بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد،،،
فلقد حدث شئ يسمى الإخاء بين المهاجرين والأنصار لكي يتلاحم هذا الشعب الجديد ولتتآلف القلوب بين الشعبين ، الشعب الغريب الذى جآء من مكة لكي يعيش عيشة جديدة في المدينة وبين الشعب الثاني هم الأنصار أصحاب البلد الذين كانوا قبل كلمة الأنصار يسموا بالأوس والخزرج وصهرهم الإسلام في بوتقة واحدة وقال الله سبحانه وتعالى في شأنهم في سورة الحشر الآية (9):
(يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ).
يحبون أخوانهم المهاجرين ويواسونهم بأموالهم ولا يجد الأنصار حزازة وغيظاً وحسداً مما أعطى المهاجرون من الغنيمة دونهم – قال المفسرون: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قسم أموال بني النضير بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئاً إلا ثلاثة منهم – فطابت أنفس الأنصار بتلك القسمة.
(ويؤثرون) أى يفضلون غيرهم بالمال على أنفسهم ولو كانوا في غاية الحاجة والفاقة إليه.
فقد ألهم الله سبحانه وتعالى النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى خطبة الرشاد ليؤسس هذه الأمة على قوة – قوة في البدن – قوة في الروح والنفس والعقل وقوة في السلوك والعلاقات والخُلق.
فأراد النبى – صلى الله عليه وسلم – أن يحقق ما أراده الله لهذه الأمة من السيادة والريادة فكان همه أن ينشئ في المدينة ثلاث مرافق بها تكمل سعادتها وبها تُصبح هذه الأمة كما وصفها الله خير أُمة أُخرجت للناس.
… فما هي تلك المرافق الثلاثة التى أسس الرسول – صلى الله عليه وسلم – سياسته في المدينة؟؟؟
(1) بناء المسجد في المدينة.
(2) إقامة التآخي بين المهاجرين والأنصار أصحاب البلد الأصليين.
(3) إقامة السوق الإقتصادية للمسلمين حتى لا يعيشوا عاله على تجارة اليهود المرابين. الذين هم أشدُ الناس عداوة للذين ءامنوا.
المسجد – التآخي – السوق
وبنظرة فاحصة إلى هذه الأمور الثلاثة نعلم يقيناً رغم أنف الملحدين ورغم أنف الجهلة الضالين أن هذا الإسلام من أول يوم كان لدُنيا الناس ومعاشهُم وآخرتهمُ – ولم يكن أبداً لإخراتهمُ فقط – بل كان للدين والدنيا معاً.
فالذي أمر ببناء المسجد النبوي هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والذي أمر بإقامة السوق للتجارة الخاصة بالمسلمين هو أيضاً رسول الله – صلى الله عليه وسلم.
التآخي بين أهل المدينة والمهاجرين:
فكان في أول الهجرة الميراث بالإخوة في الله وليس بالقرابة ، كانت آية الميراث لم تنزل بعد ، سورة النسآء الآية (11):
(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ).
الرسول – صلى الله عليه وسلم – عقد الإخوة بين خمسين من المهاجرين وخمسين من الأنصار – لو مت أنت هو يرثك ولو مات هو أنت ترثه ، وظلوا على هذا الحال سنة سنتين لما جآءت الغنائم وطردت اليهود شر طردة. وورثوا أرضهم وديارهم أستقل المهاجرين بملكهم الجديد – فرجعت الأملاك إلى أصحابها – ونزلت آية الميراث.
مثال للتآخي:
(1) أبوبكر وخارجةُ بن زيد الخزرجي أخوين.
(2) عمر بن الخطاب وعتبانُ بن مالك أخوين.
(3) عثمان بن عفان وأوسُ بن ثابت بن المنذر البخاري أخوين.
(4) أبوعبيده بن الجراح وسعد بن معاذ أخوين.
(5) عبدالرحمن بن عوف وسعد بن الربيع أخوين.
(6) الزُبير بن العوام وسلمهُ بن سلامة أخوين.
(7) وطلحة بن عبيدالله وكعب بن مالك أخوين.
(8) مصعب بن عمير وأبو أيوب الأنصاري أخوين.
