لماذا جآء اليهود من الشام إلى يثرب (المدينة)

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد ،،،

وإذا سألك سائل ما الذى أتى بهؤلاء اليهود من الشام إلى يثرب؟

          الجواب:  كانوا يقرءون فى التوراة عن أوصاف النبى محمد وعن قرب زمانه كما أخبر الله عز وجل.  وهم يعرفون أنه لا يوجد نبى بعد عيسى عليه السلام إلا هذا النبى الخاتم فقط – فأتوا إلى المدينة احتياطاً بدل من أن هذا الرسول يأتى إليهم فى الشام ويحاربهم ويجعلونه يهودياً.

          (لماذا أتوا ) للسببين:  لماذا ذهبوا إلى المدينة؟

          (1)السبب الأول:  للهجرة إلى المدينة أنهم قرءوا فى الكتب القديمة فى التوراة والإنجيل عن قرب زمان نبى فى هذا الزمان مهبط لخاتم النبيين ويكون مهيمن على الأديان كلها – وربنا سبحانه وتعالى أخبرنا.

          ولقد قال الله تعالى عن اليهود والنصارى فى سوةر الأعراف الآية (157):

(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

          ثواب الذين يتبعون محمد الرسول تنالهم الرحمة (النبى العربى الأمى الذى لا يقرأ ولا يكتب – وإنما سماه رسولا بالإضافة إلى الله تعالى ونبياً بالإضافة إلى العباد.

          وهم الذين يجدون وصفه فى التوراة والإنجيل – وقال ابن كثير:  هذه صفة محمد – صلى الله عليه وسلم – فى كتب الأنبياء بشروا أُممهم ببعثته وأمروهم بمتابعته ولم تزل صفاته موجودة فى كتبهم يعرفها علماؤهم وأحبارهم.

          وهذا النبى محمد لا يأمر إلا بكل شئ مستحسن ولا ينهى إلا عن كل شئ قبيح – (1) يأمرهم بمكارم الأخلاق ، (2) وخلع الإنداد ، (3) وصلة الأرحام.

          ويحل لهم ما حُرم عليهم من الأشياء الطيبة بشؤم ظلمهم ويُحرم عليهم ما يستخبث من ( الدم والميتة ولحم الخنزير.)

          ويخفف عنهم ما كلفوه من التكاليف الشاقة التى تشبه الأغلال (1) كقتل النفس فى التوبة ، (2) وقطع موضع النجاسة من الثوب ، (3) والقصاص من القاتل عمداً كان القتل أو خطأ ومثل ذلك…

          فالذين صدقُوا بمحمد وعظموه ووقروه ونصروا دينه واتبعوا قرآنه المنير وشرعه المجيد (أولئك هُم المفلحون).

          هم الفائزون بالسعادة الأبدية.

          إسراهم:        عهدهم بالعمل بما فى التوراة.

والأغلال:       التكاليف الشاقة فى التوراة.

وعزروه:       وقروهُ وعظموُه

الخبائث:       لحم الخنزير – الربا وما كانوا يستحلونه من المحرمات من المآكل التى حرمها الله.

(1)            ويصنع  عنهم إصرهم  – (2)  والأغلال التى كانت عليهم.

   فإن بنى إسرائيل قد كان أخذ عليهم عهد أن يقوموا بأعمال ثقال – فوضع عنهم محمد – صلى الله عليه وسلم – ذلك العهد وثقل تلك الأعمال – مثل:  غسل البول – فإنهم كانوا إذا أصاب (ثوب أحدهم بول قرضه قصهُ).

(2)وتحليل الغنائم (الغنائم حلال) ، وإذا جمعوا الغنائم نزلت نار من السمآء فأكلتها.

(3)ومجالسة الحائض ومؤاكلتها ومضاجعتها ، وكان عندهم إذا حاضت المرأة لم يقربوها.

          (2) والإغلال التى كانت عليهم:

          الأغلال:  بمعنى التكاليف الشاقة فى التوراة.

          ترك الإشتغال يوم السبت.

(1)     فإنه يروى أن موسى عليه السلام رأى يوم السبت رجلاً يحمل قصباً فضرب عنقه.

(2)     أمروا بقتل أنفسهم علامة لتوبتهم.

          وهم  يخططون منذ زمن بعيد ولكن العربى لا يأخذ باله إلا عندما تصدمه الحائط فى آخر لحظة.

السبب الثاني لدخولهم المدينة:

          وهو سبب سياسي:  إن النصارى المقيمين فى الشام (تبع الدولة الرمانية المسيحية وقد كانت بسطت نفوذها على الشام ومصر والحبشة واليمن)

          وكان فى الشام عداء مستحكم بين النصارى واليهود لماذا؟؟

          لأن النصارى منسوبين إلى سيدنا عيسى وأنتم عارفين أنهم بيألهوه – إنه إله أو ابن إله أو ثالث ثلاثة – وكان منهم فريق يقولون أنه عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم.

          وكانت تلك العقيدة مبعثرة فى الشام.

