كيف نبعد الظلم عن أنفسنا؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى.

أما بعد ،،،

فعن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – أنه قال لرسول الله – صلى الله عليه وسلم:  علمني دُعاء أدعو به في صلاتي.  قال:  (قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فأغفر لي مغفرة من عندك ، وأرحمني إنك أنت الغفور الرحيم).

   (أخرجه البخاري).

فكان أبوبكر – رضي الله عنه – (1) كثير الدعاء ، (2) وكان يخشى الله خشية كبيرة ، (3) فقد كان أتقى الصحابة بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

وقد نزل فيه قوله تعالى في سورة الليل الآية (17 – 21):

(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)

سأل الرسول – يوماً أن يعلمه دعاء يواظب عليه في صلاته ، فعلمه هذا الدعاء ، وهو دعاء جامع لخيرى الدنيا والآخرة.

(اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً).

وهذا الإعتراف بظلم النفس سُنة الأنبياء والمرسلين وأتباعهم من الصالحين المقربين.

(1) مصداقاً لقول آدم عليه السلام حين أكل من الشجرة هو زوجته حواء في سورة الأعراف الآية (23):

(قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)

(2) وموسى عليه السلام حين وكز المصري فقتله توجه إلى الله عز وجل وقال في سورة القصص الآية (16):

(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16)

وهو لم يقصد قتله ولا إيذاءه ، ولكنه كان يقصد منعه من ظلمه لأخيه الذى هو من شيعته.

(3) وقد أعترف يونس عليه السلام بظلمه لنفسه حين خرج من قريته نينوى – من غير إذن ربه ، ودعاه في بطن الحوت ، فأستجاب الله له فكشف عنه الغم ، ووعد كل مؤمن يقول هذا الدعاء أن ينجيه كما نجا يونس في سورة الأنبياء الآية (87 – 88):

(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)

(4) بلقيس ملكة سبأ قد أعترفت بظلمها أمام سليمان قبل أن تعلن إسلامها مصداقاً لقوله تعالي في سورة النمل الآية (44):

(قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)

(1) فمن تاب تاب الله عليه ، (2) وأنس الحفظة ذنوبه ، (3) وأنس كذلك معالمه وجوارحه (4) وبدل سيئاته حسنات ، (5) وأدخله الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بفضله ورحم

ولقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يتوب إلى الله ويستغفر من ذنبه في اليوم مائة مرة ، فكيف بنا نحن العصاه المذنبين.

(1) وكان أبوبكر من شدة تواضعه لله ، وشدة خوفه منه لا يرى لنفسه فضلا على أحد  ، (2) ولا يُبرئ نفسه من الذنب.   مع أنه لو وُزن إيمان أبوبكر بإيمان الأمة لرجحت كفته كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (ومع ذلك يقول للنبي:  علمني دُعاء أدعو به في صلاتي).

وكان أبوبكر إذا مُدح يقول:  (اللهم أجعلني خيراً مما يظنون ، وأغفر لي ما لا يعلمون ، ولا تُؤاخذني بما يقولون).

 

((والحمدلله الذى هدانا لها وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا )

اترك تعليقاً