حديث (اليدُ العليا خير من اليد السفلى)

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد،،،،

          فعن أبي أمامة الباهلي – رضى الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: (يا ابن آدم إنك أن تبذُل الفضل خير لك ، وأن تمسكه شر لك ، ولا تُلام على كفاف وابدأ بمن تعول ، واليد العُليا خيرُ من اليد السفلى) رواه مسلم والترمذي.

          هذا الحديث فيه وصية للأولياء بمن يعولونهم ، يرعون شئونهم ،ويكونون مسئولين عنهم في الدنيا والآخرة ، (وهم الأولاد والزوجات ، ومن تجب عليهم نفقتهم كالآباء والأمهات ، والأخوات اللاتي ليس لهن من يعولهن غيرهم).

          قد مهد النبى – صلى الله عليه وسلم – لهذه الوصية بجمل خبرية تُرغب في الإنفاق من فضول الأموال بقدر الوسع والطاقة ، من غير إسراف ولا تكلف ، ثم ختم الحديث بحكمة سامية جُعلت مضرب الأمثال في العزة والقناعة ، وعفة النفس.

          وبدأ النبى الكريم خطابه بقوله:  (يا ابن آدم) نسبة إلى أول نبي أرسله الله إلى أبنائه ، والإنسان يسره أن ينتسب إلى أبيه الأول ، ويجد في ذلك مسرة ومبرة.

          وكلمة يا ابن آدم تشعر الإنسان بأنه عائد إلى التراب الذى خُلق منه أبوه آدم ، وتارك ما في يديه من مال ، فلا ينبغي أن يتمسك بشئ زائل ، أو هو زائل عنه ، ثم إنه مبعوث ليوم عظيم ومحاسب على ما قدم وآخر من خير وشر.

          وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (إن أن تبذُل الفضل خير لك).

          هذا الفضل هو ما زاد عن حاجتك يا ابن آدم وهو خير لك في الدنيا والآخرة فإنك تُثاب على عملك الصالح في الدارين معاً مصداقاً لقوله تعالى في سورة آل عمران الآية

(148):  ((  فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين)).

ثواب الدنيا:  يكون في صلاح الحال ، وهدوء البال ، واطمئنان القلب بذكر الله.

          وقد ترجم الله – عز وجل – هذا الثواب بشئ من التفصيل في قوله تعالى فى سورة النحل الآية (97):  (( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)).

          وثواب الآخرة خير وأبقى ، وأعظمه رضوان الله عز وجل كما قال – جل وعلا – في سورة التوبة الآية (72):

          ((وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم)).

          وعدهم الله عز وجل على إيمانهم بجنات وارفة الظلال ، تجرى من تحت أسجارها الأنهار منضبطة بالقدرة في غير أُخدود – لابثين فيها أبدا ، لا يزول عنهم نعيمها ولا يبيد وأيضاً منازل يطيب فيها العيش في جنات الخلد والإقامة وهي عبارة عن قصور اللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجر كما قال الحسن – رضى الله عنه – وفي الحديث يقول الله تعالى لأهل الجنة:  (يا أهل الجنة فيقولون:  لبيك ربنا وسعديك فيقول:  هل رضيتم؟ فيقولون: ومالنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعط أحداً من خلقك! فيقول: أُعطيكم أفضل من ذلك فيقولون:  وأي شئ أفضل من ذلك؟ فيقول:  أُحلُ عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعُد أبداً) الحديث في الصحاح.

          ويكفى ابن آدم من الخير أن يبُذل للفقراء ما زاد على حاجته ، فإنه لو فعل ذلك يكون نجا من عذاب الله في الدنيا والآخرة.

          والله – عز وجل – لم يكلف عباده أن ينفقوا جميع أموالهم ولا نصفها ولكنه – جل شأنه – أمرهم أن ينفقوا منها بقدر ما تجود به أنفسهم ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (219):  ((ويسألونك ماذا يُنفقُون قل العفو)). العفو: هو الزيادة عن الحاجة.

          أما عن زاد عن الحاجة فإن الله يزيده من فضله أضعفاً مضاعفة والله واسع الفضل غزير الفيض ، لا يزال يعطي عباده من الخير ما بذلوا من الخير.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (245):

          ((من ذا الذى يُقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبُسط وإليه ترجعون)).

          وقد ضرب الله مثلين في سورة البقرة الآية (261) لمضاعفة الأجور إلى الحد الذى لا يخطر على قلب بشر فقال عز وجل:  ((مثلُ الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشآء والله واسع عليم)).

          ولننظر إلى الحبة الواحدة قد أنبتت سبع سنابل ، في كل سنبلة مائة حبة سوف تُزرع مرة أخرى ، فتنبت كل حبة من المائة سبع سنابل ، ولا تزال تنبت وتنبت ، وهكذا شأن الصدقة يزيد الله فيها حتى تصير الثمرة مثل جبل أُحد كما جأء في الحديث الصحيح.

          وقال – عز وجل – في سورة البقرة الآية (265): 

          ((ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أُكُلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير)).

          وهذا المثل بين الله لنا فيه أن الحبة تصبح جنة ذات زرع وثمر تنبت بأي نوع من المطر ، غزيراً كان أم قليلاً.

          وتؤتي أُكُلها ضعفين ، والضعف يقتضي التكرار كأنه لا ينقطع أبداً ولا يزول.    الوابل:  المطر الكثير.          الطل:  وهو المطر القليل الكافي.

والناس في البذل والإنفاق درجات:

أدناهم:          من يكتفي بإخراج الواجبات ، كتأدية الزكاة ، نفقة الزوجة والأولاد وسائر من يعولهم.

أعلاهم:         من يجود بماله كله ، كأبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، وعمر بن الخطاب الذى جاد بنصف ماله إلى النبى – صلى الله عليه وسلم ، وعثمان بن عفان – رضي الله عنه – الذى جهز جيش العسرة وغيرهم ممن لم يدخر وسعاً في الإنفاق في وجوه الخير.

         وقوله – صلى الله عليه وسلم:  ((وأن تمسكه شر لك)).

أما الإمساك عن الإنفاق فهو شر ما بعده شر إلا الكفر ، فليس هناك صفة أقبح ، ولا سيما البخل في الوجوه الواجبة كالزكاة ، فإن من امتنع عن دفع الزكاة قسا قلبه وساء خُلقه ، وفسد حاله ومآله وحشر مع الكفار مصداقاً لقوله تعالى في سورة فصلت الآية  (6-7):

((وويلُ للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هُم كافرون)).

          لماذا كل هذا الوعيد؟  مصداقاً لقوله تعالى في سورة التوبة الآية (34 – 35):

          ((الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكون بها جباههم وجنوبهم وظهورُهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)).

                             ولأن البخيل قد أشرك حب المال مع حب الله ، وآثر الدنيا على الآخرة وظلم أصحاب الحقوق عليه ، وتحلى بصفة يبغضها الله عز وجل – ويبغض من كنز المال ومنع حق الفقراء فيه.

                    قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (تعس عبدُ الدرهم ، وعبدُ الدينار وعبد الخميصة تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش) رواه البخاري.

الخميصة:  ثوب له أعلام – وإذا شيك فلا نتقش:  إذا أصابته شوكة لا يجد من ينقشها له لعدم تعاونه مع الناس ، وبخله عليهم بما هم في حاجة إليه.

                   وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول).

                   إن الإنسان إذا كان فقير لا يلومه الناس – والكفاف:  هو مقدار الضرورة.  فلا ينبغي أن يتصدق المسلم على فلان وفلان ، ويترك أهله بلا طعام ، أو يتركهم يسألون الناس.

                   ولا شك أن الإنفاق على الأهل والأقارب أعظم أجراً من الإنفاق على غيرهم.

                   روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ((دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجراً الذى أنفقته على أهلك)).

                   وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (واليد العليا خير من اليد السفلى)

                   أن اليد المعطية خير عند الله من اليد الآخذة ، لأن اليد العليا يد خير دائماً تعمل فتأتي بالخيرثم تنفق من هذا الخيرعلى من يستحق العون بخلاف اليد السفلى فإنها يد عاطلة.

                   فالمسلم يكافح في طلب الرزق ، ويرغب في أن يكتب من المزكين فيجد في الحصول على النصاب الموجب للزكاة لا على الفرار منها بالحيل المذمومة كما يفعل بعض من لا دين لهم.