          وأنتم عارفين أن هناك قوتين عظيمتين ، الدولة الرومانية المسيحية والدولة الفارسية الوثنية الذين يعبدون النار.  وكانوا فى توازن مع بعض – ساعات تغلب الفرس وساعات تغلب الروم.

          فلما أُشيع بل ثبت يقيناً أن اليهود هم الذين أخذوا عيسى عليه السلام وصلبوه وتأكد النصارى أن اليهود الكلاب هم الذين اعتدوا على نبيهم وعلى إلاهم وصلبوه وأهانوه أثناء الصلب والشوك.  وهذه عقيدة موجودة عند النصارى ، وكلمة صليب عندهم عقيدة.

          الصليب:  هى الحتة (المكان) التى انصلب عليها عيسى عليه السلام – مع أنها أكبر إهانة له كإله أو ابن إله أو ثالث ثلاثة كيف؟  مثال (1):

          أن واحد أخذ ابنك ويقتله ويبهدله ويعذبه أثناء القتل ثم تذهبى إلى هذا المكان الذى قتل فيه أبنك وتعبده وتحبه وتبوسه – والإنسان بطبيعته لو سمع أن أبنه وقع وجرح فى مكان ما يكره هذا المكان ولا يمشى فيه لماذا؟؟

          لأنه يذكره بالآلام ابنه – والنصرانى يأتى عند المكان الذى أنصلب فيه المسيح وقتل وتهاون وعذب ومات جعان ويعبد هذا المكان وهذه الخشبة ليس لنا دخل ولكن هذه عقيدة عندهم (لكم دينكم ولي دين).

          فأصبح الصليب والمكان الذى فيه الصلب من المقدسات عند النصارى (إنما الثأر لم ينساه النصارى) وقالوا:  لازم نأخذ حق عيسى من اليهود.

          من طبع اليهودى: إذا أراد أن ينتقم ينتقم ولاينسى ولا يصفح.

          أما النصرانى دائماً فى قلبه رهبانية وعندهم تعليمات من ضربك على خدك الأيمن إعطيه خدك الأيسر – ومن طلب منك قميص إعطيه الجلباب كله.

            المهم أن اليهود الذين فى القدس التى تتبع الدولة الرومانية المسيحية علموا أن النصارى مبيتين لهم لينتقموا لمصرع عيسى عليه السلام ، ونحن المسلمون لا نعتقد أن عيسى صلب وكما أخبرنا القرآن.

(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبه لهم)       

أما اليهود قالوا:  نترك هذه البلد المهددين فيها بالقتل ونذهب إلى بلد أخرى نعيش فيها مطمئنين – ونحن تجار وكيف تذهب تجارتنا وكيف نبيع ونشترى ونربح ونحن مهددين بهذا الشكل ونجمع قرشين ويأتى النصارى ويقتلوننا.

ولذلك هاجروا من الشام إلى المدينة المنورة جنوباً (لم يستعبطوا أحد فى الدنيا إلا العرب) ولم يعيشوا عادى فى قلب الشوارع العادية لا بل يختارون أعلى الأماكن فى الجبال والحصون وعملوا المعسكرات.

اليهود لم يأتوا إلى المدينة بنية الفرار فقط بل جآءوا بنية استعباد العرب يفروا من الظلم إلى ناس يظلمونهم – خائفين من الظلم فوضعوه فى غيرهم – هتلر:  وضعهم فى أفران النار.

فوضعوا هذا الظلم فى أهل فلسطين الغلابة ..  هم جآءوا بنية استعباد العرب وكان لهم من الأولى أن يستعبدوا النصارى – ولكنهم كانوا فى الشام مع النصارى نعاج ونعام – ويأتوا إلى المدينة ويعملوا رجال على العرب الغلابة هناك (أهل المدينة).

نصارى الشام لما بحثوا عن اليهود فعرفوا أنهم ذهبوا إلى المدينة المنورة فأرسلوا سراً لأهل المدينة – وكان أهل المدينة من الأوس والخزرج يد واحدة وهم أولاد عم.  أبناء جدهم (قيلى).     

النصارى قالوا للعرب فى المدينة:  اليهود الكلاب مجرمين ونرجوكم أن تساعدونا فى الإنتقام منهم لعيسى عليه السلام.

وكان العرب فى ذلك الوقت تضايقوا جداً من هؤلاء الكلاب الذين جآءوا يزاحموهم فى لقمة العيش وعملوا عليهم سادة ويعاملونهم كأنهم عبيد عندهم عمال.

اليهودى يتعلم يعرف يسلك أما العربى فأمُى لا يعرف شئ ، لما العرب الأُميين أصحاب البلد الشرعيين وجدوا فريق ثالث يبحث عن اليهود وجآء نصارى الشام وكانت حرب تمام مات فيها جزء لا يُستهان به من اليهود.  ورجع النصارى إلى الشام.

وبذلك استرد العرب أصحاب البلد نفسهم واستردوا اعتبارهم وأصبحوا بعد أن كانوا عبيد وبيشتغلوا عند اليهود – أصبحوا سادة واليهود انذوا.  فلما ذاق العربى طعم الإنتصار.