(9) سلمان الفارسي وأبو الدرداء أخوين.
(10) بلال بن رباح وأبو رُويحة عبدُالله بن عبدالرحمن الخثعمي.
فلما آخى بينهم جميعاً وكل إنسان عرف أخوه – بقى سيدنا علىَ فظن أن الرسول قد نساه – قال يارسول الله: (آخيت بينهم جميعاً وتركتني من غير أخ).
قال النبى – صلى الله عليه وسلم: (أنت أخي في الدنيا والآخرة).
وسيدنا علىَ أقرب واحد من الموجودين لرسول الله ابن عمه ومن بني هاشم – وهذه ليست غريبة. ولكن الشيعة الذين يأخذون الأمور بالمغالاة قالوا: مادام قال أنت أخي في الدنيا والآخرة.
… عليَ أخو محمد فيجب أن يرثه ولم يصح أن أبوبكر يأخذ الخلافة بعد محمد – صلى الله عليه وسلم – كل دول متعدين – وكذلك فرقة اسمها الرافضة وهو الذين رفضوا خلافة أبوبكر وعمر وعثمان.
وأن النبوة ليست ميراث (نحن معشر الأنبياء لا نورث).
(والله أعلمُ أين يجعل رسالته) ما سبب موقف الشيعة؟
والشيعة كان لهم جد أسمه عبدالله بن سبأ كان يهودي وتظاهر بالإسلام وندس في صفوف المسلمين وأشعل نار الفتنة.
ما هي أعمال عبدالله بن سبأ اليهودي؟
(1)هو الذى أوقع الفتنة وسلط على سيدنا عمر لغاية ما قتلوه بواسطة أبو لؤلؤة المجوسي..
(2)وهو الذى سلط الفتنة ضد سيدنا عثمان وأحضر ناس من مصر ومن الشام ومن العراق إلى أن لما ذبح في بيته.
(3)وهو الذى عمل الفتنة وسلطة امرأة سيدنا الحسن حتى وضعت له السُم في الطعام.
(4)وهو الذى أقام الفتنة في كربلاء حتى ذبحوا الحسين ، وهو يمثل الإسلام ويصلي مع الناس في المسجد.
فالفتن التى دخلت منذ مقتل سيدنا عمر إلى يومنا هذا كان وأساسها واحد يهودي. تظاهر بالإسلام ليفتن المسلمين وراجت على المسلمين خدعة هذا اليهودي المجرم.
والحديث يقول: (إذا وقع السيف فى أُمتى لم يرفعُ إلى يوم القيامة).
وقال لعمر: (أنت ياعمر باب الفتنة) بمعنى:
أنت الباب الذى يمنع الفتنة على أُمتى – ففهم عمر الكلام وقال الباب هذا الذى هو أنا سوف يكسر أم يفتح طبيعى؟
قال النبى – صلى الله عليه وسلم: (بل يكسر) فعلم عمر أنه مقتول وسوف يلقى الله شهيداً.
فلما تمت المؤاخاة – سار المسلمون حزباً واحداً يُسمى حزب الرحمن لا يوجد مهاجر ولا يوجد أوس أو خزرجي – لم يوجد أي إنسان ينتمي إلى قبيلة كذا ولكن ينتمي إلى الإسلام.
((أبى الإسلام لا أباً لي سواه))
مر شخص يهودي شاس بن قيس على الرسول – صلى الله عليه وسلم – وهو جالس وكان هذا في السنة الأولى من الهجرة فوجد المهاجرين والأنصار في محبة وألفة ووحدة – كيف فعل محمد هذا والأنصار كان بينهم حروب واليهود كما تعلمون دائماً يحبون الفتن والبغضاء والحزازات والعدوات.
انطلق إلى المجلس وجلس معهم والمسلمون أصحاب نية طيبة وكانوا يتركون اليهود والنصارى يحضرون الدروس لعل الله يهدى منهم النفوس.
