قصة سيدنا لوط عليه السلام

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى,والصلاة والسلام على النبي المصطفى .

                           أما بعد ,

فلوط هو ابن هاران بن تارخ ,وتارخ هو أبو إبراهيم ( آزر ). ذكر الله سبحانه وتعالى لوط فى القرآن الكريم 27 مرة ,فى عديد من السور مثل (الأعراف,هود,الحجر,الشعراء, والنمل )

    وقد بعثه الله سبحانه فى زمن إبراهيم الخليل ,وهو ابن أخيه هاران.

وقد أحب لوط إبراهيماً حباً شديداً , وأمن لوط برسالته بعد أن رأى معجزة النار التي اُلقى فيها إبراهيم –عليه السلام وكانت عليه برداً وسلاماً (فأمن له لوط) ولم يؤمن غيره .

فلما هاجر إبراهيم هاجر معه لوط مصداقاً لقوله تعالى :(وقال إني مهاجر إلى ربي ,إنه هو العزيز الحكيم)

قوم لوط

أمر إبراهيم لوط بعد أن رجع من مصر إلى فلسطين أن يذهب إلى (قرية سدوم) يقال بلدة أريحه في أطراف شرق الأردن , وكان قومها من أفجر الناس وأكفرهم,وأخبثهم طوية وأقبحهم سيرة ,يقطعون السبيل ويأتون في ناديهم المنكر.

وقد ارتكبوا جريمة من أقبح وأشنع الجرائم,لم يسبقهم أحد من أهل الأرض ألا وهى (إتيان الذكور) دون النسآء ,وقد حدثنا القرآن الكريم عنهم بقوله تعالى في سورة الآعراف الأية 80

(ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين80

إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النسآء ,بل أنتم قوم مسرفون)81

ذهب إليهم لوط وأخذ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التي اخترعوها,عليهم لعائن الله.

فأنتم يا قوم أول من ابتدعها فعليكم وزرها ووزر من عملها إلى يوم القيامة. وقال الوليد بن عبد الملك:(لولا أن الله قص علينا خبر قوم لوط ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً ).

الشذوذ الجنس بدأوه هؤلآء, ولكن اليوم يقولون أن الشذوذ الجنسي هو فطري وهو في الجينات ما هذا ؟ لا في الجينات ولا هو فطري ولا شئ,هذا ضياع وفسق وفجور وإنحراف ,ما كان في البشر .

لو كان فطري لكان موجود في البشر قبل قوم لوط يقول الله عز وجل على لسان الرسل)قالوآ إنآ أُرسلنآ إلى قوم مجرمين) الذرايات 32

   ولم يوصف قوم في القرآن مثل ما وصف به قوم لوط . (كافرين ,مجرمين ,مسرفين, فاسقين ,جاهلين , معتدين , وظالمين .) كل الصفات تجمعت فيهم . وتعب معهم لوط حيث يقول الله عز وجل في سورة الشعراء161

(إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون 161 إني لكم رسول أمين 162 فاتقوا الله وأطيعون 163 مآ أسئلكم عليه من أجر ,إن أجري إلا على رب العالمين)164.

نفس الدعوة ,دعوة جميع الأنبيآء ,الرد ,نفس الرد لما تحدوا (قالوا ءاتينا بعذاب الله إن كنت من الصادقين )

     (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا ءال لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرونُ )56 سورة النمل .

السبب إنهم يتنزهون عن إتيان الرجال وعن كل عمل من أعمالنا , وإنه لمنطق يتفق مع المنحرفين الذين انحطت طباعهم وانقلبت موازينهم وزين لهم الشيطان سؤء أعمالهم فرأوه حسنا . وقالوا مصداقاً لقوله في سورة الشعراء167 (قالوا لئن لم تنته يا لوط  لتكونن من المخرجين )167(قال إني لعملكم من القالين

 168(رب نجني وأهلي مما يعملون )169الشعراء

         قصة الملائكة (ضيوف لوط )

    فجلس لوط فى بيته يدعو الله , واستجاب الله عز وجل وأرسل الرسل (جبريل ,ميكائيل, وإسرافيل )فذهبوا إلى إبراهيم ليبشروه بإسحاق ويعقوب

وأخبروه أنهم ذاهبون للانتقام من قوم لوط (سدوم ) وأن الله قد أمرهم بإهلاك أهل القرية ,الذين كانوا يعملون الخبائث.

فتخوف إبراهيم على ابن أخيه لوط وقال كما أخبرنا الله في سورة العنكبوت32(قال إنا فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين)=أي الباقين في العذاب .

قال ابن كثير: إنها لم تؤمن به ,بل كانت على دين قومها تخبرهم بمن يقدم عليه من ضيفانه بإشارات بينها وبينهم ولهذا لما أُمر لوط –عليه السلام –ليسري بأهله أُمر ان لا يعلمها ولا يخرجها من البلد.