قالوا:  إن اليهود دول جماعة هلافيت – واليهود وجدوا أن العرب يزدادوا تبجح ضدهم – اليهود خلوا إلى أنفسهم وقالوا:  لبعضهم نحن أقلية فى المدينة ولو وجهنا العرب بحرب – لا يستطيع أن نقف أمامهم سوف ينضم إلى أهل المدينة عرب الجزيرة كُلها.

والدولة الرومانية فى الحبشة واليمن فنحن مُحاطين– وقالوا: المجال العسكرى يستيحل أن نلجأ إليه – حرب مع النصارى خبنا – وحرب مع العرب سوف نذوب ونحن أقلية.  ماذا نعمل؟؟

نترك المجال العسكرى ونلجأ إلى الحيلة والدهاء والوقيعة والدس والخداع (الدس هو فرق تسد – تفرق بين أولاد العم دول الأوس والخزرج – إذا تفرقوا عن بعض نبقى نحن السادة.

كيف يلجأوا للدس؟

الكبير فينحاص – فمازالوا فى السر يدسوا بين أولاد العم بدون ما ينتبه الأوس والخزرج للحيلة الجديدة.

لحد ما النفوس شالت وأصبح الأوس يزعل من الخزرج والخزرجى يزعل من الأوسى.

(2)     يأتى اليهودى للأوسى ويقول له الخزرجى يعطيك إيجاركم فى السنة فى القيراط 30جنية أنا سوف أعطيك خمسين فى القيراط فى السنة وأنا سوف أزرع الأرض بطريقة علمية – أما الخزرجى فلاح ليس عنده فهم لا يفهم والأرض سوف تبور منه ويأتى عليه يوم لا يدفع الإيجار.

          الناس هناك لم يفهموا أن هذا استعمار اقتصادى ويليه استعمار سياسي ويليه استعمار عسكرى.

          اليهود كده يمشوا الأول بالقرش يكسب السياسة وإذا اكتسبت السياسة ثم أحتل عسكرياً.

          الأوسى لم يأخذ باله ولا يوجد عقول – كان المفروض يقول لليهودى الخزرجى يعطينى 30 جنيه ولا يعطينى فهو ابن عمى – واللقمة الى فى فمى هى التى فى فمه إذا كان هناك عقول .

          يقول الأوس لابن عمه الخزرجى أطلع من الأرض وإلا تعطينى 50 جنيه فى الإيجار ويطلع من الأرض – ويأتى اليهودى ويحل محله – عندهم أموال ويأتى الخزرجى يعمل فى الأوس مثل هذا وبعد عشر عشرين أربعين سنة.

          جآء يوم من الأيام لا يوجد أوس يطيق أن يسمع خزرجى ولا خزرجى يطيق أن يسمع أسم أوس (1) ولاد العم انشقوا عن بعض بطريقة غريبة ، (2) لا يتزوجون من بعض – (3) منعوا النسب ومنعوا الجيرة ، واليهودى واعى يضرب الأسفين (الدناميت الذى ينسف به المحبة) ويطلع بعيد.  يحصل خناقة بين الأوس والخزرج ويأتى اليهودى يعمل أنه يصلح بينهم – ولما يكون مع الأوس يقول له:  ويحرضه على أخيه – ويذهب إلى الخزرجى ويحرضه هو أيضاً.

          الواقع : أن وجود اليهود بجانب العرب عمل هذه الأضرار عمل الدس والوقيعة بينهم – وهذا الذى جعل النبى – صلى الله عليه وسلم قال: ممنوع حد يقول أوس أو خزرجى حتى لا يذكرهم بالجروح القديمة ووضع لهم اسم جديد خالص (أنصار الله) الذين جآءوا من مكة مهاجرين – وأنتم كلكم أنصار.  (من المهاجرين والأنصار).

          اليهود كانوا فى المدينة متغلغلين يهود بين المساكن وهو يهود بنى قينقاع – يهود خيبر – يهود تيمآء – يهود بنى قريظة – ويهود فك مبعثرين حتى لا يتركوا للعرب مكان. مالكين الضواحى ومالكين الأعالى – لما يتعاركوا مع العرب فى المدينة يقول له اليهودى: إذا كنتم فرحنين بشبابكم ياعرب وتقولوا علينا إننا ضيوف وليسوا من أهل البلد بكرة فى نبى سوف يبعث وينضم إلينا ونقتلوكم معه قتل عاد وإرم.

          والكلمة ده تتكرر جداً جداً فى آذان العرب من اليهود.  وكل ما يحصل خناقة ..  العرب أصحاب المدينة لم يعلموا ان هذا النبى سوف يكون عربى منهم.

          اليهود الأجانب الذين جآءوا مطرودين يهددوهم بنبى العرب لما تحصل مشادة أو خناقة بينهم يقول اليهودى:  اللهم انصرنا بالنبى المبعوث فى آخر الزمان. (2) نبى سيبعث نقتلكم معه قتل عاد وإرم.

          العربى:  لا يؤمن لا نبى ولا بالأخرة ولكن الكلمة ترن فى آذانهم.

 

(  والحمدلله رب العالمين )

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً