الموضوع: دققوا فى أختيار الصديق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله أولاً وآخراً ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين.
أما بعد،،،،
فللصداقة أثر عميق فى توجيه الأنفس للخير أو للشر ، ولها دخل كبير فى تقدم الجماعة أو تأخرها ، لهذا كان تخير الأصدقاء واجباً يحتمه الإسلام من أجل أن يتعايش الناس فيما بينهم على وفاق.
والإنسان مدنى بالطبع ، كما قال ابن خلدون – لا يستطيع أن يعيش وحده بمعزل عن بنى جنسه ، فسعادته فى العيش مع أهله وعشيرته وأصدقائه الأوفياء.
ولما كان للصديق على صديقه تأثير عميق فى تغيير سلوكه أو تعديله ، أمر النبى – صلى الله عليه وسلم – المسلم أن يتخير لنفسه خليلاً يألفه ويطمئن إليه ، ويرضى دينه وخلقه. عن أبى هريرة – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل). رواه الترمذى. إسناده صحيح.
بمعـــــنى: على طريقته ومذهبه ويقلده فى عاداته وتصرفاته وغير ذلك من صفات الخُلُقية. فعليه أن يتخير من يتخذه خليلاً.
ما معنى الخليـــل؟
- الحبيب الصالح الذى يلازمه ملازمة الظل لصاحبه.
- ولا يتخلف عنه وهو فى أمس الحاجة إليه.
- ولا يفارقه إلا على خير ، ولا يجتمع معه على ضلال.
وقد قيل: (رب أخ لك لم تلده أمك).
فقد نلتقى فى زحام الحياة بمن يحسن سرعة التجاوب معه والإنجذاب إليه ، وكأنما نعرفه من سنين.
مصداقاً للحديث الشريف: (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) رواه البخارى.
وقد دلت التجربة على أن البعد عن صديق السوء غنيمة ، والرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: (مثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك ، إن لم يصبك منه شئ أصابك من ريحه ، ومثل الجليس السوء كمثل صاحب الكير إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه). رواه أبو داود.
وقد رأينا أن عدوى السيئات أشد سرياناً وأقوى فتكاً من عدوى الحسنات.
مثــال1: تنتقل عدوى التدخين من المصاب بها إلى البرئ منها. (لأن صداقة السفهاء فهى منزلق سريع إلى الحضيض).
وأصدقاء السوء يتناكرون ولا يتعارفون ، يعاشر بعضهم بعضاً على خبث دفين ومكر لعين ، فهم أصدقاء فى الظاهر أعداء فى الباطن ، لا يجتمعون إلا على ضلال ولا يلتقون إلا على الشر.
كيف حال أصدقاء السوء يوم القيامة؟
ويوم القيامة يكون حال أصدقاء السوء على ما كانوا عليه فى الدنيا ، فالمتباغضون فى الدنيا متباغضون فى الآخرة.
مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الزخرف الآية (67):
(الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ)
عليك يا أخى أن تكثر من الأصدقاء الصالحين ، لأن صداقة الأتقياء قد يرفع إلى القمة.
يجب علينا أن نضع وصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم – موضع الأعتبار ونتمسك بها فى أختيار الأصحاب وأختيار الجيران ، واختيار الأزواج ، وأختيار رفقاء السفر ، وأختيار من نتعامل معهم ونحتك بهم فى شتى الميادين.
وأعظم الأخلاء الزوج والزوجة ، فهو وهى صاحب بالجنب ، ومجاور وملاصق وقد جعل الله كلاً منهما سكناً للآخر ، وجعل بينهما مودة ورحمة.
وكذلك الجيران بعضهم لبعض خدم وعون ، وربما يكون الجار أقرب إلى جاره من أخيه ابن أمه وأبيه.
وأعلم أن من جالس العلماء وقر ، ومن جالس السفهاء حقر ، فأختر صديقك عالماً أو متعلماً ، ولا تختره جاهلاً ، فإن الجاهل يضرك من حيث يعتقد أنه ينفعك.
وأخير اً: وننبه على أن الخليل هو الحبيب الذى تألفه ويألفك ، وتجد من الخير ما يجده منك ، وترتفع به ويرتفع بك.
( والحمدلله رب العالمين )