جلس هذا اليهودى بجانب واحد مسلم – مال عليه وقال له: أنت مسلم؟ قال: الحمدلله الذى هدانا لهذا – قال: قبيلتك من الأوس أو الخزرج؟ قال: هذا أمر نسيناه أنا مسلم أصبحت من أنصار الله ليس لي دعوة بالأوس ولا بالخزرج – قال له اليهودى: أنا بأسال سؤال تاريخي وليس علمي – قال: أنا أوس – اليهود يريد أن يدخل له للفتنة من طريق لا يخطر على بال مسلم – قال: أنا أوسي ، قال اليهودى: فيه تصحيح رقم عندي لأن جماعة الخزرج قتلوا عدد كبير يوم بُعاث – وهذه كانت معركة ضخمة جداً مات فيها من الطرفين 6 ألاف شخص – مع أنهم ولاد عم وكل فريق يدعى أنه أنتصر على الآخر..
فاليهودى جآء من هذه الناحية وقال: واحد خزرجي يقول لي: أنهم قتلو منكم عدد كبير وأنهم هم الذين غالبوكم. قال: نحن انتصرنا عليهم في الجاهلية – قال اليهودى: هو يقول: لا . قال : الأوس قتلنا منهم الضعف وهم قتلوا منا النصف.
قال اليهودى: مش معقول؟ اليهودى واعي وكان جالس بجانب الأوس واحد خزرجي – قال للأوس: لا يا أخي إحنا قتلنا منكم الضعف وأنتم قتلتم منا النصف.
قال الأوس: أنت غلطان – اليهودى لما عرف أن الفتيل بدأ يشتغل تركهم وقام – وهذا يقول: نحن الذين غلبنا – والخزرجي: نحن الذين غلبنا فأرتفعت أصواتهم والعصبية والعنجهية والجاهلية القديمة رجعت من غير شعور منهم لأنهم مسلمون جدد قريب عهد بالجاهلية.
والمسجد أنقلب وجآء ابن عم الأوس يقول: ماذا حدث وكذلك جآء أقارب الخزرجي وأرتفعت الأصوات في المسجد – وكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد دخل حجرته لقضاء بعض حاجته عند السيدة عائشة حتى سمع أصوات منكرة وصيحات وقعقعت السيوف (خبط السيوف) قال: سبحان الله ما هذا يا عائشة؟
فقالت: (أدرك أمتك فإن الجاهلية قد عادت إليها).
قال: لا إله إلا أنت يارب – تركتهم على خير – وقد من اله عليهم بالخير.
فطلع الرسول – صلى الله عليه وسلم – وهو لا يعلم ما هو السبب في هذه الأصوات – نار مشتعلة وأصل هذه النار لا يدرى من الذى أتى بها؟ فصعد الرسول فوق المنبر وقال:
(ياايها المؤمنون – ياأصحاب القرآن – فتنبه الناس – ياناس أتقوا الله أتكفرون والقرآن ينزل عليكم – أترتدون وأنا بين أظهركم).
فغلبت عليهم العاطفة الإسلامية فسكتت الأصوات وسكت الكل وبدأ الذى معه سيف يخفيه أو يسربه مع أبنه إلى خارج المسجد ، وخجل الناس ومكث الأوسي يقبل أخيه الخزرجي ويقول له: سامحني يا أخي فيرد عليه الخزرجي: غفر الله لي ولك.
المسألة هديت وجلسوا يبكون – الرسول متعجب! كيف دخل الشيطان ، وقد تركتكم مثل الملائكة ما الذى حولكم في لحظة إلى شياطين السبب:
(1)لأن التآخي الذى عمله الرسول عمل رجة كبرى فى اليهود وأنتم كما تعلمون اليهود لا يعيشون إلا في جو التعكير – فرق تسد المبدأ معروف – والعداوة والتفرقة ويصطادوا في في المآء العكر
نزل الأمين جبريل عليه السلام – قال النبى: ياجبريل هذه أول مرة يحدث في مسجدي مثل هذا وقريب من حجرتي – وأنا قد تركتهم من حزب الرحمن من الذى حولهم هكذا إلى حزب الشيطان؟
قال جبريل: واحد يهودي واسمه شاس بن قيس وحكى له على القصة كلها وقد أنزل الله عليك قراءناً فسمعُهُ حتى نسجل هذا الحدث (لماذا؟) فيحتاط المسلمون الحاضرون ومن يأتي بعدهم من الخلف.
قال تعالى في سورة آل عمران الآية (100 – 102):
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (101) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102).
إن تُطيعوا طائفة من أهل الكتاب (اليهود) ما الذى يحدث بعد أن تُطيعهم؟ يصيروكم كافرين بعد أن هداكم الله للإيمان والخطاب هنا للأوس والخزرج إذ كان اليهود يريدون فتنتهم.
(2)كيف يأتي إليكم الكفر والحال أن آيات الله لا تزال تتنزل عليكم والوحي لم ينقطع ورسول الله حي بين اظهركم.
ومن يتمسك بدينه الحق الذى بينه بآياته على لسان رسوله فقد أهتدى إلى أقوم طريق وهو الطريق الموصل إلى جنات النعيم.
(3)(أتقوا الله حق تقاته ) قال ابن مسعود: هو أن (1) يطاع فلا يُعصى ، وأن (2) يذكره فلا ينسى ، وأن (3) يشكر فلا يكفر.
بمعنى أن يجتنب جميع معاصيه – وتمسكوا بالإسلام وعضوا عليه بالنواجذ حتى يدرككم الموت وأنتم على تلك الحالة فتموتون على الإسلام.
الآية تدل على أن التفرقة والتمزق هو عين الكفر والرسول – صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والبغضاء فإنها الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الإيمان) لأن العداوة إذا حلت في القلب تحلق الدين ولا يبقى للدين أثر في القلب (وهذا صحيح).
قال أنس بن مالك خادم الرسول – صلى الله عليه وسلم:
(والله ما رأيتُ يوماً كان أولهُ شراً وكان آخرهُ خيراً من هذا اليوم) اليوم الذى حدثت فيه هذه المعركة الكلامية في المسجد كان أتعس يوم في بدايته ولكنه كان أبرك يوم في نهايته لماذا؟ لأن الرسول طلع وعالج الموضوع بنصائحه الغالية وصوته المدوي فأعاد الله الوحدة للأمة وسجلها في القرآن. ومن عظمة القرآن أنه ينبه المسلمين قديماً وحديثاً من اليهود ومن بغض اليهود…
بعد المسجد والتآخي ماذا حدث في السنة الأولى للهجرة؟
سبحان من ألهمه وعلمه – السوق للبيع والشراء (من ليس له دنيا ليس له دين)
المهم أنه حدث في السنة الأولى من الهجرة حدث ترتب عليه الشروع فوراً في إنشاء السوق الإسلامي – لتنظيم شئون الناس في دنياهم. كانت الأسواق كلها في أيدى اليهود كانوا ولا يزالون هم أعمدة الاقتصاد – حتى أن البنوك العالمية الكبرى يمتلكها يهود فكان إحتكار الأسواق من طباعهم.
بعد أن سكنوا النواصى والمرتفعات (أعالي الأماكن)
قالت اليهود: نريد أن نعمل حي في وسط المدينة للتجارة ثم نعود نسكن فى بيوتنا (مثل حارة اليهود في الموسكى) جآء يهود بني قنينقاع – بني النضير – بني قريظة ويهود خيبر – فدك وأم القرى وتيماء. كل هولآء كانوا متشبسين بالأرض في داخل المدينة وفي ضواحيها كالسرطان.
بحيث العربي غلبان يعيش فى ملكه وهو ليس ملكه – وعملوا ترتيبهم وقالوا للعرب: من يريد فلوس – سلف – نحن مستعدين – الناس لبعضهم ، يأتي العربي غلبان ويقول له: أعطيني 100 جنية – فيقول اليهودي أنت سوف تحبس الفلوس عندك وأنا عندي أولاد وأنا رجل تاجر الــ 100 جنية ترجع 150 جنية ، ويكتب له كمبيالة بـ150جنية ، يأتي يوم السداد العربي لا يستطيع أن يسدد ويبقى المبلغ 200 جنية وبعد كم سنة تصبح الـ 100 جنية الأصلية 300 أو 400 و ألف وألفين – يشتروا بها نصف ملك الرجل أو يأخذوا البيت الذى يملكه أو يأخذوه هو عبد عندهم مع أولاده أرقاء.
فجآء وقت من الأوقات كان اليهود يحتلون العرب لا بناء ومستعمرات وحصوناً فقط ولكن حتى اقتصادياً وديوناً. وهذا من ضمن الدروس التي يجب نحن نستنبطها من السيرة النبوية ونأخذ منها العبر.
وياريت الأولاد في المدارس يعرفوا تاريخ اليهود – من قديم الزمان وهي هى اليوم أخلاقهم لم تتغير – وكما قال الله تعالى فيهم في سورة المائدة الآية(13):
(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ) ، (وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ)
أى بسبب نقضهم الميثاق طردناهم من رحمتنا (طول عمرهم ينقضون المواثيق مع الله ومع الخلق) ولا تزال يامحمد تظهر على خيانة منهم بنقض اليهود وتدبير المكايد فالغدر والخيانة عادتهم وعادة أسلافهم إلا قليلاً منهم ممن أسلم.
فكان العرب يخافوا اليهود من ناحيتين:
(1) العربي عليه دين لليهودى.
(2) أن اليهود صاحب كتاب وأصحاب التوراة والعرب جهلة وآُميون لا دين لهم مشركين ، فكان العربي يعتبر نفسه لاشئ بجانب هذا اليهودى.
لما هاجر المصطفى – صلى الله عليه وسلم – وجد الحالة بهذا الوضع والصحابة كانوا غافلين عارفين فقط أن الرسول جآء من أجل الآخرة فقط ولكنه جآء من أجل الدنيا والآخرة – جآء ينظم لك ياعربي حياتك الدنيوية والآخروية ويسعدك ويرفعك من ذل المديونية.
والرسول يعلم لماذا جآء اليهود إلى المدينة المنورة منذ 500 سنة.
وعندما وصل النبى – صلى الله عليه وسلم – جآء إليه وفد من اليهود للترحيب به. قالوا: لقد ءاتينا نرحب بك من 500 سنة من أيام أجدادنا وآباءنا. قال: (أنا على علم بهذا) أنا عارف. وفهم من كلامهم أنه يحلل لهم الحرام ويوافقهم على الكذب (لماذا؟).
لأنهم مغيرين شرع الله وهو التوراة – يريدوا أن النبي يمشي معهم يدلس معهم ، وجدوا الرسول – صلى الله عليه وسلم – صارم – حازم – حاسم – ونزلت سورة البقرة قال الله تعالى كلمتين على المؤمنين وكلمتين على الكافرين وكلمتين على المنافقين وبعد قصة آدم وخلافته قال الله تعالى: يا بني إسرائيل .. حتى وصل إلى الآية رقم (211):
(سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ).
ما يقرب عن جزء كامل أكثر من 8 أرباع كلها (1) لبيان عيوبهم ، (2) وبيان مكرهم ، (3) وخبثهم ، (4) وتغيرهم لشرع الله ، (5) وإتخاذهم العجل ، (6) وأخذهم الربا و (7) قتلهم أنبياء الله فضائح – قالوا: محمد فضحنا ، فلما أنكشف لهم أن محمداً أمين على الوحي ولم يرضى أن يُدلس هنا ناصبوه العداء وهى من يومها إلى يومنا هذا إلى يوم القيامة قامت النار ولم تنطفأ للآن عداوة بينهم وبين محمد – صلى الله عليه وسلم .
مصداقاً لقول الله تعالى في سورة المائدة الآية (82):
(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ).
اللام هنا للقسم أى قسماً لتجدن يامحمد اليهود والمشركين أشد الناس عداوة للمؤمنين – وقد جعل الله تعالى اليهود قرناء للمشركين في شدة العداوة.
فواحدة مسلمة من المسلمات الصالحات المؤمنات القانتات نزلت إلى سوق بني قينقاع لكي تشترى شيئاً وليس هناك سوق غيره (كانت حدثة بشعة – حادثة جبارة).
وكانت هذه السيدة محجبة لابسه اللباس الشرعي وجلست أمام البائع فقال لها: الطلب موجود ، أنت ستره وجهك ليه؟ النبى بتعكم هيخنقكم يمنع عنكم التنفس. قالت: ما صلة هذا بالشراء أنا آتيت للشراء وأنت تبيع. فسلط واحد من الشبان فربط ذيل ثوبها بفتلة في مسمار من غير أن تشعر هي. وكانت المرأة لا تلبس ملابس داخلية – كانت هذه الملابس لم يعرفها العرب في ذلك الوقت – كانوا يلبسوا ثلاث أثواب فوق بعض.
