كيف نُصلى على النبى – صلى الله عليه وسلم؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

       الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على منقذ البشرية وهادي الإنسانية محمد بن عبدالله المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين.

أما بعد ،،،

          فالصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم – مشروعة بالكتاب والسُنة وإجماع الأمة قال الله تعالى في سورة الأحزاب الآية (56):

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

          هذه الآية شرف الله بها رسوله – صلى الله عليه وسلم – حياته وموته والصلاة من الله رحمته ، ورضوانه – الصلاةُ من الملائكة.  الدعاء والاستغفار.

          الصلاة من الناس:     الدعاء والتعظيم لأمره.

          وهنا أمر الله تعالى عباده بالصلاة على نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – دون أنبيائه تشريفاً له.

كيف نصلي على النبى – صلى الله عليه وسلم – أو ما هي الصيغة؟

          فروى مالك عن أبى مسعود الأنصاري قال:  أتانا رسول الله – صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس (سعد بن عُبادة) فقال له بشير بن سعد:  أمرنا الله أن نصلي عليك يارسول الله ، فكيف نُصلي عليك؟؟

          قال:  فسكت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد).

وقال الصاوي:  وهذه الآية فيها أعظم الدليل على أنه – صلى الله عليه وسلم – مهبط الرحمات وأفضل الأولين والآخرين على الإطلاق.  يا أيها المؤمنون أكثروا من الصلاة عليه والتسليم.  فحق النبى علينا عظيم فقد كان المنقذ لنا من الضلالة إلى الهدى – والمخرج لنا من الظلمات إلى النور.

وقال الصاوي:  وحكمة صلاة الملائكة والمؤمنين على النبى – صلى الله عليه وسلم – شرفاً لهم كيف؟  (1)  حيث اقتدوا بالله جل وعلا في الصلاة عليه وعظيمه ، (2) ومكافأة لبعض حقوقه على الخلق.

          الرسول هو الوسيلة العظمى السبب فى كل نعمة وصلت إلينا (لنا) وحق على من وصل له نعمة من شخص أن يكافئه ، ولما كان الخلق عاجزين عن مكافأة النبى – صلى الله عليه وسلم – طلبوا من القادر الملك أن يكافئه ، وهذا هو السر في قولهم:  (اللهم صلى على محمد)  حاشية الصاوي ….

          من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم ، ثم يسأل الله حاجته ، ثم يختم بالصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم ، فإن الله تعالى يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يُرد ما بينهما.

          وروى النسائي عن عبدالله بن أبي طلحة عن أبيه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جآء ذات يوم والبشر في وجهه ، فقلت:  إنا لنرى البشرى في وجهك!  فقال:  (إنه آتاني الملك.  فقال:  يامحمد إن ربك يقول أما يُرضيك إنه لا يصلى عليك أحد إلا صليت عليه عشراً ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشراً). (ذكره ابن كثير في تفسيره

فضل الصلاةُ على النبى محمد

صلى الله عليه وسلم

          الصلاةُ على النبى – صلى الله عليه وسلم – أفضل العبادات لماذا؟  لأن الله تعالى صلى عليه هو وملائكته وأمر بها المؤمنين وليس هذا لسائر العبادات.

          وقد ورد فى فضلها أحاديث كثيرة:

أولاً:  حديث أبى هريرة – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال: (من صلى علي واحدة صلى الله بها عليه عشراً).  (أخرجه أحمد ومسلم)

ثانياً:  عن أنس بن مالك – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات – وحط عنه عشر خطيئات – ورفع له عشر درجات).               (أخرجه أحمد والنسائي وابن حيان)

ثالثاً:  عن أبى هريرة – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال: (من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل:  اللهم صلى على محمد النبى وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد).                   (أخرجه أبو داوود البيهقي)

رابعاً:  عن أبى حميد الساعدي أنهم قالوا:  (يارسول الله كيف نصلي عليك؟  قال:  قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على  آل إبراهيم إنك حميد مجيد).      (أخرجه مسلم)

          تجوز الصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم – بأي صيغة والأفضل كونها

بصيغة من الصيغ الواردة لماذا؟  لأنها أكثر ثواب

هل يُصلي على غير النبى؟  صلى الله عليه وسلم؟   لا

وثبت عن أبن عباس:

          اختصاص ذلك بالنبى – صلى الله عليه وسلم.

وعن عكرمة بن أبي جهل قال:

          (ما أعلم الصلاة ينبغي على أحد من أحد إلا على النبى – صلى الله عليه وسلم).

          لأن النبى – صلى الله عليه وسلم – لما علم الصحابة السلام قال:  (السلامُ علينا وعلى عباد الله الصالحين).

          ولما علم الصحابة الصلاة قصر ذلك عليه وعلي أهل بيته.

