حديث (اتقُوا فراسة المؤمن)

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبى الأمي سيدنا محمداً المختار ، وعلى آله الأطهار ، وأصحابه الأخيار.

أما بعد،،،،

          فعن أبي أُمامة الباهلي – رضي الله عنه – قال أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  (اتقُوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله عز وجل)  ذكره السيوطي في الدرر – رواه الطبراني.

          وزاد بعضهم: (وينطق بتوفيق الله).

ما معنى الفراسة؟

          الفراسة هي توسم الخير أو الشر في الوجوه ومعرفة ما تنطوي عليه القلوب ، لأن ما ينطوي في القلب يظهر على صفحات الوجه.

          وقد كان من أعظم الناس فراسة على الإطلاق محمد – صلى الله عليه وسلم – لأنه أتقاهم وأخشاهم لله عز وجل.

          ويليه أبوبكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم – ثم الأمثل فالأمثل حتى يأتي أمر الله.

          إذاً الفراسة هي الإلهام.

مثال 1:  ومن ذلك الإلهام: إلهام أبوبكر الصديق

          ما روى عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – أنه أوصى أبنته عائشة في مرض موته ،

 فقال لها:  (أُوصيك بأخويك وأختيك) ولم تكن للسيدة عائشة إلا أخت واحدة ، وكانت امرأته حاملاً.

          فقالت له:  من أين عرفت أن لي أختاً أُخرى؟  قال:  وقع في قلبي أن ما في بطن امرأتي بنتاً.  وفعلاً ولدت بنتاً.

مثال 2:   عن إلهام عمر

          راي عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قوماً من مذحج فيهم الأشتر فصعد النظر فيه وصوب ، ثم قال: قاتله الله إني لأرى للمسلمين منه يوماً عصيباً.  فكان منه ما كان.

مثال 3:  عن إلهام عثمان

          وروى أن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – دخل عليه رجل فسلم عليه ، وكان قد نظر إلى كعب امرأة ، فقال:  يدخل أحدكم علي وفي عينيه أثر الزنا ، فقال الرجل:  أوحي بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال عثمان:  لا ولكنه نور يقذفه الله في قلب المؤمن.

مثال 4:   عن إلهام علي

          وروي أن علياً – رضي الله عنه – قال لأهل الكوفة: سينزل بكم أهل بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيستغيثون بكم فلا يغاثون ، فكان منهم في شأن الحسين ما كان.

          والأخبار في ذلك كثيرة لا تحصى.

الفراسة نوعين:

النوع الأول:   الفراسة الموهوبة:

          هي نوع يقذفه الله في قلب عبده المؤمن .

النوع الثاني:    الفراسة المكتسبة:

          هي ذكاء وصنعة مصداقاً لقوله تعالى عن أولئك المتفرسين بالخبرة والتجربة:

(يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ). (7)الروم.

بمعنى:

          إن أكثر الناس لا يعلمون ما يسعدهم في الآخرة ويكملهم من العقائد الصحيحة والشرائع الحكيمة الرحيمة التى لا يكمل الإنسان ولا يسعد إلا عليها ، ويعلمون ما ظهر من الحياة الدنيا كتدبير المعاش من زراعة وصناعة وتجارة ، أما عن الحياة الآخرة ، وما فيها من نعيم وجحيم وما يؤدي إلى ذلك من عقائد وأفعال لا يعلمون عنه شئ.

          إذاً الفراسة الموهوبة أعظم بكثير من الفراسة المكتسبة.

          ومن هنا نعلم السر في إضافة الفراسة في هذه الوصية إلى المؤمن ، حيث قال:  (اتقوا فراسة المؤمن).

          أما غير المؤمن فلا نعبأ به، لأنه شخص غير موفق ، لعدم استيفائه شروط التوفيق الثلاثة الواردة في قصة سيدنا شعيب ، وهي الرغبة في الإصلاح ، والتوكل والإنابة.

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة هود الآية (88):

(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).

