الدعوة إلى التدبر في قراءة القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى.

أما بعد ،،،

فالقرآن فيه آيات ، فيه أمر ، فيه نهي ، وحياة الناس بفى واد آخر.

مثال1:   كثيراً من يقول:  أعاني من كآبة ، والله عز وجل يقول فى سورة النحل الآية (97):

          (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً (97)).

بمعنى:   أن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وهي تشمل الرزق الحلال الطيب وهي السعادة والقناعة والتوفيق لصالح الأعمال ، وقال الحسن البصري:   لا تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة لأنها حياة بلا موت ، وغنى بلا فقر ، وصحة بلا سقم ، وسعادة بلا شقاء.

قارئ القرآن لا يحزن:   ورد في الأثر:   أنه لا يحزن قارئ القرآن ، لأن القرأن شفاء للنفوس ، وعدك الله بحياة طيبة وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين.

          كيف يحزن قارئ القرآن وهو يتلو قوله تعالى في سورة فصلت الآية (30):

          (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30))

بمعنى:     الذين استقاموا على شريعة الله في سلوكهم ، وأخلاقهم وأقوالهم ، وأفعالهم ، فكانوا مؤمنين حقاً ، مسلمين صدقاً ، وتتنزل عليهم ملائكة الرحمة عند الموت بأن لا تخافوا مما تقدمون عليه من أحوال القيامة ، ولا تحزنوا على ما خلفتموه في الدنيا من مال وأهل وولد فنحن نخلفكم فيه وأبشروا بجنة الخلد التى وعدكم الله بها على لسان الرسل.

          كيف يحزن قارئ القرآن حينما يتلو قوله تعالى في سورة القصص الآية (61):

          (أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا….(61))

بمعنى:   أفمن وعدناه وعداً قاطعاً بالجنة وما فيها من النعيم المقيم الخالد ، فهو لا محالة مدركه لأن وعد الله لا يتخلف كمن متعناه بمتاع زائل ، مشوب بالأكدار ، مملوء بالمتاعب.

          هذه الآية نزلت في كل كافرمتع في الدنيا بالعافية والغنى وله فى الآخرة النار ، وفي كل مؤمن صبر على بلاء الدنيا ثقة بوعد الله له في الآخرة بالجنة.

          كيف يحزن قارئ القرآن وهو يتلو قوله تعالى في سورة التوبة الآية (51):

          (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا…(51))

بمعنى:  لن يصيبنا خير ولا شر ، ولا خوف ولا رجاء ، ولا شدة ولا رخاء إلا هو مقدر علينا مكتوب عند الله ، وهو ناصرنا وحافظنا.

          كيف يحزن قارئ القرآن وهو يتلو قوله تعالى في سورة الحج الآية (38):

          (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا …. (38))

بمعنى:   الله عز وجل يدفع عن عباده الذين توكلوا عليه وأنابوا إليه شر الأشرار وكيد الفجار ، ويحفظهم وينصرهم كما قال تعالى:

          “أليس الله بكاف عبده” ، وقال:  “ومن يتوكل على الله فهو حسبه”.

          كيف يحزن قارئ القرآن وهو يتلو قوله تعالى في سورة الجاثية الآية (21):

          (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21))

بمعنى:   هل يظُن الكفار الفجار الذين اكتسبوا المعاصي والآثام أن نجعلهم كالمؤمنين الأبرار ونساوي بينهم في المحيا والممات؟  لا يمكن أن نساوي بين المؤمنين والكفار ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، فإن المؤمنين عاشوا على التقوى  والطاعة ، والكفار عاشوا على الكفر والمعصية وشتان بين الفريقين.

ما هو سبب الكآبة والحزن عند الشباب؟ (الناس)؟

عدم تدبر القرآن.

          هذا الذي يقرأ القرآن ومعه كآبة ومعه حزن ، ومعه إحباط ومعه أمراض نفسية ، معنى ذلك أن القرآن في واد وهو واد آخر.

ما معنى التدبر؟

          التدبر أن تسأل نفسك سؤالاً جريئاً:  أين أنا من هذه الآية؟

مثال1:     

          (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (2))

بمعنى:   وجلت:   الخوف والفزع

          إنما الكاملون في الإيمان المخلصون فيه إذا ذكر إسم الله فزعت قلوبهم لمجرد ذكره ، إستعظاماً لشأنه ، وتهيباً منه جل وعلا.  (هنا مقام الخوف)

          إذا ذكر الله خاف منه ، ففعل أوامره ، وترك زواجره.

          مثل الرجل يريد أن يظلم أو يهم بمعصية فيقال له:  إتق الله فيجل قلبه (يخاف قلبه).