((والحمدلله رب العالمين ))

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد،،،،

          فعن أبي أمامة الباهلي – رضى الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: (يا ابن آدم إنك أن تبذُل الفضل خير لك ، وأن تمسكه شر لك ، ولا تُلام على كفاف وابدأ بمن تعول ، واليد العُليا خيرُ من اليد السفلى) رواه مسلم والترمذي.

          هذا الحديث فيه وصية للأولياء بمن يعولونهم ، يرعون شئونهم ،ويكونون مسئولين عنهم في الدنيا والآخرة ، (وهم الأولاد والزوجات ، ومن تجب عليهم نفقتهم كالآباء والأمهات ، والأخوات اللاتي ليس لهن من يعولهن غيرهم).

          قد مهد النبى – صلى الله عليه وسلم – لهذه الوصية بجمل خبرية تُرغب في الإنفاق من فضول الأموال بقدر الوسع والطاقة ، من غير إسراف ولا تكلف ، ثم ختم الحديث بحكمة سامية جُعلت مضرب الأمثال في العزة والقناعة ، وعفة النفس.

          وبدأ النبى الكريم خطابه بقوله:  (يا ابن آدم) نسبة إلى أول نبي أرسله الله إلى أبنائه ، والإنسان يسره أن ينتسب إلى أبيه الأول ، ويجد في ذلك مسرة ومبرة.

          وكلمة يا ابن آدم تشعر الإنسان بأنه عائد إلى التراب الذى خُلق منه أبوه آدم ، وتارك ما في يديه من مال ، فلا ينبغي أن يتمسك بشئ زائل ، أو هو زائل عنه ، ثم إنه مبعوث ليوم عظيم ومحاسب على ما قدم وآخر من خير وشر.

          وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (إن أن تبذُل الفضل خير لك).

          هذا الفضل هو ما زاد عن حاجتك يا ابن آدم وهو خير لك في الدنيا والآخرة فإنك تُثاب على عملك الصالح في الدارين معاً مصداقاً لقوله تعالى في سورة آل عمران الآية

(148):  ((  فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين)).

ثواب الدنيا:  يكون في صلاح الحال ، وهدوء البال ، واطمئنان القلب بذكر الله.

          وقد ترجم الله – عز وجل – هذا الثواب بشئ من التفصيل في قوله تعالى فى سورة النحل الآية (97):  (( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)).

          وثواب الآخرة خير وأبقى ، وأعظمه رضوان الله عز وجل كما قال – جل وعلا – في سورة التوبة الآية (72):

          ((وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم)).

          وعدهم الله عز وجل على إيمانهم بجنات وارفة الظلال ، تجرى من تحت أسجارها الأنهار منضبطة بالقدرة في غير أُخدود – لابثين فيها أبدا ، لا يزول عنهم نعيمها ولا يبيد وأيضاً منازل يطيب فيها العيش في جنات الخلد والإقامة وهي عبارة عن قصور اللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجر كما قال الحسن – رضى الله عنه – وفي الحديث يقول الله تعالى لأهل الجنة:  (يا أهل الجنة فيقولون:  لبيك ربنا وسعديك فيقول:  هل رضيتم؟ فيقولون: ومالنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعط أحداً من خلقك! فيقول: أُعطيكم أفضل من ذلك فيقولون:  وأي شئ أفضل من ذلك؟ فيقول:  أُحلُ عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعُد أبداً) الحديث في الصحاح.

          ويكفى ابن آدم من الخير أن يبُذل للفقراء ما زاد على حاجته ، فإنه لو فعل ذلك يكون نجا من عذاب الله في الدنيا والآخرة.

          والله – عز وجل – لم يكلف عباده أن ينفقوا جميع أموالهم ولا نصفها ولكنه – جل شأنه – أمرهم أن ينفقوا منها بقدر ما تجود به أنفسهم ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (219):  ((ويسألونك ماذا يُنفقُون قل العفو)). العفو: هو الزيادة عن الحاجة.

          أما عن زاد عن الحاجة فإن الله يزيده من فضله أضعفاً مضاعفة والله واسع الفضل غزير الفيض ، لا يزال يعطي عباده من الخير ما بذلوا من الخير.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (245):

          ((من ذا الذى يُقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبُسط وإليه ترجعون)).