بمعنى:

          قال شعيب عليه السلام لقومه لا أُريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه إلا إصلاحكم وإصلاح أمركم بقدر استطاعتي.  (الشرط الأول).

الشرط الثاني:   قال أن التوفيق إلى الخير لا يأتي إلا بتأييد الله سبحانه ومعاونته.

الشرط الثالث:  قال شعيب عليه  السلام:  على الله سبحانه اعتمدت في جميع أموري ، وإليه تعالى أرجع بالتوبة والإنابة.

          واعلموا أن فراسة المؤمن تزيد وتنقص ، كما يزيد الإيمان وينقص.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحديد الآية (28):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

والمعنى:

          دُوموا على تقواكم وإيمانكم ، وجددوا إيمانكم كلما شعرتم بشئ من نزغات الشيطان أو نزوات الهوى ، فإنكم لو فعلتم ذلك أعطاكم الله نصيبين من رحمته:

          نصيباً لأصل الإيمان , ونصيباً لتجديده والمداومة عليه مع التقوى ، ويجعل لكم من لدنه سبحانه نوراً ترون به ما لا يراه غيركم.

          وصدق قول الشاعر:

          قُلوبُ العارفين لها عيون                          ترى ما لا يراه الناظرُون

        نسأل أنفسنا هذا السؤال:   ما المراد من الأمر في هذه الوصية؟

الجواب:

          إن المؤمن يبغض (يكره) أن يرى غيره من المؤمنين على معصية ، ولا سيما المعاصى القلبية كالكبر ، والغرور ، والرياء ، والعجب ، وحب الظهور ، والحقد والحسد وغير ذلك من الآفات التى تعكر صفو الإيمان.

          فإن المؤمن بنور إيمانه الذى ميزه الله به عن عوام المؤمنين عندما يرى أخاه وهو على معصية فيسوؤه منظره ، ويعكر عليه صفوة الذى يعنيه على حسن العبادة ، وربما يتمنى أن لا يلقاه بعد ذلك حتى يتوب توبة نصوحاً.

قرأت في بعض الكتب:

        أن شيخاً جليلاً كان جالساً مع تلاميذه يعلمهم أصول الأدب مع الله عز وجل ، فاقتحم على مجلسه رجل فجلس معهم ، فنظر إليه الشيخ لحظة ، ثم خلع عباءته وأعطاها له، وقال له أرحل عنا بسلام ، فلما خرج الرجل قال تلميذ من تلاميذ الشيخ:  أعطيت الرجل عباءتك التى ليس لك غيرها والبرد شديد.  قال الشيخ:  لقد اشتريت لكم ليلتكم هذه بعباءتي ، فما أرخص الثمن.

بمعنى:

          إن هذا الرجل لم أتوسم فيه الخير ، ولو ظل معنا فسيعكر صفو قلوبنا ، ويفسد علينا جلستنا.  والعمر كما تعلمون هو رأس مالنا ، وكل لحظة تمر محسوبة لنا أو علينا.

          وأن الشيخ قد تفرس في وجه الرجل ، فعرف أنه لا يليق أن يكون في مجلسه أمثاله من أرباب المعاصي.

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبى الأمي سيدنا محمداً المختار ، وعلى آله الأطهار ، وأصحابه الأخيار.

أما بعد،،،،

          فعن أبي أُمامة الباهلي – رضي الله عنه – قال أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  (اتقُوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله عز وجل)  ذكره السيوطي في الدرر – رواه الطبراني.

          وزاد بعضهم: (وينطق بتوفيق الله).

ما معنى الفراسة؟

          الفراسة هي توسم الخير أو الشر في الوجوه ومعرفة ما تنطوي عليه القلوب ، لأن ما ينطوي في القلب يظهر على صفحات الوجه.

          وقد كان من أعظم الناس فراسة على الإطلاق محمد – صلى الله عليه وسلم – لأنه أتقاهم وأخشاهم لله عز وجل.

          ويليه أبوبكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم – ثم الأمثل فالأمثل حتى يأتي أمر الله.

          إذاً الفراسة هي الإلهام.