          وفى صحيح مسلم من حديث أبي هريرة – رضى الله عنه مرفوعاً:

          (إن الملائكة تقول:  لروح المؤمن صلى الله عليك وعلى جسدك)

ما حكم الصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم؟؟

          فهي فرض وسُنة:  ( أ )  تفرض في أربعة مواضع:

(1)تفرض في العمر مرة للأمر بها في قوله تعالى:  (ياأيها الذين ءامنوا صلوا ليه وسلموا تسليماً)

(2)وتفرض كلما ذكر النبى – صلى الله عليه وسلم – لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه أن النبى قال:  (رغم أنف رجل ذُُكرت عنده فلم يصل علي).         (أخرجه أحمد – الترمذي والحاكم).

رغم أنفه:   لصق أنفه بالرغام وهو تراب مختلط بالرمل.

          المراد:  يصيبه الذل والهوان.

(3)وتفترض في التشهد الأخير عند الشافعي.

          الحنفيون ومالك:  إنها سنة في التشهد الأخير لا واجبة.

(4)وتجب في صلاة الجنازة عند التكبيرة الثانية عند الشافعي وأحمد.

وتسن الصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم – في 24 موضعاً:

          الصلاة تكون سُنة بعد  (1)  الآذان ، (2) وبعد الإقامة.

الدليل:  :  لما روى جابر بن عبدالله أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:

          (من قال حين ينادي المنادي:  اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل على محمد وأرضى عنى رضا لا تسخط بعده ، استجاب الله له دعوته).        (أخرجه أحمد والطبراني في الأوسط).

(3) ،  (4)  وتسن قبل الدعاء وبعده إجماعاً.

الدليل:          عن فُضاله بن عبيد قال:

          بينما رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قاعد إذ دخل رجل فصلى ، فقال:  إللهم إغفر لي وارحمنى – فقال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (عجلت أيها المصلى إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله ، وصل علي ثم أدعه).

          ثم صلى رجل آخر فحمد الله وصلى على النبى – صلى الله عليه وسلم – فقال النبى  صلى الله عليه وسلم:  (أيها المصلي أدعُ تجب).  أخرجه الترمذي والطبراني.

خامساً:  وتسن بعد القنوت ، لأنه دعاء.

          عن الحسن بن علي قال:  علمني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كلمات أقولهن فى قنوت الوتر:

          (اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت – وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت – وقني شر ما قضيت فإنك تقضى ولا يقضي عليك ، (1) وإنه لا يذل من واليت ، (2)  ولا يعز من عاديت ، (3)  تباركت ربنا وتعاليت – وصلى الله علي النبى محمد).                           (أخرجه النسائي والبيهقي)

سادساً وسابعاً:  وتُسن في خطبة الجمعة والعيدين والاستسقاء وقالوا في الأثر:  أن عليا – رضي الله عنه – صعد المنبر فحمد الله ، واثنى عليه وصلى على النبى – صلى الله عليه وسلم.              (أخرجه عبدالله بن أحمد).

ثامناً:  ويسن ليلة الجمعة ويومها إجماعاً.

الدليل:  حديث صفوان بن سليم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  (إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة فأكثروا الصلاة علي).

          (أخرجه الشافعي في مسنده بدائع المنن 1 – صـــ  151 ).

تاسعاً:وتُسن عند كتابة اسمه – صلى الله عليه وسلم.

الدليل:  لحديث الأعرج عن أبي هريرة أن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال:  (من صلى علي في كتابه لم تزل الملائكة يستغفرون له مادام اسمي في ذلك الكتاب).

          (أخرجه الطبراني في الأوسط).

عاشراً:  وتُسن أول النهار وآخره.

الدليل:  لحديث خالد بن معدان عن أبي الدرداء أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (من صلي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة). 

(أخرجه الطبراني).

الحادي عشر: ويُسن الإكثار من الصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم تكفيراً للذنوب.   الدليل:   روي ابن معاذ عن أبي كاهل أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (يا أبا كاهل من صلي علي كل يوم ثلاث مرات وكل ليلة ثلاث مرات حباً أو شوقاً إلى كان حقاً على الله أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة وذلك اليوم).  (ذكره المنذري في الترغيب والترهيب)

          وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (صلوا علي فإن الصلاة علي زكاة لكم).      (أخرجه أبو الشيخ في كتاب الصلاة على النبي)

          …  في الحديث الثاني فيه الإخبار بأن الصلاة على النبى – صلي الله عليه وسلم زكاة للمصلي عليه ، والحديث الذي قبله أنها مغفرة لذنوبه …  فتضمن الحديثان أن بالصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم – تحصل طهارة النفس من الرذائل ويثبت لها النماء والزيادة في الكمال والفضائل ، وأنه لا كمال للنفس إلا بالصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم.

الثاني عشر:  وتُسن عند دخول المسجد والخروج منه – لحديث أبي هريرة.