الله سبحانه وتعالى قال لهم: لا تدمرونهم حتى تسمعوا شهادة نبيهم يحكم عليهم .

جآءوا يستضيفونه , فرحب بهم ’,ولكنه أشفق عليهم وخاف من قومه أن يسمعوا بقدومهم فيعتدوا عليهم بالفتك في أعراضهم.

قال لوط 🙁 والله ما أعلم على وجه الآرض أهل بلد أخبث من هؤلآء)وعادها مرة ثانية ,وعادها مرة ثالثة ,فعادها مرة رابعة .

فقد أقبل رجال القرية من قوم لوط ,يريدون أن يتحرشوا بالضيوف,وأخذ لوط يجادلهم بالحسنى ,ويناقشهم باللطف والين ,ولكن الخبثاء صارحوه  بغرضهم السئ,فازداد همه وغمه وشعر الملائكة بذلك فأخبره بأنهم ليسوا بشراً مصداقاً لقوله تعالى:فى سورة هود 78 (وجآءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات )

وأخبر الملائكة لوط بحقيقتهم و بمهمتهم التي جآءوا من أجلها, وبأن القوم  لن يستطيعوا الوصول إليهم , وأمروه أن يخرج من أرض  قومه مع أهله ليلاً قبل طلوع الصبح لأن موعد إهلاكهم مصداقا لقوله تعالى:(قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح ,أليس الصبح بقريب)سورة هود 81

   لماذا؟

وفي النهي عن الإلتفات إلى تلك القرية ومن فيها إشارة إلى أنها دار أثم وفسق ينيغي أن يقطع المؤمن كل مشاعره نحوها ,ولا يتبعها ببصره ,ولا يلقي عليها نظرة وداع ,وهكذا ينبغي أن يكون شأن المؤمن مع كل منكر أن يعتزله ويعتزل مواطنه والمتعاملين به ,فلا يحوم حوله  ولا يمر بداره

ولا يتصل بأهله فإن المنكر مرض خبيث يعلق داؤه بكل من يدنو منه .

هجم القوم على بيت لوط ليأخذوا الضيوف بالقوة أعمى الله أبصارهم جميعاً حيث يقول الله عز وجل :(ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر) سورة القمر 37

أهلكهم الله بأنواع من العذاب :

قلب بهم القرية فجعل عليها سافلها .

2- أرسل عليهم صيحة من السمآء .

3- أمطر عليهم حجارة من سجيل منضود .

مصداقاًلقوله تعالى (فلما جآء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود ) سورة هود83

إن حكمة الله – تعالى –قد اقتضت أن تكون عقوبته العادلة للمجرمين متناسبة مع جرآئمهم وقبائحهم,لما قوم لوط قلبوا الآوضاع وتركوا ما أحله الله –تعالى –وانغمسوا فيما حرمه – سبحانه عليهم كانت العقوبة متسقة مع قبائحهم فهلكوا جميعاً هلاكاً مصحوباً بالعنة والطرد من  رحمته –عز وجل-

 وهلاك امرأة لوط :

وقد هلكت زوجة لوط –عليه السلام –مع الهالكين لأنها لم تكن مؤمنة بالله ,فحل بها من السخط والعذاب ما حل بهم ,ولم ينفعها أنها زوجة نبي فإن الله قد أوعد بإهلاك الكافرين مصداقاً لقوله تعالى : (فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ) سورة الأعراف 83

وقد ذكرت هذه القصة لتكون عبرة لمشركي مكة ومن حولها على وجه الخصوص وللناس جميعاً على وجه العموم .

ولعل من أسرار هذا التكرار القصة الواحدة في سور متعددة  لماذا يذكر الله سبحانه وتعالى القصة في سور متعددة ؟

لكي ترسخ المعاني في الأذهان – وأن تكون العقول على تذكر لما اشتملت عليه القصة من عبر وعظات وصدق الله العظيم إذ يقول :(وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) سورة الذاريات 55

يقول ابن كثير : رحمه الله:

(وجعل الله مكان تلك البلاد بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ولا بما حولها من الأراضي , فصارت عبرة وعظة وآية على قدرة الله تعالى وعظمته وعزته في إنتقامه ممن خالف  أمره وكذب رسله واتبع هواه وعصى مولاه )

هل خانت امرأة لوط – عليه السلام زوجها ؟

 إن هذا أمر مستحيل حدوثه ,لأن الله عزوجل قد حفظ الآنبياء من تلوث العرض. هى كانت كافرة وكانت لا تعترض على أفعال قومها ولكن كانت تعين قومها على الفواحش , ولكن هى نفسها لم ترتكب الفاحشة .

قال ابن عباس :ما بغت امرأة نبي قط , وهذا مذهب أئمة السلف والخلف.

اترك تعليقاً