مثال 1:  ومن ذلك الإلهام: إلهام أبوبكر الصديق

          ما روى عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – أنه أوصى أبنته عائشة في مرض

موته ، فقال لها:  (أُوصيك بأخويك وأختيك) ولم تكن للسيدة عائشة إلا أخت واحدة ، وكانت امرأته حاملاً.

          فقالت له:  من أين عرفت أن لي أختاً أُخرى؟  قال:  وقع في قلبي أن ما في بطن امرأتي بنتاً.  وفعلاً ولدت بنتاً.

مثال 2:   عن إلهام عمر

          راي عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قوماً من مذحج فيهم الأشتر فصعد النظر فيه وصوب ، ثم قال: قاتله الله إني لأرى للمسلمين منه يوماً عصيباً.  فكان منه ما كان.

مثال 3:  عن إلهام عثمان

          وروى أن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – دخل عليه رجل فسلم عليه ، وكان قد نظر إلى كعب امرأة ، فقال:  يدخل أحدكم علي وفي عينيه أثر الزنا ، فقال الرجل:  أوحي بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال عثمان:  لا ولكنه نور يقذفه الله في قلب المؤمن.

مثال 4:   عن إلهام علي

          وروي أن علياً – رضي الله عنه – قال لأهل الكوفة: سينزل بكم أهل بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيستغيثون بكم فلا يغاثون ، فكان منهم في شأن الحسين ما كان.

          والأخبار في ذلك كثيرة لا تحصى.

الفراسة نوعين:

النوع الأول:   الفراسة الموهوبة:

          هي نوع يقذفه الله في قلب عبده المؤمن.

 

النوع الثاني:    الفراسة المكتسبة:

          هي ذكاء وصنعة مصداقاً لقوله تعالى عن أولئك المتفرسين بالخبرة والتجربة:

(يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ). (7)الروم.

بمعنى:

          إن أكثر الناس لا يعلمون ما يسعدهم في الآخرة ويكملهم من العقائد الصحيحة والشرائع الحكيمة الرحيمة التى لا يكمل الإنسان ولا يسعد إلا عليها ، ويعلمون ما ظهر من الحياة الدنيا كتدبير المعاش من زراعة وصناعة وتجارة ، أما عن الحياة الآخرة ، وما فيها من نعيم وجحيم وما يؤدي إلى ذلك من عقائد وأفعال لا يعلمون عنه شئ.

          إذاً الفراسة الموهوبة أعظم بكثير من الفراسة المكتسبة.

          ومن هنا نعلم السر في إضافة الفراسة في هذه الوصية إلى المؤمن ، حيث قال:  (اتقوا فراسة المؤمن).

          أما غير المؤمن فلا نعبأ به، لأنه شخص غير موفق ، لعدم استيفائه شروط التوفيق الثلاثة الواردة في قصة سيدنا شعيب ، وهي الرغبة في الإصلاح ، والتوكل والإنابة.

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة هود الآية (88):

(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).

بمعنى:

          قال شعيب عليه السلام لقومه لا أُريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه إلا إصلاحكم وإصلاح أمركم بقدر استطاعتي.  (الشرط الأول).

الشرط الثاني:   قال أن التوفيق إلى الخير لا يأتي إلا بتأييد الله سبحانه ومعاونته.

الشرط الثالث:  قال شعيب عليه  السلام:  على الله سبحانه اعتمدت في جميع أموري ، وإليه تعالى أرجع بالتوبة والإنابة.

          واعلموا أن فراسة المؤمن تزيد وتنقص ، كما يزيد الإيمان وينقص.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحديد الآية (28):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

والمعنى:

          دُوموا على تقواكم وإيمانكم ، وجددوا إيمانكم كلما شعرتم بشئ من نزغات الشيطان أو نزوات الهوى ، فإنكم لو فعلتم ذلك أعطاكم الله نصيبين من رحمته:

          نصيباً لأصل الإيمان , ونصيباً لتجديده والمداومة عليه مع التقوى ، ويجعل لكم من لدنه سبحانه نوراً ترون به ما لا يراه غيركم.