الدليل:  حديث أبى هريرة – رضي الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبى – صلى الله عليه وسلم – وليقل:  اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليسلم على النبى – صلى الله عليه وسلم – وليقل:  اللهم أجرني من الشيطان الرجيم).                   (أخرجه ابن خزيمه في صحيحه وابن حبان صـ262.

الثالث عشر:  وتُسن عند نزول الفقر أو خوف وقوعه في هذه الأيام.

الدليل:  حديث جابر بن سمرة السوائي عن أبيه أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (كثرة الذكر والصلاة علي تنفي الفقر).             (أخرجه أبونعيم).

الرابع عشر:  وتُسن في مجالس الذكر والطاعة ، لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:

 (إن لله سيارة من الملائكة إذا مروا بحلق الذكر قال بعضهم لبعض:  اقعدوا.  (1) فإذا دعا القوم ءامنوا على دعائهم ، (2) فإذا صلوا على النبى – صلى الله عليه وسلم – صلوا معهم حتى يفرغوا ثم يقول بعضهم لبعض:  طوبى لهؤلاء يرجعون مغفور لهم).  (أهل الحديث في مسلم)

الخامس عشر:  وتُسن إذا نسى الشئ ليذكره ، لحديث أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:(إذا نسيتم شيئاً فصلوا علي تذكروه إن شآء الله).(أخرجه أبوموسى المديني).

السادس عشر:  وتُسن لقضاء أمر هام ، لحديث جابر بن عبدالله – رضي الله عنهما – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (من صلى علي كل يوم مائة مرة قضى الله مائة حاجة سبعين منها لآخرته وثلاثين منها لدنياه).          (أخرجه ا–(حديث حسن)).

السابع عشر:  وتطلب عند الإجتماع قبل التفرق.

الدليل:  حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (ما قعد قوم مقعد لم يذكروا الله – عز وجل – فيه ولم يصلوا على النبى – صلى الله عليه وسلم – إلا كان حسرة عليهم يوم القيامة).                  (أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم)

الثامن عشر:  وتُسن عند دخول المنزل.

الدليل:  حديث سهيل بن سعد أن رجلاً شكا إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – الفقر ، وضيق العيش أو المعاش – فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (إذا دخلت منزلك فإن كان فيه أحد أو لم يكن فيه أحد ، ثم سلم علي وأقرأ:  قل هو الله أحد مرة واحدة) ففعل الرجل فأدر الله عليه الرزق حتى أفاء على جيرانه وقرابته).            (أخرجه أبوموسى المدينى).

التاسع عشر:  وتطلب من الفقير ليكون له بها ثواب الصدقة.

الدليل:  حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (أيما رجل لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه:  اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، فإنها له زكاة).

العشرون:  وتُسن عند ركوب الدابة وغيرها.

الدليل:  حديث أبي الدرداء – رضي الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (من قال إذا ركب دابة:  (باسم الله الذى لا يضر مع اسمه شئ ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمدلله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد). قالت الدابة:  (بارك الله عليك من مؤمن خففت ظهري ، وأطعت ربك وأحسنت إلى نفسك ، بارك الله لك في سفرك وأنجح حاجتك).                (أخرجه الطبراني).

          هذا الحديث في الحرز المنيع للسيوطي صــ  155.

الحادي والعشرون:    وتُسن على الصفا والمروة.

الدليل:  لما روي نافع أن ابن عمر – رضي الله عنهما – كان يكبر) (1) على الصفا ثلاثاً ويقول:  (2) لا إله إلا الله وحده لا شريك له – له الملك وله الحمد وهو على شئ قدير ، (3) ثم يصلي على النبى – صلى الله عليه وسلم ، (4) ثم يدعو ، (5) ويطيل القيام والدعاء ثم يفعل ذلك على المروة مثل ذلك.                (أخرجه اسماعيل بن اسحاق في جلاء الأفهام  صــ 263).

الثاني والعشرون:  وتُسن بعد التلبية.

الثالث والعشرون:  وتُسن عند إستلام الحجر الأسود.

الرابع والعشرون:  وتُسن للخروج للسوق أو لأمر آخر.

الدليل:  قول أبي وائل:  ما رأيت عبدالله بن مسعود جلس في (1) مآدبة ، (2) ولا جنازة ، (3) ولا غير ذلك ، فيقوم حتى يُحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبى – صلى الله عليه وسلم – ويدعو بدعوات ، وإن كان يخرج إلى السوق فيأتي أغفلها مكاناً فيجلس فيحمد الله ويصلي على النبى – صلى الله عليه وسلم – ويدعو بدعوات.                             (أخرجه أبي حازم في جلاء الأفهام  صــ  277).

 

(  والحمدلله رب العالمين )

 

اترك تعليقاً