).
بمعنى: الذى آتاه الله عز وجل سلامة في صحته وكفاف يومه ، وأمناً في أهله ، فقد حيزت له الدنيا ، وكما قالوا: من هو الملك؟
هو الذى له رزق يكفيه ، وزوجه ترضيه ، وبيت يؤويه.
قال الحسن البصري: حسنة الدنيا العلم والعبادة
عالم واحد أشد على الشيطان من ألف عابد.
قال ابن عمر: حسنة الدنيا الأولاد الأبرار – الولد البار بوالديه
ولد مستقيم – عالم ، سمعته عطرة ، وهو قرة عين والديه.
قال جعفر الصادق: حسنة الدنيا صحبة الصالحين والعلماء ، والمحروم من يُحرم صالحى زمانه ، في كل زمان تجد صالحين ، وكل زمن فيه علماء ، أتقياء ، فقهاء.
سوف نجمعهم حسنة الدنيا: المرأة الصالحة والعافية ، والكفاف ، والعلم ، والعبادة ، والمال الصالح ، والأولاد الأبرار وصحبة الصالحين.
إذاً حسنة الدنيا هؤلاء.
أما الآخرة ، ما حسنة الآخرة؟
كلمة واحدة هي الجنة فيها ما لا عين رأت ، ولا أُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، الدنيا محدودة ، والآخرة ممدودة.
من هو الطموح؟ لا الذى يطمح في الدنيا ، لكن الذى يطمح في الآخرة مصداقاً لقوله تعالى في سورة القمر الآية (54 ، 55):
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)
الطموح هو الذى وصل إلى مرتبة سامية عند الله عز وجل.
وقالوا: حسنة الآخرة هي: السلامة من هول الموقف وسوء الحساب ، وقيل: الحور العين.
فليس من امرأة كاملة في الحياة الدنيا ، تتفوق بجهة إلا وتنقص بجهة ، أخلاق عالية جمال وسط ، جمال عال ، أخلاق شرسة ، شآءت حكمة الله أن تكون الدنيا هكذا لئلا نتعلق بها ، لذلك أحد الصحابة الكرام حينما طالبته زوجته بحظ من حظوظ الدنيا قال: (إعلمي يا فلانة أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت أحداهن لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر ، فلأن أضحى بك من أجلهن أهون من أن أضحى بهن من أجلك).
إذاً حسنة الآخرة: قيل الحور العين ، وقيل: السلامة من هول الموقف وسوء الحساب ، وقيل: الجنة ، وقيل: لذة رؤية البارى عز وجل مصداقاً لقوله تعالى في سورة القيامة:
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)
(والحمدلله رب العالمين)