          وصدق قول الشاعر:

          قُلوبُ العارفين لها عيون                          ترى ما لا يراه الناظرُون

        نسأل أنفسنا هذا السؤال:   ما المراد من الأمر في هذه الوصية؟

الجواب:

          إن المؤمن يبغض (يكره) أن يرى غيره من المؤمنين على معصية ، ولا سيما المعاصى القلبية كالكبر ، والغرور ، والرياء ، والعجب ، وحب الظهور ، والحقد والحسد وغير ذلك من الآفات التى تعكر صفو الإيمان.

          فإن المؤمن بنور إيمانه الذى ميزه الله به عن عوام المؤمنين عندما يرى أخاه وهو على معصية فيسوؤه منظره ، ويعكر عليه صفوة الذى يعنيه على حسن العبادة ، وربما يتمنى أن لا يلقاه بعد ذلك حتى يتوب توبة نصوحاً.

قرأت في بعض الكتب:

        أن شيخاً جليلاً كان جالساً مع تلاميذه يعلمهم أصول الأدب مع الله عز وجل ، فاقتحم على مجلسه رجل فجلس معهم ، فنظر إليه الشيخ لحظة ، ثم خلع عباءته وأعطاها له، وقال له أرحل عنا بسلام ، فلما خرج الرجل قال تلميذ من تلاميذ الشيخ:  أعطيت الرجل عباءتك التى ليس لك غيرها والبرد شديد.  قال الشيخ:  لقد اشتريت لكم ليلتكم هذه بعباءتي ، فما أرخص الثمن.

بمعنى:

          إن هذا الرجل لم أتوسم فيه الخير ، ولو ظل معنا فسيعكر صفو قلوبنا ، ويفسد علينا جلستنا.  والعمر كما تلعمون هو رأس مالنا ، وكل لحظة تمر محسوبة لنا أو علينا.

          وأن الشيخ قد تفرس في وجه الرجل ، فعرف أنه لا يليق أن يكون في مجلسه أمثاله من أرباب المعاصي.

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبى الأمي سيدنا محمداً المختار ، وعلى آله الأطهار ، وأصحابه الأخيار.

أما بعد،،،،

          فعن أبي أُمامة الباهلي – رضي الله عنه – قال أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  (اتقُوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله عز وجل)  ذكره السيوطي في الدرر – رواه الطبراني.

          وزاد بعضهم: (وينطق بتوفيق الله).

ما معنى الفراسة؟

          الفراسة هي توسم الخير أو الشر في الوجوه ومعرفة ما تنطوي عليه القلوب ، لأن ما ينطوي في القلب يظهر على صفحات الوجه.

          وقد كان من أعظم الناس فراسة على الإطلاق محمد – صلى الله عليه وسلم – لأنه أتقاهم وأخشاهم لله عز وجل.

          ويليه أبوبكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم – ثم الأمثل فالأمثل حتى يأتي أمر الله.

          إذاً الفراسة هي الإلهام.

مثال 1:  ومن ذلك الإلهام: إلهام أبوبكر الصديق

          ما روى عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – أنه أوصى أبنته عائشة في مرض

موته ، فقال لها:  (أُوصيك بأخويك وأختيك) ولم تكن للسيدة عائشة إلا أخت واحدة ، وكانت امرأته حاملاً.

          فقالت له:  من أين عرفت أن لي أختاً أُخرى؟  قال:  وقع في قلبي أن ما في بطن امرأتي بنتاً.  وفعلاً ولدت بنتاً.

مثال 2:   عن إلهام عمر

          راي عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قوماً من مذحج فيهم الأشتر فصعد النظر فيه وصوب ، ثم قال: قاتله الله إني لأرى للمسلمين منه يوماً عصيباً.  فكان منه ما كان.

مثال 3:  عن إلهام عثمان

          وروى أن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – دخل عليه رجل فسلم عليه ، وكان قد نظر إلى كعب امرأة ، فقال:  يدخل أحدكم علي وفي عينيه أثر الزنا ، فقال الرجل:  أوحي بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال عثمان:  لا ولكنه نور يقذفه الله في قلب المؤمن.

