العظة التى نستخلصها من المعارك مع اليهود

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          إن الأر ض لله يورثها من يشآء – وهو لا ينتزعها من قوم ، ويعطيها آخرين محاباة – كلا – ولكن الأمة التى تفسد على النعمة تُسلبها ثم تُساق النعمة إلى من يقدرها ويشكر الله عليها – هذه سُنة الله في الأرض.

          وقد طُبق هذا القانون على بني إسرائيل بقسوة عندما أهدروا أحكام التوراة وتبعوا الهوى.

          وطُبق بعد ذلك على المسلمين يوم ساروا في الغواية وجحدوا ما لديهم من هداية.  كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة هود الآية (102):

(وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ).

          إذا أخذ القرى:  عاقبها بذنوبها.

          أليم شديد:   موجع شديد الإيجاع.

          أخذ الله العواصم والحواضر بمن فيها والحال أنها ظالمة بالشرك والمعاصي ، أن أخذ الله ذو وجع شديد لا يُطاق فهل يعتبر المشركون والكافرون والظالمون اليوم.  فيترك المشركون شركهم والكافرون كفرهم والظالمون ظلمهم قبل أن يأخذهم الله كما أخذ من قبلهم مثل قوم نوح وعاد وثمود – وفي هذه الآية تنديد بالظلم وسوء عاقبة الظالمين.

          وكذلك فيها من إنذار الظالم ما لا يخفى كما قال عليه السلام:  (إن الله ليُملي للظالم حتى أخذهُ لم يفلته ثم قرأ الآية …)    (روح المعاني للألوسي).

          ولو ظل اليهود ألف سنة أُخرى في جزيرة العرب مازادوها إلا إنقساماً وما اكتسبت أقطار الأرض من بقائهم شيئاً ، ربما نالت مزيداً من الحبوب والفواكه التى يتفنون في زراعتها – ومع هذه الزيادة في الحبوب والفواكة سوف يكون معها كفل من الفساد الذى يُصدره بنو إسرائيل إلى العالم مع معاملات الربا – وأخلاق العهر والتحلل.

          أما الإسلام فقد خرج من الجزيرة يوم خرج ، رسالة إيمان وإصلاح.

نهاية اليهود في الجزيرة العربية:

          لقد لقى اليهود في هذه الغزوة (غزوة خيبر) تلك الهزيمة النكراء التى أنهت الوجود اليهودي في جزيرة العرب لأربعة عشر قرناً من الزمان لم تقم بعدها لليهود قآئمة ولم يرتفع لهم علم – (1) إلى أن كان منتصف القرن العشرين الذى حلت فيه النكبة بالمسلمين (2) فأقام اليهود لهم كياناً فوق أرض فلسطين – فطيلة هذه القرون 14 لم ينس اليهود مرارة خيبر وبقى الجيل بعد الجيل يرويها ويورث السلف الحقد لخلفهم.

(2)     ولم تنس أجيال اليهود تلك الهزيمة التى أدت إلى أن أصبح اليهود خدم عند المسلمين وأُجراء يخدمون الأرض ولهم نصف الثمر وللمسلمين النصف الآخر.

(3)     حتى كانت معركة الخامس من يونيو 1967 حيث وقف موشى ديان بعد أن أحتل القدس وأكتسح بجيشه الأرض العربية في سوريا (الجولان) والأردن ومصر ليقول بكل زهو وفخر (هذه بخيبر).

          إن اليهود اليوم يحتلفون بمرور أكثر من خمسين عاماً على إنشاء دولتهم التى أنتزعوا أرضها من المسلمين وهم يحتلون المسجد الأقصى – ويريدون الأرض والسلام معاً – يرفضون التنازل عن بعض الأراضي للفلسطينيين في مقابل سلام مفترض .

(4)     على الرغم من هذه (1) الأجواء القائمة ، (2) وغطرسة اليهود ، (3) وغاراتهم المتوالية فإن نصر الله قريب (وتلك الأيام نداولها بين الناس).

          وكما كانت خيبر هي آخر مسمار في نعش وجود اليهود في الجزيرة العربية – فإن الله وعدنا بمعركة أخرى في نهاية إفسادتهم الثانية يكون من نتيجتها دخول المسجد الأقصى وتحطيم علوهم الفارغ.

          قال تعالى في سورة الإسراء الآية (7):

(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا).

          فإذا جآء وعد المرة الأخيرة من إفسادكم (1) بقتل زكريا ويحيى ، (2) وكثيراً من العلماء ، (3) وانتهاك محارم الله ، (4) وبعد أن ظهر فيهم الفسق وفي نسآئهم التبرج والفجور ، كما أخبر بذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم:

          بعثنا عليكم أعداءكم مرة ثانية وهم بُختنصر وجنوده – وبعثناهم ليهينوكم ويجعلوا الكآبة بادية على وجوهكم بالإذلال والقهر – ويدخلوا بيت المقدس فيخربوه كما خربوه أول مرة وليدمروا ويهلكوا ما غلبوا عليه تدميراً – فقد سلط الله عليهم مجوس الفرس فشردوهم في الأرض وقتلوهم ودمروا مملكتهم تدميراً.

          (( وإن عدتم عدنا ))

          عدتم إلى الإفساد والإجرام عدنا إلى العقوبة والإنتقام.

(1)ولقد عادوا إلى الإفساد فسلط الله عليهم المسلمين فأخرجوهم من الجزيرة كلها.

(2)ثم عادوا إلى الإفساد فسلط الله عليهم عباداً آخرين ، (3) حتى كان العصر الحديث فسلط الله عليهم (هتلر).   (4) ولقد عادوا اليوم إلى الإفساد في صورة (إسرائيل) وليسلطن الله عليهم من يسوءهم سوء العذاب تصديقاً لوعد الله القاطع – وفاقاً لسنته، وإن غداً لناظره قريب.

          ((  وما ذلك على الله بعزيز ))

                                                   (والحمد لله رب العالمين)

 

اترك تعليقاً