هل تضطرب إذا تلوت كلام الله؟  هل يخاف قلبك؟

هل تدمع عينك؟  لاتحاب نفسك؟

أسأل نفسك بجرأة:  هل أنا مطبق لهذه الآية حينما قال الله عز وجل في سورة الحجرات (12):

          (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا (12))

          لقد نهى الشرع الحكيم عن الغيبة ب- لا يذكر بعضكم بعضاً بالسوء في غيبته بما يكرهه وفي الحديث الذى رواه أبو داود عن أبي هريرة قال: قيل: يارسول الله ما الغيبة؟

          قال: (ذكرك أخاك بما يكره). قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول.

          قال: إن كان فيه ما تقول فقد أغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته.

          أسأل نفسك هل أنا مطبق لهذه الآين حينما قال الله عز وجل في سورة النسآء (29):

          (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (29))      

          الذين يتفننون في أكل أموال بعضهم بالباطل ، وهو كل طريق لم تبحه الشريعة كالسرقة والخيانة والغصب والربا والقمار وما شاكل ذلك.

          لذلك هذه القراءات التى تقرأ في رمضان وفي غير رمضان إذا ما رافقتها إستقامة فلن تقطف ثمارها إطلاقاً.

مثال1:   قد يذهب إنسان إلى بلاد بعيدة ، يرى تقدماً وحضارة ورقياً وأبنية شاهقة وحدائق ونظاماً ، وغنى ، وترفاً يرجع إلى بلده ضعيف النفس ، ألم تقرأ قوله تعالى في سورة الأنعام الآية (44):

          (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44))

          عن عقبة بن عامر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:

          “إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو إستدراج” ثم تلا: “فلما نسوا ما ذكروا به….”.

          كيف ترجع ضعيف النفس وتصغر أمام هؤلاء الأقوياء الذين شردوا عن الله عز وجل وأنت تقرأ القرآن الكريم؟

          وقد قال الله عزوجل في سورة آل عمران الآية (196 – 197):

          (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197))

          لا يخدعنك أيها السامع..

          تنقل الذين كفروا في البلاد طلباً لكسب الأموال والجاه والرتب ، إنما يتنعمون بذلك قليلاً ثم يزول هذا النعيم ، ومصيرهم في الآخرة إلى النار ، وبئس الفراش والقرار نار جهنم.

          بالتعبير الآخر ، حينما تقرأ القرآن ألا تصدق الله عزوجل؟

          إن صدقته حقا فيجب أن ينعكس تصديقك راحة نفسية سؤالاً عظيم عند القرآن أو سماعه:

          أين أنا من آيات الأمر والنهي ، أنا أحشى ما أخشاه أن يهزم الإنسان من الداخل ، لك أن تقرأ القرآن قراءة تعبدية ولكنني أعول لا على القراءة التعبدية ، بل على قراءة التدبر ، لو قرأت في رمضان جزءاً واحداً بالتدبر فقد أفلحت.

          فيها مشهد من مشاهد الجنة ، هل تاقت نفسك للجنة؟

          هل سعيت إليها؟ فيها مشهد من مشاهد أهل النار هل أتقيت النار ولو بشق تمرة؟ أجعل نفسك في حوار مع ذاتك أن تقرأ القرآن.

          أحياناً يصبح من عادتنا سماع القرآن ، لكن البطولة أن تحاسب نفسك حساباً عسيراً.

          قال – صلى الله عليه وسلم:

          “إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم سبعين خريفاً” الترمذي

          تسأل نفسك هل أنت حريص على ضبط لسانك؟

          أنت حينما تقرأ قوله تعالى:

          “ياأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله”  الحجرات (1).

          هل ترى أن هناك اشياء ينبغي تكون في السنة على خلاف ما هي عليه ، معنى ذلك أنك قدمت بين يدي الله ورسوله.

          أنا أُريد في هذا الدرس أن أي أية تقرأها أن تسأل نفسك السؤال الصعب أين أنا منها؟

          حينما قال الله عز وجل في سورة النسآء الآية (19):

          (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (19)

          هل أنت تعاشر زوجتك بالمعروف كما جآء في هذه الآية.

          يتصل بي أُناس أو زوجات يشكون من ظلم الأزواج الشئ الذى لا يحتمل وهم من رواد المساجد.

          أن قوله تعالى:    (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (19)

          التدبر أن تحاسب نفسك أين أنا من هذه الآية؟

          الناس تختلف في التطبيق.

          مطبق – ضعيف التطبيق؟  تطبيق جزئي؟ لا أُطبق؟

          عليك إذا فتحت القرآن الكريم أمسك القلم.

          كيف تكون قراءة القرآن الكريم؟

          قراءة التعبد وقراءة التدبر.

          أتمنى أن تقرأ القرآن في رمضان قراءتين ، قراءة تعبد وقراءة تدبر.

التدبـــر:   هو أن يجول فكرك فيما تقرأ ، أن تجمع الأوامر وأن تجمع النواهي.

          ويجب أن تعتقد أن كل أمر في القرآن يقتضي الوجوب.

          أنت تفاجئ أنك أمام آلاف الأوامر في القرآن ، وآلاف الأوامر في الحديث ، فحينما تتعامل مع القرآن بجدية تفلح.

 

a

اترك تعليقاً