مثال 4:   عن إلهام علي

          وروي أن علياً – رضي الله عنه – قال لأهل الكوفة: سينزل بكم أهل بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيستغيثون بكم فلا يغاثون ، فكان منهم في شأن الحسين ما كان.

          والأخبار في ذلك كثيرة لا تحصى.

الفراسة نوعين:

النوع الأول:   الفراسة الموهوبة:

          هي نوع يقذفه الله في قلب عبده المؤمن.

 

النوع الثاني:    الفراسة المكتسبة:

          هي ذكاء وصنعة مصداقاً لقوله تعالى عن أولئك المتفرسين بالخبرة والتجربة:

(يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ). (7)الروم.

بمعنى:

          إن أكثر الناس لا يعلمون ما يسعدهم في الآخرة ويكملهم من العقائد الصحيحة والشرائع الحكيمة الرحيمة التى لا يكمل الإنسان ولا يسعد إلا عليها ، ويعلمون ما ظهر من الحياة الدنيا كتدبير المعاش من زراعة وصناعة وتجارة ، أما عن الحياة الآخرة ، وما فيها من نعيم وجحيم وما يؤدي إلى ذلك من عقائد وأفعال لا يعلمون عنه شئ.

          إذاً الفراسة الموهوبة أعظم بكثير من الفراسة المكتسبة.

          ومن هنا نعلم السر في إضافة الفراسة في هذه الوصية إلى المؤمن ، حيث قال:  (اتقوا فراسة المؤمن).

          أما غير المؤمن فلا نعبأ به، لأنه شخص غير موفق ، لعدم استيفائه شروط التوفيق الثلاثة الواردة في قصة سيدنا شعيب ، وهي الرغبة في الإصلاح ، والتوكل والإنابة.

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة هود الآية (88):

(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).

بمعنى:

          قال شعيب عليه السلام لقومه لا أُريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه إلا إصلاحكم وإصلاح أمركم بقدر استطاعتي.  (الشرط الأول).

الشرط الثاني:   قال أن التوفيق إلى الخير لا يأتي إلا بتأييد الله سبحانه ومعاونته.

الشرط الثالث:  قال شعيب عليه  السلام:  على الله سبحانه اعتمدت في جميع أموري ، وإليه تعالى أرجع بالتوبة والإنابة.

          واعلموا أن فراسة المؤمن تزيد وتنقص ، كما يزيد الإيمان وينقص.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحديد الآية (28):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

والمعنى:

          دُوموا على تقواكم وإيمانكم ، وجددوا إيمانكم كلما شعرتم بشئ من نزغات الشيطان أو نزوات الهوى ، فإنكم لو فعلتم ذلك أعطاكم الله نصيبين من رحمته:

          نصيباً لأصل الإيمان , ونصيباً لتجديده والمداومة عليه مع التقوى ، ويجعل لكم من لدنه سبحانه نوراً ترون به ما لا يراه غيركم.

          وصدق قول الشاعر:

          قُلوبُ العارفين لها عيون                          ترى ما لا يراه الناظرُون

        نسأل أنفسنا هذا السؤال:   ما المراد من الأمر في هذه الوصية؟

الجواب:

          إن المؤمن يبغض (يكره) أن يرى غيره من المؤمنين على معصية ، ولا سيما المعاصى القلبية كالكبر ، والغرور ، والرياء ، والعجب ، وحب الظهور ، والحقد والحسد وغير ذلك من الآفات التى تعكر صفو الإيمان.

          فإن المؤمن بنور إيمانه الذى ميزه الله به عن عوام المؤمنين عندما يرى أخاه وهو على معصية فيسوؤه منظره ، ويعكر عليه صفوة الذى يعنيه على حسن العبادة ، وربما يتمنى أن لا يلقاه بعد ذلك حتى يتوب توبة نصوحاً.

