حديث : (ساعة وساعة )

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى إله وصحبه أجمعين.

أما بعد،،،

          فقال حنظلة الأسيدي:  (انطلقت أنا وأبوبكر ، حتى دخلنا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم.  قلت:  نافق حنظلة يارسول الله) – قال صلى الله عليه وسلم:  (وماذاك؟).  قلت:  يارسول الله ، نكون عندك تُذكرنا بالنار والجنة.  حتى كأنا رأي عين.  فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات.  نسينا كثيراً.  فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (والذى نفسي بيده ، إن لو تدومون على ما تكونون عندي ، وفي الذكر ، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طُرُقكم.  ولكن ياحنظلة ، ساعة وساعة). ثلاث مرات.  رواه مسلم – والترمذي.

المعنى:

          عندما تكلم حنظلة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فظن لحاله من خلال النظر إليه ، فسأله عن سبب مجيئه (وماذاك؟).  قال حنظلة:  نافق حنظلة يارسول الله ، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي العين ، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات.  نسينا كثيراً.

عافسنا الأزواج:  شُغلنا بأمورهن ، وداعبتهن ، وشُغلنا بأمور الأولاد والضيعة ، وهو مقر العمل والسكنى.  فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (والذى نفسي بيده ، إن لو تدومون على ما تكونون عندي ، وفي الذكر ، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طُرقُكم).

          وهي الوصية الغالية ، التى تردنا إلى العدل في كل شئ ولا سيما في تقسيم الأوقات على حسب الحقوق والواجبات.

والترويح عن النفس ضرورة من ضرورات الحياة لا غنى للمرء عنه ، ولكن ينبغي أن يكون بالحلال الطيب وبالطرق المثلى التى لا تتنافى مع الأخلاق الفاضلة التى يتحلى بها من كان يؤمن بالله ورسوله.

(1)قال المناوي في شرحه للجامع:

          (أريحوها بعض الوقت من مكابدة العبادات بمباح لا عقاب فيه ولا ثواب).

          وقد قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (روحوا القلوب ساعة وساعة).  عن أنس بن مالك – السيوطي في الجامع الصغير.

          وخلاصة الخلاصة في هذه الوصية أن الإسلام دين يعبر عن الواقع المألوف أصدق تعبير ، ويمنح الإنسان ما هو في حاجة إليه من غير إحراج ولا تشدد ، فهو دين الوسطية لا إفراط فيه ولا تفريط ، يعطي الروح حقها ، والجسد حقه من غير شطط ولا إسراف ، ويوجب على المسلم أن يكون عدلاً في تقسيم أوقاته بين العبادات والعادات.

          فيجعل وقتاً يخلو فيه بنفسه ليذكر الله.

          ويجعل وقتاً لأهله يقضي لهم فيه حاجتهم ويصلح من شأنهم ويجعل وقتاً لراحته.

          وجميع ما يفعل في هذه الأوقات يجعله لله ، فتكون أنفاسه كلها في ميزانه يوم القيامة.

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة الأنعام الآية (162 ، 163):

(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ(163).

          إن الساعة التى ينام فيها المسلم ليأخذ قسطه من الراحة ثم ينشط للعبادة أو لقضاء وطره ، أو لاصلاح شئون أهله – له فيها أجر وكذلك الساعة التى يداعب فيها أهله ويعفهم عن الحرام – له فيها أجر ، والساعة التى يلاعب فيها أولاده ويدخل السرور عليهم – له فيها أجر.

          وعندئذ تكون حياته كلها لله ، وآثاره التى يتركها بعد موته لله ، فيكون عبداً ربانياً ينال حظه من الدنيا وحظه من الآخرة ، تظله رحمة الله وتحيطه عنايته.

 

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً