بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد،،
فإن عند هطول الأمطار يجب علينا أن نشكر الله تعالى على نعمه العظيمة وعطاياه الجزيلة ، فقد ورد في الحديث القدسي أن الله عز وجل يقول:
“أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب ، وأما من قال بنؤء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب”.
إليكم هذا الخبر الذى يؤكد أن تقنين الله للأمطار لا يمكن أن يكون تقنين عجز كشأن البشر حينما يقننون ، ولكنه تقنيين تربية وتأديب كما يظن المؤمنون.
أعلنت وكالة الفضاء الأوربية أن المرصد الفضاء الأوربي العامل بالأشعة تحت الحمراء رصد غيمة من البخار في الفضاء الخارجي ، وعلق أحد علماء الفلك أن المرصد عثر على غيوم للبخار في أكثر من مكان في الكون ، إلا أن هذه الغيمة التى أكتشفها مؤخراً تعد مصنعاً هائلاً لبخار الماء ، يمكنها أن تنتج من الماء ما يكفي لملء جميع محيطات العالم بالماء العذب ستين مرة في اليوم الواحد ، وهذا مصداق لقوله تعالى في سورة الحجر الآية (21):
(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21))
بمعنى: وإن من شئ من أرزاق العباد ومنافعهم إلا عند الله خزائنه ، ويقصد بذلك المطر المنزل من السماء ، لأن به نبات كل شئ ، ولكن الله عز وجل لا ينزله إلا على حسب مشيئة الله وعلى حسب حاجة الخلق إليه.
وأما معنى التقنين التربوي أو التأديبي ، ففي قوله تعالى في سورة الشورى الآية (27):
(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ(27))
بمعني: لو وسع الله الرزق على عباده لطغوا وبغوا وأفسدوا في الأرض بالمعاصي والآثام لأن الغني يوجب الطغيان.
قال قتادة: خير العيش ما لا يُلهيك ولا يُطغيك ، ولكنه تعالى يُنزل أرزاق العباد بما تقتضه الحكمة والمصلحة كما جآء في الحديث القدسي (إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغني ولو أفقرته لأفسدتُ عليه دينُه ، وإن من عبادي من لا يصلحُه إلا الفقر ، ولو أغنيتُه لأفسدتُ عليه دينُه) عن أنس مرفوعاً إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم ، وكذلك قال الله تعالي في سورة الجن الآية (19):
(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16))
بمعنى: لو أستقام الكافر والعاصي على شريعة الله لبسطنا لهم في الرزق ، ووسعنا عليهم في الدنيا زيادة على ما يحصل لهم في الآخرة من النعيم الدائم (الطريقة: طريقة الإسلام)
وكما قال الله عز وجل في سورة المائدة الآية (66):
(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ (66))
بمعنى: لو أنهم أستقاموا على أمر الله وعملوا بما في التوراة والإنجيل ، وبما أُنزل إليهم في هذا الكتاب الجليل الذى نُزل على خاتم الرسل – صلى الله عليه وسلم – لوسع الله عليهم في الأرزاق وأغدق عليهم الخيرات بإفاضة بركات السماء والأرض عليهم.
فالجاهلون والشاردون يخوفون أهل الأرض مرة بنقص الغذاء ، وأخرى بنقص الماء ، وتارة بإقتراب نضوب آبار النفط ، فيفتعلون حروباً (1) من أجل المياة تارة ، وحروباً (2) من أجل القمح تارة أخرى ، وأحدث هذه الحروب (3) من أجل النفط ، وفاتهم أ، تقنين الله عز وجل هو تقنين تأديب لا تقنين عجز.
((والحمدلله رب العالمين))