قرأت في بعض الكتب:

        أن شيخاً جليلاً كان جالساً مع تلاميذه يعلمهم أصول الأدب مع الله عز وجل ، فاقتحم على مجلسه رجل فجلس معهم ، فنظر إليه الشيخ لحظة ، ثم خلع عباءته وأعطاها له، وقال له أرحل عنا بسلام ، فلما خرج الرجل قال تلميذ من تلاميذ الشيخ:  أعطيت الرجل عباءتك التى ليس لك غيرها والبرد شديد.  قال الشيخ:  لقد اشتريت لكم ليلتكم هذه بعباءتي ، فما أرخص الثمن.

بمعنى:

          إن هذا الرجل لم أتوسم فيه الخير ، ولو ظل معنا فسيعكر صفو قلوبنا ، ويفسد علينا جلستنا.  والعمر كما تلعمون هو رأس مالنا ، وكل لحظة تمر محسوبة لنا أو علينا.

          وأن الشيخ قد تفرس في وجه الرجل ، فعرف أنه لا يليق أن يكون في مجلسه أمثاله من أرباب المعاصي.

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبى الأمي سيدنا محمداً المختار ، وعلى آله الأطهار ، وأصحابه الأخيار.

أما بعد،،،،

          فعن أبي أُمامة الباهلي – رضي الله عنه – قال أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  (اتقُوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله عز وجل)  ذكره السيوطي في الدرر – رواه الطبراني.

          وزاد بعضهم: (وينطق بتوفيق الله).

ما معنى الفراسة؟

          الفراسة هي توسم الخير أو الشر في الوجوه ومعرفة ما تنطوي عليه القلوب ، لأن ما ينطوي في القلب يظهر على صفحات الوجه.

          وقد كان من أعظم الناس فراسة على الإطلاق محمد – صلى الله عليه وسلم – لأنه أتقاهم وأخشاهم لله عز وجل.

          ويليه أبوبكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم – ثم الأمثل فالأمثل حتى يأتي أمر الله.

          إذاً الفراسة هي الإلهام.

مثال 1:  ومن ذلك الإلهام: إلهام أبوبكر الصديق

          ما روى عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – أنه أوصى أبنته عائشة في مرض

موته ، فقال لها:  (أُوصيك بأخويك وأختيك) ولم تكن للسيدة عائشة إلا أخت واحدة ، وكانت امرأته حاملاً.

          فقالت له:  من أين عرفت أن لي أختاً أُخرى؟  قال:  وقع في قلبي أن ما في بطن امرأتي بنتاً.  وفعلاً ولدت بنتاً.

مثال 2:   عن إلهام عمر

          راي عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قوماً من مذحج فيهم الأشتر فصعد النظر فيه وصوب ، ثم قال: قاتله الله إني لأرى للمسلمين منه يوماً عصيباً.  فكان منه ما كان.

مثال 3:  عن إلهام عثمان

          وروى أن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – دخل عليه رجل فسلم عليه ، وكان قد نظر إلى كعب امرأة ، فقال:  يدخل أحدكم علي وفي عينيه أثر الزنا ، فقال الرجل:  أوحي بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال عثمان:  لا ولكنه نور يقذفه الله في قلب المؤمن.

مثال 4:   عن إلهام علي

          وروي أن علياً – رضي الله عنه – قال لأهل الكوفة: سينزل بكم أهل بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيستغيثون بكم فلا يغاثون ، فكان منهم في شأن الحسين ما كان.

          والأخبار في ذلك كثيرة لا تحصى.

الفراسة نوعين:

النوع الأول:   الفراسة الموهوبة:

          هي نوع يقذفه الله في قلب عبده المؤمن.

 

النوع الثاني:    الفراسة المكتسبة:

          هي ذكاء وصنعة مصداقاً لقوله تعالى عن أولئك المتفرسين بالخبرة والتجربة:

(يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ). (7)الروم.