ربط ذيل ثوبها في مسمار في مكان عالي بحيث لو وقفت تتعرى لغاية صدرها.
فظل يساومها حتى ربط الشبان ذيل ثوبها فقال لها: أنا لا أبيع. قالت: لعنك الله ولعن من يشترى منك فقامت فظهرت عورتها بشئ مثير – وهى مسلمة ومغطية وجهها. فصرخت بأعلى صوتها وقالت: (وأسلاماه وفضحتاه).
جآء زوجها سريعاً وضرب اليهودى على رأسه فمات ، وحق له أن يفعل – طلع أهل التاجر اليهودى فضربوا زوج المرأة فقتلوه – المسلم مازال مظلوم – لأنه كان يدافع عن شرف امرأته. فجآء أهل المسلم ونزلوا في الحي كله ضرب وسارت الدماء دماء الغيرة في قلوب الأنصار.
وصل الخبر إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: (هذا ما كنتُ أتوقعه). لأن الرسول كل يوم ينزل وحي يفضح اليهود ، كان ينبه المسلمين.
فجمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الأنصار بسرعة وقال لهم: (إخوانكم المهاجرين لا يملكون شئ في البلد وأنتم أصحاب البلد). قالوا: (لبيك وسعديك). قال: (أُريد قطعة أرض فضاء لعمل سوق للمسلمين ونستغنى عن سوق اليهود ونحرم على المسلم أن يشترى منهم إبرة ، حتى نستقل بذاتنا ودنيانا وديننا كما عبدنا الله في مساجدنا أيضاً نشترى دنيانا من أسواقنا يبقى إستقلال دين ودنيا).
قالوا: أصبت جآءوا بقطعة أرض واسعة – ولكن لم يكن الأختيار مبنى على تخطيط إنما كانت سرعة إستجابة لرغبة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لما رأوا الرسول زعلان والحدثة بشعة والمرأة مات زوجها. فبسرعة ضربوا الخيام بالأوتاد والحبال – وقال لهم: (هذا سوقكم لا ينتقص من حدوده ولا يُضربُ عليه بخراج).
كعب الأشرف اليهودي وهو زعيم اليهود ذهب بالليل ومعه بعض الشبان فقطعوا الحبال وخلعوا الأوتاد الخاصة بالسوق .. جآء المسلمون في الصباح وجدوا الأحبال مقطوعة والأوتاد مخلوعة – والخيام ممزقة وطبعاً لم يضبط أحد في الجريمة.
ولكن الرسول – صلى الله عليه وسلم – علمه الله ما لم يعلم قال: (على كل حال لا نحدث فتنة لأننا لم نمسك أحد ، ، وسوف يقولون أنه بين محمد واليهود عداوة ويريد أن يقتلهم) (نحن غلطانين أننا وضعنا السوق بين أحياء اليهود – لابد أن يوضع السوق بين أحياء مسلمة تحميه).
فجآء بين حيين من أحياء الأنصار وقال هذا سوقُكم – وكان كل يوم يطلع للسوق (يطلع من الدين (من المسجد) للدنيا (السوق) لكى يتعهد التجار لكي يرى من الذى يحلف كذب – والذى يغش – الذى يكتم العيب).
مثال: وفى يوم من الأيام كان تاجر واضع أمامه صُبرة بها طعام فوضع النبى يده في قلب الصُبرة فوجدها مبلولة من الداخل – وطبعاً البلل يزيد في الوزن.
قال الرسول – صلى الله عليه وسلم: (ماهذا ياصاحب الطعام؟). قال الرجل: أصابته السمآء (المطر نزل). قال النبى: المطر نزل فوق الوش أم بالداخل – هل أجعلت الرطب من فوق حتى يراه الناس فيشترى من يشترى. (من غش أُمتي فليس مني).عليه الصلاة والسلام ، وكان يقول: (لا يحتكر إلا خاطئ).
(2)(من احتكر قوت المسلمين 40 يوماً ضربه اللهُ بالإفلاس وبالجُزام).
