(إن الله فرض فرائض فلا تُضيعوها)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله أولاً وآخراً ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وآله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين.

أما بعــد :

عن أبى ثعلبة الخشنى – رضى الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  )إن الله فرض فرائض فلا تُضيعوها ، وحد حدوداً فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها)   رواه الدار قطنى وغيره.

هذه الوصية وصية جامعة شاملة لأصول التشريع وفروعه.

فقد أمر النبى – صلى الله عليه وسلم – فيه بإمتثال ما أمر الله به وإجتناب ما نهى الله عنه.   أول فقرة فى الحديث:  “إن الله فرض فرائض فلا تُضيعوها”.

مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الحشر الآية (7):

“(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ.)بمعنى: ما ألزمكم به فألزموه ولا تهملوه.

  والفرائض كثيرة منها: الصلاة والصوم، والزكاة، والحج، والجهاد فى سبيل الله، وطلب العلم، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، وبر الوالدين، إلى غير ذلك.

ولكى يكون المسلم مؤدياً لهذه الفرائض ينبغى عليه أن يعرفها معرفة كافية ويعرف كيف تؤدى ، ومتى تُؤدى ، وما الذى يجب لصحتها ، وما الذى يبطلها حتى يتلاشاه (الطاعة على قدر الطاقة).

ولقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – دقيقاً فى تعبيره حين قال: (إن الله فرض فرائض) بصيغة التنكير للدلالة على التعميم من جهة ، والإيحاء بزيادتها من جهة أخرى.         

أما قوله:  “وحد حدوداً فلا تعتدوها“.

فهو تنبيه على أن لهذه الفرائض وغيرها من الأحكام التكليفية حدوداً ومعالم لابد من مراعاتها حتى لا يزيد الأمر على حده فينقلب إلى ضده.

فمن تجاوز الحد فيها فقد أساء وظلم. وكان معتدياً على هذه الشريعة الغراء.

مثـال:

(1)          فحد صلاة الظهر – مثلاً – أربع ركعات.  فمن صلاها خمساً فقد أبطل عمله بتجاوزه لحد وصار مأزوراً (عليه وزر) لا مأجوراً.

(2)          وقد أمر الله بصوم شهر رمضان وحرم صوم يوم العيد ، فمن صام شهر رمضان وأضاف إليه صوم يوم العيد – صح صوم الشهر وبطل صوم يوم العيد ، وأثم على صيامه.  وهكذا فى سائر الفرائض.

ومجاوزة الحد عدوان من ثلاث جهات:

1.  عدوان على الشرع.  2. عدوان على الناس.  3. عدوان على النفس.

(3)          أما قوله – صلى الله عليه وسلم:  (وحرم أشياء فلاتنتهكوها).

فالمحرمات أمور محصورة منصوص عليها ، وهى قليلة جداً بالنسبة للمباحات ، وسماها محرمات ، أى ممنوعات ، وتسمى محارم الله.

ولهذا قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (فلا تنتهكوها) ، فلا تفعلوها أو تلابسوها بل ولا تحوموا حولها حتى لا تقعوا فيها.

وروى أن أبا بكر رضى الله عنه قال:  “كنا نترك سبعين باباً من الحلال مخافة أن نقع فى باب واحد من الحرام”.

(4)          أما قوله – صلى الله عليه وسلم:  “وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها”.

وهنا فى هذه الفقرة نصح وإرشاد لكل من يلح فى السؤال عما يعنيه وعما لا يعنيه.

والرسول الكريم يقول:  “هلك المتنطعون ، قالها ثلاثاً”. أخرجه مسلم

      من هو المتنطع ؟

1.  هو المتعمق فى البحث عما لا يعنيه.

2.  هو يبحث عن الشبهات التى لا يعلمها إلا الله.

3.  هو الذى يسأل عن الأشياء التى لا يضره الجهل بها.

وقد بين الله لنا فى كتابه وعلى لسان رسوله – عليه الصلاة والسلام – ما أحله لنا وما حرمه علينا ، فكان لنا فى ذلك غنى والحمدلله ، فلا ينبغى لأحد أن يتمسك بقول لا دليل له من الكتاب والسنة ، فالدين محجة بيضاء ليلها كنهارها.

يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  “الحلال ما أحل الله فى كتابه ، والحرام ما حرم الله فى كتابه ، وما سكت عنه فهو مما قد عفا عنه ، فلا تتكلفوا”.

رواه الترمذى وابن ماجه عن سلمان الفارسى.

( والحمدلله رب العالمين)

اترك تعليقاً