بمعنى:

          إن أكثر الناس لا يعلمون ما يسعدهم في الآخرة ويكملهم من العقائد الصحيحة والشرائع الحكيمة الرحيمة التى لا يكمل الإنسان ولا يسعد إلا عليها ، ويعلمون ما ظهر من الحياة الدنيا كتدبير المعاش من زراعة وصناعة وتجارة ، أما عن الحياة الآخرة ، وما فيها من نعيم وجحيم وما يؤدي إلى ذلك من عقائد وأفعال لا يعلمون عنه شئ.

          إذاً الفراسة الموهوبة أعظم بكثير من الفراسة المكتسبة.

          ومن هنا نعلم السر في إضافة الفراسة في هذه الوصية إلى المؤمن ، حيث قال:  (اتقوا فراسة المؤمن).

          أما غير المؤمن فلا نعبأ به، لأنه شخص غير موفق ، لعدم استيفائه شروط التوفيق الثلاثة الواردة في قصة سيدنا شعيب ، وهي الرغبة في الإصلاح ، والتوكل والإنابة.

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة هود الآية (88):

(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).

بمعنى:

          قال شعيب عليه السلام لقومه لا أُريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه إلا إصلاحكم وإصلاح أمركم بقدر استطاعتي.  (الشرط الأول).

الشرط الثاني:   قال أن التوفيق إلى الخير لا يأتي إلا بتأييد الله سبحانه ومعاونته.

الشرط الثالث:  قال شعيب عليه  السلام:  على الله سبحانه اعتمدت في جميع أموري ، وإليه تعالى أرجع بالتوبة والإنابة.

          واعلموا أن فراسة المؤمن تزيد وتنقص ، كما يزيد الإيمان وينقص.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحديد الآية (28):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

والمعنى:

          دُوموا على تقواكم وإيمانكم ، وجددوا إيمانكم كلما شعرتم بشئ من نزغات الشيطان أو نزوات الهوى ، فإنكم لو فعلتم ذلك أعطاكم الله نصيبين من رحمته:

          نصيباً لأصل الإيمان , ونصيباً لتجديده والمداومة عليه مع التقوى ، ويجعل لكم من لدنه سبحانه نوراً ترون به ما لا يراه غيركم.

          وصدق قول الشاعر:

          قُلوبُ العارفين لها عيون                          ترى ما لا يراه الناظرُون

        نسأل أنفسنا هذا السؤال:   ما المراد من الأمر في هذه الوصية؟

الجواب:

          إن المؤمن يبغض (يكره) أن يرى غيره من المؤمنين على معصية ، ولا سيما المعاصى القلبية كالكبر ، والغرور ، والرياء ، والعجب ، وحب الظهور ، والحقد والحسد وغير ذلك من الآفات التى تعكر صفو الإيمان.

          فإن المؤمن بنور إيمانه الذى ميزه الله به عن عوام المؤمنين عندما يرى أخاه وهو على معصية فيسوؤه منظره ، ويعكر عليه صفوة الذى يعنيه على حسن العبادة ، وربما يتمنى أن لا يلقاه بعد ذلك حتى يتوب توبة نصوحاً.

قرأت في بعض الكتب:

        أن شيخاً جليلاً كان جالساً مع تلاميذه يعلمهم أصول الأدب مع الله عز وجل ، فاقتحم على مجلسه رجل فجلس معهم ، فنظر إليه الشيخ لحظة ، ثم خلع عباءته وأعطاها له، وقال له أرحل عنا بسلام ، فلما خرج الرجل قال تلميذ من تلاميذ الشيخ:  أعطيت الرجل عباءتك التى ليس لك غيرها والبرد شديد.  قال الشيخ:  لقد اشتريت لكم ليلتكم هذه بعباءتي ، فما أرخص الثمن.

بمعنى:

          إن هذا الرجل لم أتوسم فيه الخير ، ولو ظل معنا فسيعكر صفو قلوبنا ، ويفسد علينا جلستنا.  والعمر كما تلعمون هو رأس مالنا ، وكل لحظة تمر محسوبة لنا أو علينا.

          وأن الشيخ قد تفرس في وجه الرجل ، فعرف أنه لا يليق أن يكون في مجلسه أمثاله من أرباب المعاصي.

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

 

اترك تعليقاً