          وقد ضرب الله مثلين في سورة البقرة الآية (261) لمضاعفة الأجور إلى الحد الذى لا يخطر على قلب بشر فقال عز وجل:  ((مثلُ الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشآء والله واسع عليم)).

          ولننظر إلى الحبة الواحدة قد أنبتت سبع سنابل ، في كل سنبلة مائة حبة سوف تُزرع مرة أخرى ، فتنبت كل حبة من المائة سبع سنابل ، ولا تزال تنبت وتنبت ، وهكذا شأن الصدقة يزيد الله فيها حتى تصير الثمرة مثل جبل أُحد كما جأء في الحديث الصحيح.

          وقال – عز وجل – في سورة البقرة الآية (265): 

          ((ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أُكُلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير)).

          وهذا المثل بين الله لنا فيه أن الحبة تصبح جنة ذات زرع وثمر تنبت بأي نوع من المطر ، غزيراً كان أم قليلاً.

          وتؤتي أُكُلها ضعفين ، والضعف يقتضي التكرار كأنه لا ينقطع أبداً ولا يزول.    الوابل:  المطر الكثير.          الطل:  وهو المطر القليل الكافي.

والناس في البذل والإنفاق درجات:

أدناهم:          من يكتفي بإخراج الواجبات ، كتأدية الزكاة ، نفقة الزوجة والأولاد وسائر من يعولهم.

أعلاهم:         من يجود بماله كله ، كأبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، وعمر بن الخطاب الذى جاد بنصف ماله إلى النبى – صلى الله عليه وسلم ، وعثمان بن عفان – رضي الله عنه – الذى جهز جيش العسرة وغيرهم ممن لم يدخر وسعاً في الإنفاق في وجوه الخير.

         وقوله – صلى الله عليه وسلم:  ((وأن تمسكه شر لك)).

أما الإمساك عن الإنفاق فهو شر ما بعده شر إلا الكفر ، فليس هناك صفة أقبح ، ولا سيما البخل في الوجوه الواجبة كالزكاة ، فإن من امتنع عن دفع الزكاة قسا قلبه وساء خُلقه ، وفسد حاله ومآله وحشر مع الكفار مصداقاً لقوله تعالى في سورة فصلت الآية  (6-7):

((وويلُ للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هُم كافرون)).

          لماذا كل هذا الوعيد؟  مصداقاً لقوله تعالى في سورة التوبة الآية (34 – 35):

          ((الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكون بها جباههم وجنوبهم وظهورُهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)).

                             ولأن البخيل قد أشرك حب المال مع حب الله ، وآثر الدنيا على الآخرة وظلم أصحاب الحقوق عليه ، وتحلى بصفة يبغضها الله عز وجل – ويبغض من كنز المال ومنع حق الفقراء فيه.

                    قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (تعس عبدُ الدرهم ، وعبدُ الدينار وعبد الخميصة تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش) رواه البخاري.

الخميصة:  ثوب له أعلام – وإذا شيك فلا نتقش:  إذا أصابته شوكة لا يجد من ينقشها له لعدم تعاونه مع الناس ، وبخله عليهم بما هم في حاجة إليه.

                   وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول).

                   إن الإنسان إذا كان فقير لا يلومه الناس – والكفاف:  هو مقدار الضرورة.  فلا ينبغي أن يتصدق المسلم على فلان وفلان ، ويترك أهله بلا طعام ، أو يتركهم يسألون الناس.

                   ولا شك أن الإنفاق على الأهل والأقارب أعظم أجراً من الإنفاق على غيرهم.

                   روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ((دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجراً الذى أنفقته على أهلك)).

                   وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (واليد العليا خير من اليد السفلى)

                   أن اليد المعطية خير عند الله من اليد الآخذة ، لأن اليد العليا يد خير دائماً تعمل فتأتي بالخيرثم تنفق من هذا الخيرعلى من يستحق العون بخلاف اليد السفلى فإنها يد عاطلة.

                   فالمسلم يكافح في طلب الرزق ، ويرغب في أن يكتب من المزكين فيجد في الحصول على النصاب الموجب للزكاة لا على الفرار منها بالحيل المذمومة كما يفعل بعض من لا دين لهم.

((والحمدلله رب العالمين ))

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد،،،،

          فعن أبي أمامة الباهلي – رضى الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: (يا ابن آدم إنك أن تبذُل الفضل خير لك ، وأن تمسكه شر لك ، ولا تُلام على كفاف وابدأ بمن تعول ، واليد العُليا خيرُ من اليد السفلى) رواه مسلم والترمذي.

          هذا الحديث فيه وصية للأولياء بمن يعولونهم ، يرعون شئونهم ،ويكونون مسئولين عنهم في الدنيا والآخرة ، (وهم الأولاد والزوجات ، ومن تجب عليهم نفقتهم كالآباء والأمهات ، والأخوات اللاتي ليس لهن من يعولهن غيرهم).

          قد مهد النبى – صلى الله عليه وسلم – لهذه الوصية بجمل خبرية تُرغب في الإنفاق من فضول الأموال بقدر الوسع والطاقة ، من غير إسراف ولا تكلف ، ثم ختم الحديث بحكمة سامية جُعلت مضرب الأمثال في العزة والقناعة ، وعفة النفس.

          وبدأ النبى الكريم خطابه بقوله:  (يا ابن آدم) نسبة إلى أول نبي أرسله الله إلى أبنائه ، والإنسان يسره أن ينتسب إلى أبيه الأول ، ويجد في ذلك مسرة ومبرة.

          وكلمة يا ابن آدم تشعر الإنسان بأنه عائد إلى التراب الذى خُلق منه أبوه آدم ، وتارك ما في يديه من مال ، فلا ينبغي أن يتمسك بشئ زائل ، أو هو زائل عنه ، ثم إنه مبعوث ليوم عظيم ومحاسب على ما قدم وآخر من خير وشر.

          وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (إن أن تبذُل الفضل خير لك).

          هذا الفضل هو ما زاد عن حاجتك يا ابن آدم وهو خير لك في الدنيا والآخرة فإنك تُثاب على عملك الصالح في الدارين معاً مصداقاً لقوله تعالى في سورة آل عمران الآية

(148):  ((  فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين)).

ثواب الدنيا:  يكون في صلاح الحال ، وهدوء البال ، واطمئنان القلب بذكر الله.

          وقد ترجم الله – عز وجل – هذا الثواب بشئ من التفصيل في قوله تعالى فى سورة النحل الآية (97):  (( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)).

          وثواب الآخرة خير وأبقى ، وأعظمه رضوان الله عز وجل كما قال – جل وعلا – في سورة التوبة الآية (72):

          ((وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم)).

          وعدهم الله عز وجل على إيمانهم بجنات وارفة الظلال ، تجرى من تحت أسجارها الأنهار منضبطة بالقدرة في غير أُخدود – لابثين فيها أبدا ، لا يزول عنهم نعيمها ولا يبيد وأيضاً منازل يطيب فيها العيش في جنات الخلد والإقامة وهي عبارة عن قصور اللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجر كما قال الحسن – رضى الله عنه – وفي الحديث يقول الله تعالى لأهل الجنة:  (يا أهل الجنة فيقولون:  لبيك ربنا وسعديك فيقول:  هل رضيتم؟ فيقولون: ومالنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعط أحداً من خلقك! فيقول: أُعطيكم أفضل من ذلك فيقولون:  وأي شئ أفضل من ذلك؟ فيقول:  أُحلُ عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعُد أبداً) الحديث في الصحاح.

          ويكفى ابن آدم من الخير أن يبُذل للفقراء ما زاد على حاجته ، فإنه لو فعل ذلك يكون نجا من عذاب الله في الدنيا والآخرة.

          والله – عز وجل – لم يكلف عباده أن ينفقوا جميع أموالهم ولا نصفها ولكنه – جل شأنه – أمرهم أن ينفقوا منها بقدر ما تجود به أنفسهم ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (219):  ((ويسألونك ماذا يُنفقُون قل العفو)). العفو: هو الزيادة عن الحاجة.

          أما عن زاد عن الحاجة فإن الله يزيده من فضله أضعفاً مضاعفة والله واسع الفضل غزير الفيض ، لا يزال يعطي عباده من الخير ما بذلوا من الخير.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (245):

          ((من ذا الذى يُقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبُسط وإليه ترجعون)).

