بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى.
أما بعد ،،،
فعن العرباض بن سارية – رضي الله عنه – قال: صلى بنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منه العيون ووجلتُ منها الخوف.
فقال: (أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن عبداً حبشياً ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيري إختلافاً كثيراً فعليكم بسُنتي وسُنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومُحدثات الأمور ، فإن كل مُحدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار). (أخرجه أحمد – أبوداود – وابن ماجه)
الشرح:
هذه الوصية من الوصايا الجامعة التى تترتب عليها أحكام كثيرة.
كانت مواعظ الرسول – صلى الله عليه وسلم – موجزة بليغة لأنه أوتى جوامع الكلم – وأمره الله عز وجل – أن يخاطب الناس على قدر عقولهم وأن يحدثهم بما ينفعهم.
(1) (أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً).
تقوى الله: طاعته والخوف منه – وهذا هو الدين كله.
معنى التقوى كما بينها علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه.
(الخوفُ من الجليل – والعمل بالتنزيل ، والرضا بالقليل ، والإستعداد ليوم الرحيل).
وأما السمع والطاعة لولي الأمر وإن كان عبداً حبشياً ، فإن أطاع الله وجبت علينا طاعته ، وإلا فلا.
(2) ولهذا قال الرسول: (فإنه من يعش منكم بعدي فسيري إختلافاً كثيراً).
بمعنى: أنه سيأتي من بعدي أقوام يختلفون في الدين إختلافاً كثيراً حتى يكفر بعضهم بعضاً ، فعندئذ عليكم بسُنتي ، إلزموها وتمسكوا بها تمسكاً شديداً ، كالذى يعض على الشئ بأسنانه حرصاً على بقائه – مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحشر الآية (7):
(وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا …. (7)
وسُنته دينه الذى أكمله الله لهذه الأمة عقيدة وشريعة.
(3) فقرة: (وإياكم ومحدثات الأمور).
أحذروا كل الحذر من البدع التى يحدثها الناس في الدين (فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).
كل حدث لا أصل له في الدين.
ولقد جاء الدين الإسلامي تاماً كاملاً ، لا ينبغي لأحد أن يزيد فيه شيئاً أو ينقص منه شيئاً مصداقاً لقوله تعالي في سورة المائدة الآية (3):
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )(3)
وقد حذر النبي – صلى الله عليه وسلم – من الإبتداع في الدين فقال: (من أحدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد). عن عائشة.
رد : مردود عليه. رواه البخاري ومسلم.فوائد هذا الحديث
أولاً: أنه لابد من عالم يعظ الناس ، ويذكرهم بالله ويوصيهم بما فيه خير لهم في دينهم ودنياهم لماذا؟.
حتى لا تصدأ قلوبهم وتصاب القساوة والظلمة ، فالموعظة تشرح الصدور ، وتستنير العقول ، وتلين الجلود والقلوب لذكر الله عز وجل.
ثانياً: أن يستحضر المؤمن قلبه عند سماع الموعظة كما كان يفعل أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وإن سرح بخواطره هنا وهناك عاد مسرعاً إلى إحضار قلبه مرة ثانية حتى ينتفع بالعلم ويستفيد من الموعظة.
((والحمدلله الذى هدانا لهذا وماكنا لنهتدى لولا. أن هدانا الله..))