الإحتكار هو:
أنه يجمع البضاعة كلها من السوق ويخزنها عنده – فالناس يصبحوا يبحثوا عنها فلا يجدونها وهو يطلعها بالقطارة الشئ بـ 5 جنية يبيعه بـ 40 جنية والذى لا يعجبه يضرب رأسه في الحائط.
سيدنا عمر كان يدخل السوق ويفعل ما كان الرسول يعمل.
وفي ذات مرة دخل عمر السوق لقى سيدنا عثمان بن عفان ومعه بضاعة هو وعبدالرحمن بن عوف مشتركين فيها. فوجد السعر أرخص من السعر العام في السوق كله فقال: ما الذى جعلك ترخص في سعر البضاعة؟ قال عثمان: هذه أموالنا ونحن أحرار فيها لنرحم الناس.
قال عمر: لا لقد بحثت عن السعر في السوق فوجدت أن سعر التجار هو السعر المطلوب والإنصاف وأنتم مرخصين حتى يشترى منكم الناس ، فإما أن ترفعوا من السعر حتى لا تضروا إخوانكم التجار أو تخرجوا من سوقنا.
هكذا كان من أحداث السيرة العطرة عليه الصلاة والسلام في السنة الأولى بعد الهجرة. السوق – إقامة سوق للمسلمين خاص بهم فيه يتعاملون – يبيعون فيه ويشترون ويتبادلون المرافق والمنافع دون خشية من إحتكار اليهود أو من ربا اليهود أو من غش اليهود.
وكان صلى الله عليه وسلم في هذا السوق يتعهده دائماً بالطواف على التجار ، ويقول: ويل للتاجر من (تالله وبالله) ، بمعنى: ويل للتاجر من كثرة الحلف طول النهار ويحلف بالطلاق والإيمان لكي يروج السلعة الخاصة به (اليمين ينُفق ثم يُمحق).
ينفق: يروج السلعة مؤقتاً – يُمحق: يمحق بركاتها ويزيل فائدتها.
وكان ينهي التجار عن كثرة الإيمان – وكان يقول عليه الصلاة والسلام: (يُحشر التاجر الصدُوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحُسن أولئك رفيقاً).
ويا لها من رتبة عالية – (إذا كان التاجر الصدوق مرتبته يوم القيامة أن يُحشر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين….).
وهذا يدل على أن الإسلام يُشجع التجارة لأن فيها منافع للناس والتيسير على حاجات الناس وضروريات الناس (خير الناس أنفعهم للناس).
كان لليهودُ في المدينة سُوق مُزاحم وصفصف وزُبالة. وهذه أسمآء لأسواق اليهود – بحيث أن تكون أسواقهم متغلغلة في كل أحياء المدينة – لماذا؟ حتى يضمنوا أن البيع لهم وأن الشراء منهم – حتى يضمنوا دائماً التحكم في اقتصاديات المسلمين.
وأنتم تعلمون أن كل دولة أحتلت اقتصادياً لابد أن تحتل عسكرياً وركبتها الديون – (فهي سُنة الله) – كل دولة أُحتلت اقتصادياً واستدانت وركبتها الديون تأتي بعد ذلك بسرعة (الإحتلال العسكري).
من أجل هذا كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يحرص كل الحرص على إقامة السوق والإستقلال الاقتصادي عن اليهود – وفعلاً السوق نفع نفعاً شديداً لأنه صدر قرار في المسلمين (أن كل مسلم يبيع أو يشترى لواحد يهودي يعيش عاصياً ويلقى الله عاصياً فكان المسلم يتحاشى).
اليهود وجدوا أنفسهم ضاعوا وخصوصاً بعد حادثة هذه السيدة التى كشفوا سؤتها أستغلها النبى–صلى الله عليه وسلم– لمصلحة المسلمين ، وقال لهم:(لا تُساكنونا فى بلدنا – بلد إسلامي – بلد عربي ، وأنتم ءاتيتم غُرباء مفسدين فأخرجوا من بلدنا والذى ألقيه بعد ثلاث أيام سوف أضرب عنقه ، أعطاهم مهلة ثلاثة أيام بشرط أن لا يخرجوا بالسلاح)
(والحمد لله رب العالمين )