          وقد ضرب الله مثلين في سورة البقرة الآية (261) لمضاعفة الأجور إلى الحد الذى لا يخطر على قلب بشر فقال عز وجل:  ((مثلُ الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشآء والله واسع عليم)).

          ولننظر إلى الحبة الواحدة قد أنبتت سبع سنابل ، في كل سنبلة مائة حبة سوف تُزرع مرة أخرى ، فتنبت كل حبة من المائة سبع سنابل ، ولا تزال تنبت وتنبت ، وهكذا شأن الصدقة يزيد الله فيها حتى تصير الثمرة مثل جبل أُحد كما جأء في الحديث الصحيح.

          وقال – عز وجل – في سورة البقرة الآية (265): 

          ((ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أُكُلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير)).

          وهذا المثل بين الله لنا فيه أن الحبة تصبح جنة ذات زرع وثمر تنبت بأي نوع من المطر ، غزيراً كان أم قليلاً.

          وتؤتي أُكُلها ضعفين ، والضعف يقتضي التكرار كأنه لا ينقطع أبداً ولا يزول.    الوابل:  المطر الكثير.          الطل:  وهو المطر القليل الكافي.

والناس في البذل والإنفاق درجات:

أدناهم:          من يكتفي بإخراج الواجبات ، كتأدية الزكاة ، نفقة الزوجة والأولاد وسائر من يعولهم.

أعلاهم:         من يجود بماله كله ، كأبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، وعمر بن الخطاب الذى جاد بنصف ماله إلى النبى – صلى الله عليه وسلم ، وعثمان بن عفان – رضي الله عنه – الذى جهز جيش العسرة وغيرهم ممن لم يدخر وسعاً في الإنفاق في وجوه الخير.

         وقوله – صلى الله عليه وسلم:  ((وأن تمسكه شر لك)).

أما الإمساك عن الإنفاق فهو شر ما بعده شر إلا الكفر ، فليس هناك صفة أقبح ، ولا سيما البخل في الوجوه الواجبة كالزكاة ، فإن من امتنع عن دفع الزكاة قسا قلبه وساء خُلقه ، وفسد حاله ومآله وحشر مع الكفار مصداقاً لقوله تعالى في سورة فصلت الآية  (6-7):

((وويلُ للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هُم كافرون)).

          لماذا كل هذا الوعيد؟  مصداقاً لقوله تعالى في سورة التوبة الآية (34 – 35):

          ((الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكون بها جباههم وجنوبهم وظهورُهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)).

                             ولأن البخيل قد أشرك حب المال مع حب الله ، وآثر الدنيا على الآخرة وظلم أصحاب الحقوق عليه ، وتحلى بصفة يبغضها الله عز وجل – ويبغض من كنز المال ومنع حق الفقراء فيه.

                    قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (تعس عبدُ الدرهم ، وعبدُ الدينار وعبد الخميصة تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش) رواه البخاري.

الخميصة:  ثوب له أعلام – وإذا شيك فلا نتقش:  إذا أصابته شوكة لا يجد من ينقشها له لعدم تعاونه مع الناس ، وبخله عليهم بما هم في حاجة إليه.

                   وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول).

                   إن الإنسان إذا كان فقير لا يلومه الناس – والكفاف:  هو مقدار الضرورة.  فلا ينبغي أن يتصدق المسلم على فلان وفلان ، ويترك أهله بلا طعام ، أو يتركهم يسألون الناس.

                   ولا شك أن الإنفاق على الأهل والأقارب أعظم أجراً من الإنفاق على غيرهم.

                   روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ((دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجراً الذى أنفقته على أهلك)).

                   وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (واليد العليا خير من اليد السفلى)

                   أن اليد المعطية خير عند الله من اليد الآخذة ، لأن اليد العليا يد خير دائماً تعمل فتأتي بالخيرثم تنفق من هذا الخيرعلى من يستحق العون بخلاف اليد السفلى فإنها يد عاطلة.

                   فالمسلم يكافح في طلب الرزق ، ويرغب في أن يكتب من المزكين فيجد في الحصول على النصاب الموجب للزكاة لا على الفرار منها بالحيل المذمومة كما يفعل بعض من لا دين لهم.

((والحمدلله رب العالمين ))

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد،،،،

          فعن أبي أمامة الباهلي – رضى الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: (يا ابن آدم إنك أن تبذُل الفضل خير لك ، وأن تمسكه شر لك ، ولا تُلام على كفاف وابدأ بمن تعول ، واليد العُليا خيرُ من اليد السفلى) رواه مسلم والترمذي.

          هذا الحديث فيه وصية للأولياء بمن يعولونهم ، يرعون شئونهم ،ويكونون مسئولين عنهم في الدنيا والآخرة ، (وهم الأولاد والزوجات ، ومن تجب عليهم نفقتهم كالآباء والأمهات ، والأخوات اللاتي ليس لهن من يعولهن غيرهم).

          قد مهد النبى – صلى الله عليه وسلم – لهذه الوصية بجمل خبرية تُرغب في الإنفاق من فضول الأموال بقدر الوسع والطاقة ، من غير إسراف ولا تكلف ، ثم ختم الحديث بحكمة سامية جُعلت مضرب الأمثال في العزة والقناعة ، وعفة النفس.

          وبدأ النبى الكريم خطابه بقوله:  (يا ابن آدم) نسبة إلى أول نبي أرسله الله إلى أبنائه ، والإنسان يسره أن ينتسب إلى أبيه الأول ، ويجد في ذلك مسرة ومبرة.

          وكلمة يا ابن آدم تشعر الإنسان بأنه عائد إلى التراب الذى خُلق منه أبوه آدم ، وتارك ما في يديه من مال ، فلا ينبغي أن يتمسك بشئ زائل ، أو هو زائل عنه ، ثم إنه مبعوث ليوم عظيم ومحاسب على ما قدم وآخر من خير وشر.

          وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (إن أن تبذُل الفضل خير لك).

          هذا الفضل هو ما زاد عن حاجتك يا ابن آدم وهو خير لك في الدنيا والآخرة فإنك تُثاب على عملك الصالح في الدارين معاً مصداقاً لقوله تعالى في سورة آل عمران الآية

(148):  ((  فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين)).

ثواب الدنيا:  يكون في صلاح الحال ، وهدوء البال ، واطمئنان القلب بذكر الله.

          وقد ترجم الله – عز وجل – هذا الثواب بشئ من التفصيل في قوله تعالى فى سورة النحل الآية (97):  (( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)).

          وثواب الآخرة خير وأبقى ، وأعظمه رضوان الله عز وجل كما قال – جل وعلا – في سورة التوبة الآية (72):

          ((وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم)).

          وعدهم الله عز وجل على إيمانهم بجنات وارفة الظلال ، تجرى من تحت أسجارها الأنهار منضبطة بالقدرة في غير أُخدود – لابثين فيها أبدا ، لا يزول عنهم نعيمها ولا يبيد وأيضاً منازل يطيب فيها العيش في جنات الخلد والإقامة وهي عبارة عن قصور اللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجر كما قال الحسن – رضى الله عنه – وفي الحديث يقول الله تعالى لأهل الجنة:  (يا أهل الجنة فيقولون:  لبيك ربنا وسعديك فيقول:  هل رضيتم؟ فيقولون: ومالنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعط أحداً من خلقك! فيقول: أُعطيكم أفضل من ذلك فيقولون:  وأي شئ أفضل من ذلك؟ فيقول:  أُحلُ عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعُد أبداً) الحديث في الصحاح.

          ويكفى ابن آدم من الخير أن يبُذل للفقراء ما زاد على حاجته ، فإنه لو فعل ذلك يكون نجا من عذاب الله في الدنيا والآخرة.

          والله – عز وجل – لم يكلف عباده أن ينفقوا جميع أموالهم ولا نصفها ولكنه – جل شأنه – أمرهم أن ينفقوا منها بقدر ما تجود به أنفسهم ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (219):  ((ويسألونك ماذا يُنفقُون قل العفو)). العفو: هو الزيادة عن الحاجة.

          أما عن زاد عن الحاجة فإن الله يزيده من فضله أضعفاً مضاعفة والله واسع الفضل غزير الفيض ، لا يزال يعطي عباده من الخير ما بذلوا من الخير.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة الآية (245):

          ((من ذا الذى يُقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبُسط وإليه ترجعون)).

          وقد ضرب الله مثلين في سورة البقرة الآية (261) لمضاعفة الأجور إلى الحد الذى لا يخطر على قلب بشر فقال عز وجل:  ((مثلُ الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشآء والله واسع عليم)).

          ولننظر إلى الحبة الواحدة قد أنبتت سبع سنابل ، في كل سنبلة مائة حبة سوف تُزرع مرة أخرى ، فتنبت كل حبة من المائة سبع سنابل ، ولا تزال تنبت وتنبت ، وهكذا شأن الصدقة يزيد الله فيها حتى تصير الثمرة مثل جبل أُحد كما جأء في الحديث الصحيح.

          وقال – عز وجل – في سورة البقرة الآية (265): 

          ((ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أُكُلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير)).

          وهذا المثل بين الله لنا فيه أن الحبة تصبح جنة ذات زرع وثمر تنبت بأي نوع من المطر ، غزيراً كان أم قليلاً.

          وتؤتي أُكُلها ضعفين ، والضعف يقتضي التكرار كأنه لا ينقطع أبداً ولا يزول.    الوابل:  المطر الكثير.          الطل:  وهو المطر القليل الكافي.

والناس في البذل والإنفاق درجات:

أدناهم:          من يكتفي بإخراج الواجبات ، كتأدية الزكاة ، نفقة الزوجة والأولاد وسائر من يعولهم.

أعلاهم:         من يجود بماله كله ، كأبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، وعمر بن الخطاب الذى جاد بنصف ماله إلى النبى – صلى الله عليه وسلم ، وعثمان بن عفان – رضي الله عنه – الذى جهز جيش العسرة وغيرهم ممن لم يدخر وسعاً في الإنفاق في وجوه الخير.

         وقوله – صلى الله عليه وسلم:  ((وأن تمسكه شر لك)).

أما الإمساك عن الإنفاق فهو شر ما بعده شر إلا الكفر ، فليس هناك صفة أقبح ، ولا سيما البخل في الوجوه الواجبة كالزكاة ، فإن من امتنع عن دفع الزكاة قسا قلبه وساء خُلقه ، وفسد حاله ومآله وحشر مع الكفار مصداقاً لقوله تعالى في سورة فصلت الآية  (6-7):

((وويلُ للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هُم كافرون)).

          لماذا كل هذا الوعيد؟  مصداقاً لقوله تعالى في سورة التوبة الآية (34 – 35):

          ((الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكون بها جباههم وجنوبهم وظهورُهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)).

                             ولأن البخيل قد أشرك حب المال مع حب الله ، وآثر الدنيا على الآخرة وظلم أصحاب الحقوق عليه ، وتحلى بصفة يبغضها الله عز وجل – ويبغض من كنز المال ومنع حق الفقراء فيه.

                    قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (تعس عبدُ الدرهم ، وعبدُ الدينار وعبد الخميصة تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش) رواه البخاري.

الخميصة:  ثوب له أعلام – وإذا شيك فلا نتقش:  إذا أصابته شوكة لا يجد من ينقشها له لعدم تعاونه مع الناس ، وبخله عليهم بما هم في حاجة إليه.

                   وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول).

                   إن الإنسان إذا كان فقير لا يلومه الناس – والكفاف:  هو مقدار الضرورة.  فلا ينبغي أن يتصدق المسلم على فلان وفلان ، ويترك أهله بلا طعام ، أو يتركهم يسألون الناس.

                   ولا شك أن الإنفاق على الأهل والأقارب أعظم أجراً من الإنفاق على غيرهم.

                   روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ((دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجراً الذى أنفقته على أهلك)).

                   وقوله – صلى الله عليه وسلم:  (واليد العليا خير من اليد السفلى)

                   أن اليد المعطية خير عند الله من اليد الآخذة ، لأن اليد العليا يد خير دائماً تعمل فتأتي بالخيرثم تنفق من هذا الخيرعلى من يستحق العون بخلاف اليد السفلى فإنها يد عاطلة.

                   فالمسلم يكافح في طلب الرزق ، ويرغب في أن يكتب من المزكين فيجد في الحصول على النصاب الموجب للزكاة لا على الفرار منها بالحيل المذمومة كما يفعل بعض من لا دين لهم.

((والحمدلله رب العالمين ))

 

 

 

ر

اترك تعليقاً